مقالات

رحلة الجزائر (الحلقة الثالثة)

إعداد الشيخ :عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال

رحلة الجزائر (الحلقة الثالثة)

الاثنين 21/8/1444هـ الموافق13/3/2023م

بعد الافطار صباحا في الفندق، سلمنا غرفنا مغادرين، وكانت وجهتنا إلى مدينة عنابة أو (بونة)، عاصمة ولاية عنابة، وتبعد عن القسنطنية بحوالي مائة وخمسين كم، تقع في الجهة الشرقية الشمالية، على ساحل البحر الابيض، وقريبة من الحدود التونسية، وتعتبر من اكبر مدن الجزائر، ومركزا صناعيا رائدا، لوجود اكبر مصنع للحديد والصلب في افريقيا فيها، وسميت عنابة لوجود اشجار العناب فيها بكثرة، وهو نوع من النبق، انطلقنا على الخط السريع شرقا، ويلاحظ تواصل المدن والقرى في هذه الجهات، والقرى العامرة الجميلة، المتميز غالبها بالعمائر الكبيرة ذات الادوار المتعددة، وهو ما يلاحظه الزائر في غالب مناطق الجزائر، وعلمنا ان الكثير منها تنفذه الدولة، لتوزعه منح على المواطنين، فالعمائر التي يكون في الوانها اللون الاحمر او البرتقالي، فتعرف بانها من تنفيذ الحكومة، وفي طريقنا رصدنا بعض ما هو مكتوب على اللوحات من الاسماء، ومن هذه الاسماء، ولاية سكيكدة، وادي يلعبون، وولاية الطارف، ومدينة الدرعان، وزورامي علي، وشنيطة، ومختار الحجار، وغيرها من التسميات المتعددة، ومع جمال المناظر المحيطة، لم نشعر الا ونحن ندخل إلى عنابة، حيث دخلناها من الجهة الجنوبية الغربية، وهي مدينة ممتدة على الشواطئ، المتعرجة مع الجبال الخلفية، التي تستند المدينة عليها من الشمال والغرب، ويتخلل شواطئها هضاب تحجب الاحياء عن بعضها ، فيبهرك كلما اطللت على شاطئ ممتد امامك، فالخلجان تتداخل مع المرتفعات، وتتشكل في المناطق الفاصلة بينها شواطئ رملية جميلة. 

 يوجد بها ميناء كبير مررنا من جواره، وفيها مطار كبير يستقبل الرحلات الداخلية والخارجية، وعلى ذكر ذلك يوجد في معظم الولايات هنا والمدن مطارات كبيرة، من مثل قسنطينة ووهران وتلمسان اضافة الى مدينة الجزائر، ومعظمها مطارات دولية كبيرة، كان فندقنا في اقصى الشرق من البلدة، يقع على منطقة مطلة على اعرض مكان في البحر، ويسمى نزل الريم الجميل، وبعد استراحة في الفندق قليلا، صلينا خلالها الظهر والعصر، انطلقنا لاستكمال التجوال والتعرف على البلدة، وواصلنا سيرنا شرقا شمالا، على حافة المرتفع الذي بعد الفندق، وكان الموقع يشرف على البحر من هذا المكان، صعدنا في الطريق لما يقارب الكيلوين حتى توقفنا في نهاية الطريق من هذه الجهة، على مكان فيها مطلات على البحر من الشرق ومن الشمال والغرب، يمتد الجبل فيه من الشرق بمسافة تقارب الكليو إلى البحر، على شكل متدرج في الهبوط، وتشاهد في البحر من هنا السفن الكبيرة، وسفن متوسطة للصيد، مما يدل على عمق البحر في هذه الجهة، وفي الجهة الغربية منحدر شديد بعمق يتجاوز مائة وخمسين مترا، تتلاطم الامواج في اسفله، امواج كبيرة هادرة، تتكسر في الجبل من هذه الناحية واحد بعد آخر، والبحر من هنا ممتد على مدى النظر، والموقع الذي نحن فيه يسمى (منارة راس الحراسة) فيه نقطة حراسة وفي اعلاها مسجد، وحوله مواقف للسيارات وجلسات، ويرتاده كثير من الناس، لجمال الاطلالة منه، ولولا شدة الهواء فيه لبقينا اكثر.

