-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• منذ صغري كنت شديد الحرص على سُمعتي الخُلُقية.. جارف الحساسية لكلمة تمسني أو فعل يجرحني.. حاد التأثر من أذى أطلقه نحوي من أعرفه أو لا أعرفه.. قُحَاف الغضب لأي أمر يؤلمني.. ومع ذلك كله؛ كنت أتسامح بسلام مع كل من أسدى إليَّ إساءة.. وحين ولجت الحياة العملية عقب تخرجي تغيرت نظرتي عند بناء علاقاتي الشخصية.. أصبحت أكثر نضجاً لاختيار أصدقائي.

•• ثمَّة أصدقاء عوَّضنا الله إياهم إخوة، لديهم نزعة حب تملأ أرواحنا وتهز قلوبنا.. شرفاء تصطلح عليهم الأضداد وتأتلف فيهم المتناقضات.. الحياء يغشاهم والخجل يغضهم والحلم يسكنهم.. يجيدون مهارة الإصغاء وفن الكلام.. أصبحنا مسكونين بهم لا نسعى للشفاء منهم.. نطلق الابتسامة أمامهم كرذاذ غيمة ممطرة، وندمع حين نرى ماء أعينهم.. تتشنف أرواحنا طرباً بوجودهم وتتلحَّف ضاحكة من تلقاء ذاتها كمخمل دافئ.


•• وهناك أصدقاء متصنعون؛ لنا مع طعم وجودهم ألف حكاية وحكاية بمُرِ مذاق.. يريدون من الرياح الشديدة أن تسيِّرنا في كل الاتجاهات.. فهؤلاء غادرهم قبل أن تصل باخرة العُمر إلى الميناء.. أولئك لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا لرفضنا الالتفات نحوهم.. بل كان الأجدى بديلاً عن جزعهم ملء أرواحنا بالتفاؤل والأمل.. فما أصبرنا على بشاعة ظروف الزمان وأوجاعه التي قرَّبتنا منهم.

•• وبين «عضَّة» شخص و«غصَّة» آخر؛ شوكة تصرفات يقيدها قلم أحمر بأيدينا.. عيبنا أننا نعتاد على تحمُّل أولئك فوق طاقتنا.. إن التفتنا إليهم أكلوا من مائدة وقتنا، وبعثروا زمننا، ووزعوا جهدنا بينهم دون صدى فائدة علينا.. ولكننا حين نثق بذواتنا دون غلو، ونقدِّر قدراتنا دون إفراط أو تفريط؛ سنجد أنفسنا أكثر فائدة وإنتاجاً في الحياة.. وسنكون سديدي الطرح لأفكارنا وآرائنا وأطروحاتنا.