للقهوة مكانة خاصة عند السعوديين تتجلّى في طريقة التحضير المميزة، وفي فنون التقديم المتنوعة التي جعلتها عنواناً للكرم والضيافة، وباتت اليوم عنصراً ثقافياً مميزاً؛ إذ أعلن وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اليوم “الخميس”، تسمية عام 2022 بـ”عام القهوة السعودية” للاحتفاء بهذا العنصر الثقافي المرتبط بهوية وثقافة المملكة، وذلك عبر مبادرات وأنشطة وفعاليات تُقام على مدار العام.
منتج ثقافي
وتبدو ثقافة المملكة جاذبة للجمهور الدولي الذي يرغب دوماً في اكتشاف المزيد عنها وعن عناصرها الفريدة، وتقديم القهوة السعودية كمنتج ثقافي ووفق سياق تاريخي، سيرفع من مستوى جاذبية الثقافة السعودية لهذا الجمهور، خاصة فئة السياح.
وتؤمن الوزارة بأن تسمية العام 2022 بــ”عام القهوة السعودية” سترفع من مساهمتها في الناتج الاقتصادي الوطني، وذلك من خلال تطوير الصناعات المرتبطة بتحضيرها وتقديمها.
جبال السروات
ولمن لا يعرف: تعود زراعة البن في المملكة إلى قرون عديدة؛ حيث اهتم سكان المرتفعات الساحلية لسلسلة جبال السروات الممتدة من الطائف إلى الحد الجنوبي، وعرفت سلسلة هذه الجبال خصوصًا ما يطلق عليها “الأصدار”؛ وهي الواجهة الغربية منها بشجرة البن الذي يتميز بجودته العالية بحكم خصوبة التربة واعتماد هذا المنتج على مياه الأمطار الموسمية بشكل كامل. وتعد القهوة في المملكة رمزاً للكرم والحفاوة، ومشروباً تقليدياً لهم مصنفاً ضمن التراث غير المادي.
إرث متأصل
تُعد زراعة البن إرثًا متأصلًا بين أبناء المحافظات الجبلية بالمنطقة الجنوبية في المملكة، وخاصة في منطقة جازان، وتمتد من محافظة العارضة جنوباً وفيفا والداير بني مالك والعيدابي وهروب إلى الريث شمالاً. كانت هذه الجبال خلال حياة الآباء والأجداد عامرة بزراعة البن، ولكن الاهتمام به تراجع لأسباب كثيرة منها الاكتفاء بالعمل الحكومي.
يزرع البن في ارتفاعات عالية في مناخ بارد، كما هو الحال في 6 محافظات في منطقة جازان، وتزرع الشتلات الصغيرة في التربة المخصصة لها، ولا تحتمل قلة السقاية، وغالبًا ما تتم الزراعة بعد سقوط الأمطار، بحيث تكون التربة ما زالت رطبة وتتوفر كميات مناسبة من المياه في تلك الجبال عن طريق وسائل حفظ مياه الأمطار القديمة، وتستغرق بعض الأشجار ثلاث سنوات حتى تثمر.
توفير المياه
يعتقد مزارعو البن في المملكة أنه بالإمكان رفع الإنتاج والتحول لتصدير البن، فيما لو تبنت الحكومة استراتيجية دعم توفر لهم متطلبات زراعة البن، وفي مقدمتها توفير المياه في مناطقهم الجبلية التي تشكل بيئتها الرطبة والباردة مناخاً مثالياً لزراعة البن، بجانب إنشاء شبكة طرق تسهل التنقل في منطقة جبلية وعرة.
في الفترة القليلة الماضية زاد اهتمام المملكة ومسؤوليها بمزارع البن المنتشرة بشكل لافت في جنوب البلاد؛ ما عزز من آمال المزارعين بتبني استراتيجية حكومية توفر دعماً لهم من جهة، وتحقق طموحات البلاد الباحثة عن موارد جديدة للاقتصاد بعيداً عن النفط.