بعد ان اخذنا فكرة عن الموقع وجلنا في انحائه، عدنا من حيث اتينا ، ولكن لم نواصل الهبوط إلى الاسفل حيث الفندق، وانما اخذنا بطريق في عرض الجبل يمينا، كان هذا الطريق يصعد في جبل (سرايدي)، المشرف على كامل مدينة عنابة، تكسوه الخضرة والغابات في معظمه، وبعد أن وصلنا إلى منتصف الطريق الموصل للقمة، اخذنا بطريق ينحدر إلى الاسفل جهة الغرب، في طريق يخترق احراش كثيفة تكتنف الطريق الازفلتي من كل الجوانب، وما إن هبطنا قليلا إذ به يتبدى لنا شاطئ رملي في فسحة منبسطة بين الجبال، تعرج بنا الطريق لما يقارب الكيلو أو يزيد قليلا، حتى وصلنا إلى طرف هذا الشاطئ المعروف باسم (شاطئ جنان الباي)، وفعلا بتشكيله وموقعه فهو نوع من الجنان الجميلة، طولة المتقوس في محيط الجبال من الخلف، ووتره البحر الذي تصفق امواجه على رملة بيضاء ناعمة، وهناك قوارب من الفيبراص مقلوبة في عدة اماكن هنا وهناك تنتظر اصحابها، وكان الرواد في هذه الفترة محدودة، ولكن على ما يبدو أن الزوار يكثرون في فصل الصيف، فهناك في الخلف محلات مهجورة تنتظر قدوم الناس لتنتعش من جديد، وفي احد الشعاب يتدفق الماء منه ليصب في البحر، مشكلا منظر اخر جذاب، واثناء استمتاعنا بالجلوس على رمال هذا الشاطئ، لم نشعر بمضي الوقت لاكتمال المتعة في كل المحيط.

واخيرا قررنا المغادرة لنستغل الوقت في التطواف في اماكن اخرى، وفي طريق العودة توقفنا عندما سمعنا من بين هذه الاشجار صوتا غريبا، فلما انصتنا فاذا هو صوت عواء ذئاب، مما يدل على وجود حياة برية في داخل هذه الاماكن، واصلنا صعودنا من حيث نزلنا، ثم واصلنا طريقنا من حيث انتهينا قبل النزول، واتجهنا بالخط المتجه إلى الغرب، وكان الطريق يتعرج ويتصاعد ارتفاعا، ويغطينا في بعض الاماكن منه الضباب، وكنا نتوقف في اكثر من مكان نتأمل المدينة تحتنا، مما يعطينا صور مختلفة عن هذه المدينة الجميلة، حيث تشاهد البحر يحوطها من الجنوب والشرق، وتشاهد الميناء والمباني والشوارع الممتدة امامك.

وهكذا بقينا في نزهة ومتعة بصرية إلى أن وصلنا القمة، وكانت بارتفاع يقارب 800م، وفيها قرية (سرايدي) الصغيرة، وبالتجوال في شوارعها الضيقة تجدها مزدحمة بالسكان، وفيها معظم الخدمات والمحلات التجارية والخدمية، وانتهينا إلى اقصاها في الشمال الغربي، لوجود منتجع سياحي متكامل هناك، يحتوي داخله على مواقف للسيارات، فلا تدخل اليها الا برسوم تدفعها على السيارة عند البوابة، وهي لا تتجاوز ما يعادل الريالين السعودي، وفي داخل المنتجع نزل فندقي، ومطعم ومقهى ومسبح، وصالات لكل الانشطة، وموقعه في وسط غابة من الاشجار، تطل من جنباته على البحر شمالا وغربا، في منظر آسر جميل.

بقين لفترة ليست طويلة، ثم قفلنا عائدين إلى المدينة في الاسفل، وفي اقل من ربع ساعة وإذا بنا داخل المدينة، نبحث عن مطعم مناسب نتعشى فيه، وما إن تعشينا حتى عدنا للفندق نطلب الراحة لنستأنف نشاطنا، استعدادا لرحلة جديدة في الغد بمشيئة الله.

