سيرة اللواء الركن :جابر بن حسن مسعود المشنوي الفيفي
إعداد الشيخ :عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال

سيرة اللواء الركن :جابر بن حسن مسعود المشنوي الفيفي
الرواد لهم فضل كبير، فهم من اقتحموا المجهول، وسبروا الطرق ومهدوا السبل، لمن أتى من بعدهم، وسار على نهجهم، فنلاحظ أن شباب فيفاء في الستينات والسبعينات والثمانينات، من القرن الهجري الماضي، قد ساحوا في انحاء المملكة، يطلبون الرزق الحلال، وانخرط غالبهم في الجيش السعودي، واثبتوا فيه جدارتهم ونجاحهم، وعملوا كذلك في عدة وظائف واعمال متعددة، واستقروا بطبيعة عملهم في معظم مدن المملكة، ومن ثم لحقت بهم اسرهم، التي عملوا على اعداد اجيالها على خير ما يرام، وحرصوا على أن ينالوا ما لم يكن مهيأ لهم في عصرهم، من المدارس والتعليم والثقافة، فأخذوا منه الحظ الوافر، وبلغوا فيه الذروة، وتسنموا القمة، وتفاقدوا تربيتهم على خير وجه واتمه، وزرعوا فيهم الاخلاق الكريمة، والصدق والاخلاص وقوة العزيمة، حتى اخرجوا منهم جيلا يعتمد عليه ويفتخر به، جيل مهيئ محصن وواثق بنفسه، جعلهم يرتقون بأنفسهم وبسمعتهم، ويحققون كثيرا من النجاحات والتفوق.
امامنا نموذج من هؤلاء الخلف، نموذج ناجح بلغ القمة والكمال، مما لا مزاودة عليه ولا ارتياب فيه، تهيء بالعلم والمعرفة والتخصص، وترقى في مجالات العمل المختلفة، ونجح وخدم نفسه ومجتمعه وولاة امره، وكانت له ادواره المتعددة، فيما أوكل إليه من مهام في اعماله الرسمية، وما كلف به واسند إليه تنفيذه، في ما يخص عمله داخل المملكة وخارجها، فكان نعم الرجل الذي يعتمد عليه، وممن نفخر به ونباهي به، وندعو الله بدوام التوفيق والسداد له، ونسال الله أن يكثر فينا من امثاله العاملين المخلصين.
أنه اللواء ركن متقاعد
جابر بن حسن مسعود المشنوي الفيفي حفظه الله ووفقه.
والده كما يتضح من الاسم هو الشيخ حسن بن مسعود سلمان المشنوي رحمه الله، كان احد منسوبي الجيش السعودي، وشارك في حرب اكتوبر عام1973م، في القوات المشاركة في المملكة الاردنية، وبعد عودته واستقراره في تبوك، اصطحب معه فيها اسرته، في حوالي عام 1393هـ، وكان (جابر) ولده البكر، في سن صغيرة دون التمييز، فاهتم به وبإخوانه، وحرص على ان ينالوا الحظ الاوفر من التعليم، فكان لا يألو جهدا في توفير سبل الراحة لهم، ويهتم بأدق التفاصيل في حياتهم، ويربطهم دوما بماضيهم العريق، وباهلهم في بلدتهم فيفاء، فيتواصل بهم دوما في زيارات لا تنقطع، مما كون لهم اعتزازا وارتباطا وذكريات فخر ومحبة، وانتماء كان لهم وقودا غذائيا محفزا، فغرس فيهم صلة الرحم، والتواصل والحس الاجتماعي، ومات رحمه الله قرير العين، وهو يراهم يتربعون على قمم النجاح والسؤدد، رحمه الله وغفر له واجزل له المثوبة والأجر.
واما امه فهي الفاضلة سعيدة بنت حسن سلمان المشنوي الفيفي حفظها الله ووفقها، كلها حنانا وحكمة ورجاحة عقل، رعت ابنائها وحفزتهم، وساندت زوجها واعانته، فكانت نعم الزوجة، ونعم الام المربية الناجحة، حفظها الله واطال في عمرها على ما يحبه ويرضاه.
ولد لهذين الفاضلين في فيفاء عام 1387هـ، وكان هو بكرهما، ووالده حينها متغيبا عنهم، ومسافرا خارج المملكة، فقد كان مشاركا مع القوات السعودية، المرابطة في تلك الفترة في المملكة الاردنية الهاشمية، ولذلك عاش بداية حياته في رعاية امه، إلى أن بلغ السادسة من العمر، وكان والده يتفاقد امورهم ما بين حين وآخر، مع انها تحوطهم رعاية واهتمام الاهل من حولهم، اجدادا وجدات واعماما واخوالا، وامورهم تسير طبيعية على افضل وجه، ولما تهيأت الامور للوالد بعد عودته من الاردن، حضر لاصطحابهم معه في عام 1393هـ، بعد أن استقر عمله في مدينة تبوك، وكانت اسرته حينها تتكون من الزوجة وابنيه جابر ومحمد الاصغر، وسافر في معيتهم حينها العم جابر، ترافقه زوجته واولاده، بعد أن قرر الاستقرار مع اخيه في تبوك، وكانت في تلك الفترة رحلة طويلة وشاقة، ومسافات كبيرة وطرق بدائية، استغرقت بهم ما يقارب اربعة ايام، وكانت مدينة تبوك في تلك الايام مدينة صغيرة هادئة، والحياة فيها ما زالت بسيطة للغاية, مع انها في نظرهم تمثل نقلة نوعية كبيرة، للفوارق الكبيرة بينها وبين الحياة في فيفاء، في تلك الفترة قبل خمسين عاما أو يزيد، مع أن لكل بيئة مميزاتها وسلبياتها، وما اسرع ما تأقلموا مع حياتهم الجديدة واحبوها، حتى لم يعد لهم مرغب في بديل عنها.
