مقالات

رمضان بين الماضي والحاضر

بقلم: ميساء طلال

يعد شهر رمضان المبارك من أهم الشهور في المملكة العربية السعودية، حيث تتجلى فيه الأجواء الروحانية والعادات الاجتماعية المميزة. وعلى مر العصور، شهدت المملكة تغيرات كبيرة في طريقة استقبال الشهر الكريم، بين البساطة في الماضي والحداثة في الحاضر، لكن بقي جوهر الشهر الكريم وروحانيته ثابتين.

رمضان في الماضي

في العقود الماضية، كان لشهر رمضان طابع بسيط لكنه مليء بالروحانية والتلاحم الاجتماعي. لم تكن هناك وسائل الاتصال الحديثة أو الإنارة الكهربائية المتطورة، فكان الناس يعتمدون على رؤية الهلال لتحديد بداية الشهر، وكانت المساجد تكتظ بالمصلين الذين يتوافدون على صلاة التراويح والإفطار الجماعي.

العادات الرمضانية قديماً:

كان الناس يفطرون على التمر والماء، ثم يؤدون صلاة المغرب قبل تناول وجبة الإفطار الأساسية، التي غالبًا ما كانت تتكون من الأكلات الشعبية مثل الجريش والهريس والقرصان.

لم تكن هناك مكبرات صوت، فكان المؤذنون يجوبون الشوارع لإيقاظ الناس للسحور. وكان المسحراتي جزءًا أساسيًا من المشهد الرمضاني، حيث يجول بطبله في الأحياء لإيقاظ الناس.

الأسواق كانت تشهد نشاطًا متزايدًا قبل رمضان، حيث يتزود الناس بالتمور والحبوب، وكانت البضائع تعرض في الأسواق التقليدية مثل سوق الزل في الرياض.

كان الأطفال يشاركون في الأجواء الرمضانية بفرح، حيث يساعدون في تحضير الإفطار أو يذهبون مع ذويهم إلى المسجد.

رمضان في العصر الحديث

مع التطور الكبير الذي شهدته المملكة، تغيرت مظاهر الاحتفال بشهر رمضان، فأصبحت المدن مزينة بالأضواء، وأصبحت وسائل الإعلام والتكنولوجيا تلعب دورًا كبيرًا في حياة الناس.

العادات الحديثة في رمضان:

يعتمد الناس اليوم على التقنيات الحديثة لمعرفة مواعيد الصلاة والإفطار من خلال التطبيقات الذكية والأذان الإلكتروني.

تعدّ موائد الإفطار الجماعية من أبرز المظاهر الحديثة، حيث تنظم الجمعيات الخيرية إفطارات ضخمة للمحتاجين.

توفر الأسواق والمولات الحديثة جميع المستلزمات الرمضانية، مع عروض وخصومات خاصة بهذه المناسبة.

تغيرت عادات الأكل أيضًا، فبالإضافة إلى الأكلات الشعبية، أصبحت الوجبات السريعة والحلويات العالمية جزءًا من المائدة الرمضانية.

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح تبادل التهاني والتواصل بين الأهل والأصدقاء يتم إلكترونيًا، بدلاً من الزيارات المتكررة كما كان في الماضي.

ثبات القيم رغم التغيرات

رغم التطور الكبير، يبقى لشهر رمضان في المملكة قيمته الدينية والاجتماعية العظيمة، حيث يحرص الناس على أداء العبادات والتقرب إلى الله، كما تبقى العادات الاجتماعية، مثل تبادل الأطباق بين الجيران والتجمعات العائلية، مستمرة وإن تغيرت أشكالها. ولا تزال المساجد تحظى بإقبال كبير في صلاة التراويح والقيام، خاصة في الحرمين الشريفين، حيث يفد المسلمون من جميع أنحاء العالم.

خاتمة

يظل رمضان في السعودية شهرًا استثنائيًا يجمع بين الماضي والحاضر، حيث تمتزج العادات القديمة بالأجواء الحديثة، لكنه يبقى شهرًا للتراحم والتواصل والتقرب إلى الله، وهو ما يجعل رمضان مميزًا في كل زمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى