
:قال تعالى
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُون
إن من أعظم صور الخذلان التي قد يقع فيها الإنسان أن يأمر غيره بالبر وينسى نفسه، وأن يدعو إلى الخير وهو بعيد عنه عملًا وسلوكًا. فالمؤمن الصادق هو من يبدأ بإصلاح نفسه قبل أن يوجّه غيره، ويكون قدوة في قوله وفعله، حتى تكتمل رسالة النصح ويثمر أثرها في القلوب.
إن الوعظ الحقيقي لا يكون بالكلمات وحدها، بل بالفعل والسلوك الذي يجسّد المعاني التي ينادي بها صاحبه. وكم هو مؤلم أن يتحول الإنسان إلى واعظٍ بلسانه غافلٍ بجوارحه، أو أن يدعو إلى الخير من لم يذق حلاوته، وينهى عن الشر من لم يُفطم قلبه عنه.
فليكن من يدعو إلى البر أولَ العاملين به، ومن يبشر بالهدى أسبقَ الساعين إليه. فالكلمة لا تبلغ مداها ما لم يصدقها الفعل، والنصيحة لا تثمر ما لم تُروَ بعملٍ خالصٍ يضيء الطريق للآخرين.