تعليمه :
كان عند وصولهم لتبوك قد بلغ السن المناسبة للدراسة، فسجله والده مباشرة في ابتدائية زيد بن حارثة، اقرب المدارس من منزلهم، واقبل على دراسته بكل شغف ورغبة، يشجعانه ويساندانه والداه، وكان لجهودهما ومتابعتهما له الاثر الاكبر في تفوقه، وتميزه في تحصيله العلمي وحسن تأسيسه، وكانت البداية ممتعة بعدما تجاوز التوجس والرهبة في البدايات الطبيعية، ومضت به الايام والاسابيع والشهور، وانتهت السنة الاولى بنجاح وتفوق، ومضت به الاجازة الصيفية منتظرا العام الجديد بكل استبشار، وبدأ العام الدراسي لينتقل إلى صف جديد ودروس مختلفة، وبالطبع كانت اكثر صعوبة عما سبقها، ولكنه واصل بذل جهده يطلب النجاح والتفوق، وهو ما حققه بفضل الله وتوفيقه في نهايتها، رغم أن هذا العام كان عام حزن على جميع افراد الاسرة، لوفاة جده لوالدته الشيخ حسن بن سلمان (رحمه الله)، وكان يحبه كثيرا ومتعلق به، لأنه ولد في بيته وتربى في احضانه، وعاش معه لما يقارب خمس سنوات, فخيم الحزن عليهم جميعا، ولكنها اقدار الله تمضي على كل الخلق، وتجاوزوا هذا العام بكل ما فيه، وفي العطلة الصيفية كان الموعد المرتقب لزيارة الاهل في فيفاء، حيث كان سفرهم بواسطة طائرة السلاح (سي – 130)، من تبوك الى خميس مشيط, ومنها بالسيارة إلى سوق عيبان، اخر نقطة تصلها السيارات في ذلك الوقت عام 1395هـ، وكان يلزمهم الصعود من هناك سيرا على الاقدام إلى قمم الجبال، يحملون اغراضهم وامتعتهم على ظهورهم، ورغم المشقة والتعب إلا أنه كان امر طبيعي حينها، وتنسى بالطبع كل المتاعب والصعاب مع اكتمال الغايات، ومع متعة الاجواء وجمال الطبيعة، ولا تبقى في النفس إلا الذكريات الجميلة، وفي نهاية العطلة الصيفية عادوا إلى بيتهم في تبوك، ليستأنف مع بداية العام الدراسي دراسته في الصف الثالث الابتدائي، الذي مضى كسابقيه سهل ميسر، ونجح في نهاية العام بتفوق كعادته، لينتقل بين صفوف هذه المرحلة بكل سلاسة، مع أنه في هذه الاعوام وما تلاها، تبدت تغيرات في اسلوب حياة الناس في المجتمع، بدأ بدخول التلفزيون وكثير من وسائل التطورات المتلاحقة، التي غيرت تدريجيا في كثير من انماط حياتهم المعيشية والفكرية، وكان والده انسان منفتح على الحياة، متواصل مع محيطه ومع اهله وكل الناس من حوله، وقد اختط لأسرته برنامجا لا شدة فيه ولا تفريط، ويتواصل بهم في زيارة اهلهم في فيفاء ولا ينقطع عن ذلك، فكان في كل عامين أو ثلاثة ينشئ لهم زيارة خاصة لعدة اشهر، يقضونها بين اهاليهم فيها، وكما اسلفنا زيارتهم السابقة عند نجاح جابر من الصف الثاني، وها هو الامر يتكرر اليوم بعد نجاحه من الصف الرابع في هذا العام 1398هـ، الذي كان بواسطة سيارة جيب ملك للوالد، اشتراها عندما علم أن طريق السيارة قد وصل قريبا من بيوتهم، وكانت رحلة ممتعة رغم طول المسافة، فاتجهوا من تبوك على الطريق الساحلي، مرورا بضباء واملج وينبع وجدة، ومنها إلى الليث والقنفذة إلى منطقة جازان، من الدرب وبيش وصبيا إلى العيدابي، التي انتهى عندها الطريق المعبد، لتبدأ من بعدها طرق ترابية وعرة، وبالأخص طريق الجبل المحدث، الذي بدأ صعودا من الكوابسة في الحقو، ومنها إلى المركابة فالضحي، شقه الاهالي ودرجوه بجهودهم الخاصة، ففيه كثير من الصعوبة والشدة، حيث عانت السيارة كثيرا، وفي اكثر من موقع كانوا يطلبون من ابيهم السماح لهم بالسير على الاقدام، إلى أن وصلوا نهاية الطريق بالقرب من بيوتهم، وكانت الحياة في فيفاء في تلك الايام على طبيعتها الاولى لم تتغير، حياة هادئة ساكنة لم تصلها كثير من الخدمات ولا الكهرباء، وكانت متعتها تكمن في هذه الاوضاع، وفي نظام حياة الاهالي التي يسيرون