الثلاثاء 1444/8/22هـ 14/3/2023م

بعد تناول افطار الصباح في الفندق، سلمنا غرفنا وحملنا حقائبنا، مغادرين هذه البلدة الجميلة، نتطلع إلى اماكن اخرى مماثلة، وقررنا أن تكون مسيرتنا قرب سواحل البحر، فهناك ولايات جميلة تستحق الزيارة في هذه الجهات كما سمعنا، كان رفيقنا يشوقنا وهو يردد ابيات من قصيدة للعالم عبدالحميد بن باديس رحمه الله، وقد ضمنت كما اخبرنا في النشيد الوطني الرسمي، وهذه الابيات تقول:

شعب الجزائر مسلم 

وإلى العروبة ينتسب

من قال حاد عن اصله

أو قال مات فقد كذب

  اليوم صباح جميل، ونحن نتجه نحو الغرب، وبعد أن خرجنا من مدينة عنابة، ودخلنا في حدود ولاية سكيكدة (روسيكادا)، مقصدنا اليوم ، وتبعد عنا مدينة سكيكدة عاصمة الولاية بمسافة 111كم، نمر بطرق وقرى ومدن جميلة، نقرأ بعضها على اللوحات على الطريق، ونمر ببعضها اما من وسطها، او اطرافها أو بجوارها، ومن هذه الاسماء خرازة، البوني، وادي النيل، الحجار، العين شاردة، وادي زياد، لمايب عمار، شطايبي، برحال، تريعات، بو قصاص احمد، برح المعايزية، المرسى بن عزوز، بو معيره، بن عزوزه، حجار السود، بكوش لخضير (البكوش يعني الاعجم)، عين شرشار، وادي الكبير ، عين نشمه ، عزابه، المرسى جندل محمد، وادي مشكل، حميمين، منزل الابطال، وادي عجل، منزل بنديش عمار، الاخوة سويسي ، جواد الطاهر، رمضان جمال، بني بشير، فلفلة، علي عبدالنور، بوخلوط، حمروش حمادي، وادي الصفصاف.

دخلنا مدينة سكيكدة من الجهة الشرقية الجنوبية، واخترقنا المدينة شمالا إلى جهة البحر، وهذه الجهة وما بعدها شبه مغلقة ليس لها طريق الا من هذا الاتجاه، اتجهنا يسارا على جانب شاطئ البحر، منظر ساحر بالعمران في جوانب الجبل على يسارك والبحر ممتد على يمينك، مشينا لما يقارب الكيلوين، فاذا على يميننا طريق قديم مهجور، ينتهي إلى نفق قديم في عرض الجبل مبني من الحجارة، كان الطريق السالك للسيارات قبل أن يستبدل بنفق حديث بدلا عنه، وترك هو طريق للمشاة ولمن رغب أن يستمتع بالمناظر على البحر، اوقفنا سيارتنا واتخذنا هذا الطريق على اقدامنا، وسرنا إلى أن وصلنا النفق وعبرناه إلى الجهة الاخرى، مناظر ولا اروع ويتصل بهذا النفق من الجهة الاخرى جسر من الحجارة تحمله تقويسات من الحجارة، وامواج البحر تضرب اسفله، وهناك تكوينات وكهوف من خلفه، وبعضها لها درج تهبط منه إلى داخل كهوف محدودة المساحة، ثم من بعدها طريق يلتف حول الجبل بمسافة تقارب الكيلو متر.

 تجد هنا وهناك الكثير ممن يمارسون الصيد بالسنارات ومن هو جالس على صخرة أو على حافة الرصيف، يستمتعون بالمنظر والجو البارد الجميل، استكملنا المسير لنلتقي بالطريق العام الذي تركناه قبل النفق، وقد سبقنا رفيقنا بالسيارة لنركب مواصلين سيرنا غربا، وبعد مسافة ليست بالطويلة اتسعت المساحة امام البحر، ليكون فيها ميناء صغيرا للصيادين.

وفي الشرق من الطريق يوجد حي مزدحم بالمنازل، وبينها مدارس كبيرة على جانب الطريق، وتمتد البيوت فيها إلى سفح الجبل من الخلف، اقتربنا من مسجد راينا مأذنته من بين هذه البيوت، واوقفنا سيارتنا وصعدنا إليه، في درج واسع في الشارع الخلفي (جامع ابو هريرة)، توضئنا فيه وصلينا الظهر والعصر، حيث وجدنا أن الناس قد صلوا وانصرفوا، وجلنا داخل المسجد الجميل بمكوناته، فيه مصاحف على عدة قراءات، وفيه مكتبة لا باس بها عامرة بالكتب الشرعية، ويلاحظ أن فيه نشاط تعليمي لوجود الصبورات وجلسات العلم.