عليها، نوم مبكر واستيقاظ من قبل صلاة الفجر، ويبتكرون إلى اعمالهم في الحقول والمدرجات، ومضت بهم الايام سريعة وحلوة جميلة، إلى أن حان موعد المغادرة في نهاية العطلة الصيفية، حاملين اجمل الذكريات واعذبها، وكان ذلك مع بداية العام الجديد في الصف الخامس، الذي انهاه بسلام ونجاح، لينتقل إلى الصف السادس، الذي لا يختلف كثيرا عن ما قبله، إلا أن الاختبارات في نهايته كانت مركزية، تتم تحت اشراف الوزارة المباشر، حيث تعقد له لجان خاصة في المناطق التعليمية، وترسل الاسالة الموحدة من الوزارة، ثم يتم تصحيحها كذلك فيها، وسارت الامور على ما يرام، واعلنت النتائج وكالعادة كان من المتفوقين، ومضت به العطلة الصيفية بشكل مختلف، بعدما اصبح من هواة لعبة كرة القدم، التي يمارسونها بدائيا في ملاعب الحي الترابية، ويلعبها معظمهم بالثوب العادي، ودون احذية رياضية مناسبة، ولكنها كانت من امتع الاوقات واسعدها، وما بدأ العام الدراسي الجديد إلا وهو احد طلاب مدرسة علي بن أبي طالب المتوسطة، وكانت هذه المرحلة تختلف نسبيا عن سابقتها، وادخلت عليهم مادة الرياضيات الحديثة واللغة الانجليزية، واما الرياضيات الحديثة فلم يواجه فيها أي اشكالية، بفضل معلم المادة المتميز، شاب مصري من اهل الصعيد، مستوعب تماما لمادته مبدع في شرحها، جعلهم يفهمونها ويستوعبونها ويحبونها، ولكن المشكلة كانت مع مادة اللغة الانجليزية، ويكمن في اسلوب عرض المادة، حيث يقحم الطالب في العمق دون التدرج من البدايات الاساسية، وكان الاولى أن يبدأ بهم من تعليم الحروف ثم الجمل، الى أن يستوعب الطالب هذه المداخل الاساسية، ومع ذلك فقد مر العام بسلام ونال النجاح والتفوق، وامضى العطلة مستمتعا بأحلى اوقاته مع كرة القدم، وتلاها العام الدراسي في الصف الثاني المتوسط، ومر وانقضي كسابقه محققا النجاح بتفوق، ليحين في تلك العطلة موعد الزيارة المرتقبة إلى فيفاء، والتي ابتدأت مع اول ايام العشر الاواخر من شهر رمضان من عام1401هـ، وكانت في هذه المرة على متن طيران الخطوط السعودية، إلى مدينة الخميس، ومنها برا إلى فيفاء، ووجدوا فيفاء تتجه نسبيا إلى التغيير، حيث شقت طرق السيارات تخترقها من كل الجهات، واصبح الناس يستخدمون المولدات الكهربائية الصغيرة بشكل واسع، للإضاءة فقط مع وصول البث التلفزيوني اليهم، وكانت كعادتها اجازة جميلة وممتعة، ليعودوا منها بعد نهاية عيد الأضحى المبارك، ليكون على موعد مع دراسة الصف الثالث المتوسط، ولم يتغير شيء إلا الاختلاف السلبي في تدريس مادة الرياضيات، لتغير معلمها الذي لم يكن بقدرات واهتمام المعلم السابق، ولكن على العموم مضى ذلك العام وانتهى على خير ما يرام.
كانت العطلة الصيفية حافلة بكثير من التغيرات والمناسبات الاجتماعية، حيث قدم عليهم فيها زوار من الاهل والاقارب، وازدانت باللقاءات الممتعة والتجمعات الاسرية الجميلة، وفيها ايضا منح والده سكن داخل المدينة العسكرية، كان في موقع متميز تحيط به معظم الخدمات الاساسية، وقربه تقع مدرسة الابناء الثانوية، التي التحق بها مع بداية العام الدراسي، وكانت مدرسة متميزة في مبانيها المتكاملة، وتجهيزاتها ومعلميها وكل شيء فيها، وارتاحوا في السكن وارتاحت نفسه في هذه المدرسة، وقد وجد الاختلاف في التدريس، وبالذات مادتي الرياضيات والانجليزي، والمواد العلمية الاخرى (الفيزياء والكيمياء والأحياء)، فاختلف اسلوب مقرر اللغة الانجليزية إلى الافضل، حيث اصبح يهتم بتأصيل الحروف والكلمات، مما جعله يستوعبها بسهولة ويسر، ومر ذلك العام على افضل ما يكون، وحلت العطلة وزاد فيها استمتاعه بلعب كرة القدم، داخل الملاعب الراقية في المدينة العسكرية.
ومع بداية العام الدراسي انتقلت المدرسة الى مبنى جديد مجاور، ولكنه لم يدرس فيه لسبب آخر مختلف، حيث كان ميوله وبعض زملائه للدراسة في القسم الأدبي، الذي لم يكن موجودا في هذه المدرسة، ولذا انتقلوا الى مدرسة الأبناء الثانوية في القاعدة الجوية، ولم تكن بعيدة عنهم كثيرا، وبنفس المواصفات من حيث المباني والتجهيزات وكفاية المعلمين، بل أنها تتميز بقلة الأعداد في الطلاب، وكما هو معروف كلما قل الطلاب ارتفعت جودة التعليم، حيث يسهل على المعلم التواصل مع جميع طلابه، فلم يزد عدد طلاب فصلهم عن عشرين طالبا، وكلهم كانوا أصدقاء ومتحابين متألفين، وبينهم كثير من التنافس الدراسي المحمود، ولذلك فقد بذل من البداية كثيرا من الجهد، لكي يحافظ على تقدمه ويبقى متفوقا، وهو ما حصل بحمد الله في نهاية العام، فكان ترتيبه الثاني على زملائه.
ومع العطلة الصيفية جددوا العهد كالعادة بزيارتهم لفيفاء، وكانت اجازة ممتعة قضوا فيها اجمل الاوقات واسعدها، ولم يعودوا منها إلا في نهاية العطلة الصيفية، مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، الذي كان عاما دراسيا مميزا، باعتباره نهاية هذه المرحلة والذروة فيها، والذي يترتب عليه كثيرا مما بعده، ويتحدد عليه مستقبل حياته، وهو النقطة الفاصلة والمهمة للجادين من الطلاب، وقد استشعر بكل ذلك، واعد نفسه جيدا كما ينبغي، وزاد من اهتمامه وضاعف من جهوده، وكانت الاختبارات في نهاية العام تتم مركزيا، وتحت الاشراف المباشر للوزارة، التي تعقد لجان الاختبارات المباشر في كل المناطق، ويتم التصحيح في لجان خاصة في الوزارة، وامضى العام رغم كل الضغوط ينشد التفوق في نجاحه، وحصل بحمد الله فيها على نتائج مبهرة، وكان ترتيبه الأول على فصله، والرابع على مستوى منطقة تبوك التعليمية.
الدراسة الجامعية:
بدأت التطلعات بعد هذه النتائج إلى الاعلى، وحان موعد الاستقلال والاغتراب الحتمي عن اسرته، فلا بد من الان أن يعتمد على نفسه، وقد نضج واشتد عوده، لذلك ما إن انتهت اجازة عيد الفطر المبارك، من ذلك العام 1405هـ، الا وقد حزم امتعته متسلحا بشهاداته مودعا لأهله، متوجه ينشد المستقبل المشرق، والاحلام الوردية إلى مدينة الرياض، ولم يجزم بعد بخيار محدد، ولا يدري إلى اين سترسو سفينة احلامه، وقدم اوراقه بعد التفكير والاستخارة إلى جهتين اثنتين، وروض نفسه على القناعة باي واحدة منها، وكانت الاولى كلية الملك فيصل الجوية، التي هي في الواقع رغبته الحقيقية، والثانية جامعة الملك سعود، وكانت البديل الاقرب إلى نفسه، ولما طلعت نتائج القبول بعد اسابيع، كان مقبولا في الجهتين، ولذلك لم يتردد في الاتجاه لإكمال أوراقه في كلية الملك فيصل الجوية، وقد اجتاز كل الشروط واكمل الفحوصات المطلوبة، وتم قبوله النهائي ضمن طلابها، على أن يباشروا مع بداية العام الدراسي القادم، وحينها عاد مطمئنا مستبشرا إلى اهله في تبوك، ليرقب مضي الايام حتى يرى حلمه ماثلا امامه.
وما إن انتهت اجازة عيد الاضحى، إلا وهو يغادر اهله متجها إلى الكلية في الرياض، ويباشر فيها مع اول ايام الدراسة، الموافق السبت 29/12/1405هـ، وقد وطن نفسه من البداية على تقبل كل ما يواجهه أو يلقاه، وقد بلغه كيفية التعامل الصارم داخل الكلية، واخذهم الطلاب بكثير من الشدة والحزم والانضباط، لأجل أن يعدوهم الاعداد الجيد، ويصوغوهم على النهج العسكري الجاد، ولذلك سميت هذه الكلية ومثيلاتها بمصانع الرجال، فلا يثبت فيها ويستمر إلا الصامل من الرجال، فكانوا ينخرطون من اول يوم في دورة الإستجداد، ليقضوا فيها شهرين على الاقل، تعتبر من اطول الشهور على الطلاب، لكثافة التدريبات العسكرية فيها، وما إن تنتهي حتى ينتقلون إلى دراسة اللغة الإنجليزية، فهي لغة التدريس الاساسية داخل الكلية، وتستمر بكثافة لمدة اربعة اشهر، وبمعدل ست حصص في اليوم، وبعد اجتيازها ينتقلون إلى الدراسة المتخصصة في علوم الطيران (العلوم الجوية)، لما يقارب ثلاثة اشهر، لذلك لم ينتهوا منها إلا قبل حلول شهر رمضان بأيام، فيأخذوا اجازتهم الوحيدة في هذا الشهر، ويستأنفوا الدراسة من بعد اجازة عيد الفطر، مكملين الدراسة في العلوم الجوية، حتى تدخل اجازة عيد الاضحى، ليواصلوا بعدها الدراسة في العلوم الجوية، واكملوها في بداية العام الهجري 1406هـ, لينتقلوا إلى الذروة والتطبيق العملي في جناح الطيران، وتكون كلها تدريبات مكثفة على الطيران الفعلي، على طائرات التدريب المروحية (سسنا172)، المخصصة للتدريب على الطيران الأولي، وبعد ما يقارب الشهرين في تدريبات تتم بشكل يومي، ولا تنتهي إلا وقد تأهل الطالب، واستطاع بمفرده تأدية رحلة طيران، وتكون أخر مرحلة له في هذا المستوى، ليعودوا من جديد الى جناح التعليم، ليتخصصوا في دراسة العلوم الجوية المتطورة (الطائرات النفاثة)، ويستمروا فيها لما يقارب ثلاثة اشهر, وفي نهايتها يبتعثون الى مدينة الظهران، ليأخذوا دورة في الفسيولوجيا، تفيد طيار المستقبل باختلافات الضغط والاكسجين في طبقات الجو العليا، ومدى تأثيرها الفعلي على جسمه, وكانت دورة قصيرة مدتها أسبوع واحد، ولكنها مهمة جدا وضرورية، استفادوا منها الفوائد العلمية الجمة، وخاصة في علوم الطيران تخصصهم الاساسي.
وبعد هذه الدورة عادوا للبدء في مرحلة جديدة، مخصصة للتدريب على الطائرات النفاثة، من نوع (سترايك ماسترBAC167)، وطار فيها شخصيا لما يقارب (20 رحلة), ولكنه اكتشف من بداية تجربته على هذا الطيران النفاث، انه اصبح يعاني من مشكلة ما يعرف بدوار الجو، وهي اعراض معروفة في الطيران ولمرتادي البحار، في ما يسمى بدوار البحر، وهي حالة طبيعية تعتري الجسم، فيستجيب بطريقة تلقائية عند عدم استقراره، ويكون المسؤول الاول عنها الأذن الوسطى، الواقعة داخل القنوات الهلالية في الاذن، مما يؤدي في نـهايتها الى عملية الاستفراغ الكامل، وهي حالة تتكرر مع كل مرة يشعر فيها الجسم انه في وضع غير طبيعي، وكان شخصيا يستفرغ أكثر من مرة في الرحلة الواحدة ، وهذا امر خطير على سلامته وسلامة الطائرة.
اخبر مدربه بهذا الوضع وما يعانيه، وأنه لم يعد راغبا في الاستمرار في الطيران، فقد كانت حالة متعبة جدا, ولذلك تم تحويله الى تخصص آخر فني، ليغادر جناح الطيران الى جناح التعليم، ولم يكن الوحيد الذي اصيب بهذه الحالة، فقد اكتملوا بعد حوالي ثلاثة اشهر اربعة عشر طالبا، وبدأت معهم الدراسة في تخصص جديد، لتأهيلهم للعمل في المراقبة الجوية، وارتاح لهذا التخصص وعشقه وابدع فيه, وكان تخصصا يهتم بعملية إدارة ومراقبة الحركة الجوية، حتى تضمن سلامة الطائرات خلال حركتها في الجو، سواء منها الطائرات المدنية أو الطائرات العسكرية، واستمرت مدة دراستهم لما يقارب السنتين، اكملوا فيها دراسة التخصص مع جميع متطلبات التخرج، وكان من ضمنها دراسة المواد الإنسانية، التي تم تدريسها باللغة العربية، وفي نهاية الدراسة يقدم كل طالب بحثا علميا، ليتخرج حاملا شهادة البكالوريوس في تاريخ 28/8/1409هـ، محرزا الترتيب الأول على دفعته، وقد اكتملت مدة الدراسة لما يقارب اربع سنوات، جمعت بين الدراسة النظرية والتدريبات العسكرية، وهي شبه متواصلة لا يتمتعون بالإجازات إلا في شهر رمضان، ثم في عطلة عيد الاضحى المبارك، فكان يوم التخرج يوما رائعا ومشهودا، اسعده حضور والده ليشاركه فرحته (رحمه الله)، وعندها تم توجيهه ملازما فنيا في قاعدة الملك فهد بالطائف.
بعد مباشرته العمل لم ينقطع نهائيا عن الدراسة، والرفع من مستواه وقدراته العلمية والتخصصية، فقد حرص على مدى السنوات اللاحقة، على الالتحاق بما يتاح له من الدورات والبعثات الدراسية، وكانت اولها بعد مباشرته العمل الوظيفي، حيث تم ابتعاثه مع بداية شهر القعدة 1410هـ، الى المملكة المتحدة (بريطانيا)، للحصول على دورة تخصصية، مدتها أربعة أشهر كاملة، وكانت تجربة جديدة ورائعة في مجال التخصص، طبقوا فيها التدريبات على كثير من الأجهزة الحديثة، وعلى الاجهزة المساعدة في عمليات التدريب التشبيهي، المربوط معظمها بأجهزة حاسوبية تحاكي الواقع، واستغلها في تقوية لغته الإنجليزية، وفي بداية عام 1412هـ تم ابتعاثه داخليا إلى خميس مشيط، لاستكمل دورة تخصصية في برج المراقبة الجوية، مدتها ثلاثة اشهر، وفي بداية عام 1413هـ، عقدت لهم دورة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، في الحاسبات الألية على مدى اسبوعين، واستفادوا منها كثيرا، ومع نهاية عطلة عيد الأضحى المبارك من عام 1415هـ، عقدت له دورة غير تخصصية في مجال الحرب الإلكترونية، مدتها اربعة اشهر.
وكان في ذلك العام 1415هـ، قد انتسب للدراسة في جامعة الإمام فرع ابها، تخصص علوم شرعية، في كلية الشريعة واصول الدين، وكان نظام الانتساب قاصر على حضور الاختبارات في نهاية كل فصل دراسي، فكان إذا ما حان موعد هذه الاختبارات أخذ له إجازة من العمل للحضور، وشجعه كثيرا انتساب زوجته معه في نفس الكلية، حيث تعاضدا وشجعا بعضهما بعض إلى النهاية، إلى أن حصلا على درجة البكالوريوس في الشريعة، مع نهاية العام الجامعي 1418هـ، وقد استفاد كثيرا من هذه الدراسة، واعانته على التأصيل العلمي الصحيح في العلوم الشرعية، وفي عام 1418هـ تم ترشيحه للحصول على دورة إعداد معلمين، مدتها ثلاثة اشهر استفاد منها كثيرا.
وفي تلك الفترة وصلت للعمل اجهزة وانظمة جديدة، تختص بالمراقبة الجوية، وتعتمد على الحاسبات الآلية، وتم تأهيلهم للعمل عليها، إلى أن اتقنوه تماما، وفي نهاية عام1419هـ تم ابتعاثه إلى الولايات المتحدة، للحصول على دورة تخصصية، وفي هذه الدورة اصطحب معه افراد اسرته، ليغادروا جدة في رحلة طيران طويلة إلى نيويورك, وفي امريكا تنقلوا في عدة ولايات وفي مطارات داخلية، حيث اتجهوا أولا الى مدينة سانت لويس في الوسط الأمريكي، ومنها واصلوا الى مطار سان أنطونيو، في ولاية تكساس في الجنوب الامريكي، واستقبلهم فيها احد افراد الملحقية العسكرية، الذي اوصلهم الى سكن مؤقت لهم فيها، إلى أن استئجار لهم منزلا مناسبا، في جوار عدد من المبتعثين السعوديين وعوائلهم، وبقي في هذه المدينة لمدة شهرين، قضوها مستمتعين في كثير من الرحلات، داخل المدينة وفي بعض المدن المجاورة, وانتقلوا في الشهر الثالث الى ولاية فلوريدا، التي تقع في اقصى الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة، وتعتبر من اجمل الولايات بالنسبة للمقومات السياحية, وبعد نهاية الدورة غادروا على سيارة كان قد تملكها، في رحلة سياحية طويلة استمرت ثلاثة ايام متواصلة، اخترقوا فيها امريكا من الجنوب الى اقصى الشمال، حتى وصلوا إلى حدود كندا، ليزوروا هناك شلالات نياجارا، وهي من اجمل الشلالات في العالم, وقضوا فيها يومين رائعين، ثم غادروها الى مدينة نيويورك، ليستعدوا للعودة إلى المملكة، ومنها شحن سيارته بحرا الى المملكة, ثم غادروا بالطيران في اليوم الثالث إلى المملكة، وكانت هذه من اعظم الرحلات بالنسبة له تعليميا وسياحيا.
وفي نـهاية عام 1421هـ، تم ابتعاثه الى قاعدة الملك خالد الجوية بالخميس لمدة ثلاثة اشهر، اكمل فيها دورة قيادية مصغرة، ثم في منتصف عام 1426هـ تم ابتعاثه الى مدينة الرياض، لإتمام دورة الأركان في كلية القيادة والاركان، وقضى فيها عاما كاملا، كان حافل بالجهد والبحوث، وحصل في نهايته على درجة الماجستير في العلوم العسكرية, وبعدها في نـهاية عام 1430هـ تم ابتعاثه لمدة اربعة اشهر، الى قاعدة الملك عبد الله الجوية بجدة، ليحصل فيها على دورة التدريب المتقدمة.
وخلال هذه المسيرة التعليمية الموفقة، حصل على العديد من شهادات الشكر والتقدير، ومن ذلك :
- خطاب شكر (الطالب المثالي) بكلية الملك فيصل الجوية.
- خطاب شكر (الطالب المثالي ) للمرة الثانية بكلية الملك فيصل الجوية.
- شهادة شكر وتقدير للحصول على جائز النشاط الثقافي بكلية الملك فيصل الجوية.
- شهادة شكر وتقدير للحصول على نسبة امتياز كلية الملك فيصل الجوية.
- شهادة شكر وتقدير لرجل الشهر.
- شهادة شكر للحصول على تقدير ممتاز في ثلاث دورات متتالية.
- شهادة شكر وتقدير (تمرين وكر الصقر).
- شهادة تقدير تمرين لهب النفوذ.
- خطاب شكر وتقدير للتميز اثناء دورة (الملحقية العسكرية في واشنطن).
- شهادة تفوق دورة ضباط الاسراب.
- شهادة تفوق دورة الحرب الالكترونية.
- شهادة تفوق دورة اعداد المعلمين.
- شهادة تفوق دورة التدريب المتقدمة.
عمله الوظيفي وتنقلاته فيه :
تم تعيينه بعد التخرج مباشرة، على رتبة ملازم فني، في قاعدة الملك فهد الجوية بالطائف، وباشر عمله فيها من تاريخ 9/9/1409هـ، ليعمل في قسم المراقبة الجوية، التي بدأ حياته العملية فيها كمتدرب، على عمليات إدارة ومراقبة الحركة الجوية، وهذا العمل ممتع للغاية مع أنه لا يخلو من الخطورة، ولكنها تمت تهيئته على افضل ما يمكن، وذلك بالدورات والتدريبات المتخصصة الكاملة، وعندما اجتاحت العراق دولة الكويت، مع بداية عام1411هـ، كان حينها في دورة في المملكة المتحدة (بريطانيا)، وتوقعوا أن تلغى هذه الدور للظروف الطارئة بسبب الاجتياح، إلا أن الملحقية العسكرية هناك ابلغتهم باستكمالها، وانتهت هذه الدورة في اواخر شهر صفر من عام1411هـ، ليعود بعدها على عمله الاساسي في القاعدة، ومع ظروف الحرب لتحرير الكويت زادت كثافة العمل، واصبح عملهم يستمر اثنا عشرة ساعة في اليوم، في عمل مكثف يتخلله كثير من الصعوبات والتحديات، لوجود اعداد كبيرة من الطائرات، تتدرب بشكل يومي، حتى تكون في كامل الجاهزية للمشاركة في عمليات التحرير المزمعة، حيث بدأت العمليات الفعلية بعد شهرين من ذلك التاريخ، لتستمر إلى نـهاية شهر شعبان، الذي تمت فيه عملية التحرير، واستكملت نهائيا مع بداية شهر رمضان المبارك، وبعدها عادت الامور بحمد الله إلى طبيعتها الاولى، وعاد العمل خفيفا، وانتهت المرابطة الفعلية مع نهاية إجازة عيد الفطر، ليعود العمل اعتياديا وروتينيا، لا يتجاوز سبع ساعات في اليوم، وانقشع شبح الحرب واندحرت الفتنة, وفي هذا العام تمت ترقيته الى رتبة ملازم اول، وزادت سعادته مع تقاعد والده، الذي قرر الاستقرار نهائيا في مدينة الطائف، واصبحوا يتبادلون الزيارات بشكل اسبوعي، وكان له في نفس العام شرف المشاركة في مساندة اعمال الحج، وكم كانت مهمة جميلة ورائعة، وفي بداية عام 1416هـ تمت ترقيته إلى رتبة نقيب .
وفي بداية عام1421هـ، صدر قرار نقله إلى قاعدة الملك فيصل الجوية بتبوك, حيث باشر العمل فيها من تاريخ1/3/1421هـ، وهنا عادت معه ذكريات الصبا والشباب في هذه المدينة الجميلة، التي عاش فيها وترعرع ودرس فيها مراحل التعليم العام، ومازال يحمل عنها وفيها كثير من الذكريات التي لا تنسى، وفي نهاية ذلك العام 1421هـ تمت ترقيته إلى رتبة رائد، وعين حينها قائدا لسرب المراقبة الجوية، الذي كان يعني مزيدا من المسؤوليات والمهام الإضافية، وفي الحقيقة فقد كانت اقامته في مدينة تبوك ممتعة وجميلة، سواء له شخصيا أو لجميع افراد عائلته، ولم يعكرها إلا بعدهم النسبي عن والديه في مدينة الطائف، وقد انتقل بعد خمس سنوات، في عام 1426هـ إلى مدينة الرياض مؤقتا، ليقضي فيها عاما كاملا، استكمل خلاله دورة القيادة والاركان، وفي ذلك العام تمت ترقيته إلى رتبة مقدم، وبعد أن عاد إلى تبوك كلف بالعمل قائداً لجناح اسناد العمليات, و في عام 1434هـ تمت ترقيته إلى رتبة عميد، وصدر مع بداية عام 1438هـ قرار نقله الى هيئة العمليات، في قيادة القوات الجوية بالرياض، وباشر العمل فيها مع منتصف ذلك العام، ثم لحقت به اسرته بعد اكتمال اجراءات نقل الأبناء إلى الجامعات والمدارس.
سيرة اللواء الركن :جابر بن حسن مسعود المشنوي الفيفي
كان يعتبر عمله في هذه القيادة نقلة نوعية كبيرة، لما فيها من التحديات الكثيرة، والكثافة في العمل والمهام، والزيادة الهائلة في المسؤوليات، الا انه بتوفيق الله تيسرت كل هذه الامور بشكل رائع, ويعتبرها تجربة رائعة ومثمرة يعتز بها، ويصف السكن في مدينة الرياض بأنه رائع، لتوفر جميع الخدمات فيها، رغم ما يصاحبه من التحديات الكبيرة، بسبب شدة الزحام وتباعد المسافات بين الأحياء، فالمدينة كبيرة الحجم وواسعة الارجاء، وفيها تم تكليفه بالعديد من المهام العظيمة، ومن اهمها قيادة فريق مشترك لزيارة دولة (النمسا)، لدراسة إمكانية استبدال بعض الأجهزة القديمة منها إلى أجهزة جديدة، وتكون ذات خاصية توافقية, وتعتبر النمسا من الدول الجميلة الهادئة، وقد اصطحب معه في هذه المهمة افراد عائلته، حيث خاض تجربة العمل والسياحة الناجحة، وتمت ترقيته إلى رتبة لواء فني ركن في عام 1439هـ, وكلف في ذلك العام بقيادة فريق عمل مشترك، يمثل وزارة الدفاع لزيارة جمهورية (كوريا الجنوبية)، لبحث امكانية شراء بعض الأجهزة المناسبة منها, وكانت رحلة جميلة وتجربة ناجحة ورائعة، لما يتميز به هذا البلد من الرقي والتطور، واتصاف شعبه بالطيبة والألفة بشكل لافت، وصادفت تلك الزيارة في اوقات باردة نسبياً، وفيها تساقطت الثلوج، وفي نهاية ذلك العام تم تكليفه في قيادة القوات المشتركة، مع مجموعة عمل مشكل من اكثر من فرع في القوات المسلحة، في مهمة تنقلوا خلالها بين كل من جازان ونجران وخميس مشيط، واستمرت لحوالي أربعة اشهر، وفي منتصف عام1440هـ، كلف بقيادة فريق عمل، لزيارة (الولايات المتحدة الامريكية)، لغرض شراء بعض الأجهزة الخاصة بالتوجيه الدقيق للطائرات، في عمليات اقترابها للمدرج, وكانت هذه المهمة في اقصى شمال غرب أمريكا، وكانت رحلة طويلة بالطيران استغرقت قرابة (20) ساعة، ولكنها كانت رحلة ناجحة وممتعة، والأجواء فيها رائعة رغم البرودة وتساقط الثلوج.
وقد نال اثناء مسيرته العملية، التي استمرت لحوالي واحد وثلاثين سنة، كثير من التقدير وشهادات الشكر، ومن ذلك :
- شهادة شكر لجهوده خلال حرب تحرير الكويت.
- شهادة تقدير للعمل بفرزة القوات الجوية بالقصيم.
- شهادة تقدير لإجراءات خطة الطوارئ للمطار المدني.
- شهادة تقدير للتميز في أداء العمل.
- خطاب شكر لاختتام أسبوع السلامة.
- خطاب شكر لإتقان العمل.
- خطاب شكر للعطاء المتميز في انجاز دليل الإجراءات الإدارية.
- خطاب شكر للحفاظ على إجراءات السلامة للطيران المدني .
وحصل على العديد من الاوسمة والميداليات والانواط ، ومنها ما يلي :
- وسام الملك فيصل من الدرجة الثالثة.
- ميدالية تحرير الكويت.
- نوط المعركة (معركة تحرير الكويت).
- نوط المئوية.
- نوط الإدارة.
- نوط الخدمة العسكرية (للمرة الأولى والثانية والثالثة والرابعة).
- نوط الذكرى المئوية.
- نوط الاتقان.
تقاعده من العمل:
بعد عودته من المهمة في امريكا، وجد أن والده يعاني كثيرا من تدهور حالته الصحية، مما جعله يقدم على طلب التقاعد المبكر، ليتفرغ في هذه الظروف لملازمة والده التامة، وقد تمت الموافقة الرسمية على طلبه، وصدر قرار تقاعده ابتدأ من تاريخ (24/9/1440هـ)، بعد خدمة استمرت لواحد وثلاثين سنة بالتمام والكمال، وبقي بعدها ملازما لوالده اثناء مرضه في مدينة الطائف، إلى أن توفي رحمه الله في أواخر شهر جمادى الأولى من عام1441هـ.
وبعدما توفي والده سعى إلى تهيئة اموره للاستقرار، واختار العيش في مكة المكرمة، والتي سكن فيها مع بداية عام 1442هـ، ليجد الراحة النفسية والاطمان، فكان بحق نعم الاختيار، ونعم الجوار، في البلد الحرام ، قال الوالد فضيلة الشيخ علي بن قاسم رحمه الله :
مقادير ربي في اجتماع وفرقة
ومكة أولى يا أخي بالتعلق
الحالة الاجتماعية :
تزوج بعد تخرجه من الكلية، ومع بداية مباشرة عمله في قاعدة الملك فهد بالطائف، من الفاضلة الاستاذة/ مريم بنت احمد يحيى يزيد المشنوي الفيفي، وتوافقت خطبتهما التي كانت في 30/2/1411هـ مع قيام حرب الكويت، فكانت حفلة زفافهما مختصرة جدا، ولم تتجاوز اجازته فيها إلا يوم واحد، ولكنه كان زواج موفقا ومباركا، حيث كانت له نعم الزوجة المساندة، والمقدرة لظروف عمله المهمة، حيث ساندته وازرته ووقفت معه في كل اموره، بل وصحبته في معظم تنقلاته، تدعمه قولا وفعلا، ومن دعمها له أنها سعت إلى الانتساب معه في الجامعة، من باب التشجيع والتحفيز له، وقد اكملا الدراسة معا، ونجحا في وقت واحد، وكانت ترافقه في معظم اسفاره داخل وخارج المملكة، وقد رزقا بفضل الله وحمده ذرية مباركة طيبة، حيث ولد لهما ستة من الولد، ابنتان واربعة ابناء، وهم على النحو التالي :
- افنان : متزوجة ولديها ابن و ابنة.
- الحسن: ضابط في القوات الجوية.
- عصام : موظف في الشركة البريطانية للطيران والفضاء.
- أسماء : خريجة علم نفس جامعة الملك سعود.
- حسام : طالب في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
- محمد : طالب في المرحلة المتوسطة.
بارك الله فيهم وحفظهم واصلحهم، وحفظها الله من اسرة مباركة طيبة، وبارك الله فيه ووفقه وجزاه كل خير، وكثر الله فينا من امثاله الموفقين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم/ عبد الله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال
سيرة اللواء الركن :جابر بن حسن مسعود المشنوي الفيفي
الرياض في 5/5/1444هـ