هبطنا بعد الصلاة واوقفنا سيارتنا في مواقف الميناء، وسرنا إلى نهاية رصيفه، فاذا هناك بداية طريق للمشاة، ممهدة على حافة الجبل، تتعرج فيه مع البحر، اسمه (ممر شاطئ المحجرة)، وقررنا السير فيه ضمن من وجدناهم يسيرون قبلنا، وكانت نزهة جميلة ماتعة، وفي بداية هذا الممر بحوالي نصف كيلو، تجد على احد اضلاع الجبل الممتدة لداخل البحر، بناء قديم يتوسط الطريق، عبارة عن مطعم صغير تمر الطريق من داخله، وبجانبه بل اسفل منه قليلا جسر صغير من الحجارة، يمتد إلى مرتفع ممتد من الجبل إلى داخل البحر، له جدار وفيه بقايا مباني، وقائمة فيه منارة على ما يبدو انها تضاء بالليل لتدل على موقع الميناء، ومن بعدها تشاهد حديقة متوسطة منسقة بالمزروعات، كما يلاحظ انها مقفولة، فهي خاصة بالعاملين في هذه المنارة.

واصلنا مسيرنا مع تعرجاته وتغير المناظر فيه، وهناك في الاسفل شواطئ رملية مناسبة للسباحة، وهناك كهوف وتجويفات، والطريق مخدوم بالجسور الحجرية وبعضها من الحديد، وعلى الحافة ما يناسب من الدعائم الساندة من الحجارة أو الحديد، ومزود بالإضاءة للسير فيه ليلا.رحلة الجزائر (الحلقة الثالثة)

سرنا في تلفيفاته، وطالت بنا الطريق، ولكن انسانا التعب جمال المكان، فلما حسبنا طوله وجدناه اكثر من ثلاث كم، تصل نهايته إلى منطقة ساحلية، مناسبة للسباحة ولطلاب النزهة، ووجدنا هنا أن سائقنا قد كفانا مشوار العودة، حيث اوصل السيارة قبلنا إلى هذا المكان، عن طريق ينزل من الجبل فوقنا، وركبنا ليصعد بنا في هذا الجبل، وفي اعلاه هبطنا بطريق اوصلنا إلى الميناء حيث كنا.

  واصلنا طريقنا شرقا، عائدين من حيث قدمنا قبل الظهر، وإلى نفس مدينة سكيكدة، ودخلنا بنفس الشارع السابق، الذي يمر في قلب الاسواق داخل البلدة، ووقفنا لنشتري بعض المشروبات، ومن ضمنها عصير بالفراولة، قريب من الأسكريم تشتهر به البلدة، ثم خرجنا من هذه المدينة الجميلة، واتجهنا إلى جهة الجنوب، ثم من منتصف البلدة دخلنا إلى اليمين، في طريقنا إلى مدينة القل، مدينة تابعة لهذه الولاية سكيكدة، وتبعد بمسافة تقارب ستة وستين كيلو متر، وجدنا الطريق يتجه غربا ثم يتحول إلى الشمال الغربي، بين الجبال التي تكثر على الشوطئ قرب البحر في هذه المناطق، ومررنا في الطريق بعدة معالم، من اودية وقرى وبلدات، ومن تسمياتها الموجودة على اللوحات في جانبي الطريق، وادي الزرائمية، وادي الطمر، بلدة بوشطاطة، دكارة، تمالوس، عين قشرة، وادي بارون، احمد سالم، كركة، أولاد عطية، الزنيونة، شاطئ بن زويت، الشرايع، تمازنت، إلى أن دخلنا مدينة القل، مدينة جميلة وكبيرة، تتخللها الجبال، وتشكل شواطئها بتضاريسها المتعرجة، ويوجد فسحات على البحر بين هذه الجبال مليئة بالشوارع والبيوت، والجبال القريبة مسكونة بشكل كبير، فالبيوت في كل زاوية من هذه الجبال، اخترقنا البلدة من شرقها إلى غربها، ثم صعدنا في جبل يمتد منها غربا، لنستمتع بمشاهد البلدة من هذا المرتفع مع غروب الشمس من خلفنا، وكان منظرا ساحرا وجميلا.رحلة الجزائر (الحلقة الثالثة)

وما إن غربت الشمس حتى عدنا إلى المدينة واتجهنا إلى احد المساجد وصلينا المغرب والعشاء، ثم دخلنا مطعما في الجوار، مشهور بوجبات السمك اللذيذ، وكيف لا يكون كذلك وهو على شواطئ هذا البحر.

  انهينا عشاءنا ثم واصلنا مسيرنا فوق الجبال في جهة الغرب، مقصدنا إلى منطقة أولاد عطية، (وأولاد عطية من الاسر الهاشمية في المغرب العربي)، وصلناها لتلبية دعوة رفيقنا في الرحلة، الذي استضافنا في بيته الريفي، في قرية (وادي الزهور)، كان طريقنا في الليل لا نرى إلا ما تكشفه لنا انوار السيارة، في هبوط وصعود بين الغابات الكثيفة، وكأنك في مناطق جنوب المملكة، وطرقها المعبدة الضيقة المتعرجة، مررنا بالشرايع، ومنها هبطنا من قمة الجبل بين الضباب، إلى أن وصلنا قرب السفح بقليل، وهنا وجدنا قوسا يعترض فوق الطريق، يحمل عبارات الترحيب في وادي الزهور، وسرنا بين البيوت هنا وهناك في طرق متعرجة، وهي قرية متوسطة متكاملة الخدمات، وما لفت نظرنا فيها هو استكمال مشاريع ايصال خدمات الماء والغاز والكهرباء لكل هذه البيوت، واخبرنا مضيفنا أنها بأسعار رمزية، وكذلك الاهتمام باستكمال مشروع الصرف الصحي، الذي متوفر حتى في هذه الجبال الصعبة، اوقفنا سيارتنا على جانب الطريق العام داخل القرية، ثم حمل كل منا حقيبته لنهبط ما يقارب ثلاثين مترا، إلى أن نصل إلى بيت مضيفنا، كان عبارة عن بيت ريفي متوسط، يتخذونه استراحة لهم عند زيارة قريتهم، ويقضون فيه بعض العطل والمناسبات، وإلا فسكنهم في مدينة القسنطينة، التي تبعد حوالي مائة كيلومتر، وهذا البيت متكامل بخدماته الاساسية، ومجهز بكل الاثاث من فرش وادوات مطبخ ودواليب، كان الهدوء هو السائد في هذه المنطقة، البعيدة عن ضجيج المدن والسيارات، ولذلك لا تسمع إلا نباح الكلاب، وخوار البقر البري المنتشرة في كل مكان، وتسمع عواء هنا وهناك او صياح الديكة، وعلى ذكر البقر البري، فهذه البقر ليس لها مستقر في البيوت، بل تدور في الطرق وفي الغابات المحيطة، واخبرونا أنها تعتني بنفسها في مأكلها ومشربها، ومع انه متعارف بينهم ملكيتها ولمن تتبع، ويميزونها بعلامات يتعارفون عليها، ولكنهم لا يستفيدون منها إلا في اثمانها، ومن تكاثرها وفي لحومها فقط، ويذبحونها في الاعياد والمناسبات، بتنا ليلة من احلى الليالي، تذكرنا بالريف في الجنوب وهدوئه.رحلة الجزائر (الحلقة الثالثة)

ولم نصحوا إلا على الاذان الاول للفجر، ينطلق من اكثر من مسجد في الجوار، والاذان الاول في الجزائر سنة محياة بكثرة، تسمعها في كل مكان تكون فيه، في العاصمة الجزائر وفي قسنطينة وعنابة وهنا، وفي تلمسان وغيرها من المدن التي بتنا فيها.

والى الحلقة التالية بمشيئة الله.

رحلة الجزائر (الحلقة الثالثة)

  محبكم / عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال

 

‫4 تعليقات

  1. تلوح في سمائنا دوماً نجوم برّاقة، لا يخفت بريقها عنّا لحظةً واحدةً، نترقّب إضاءتها بقلوب ولهانة، ونسعد بلمعانها في سمائنا كلّ ساعة فاستحقت وبكلّ فخر أن يُرفع اسمها في عليانا.
    ابدعت ابا جمال كما عودتنا.

    1. ماشاء الله تبارك الرحمن وصف دقيق وسرد ممتع متعك الله بالصحة والعافية أستاذنا الكريم إن شاء الله تنورنا مرة أخرى

  2. بارك الله فيك يا ابا جمال ومتعك بالصحه والعافيه كثيرا ما تثلج صدرنا وتمتعنا بهذه التجارب الرائعه التى تشاركنا فيها متعة التخيل والمعرفه عن هذه الاقطار المحببه لقلوب الكثير ممن لم تتهيأ لهم فرصة زيارتها

  3. ما شاء الله تبارك الله وصف رائع ودقيق ، وفقك الله يا أبا جمال متعتنا بهذه المقالات الجميلة عن بلد الجزائر الجميلة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى