مقالات

سيرة اللواء الركن :عبد الله بن علي حسن الابياتي الفيفي

إعداد الشيخ :عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال

سيرة اللواء الركن :عبد الله بن علي حسن الابياتي الفيفي

  رجل هادئ الطبع، كثير الصمت، يدير الحديث بحكمة وروية، وبفكر ثاقب وعقل راجح، وهذا الهدوء جبلة وطبيعة فيه، ليس تخلقا أو تكلفا يفرضه على نفسه، وهو بهذه الصفات كثير الشبه بابيه رحمه الله، انسان لا يتكلم إن لم يستنطق، وإذا نطق فلا تريد منه أن يسكت، ادب عال وحديث عذب جميل، يمتلك ناصية الحديث وحسن عرضه، فيه من ميزات الحكمة والرئاسة، ولديه شخصية قوية يغلفها الوقار، وكل ما توغلت في معرفته زدت له حبا وتقديرا، واكتشفت فيه عزيمة ومضاء، وقوة ارادة واصرارا، وليس ادل على ذلك من تفوقه في دراسته، وفي نجاحاته وفي عمله وما يؤكل إليه، وفيما وصل إليه في كل حياته، فهو شخصية متميزة جميلة محبوبة، وقد وفق لا شك في اختيار تخصصه بما يوافق طبيعة نفسه، فهو وفق إلى عمل تقني يدوي وفكري، لا يحتاج إلى كثير من التنظير والشرح، فابدع فيه ايما ابداع واتقنه ونجح، وفقه الله واجزل له المثوبة والجزاء.

  بقيت فترة طويلة اعاود واحاول اقناعه، لأجعله ضمن هذه السلسلة من المبرزين، من ابناء فيفاء ممن كتبت عنهم، حيث اهله لذلك مكانته وتخصصه النادر، ثم نجاحاته المطردة وفي علو شانه، اضافة إلى معرفتي الخاصة به، ومعرفتي بأبيه وجده رحمهم الله، وبمعظم افراد اسرتهم الكريمة، فهم جيران واصدقاء واخوة، واهل بيت كريم مشهور بالدين والتقوى وحسن المعشر، وقد تفضل اخير بقبول بسط قصة حياته الناجحة هنا، وكان سبب تردده كما عذرته، انما هو من باب التواضع الجم لا غير، فهو من النوعية الطموحة، الذين يرون أنهم لم يحققوا بعد ما يستحق الحديث عنهم، زاده الله نجاحا وتوفيقا ووفقه واسعده وبارك فيه.   

أنه اللواء مهندس متقاعد:

عبدالله بن علي حسن سليمان ال معسف الابياتي الفيفي حفظه الله ووفقه.

والده الفاضل علي بن حسن سليمان جابر آل معسف الأبياتي الفيفي رحمه الله، من مواليد عام 1343هـ ونشاء في كنف والده حسن بن سليمان ابن اهل (امجرب) رحمه الله، وكانت والدته سلامه بنت شريف آل داود المثيبي الفيفي رحمها الله، توفيت وما زال صغيرا في الثالثة من عمره، وتربى بين والده واخوانه يتيم الام، ونمى في اسرة جادة محافظة، ونال حسن الرعاية والتربية، واخذ من العلم ما تيسر له حينها مع قلته ومحدوديته، فقد الحقه والده بالمدرسة القائمة في شيحة (معلامة)، التي يقوم على التعليم فيها الشيخين، حسن بن احمد آل خفشة الابياتي، واخيه موسى بن احمد آل خفشة الابياتي، وأكمل فيها قراءة القرآن الكريم، وتعلم الكتابة والقراءة، مما جعله مميزا في قادم حياته، وكانت عونا له في مستقبل ايامه، وبالذات بعدما التحق جنديا في الجيش السعودي، وكان مع أوائل من التحق به من ابناء فيفاء حينها، رغم ممانعة والده له خوفا عليه من الغربة، فقد كان للغربة في نفوس الناس في تلك الازمنة نفورا، لما في العالم من حولهم من صعوبة الحياة، وما يسمعونه عن الاسفار من المخاطر والمغامرات، وأن المفارق تنقطع اخباره ويتزايد القلق عليه، وكان الناس في معيشتهم اكثر حاجة إلى وجوده بينهم، لما يعينهم به في اعمال الزراعة والفلاحة، مصدر رزقهم الوحيد حينها، إلا أنه بمنظار احلامه حينها، وطموحاته المختلفة عن جيلهم، اقنع والده حتى رضي له باقتحام المجهول والسفر والغربة، حيث توجه مباشرة ودون تردد إلى مدينة الطائف، التي كان بها مقر وزارة الدفاع، ويوجد فيها معظم وحدات الجيش الحديثة، والتحق فيها بالقطاع العسكري، وتم قبوله لتميزه بما لديه من التعليم، في تخصص سلاح الاشارة (لغة المورس)، التي ما اسرع ما استوعب اساسياتها وقواعدها، واهله للنجاح في عمله فيما بعد وابدع، حتى اوكل إليه القيام بمهام وظيفته والاعتماد عليه في اكثر من موقع، وتنقل من خلال مهامه الى كثير من المناطق وفي مدن المملكة، وعمل في الطائف وفي تبوك وفي جازان وخميس مشيط، وتزوج في خلال هذه المسيرة، ورزق بالعديد من الاولاد من البنين والبنات، وتدرج في الرتب العسكرية الى بلغ رتبة رقيب اول، واحيل على التقاعد في عام 1397هـ، وعندها قرر العودة والاستقرار في فيفاء، حيث كان قد هيء له بها بيتا مناسبا، استقر فيه هو واسرته، ولكن لم يطق البقاء دون عمل، فالتحق بوظيفة كتابية في المدرسة المتوسطة والثانوية في فيفاء، التي استمر يعمل فيها لحوالي خمس عشرة عاماً.

  تميز رحمه الله بأنه على قدر كبير من الثقافة والاطلاع، يحب القراءة ولا يمل من التزود منها، وحرص على تعليم ابنائه، وكان شديد في هذا الجانب، ولعل حياته العسكرية الطويلة، وما فيها من الضبط والنظام قد اثرت في كثير من جوانب شخصيته، فتميز بحب النظام والحزم والانضباط في معظم اموره، وكان يتابع دراسة ابنائه وسيرهم الجاد فيها، وفي المقابل لا يبخل في توفير ما يحتاجون إليه فيها، وكان يوجهم ويرشدهم الى كل خير ونجاح، ويحبب اليهم مواصلة السير في طرق الخير والفلاح والتقوى، وكان رحمه الله يمثل لهم بنفسه خير قدوة، محافظا على امور دينه وفرائضه، لا يتخلف أبدا عن اداء الفروض وصلاة الجمعة في جامع النفيعة، ويصطحب ابنائه معه في كل الفروض، توفي رحمه الله في 29من شهر محرم عام 1415هـ، ودفن بجوار بيته، رحمه الله وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

واما امه فهي الفاضلة عافية بنت علي احمد آل خفشه حفطها الله، من اسرة علم ودين وفضل، زرعت في ابنائها كل الخلال الحسنة، ونشأتهم على التدين وحسن الاخلاق، وكانت عونا لزوجها في حياته وفي تربية ابنائه، وتنقلت معه خلال عمله الوظيفي في اكثر من مدينة، صابرة محتسبة، ومربية فاضلة، كانت على قدر لا باس به من التعلم، وقد اكملت لاحقا تعليمها الابتدائي على كبر، منتظمة في مدرسة البنات الاولى بفيفاء، وقد بلغ عدد اولادهما احد عشر ولدا، تسعة ابناء وابنتان، رحم الله من مات منهم وحفظ بحفظه الباقين، واطال الله في عمرها على طاعته، ورزقها برهم وصلتهم.

ولد لهذين الفاضلين في بيتهم (الجرب) في بقعة العذر من فيفاء، في يوم الاثنين الموافق 25/2/1387هـ، ونشاء في كنفهما وفي حسن تربيتهما، وتنقل معهما صغيرا في اكثر من مدينة، لطبيعة عمل والده، إلى أن استقرا في فيفاء بعد تقاعده.

  تنقلت الاسرة في طفولته المبكرة إلى عدة مدن كما المحنا، وكانت البداية في عام 1389هـ، عندما انتقلوا إلى  مدينة جيزان، وكانت الحياة حينها صعبة، رغم سهولة الحياة مقارنة ببلدتهم فيفاء، فالصعوبة في فيفاء تكمن في تضاريسها الجبلية، وعزلتها عن مسارب الحضارة، فكانت جيزان من هذه النواحي اكثر راحة، سواء في المواصلات وتوفر الخدمات والمياه والكهرباء، ولكن في تلك الفترة مازال ينقصها كغيرها كثير من الكماليات والاجهزة الحديثة، فلم يعرف الناس حينها المكيفات ولا التبريد، مع ما يسود جوها من ارتفاع الحرارة الشديدة، وكثافة الرطوبة بسبب تأثير البحر، مما اتعبهم كثيرا، لأنهما لم يتعودوا عليه من قبل، مما جعل معظمهم يعانون من التقرحات الجلدية، ولكنهم مع الوقت تأقلموا قليلا مع هذه الاجواء، ولكنهم لم يلبثوا أن انتقلوا إلى مدينة خميس مشيط، بعدما تم نقل عمل والدهم إليها، في شهر شوال من عام 1391هـ، عندما تمركزت بعض وحدات الجيش فيها، وهنا تغير الاجواء إلى النقيض تماما، وبالأخص في فصل الشتاء مع اشتداد البرودة، وبالذات وهي لا تتوفر لديهم اجهزة التدفئة الحديثة، وما اسرع ما انفرجت وزالت كثير من هذه المعكرات، عندما صرف لوالدهم سكن حديث في داخل مدينة الملك فيصل العسكرية، فهو مبنى حديث على طراز متكامل، تتوفر فيه جميع الخدمات الترفيهية، ومهيأ بكل الاجهزة الحديثة والتجهيزات الضرورية، وفيه ارتاحوا كثيرا، واستمر بقائهم فيه لعدة سنوات، إلى أن احيل والدهم الى التقاعد المستحق، والتي قرر حينها العودة الى بلدته فيفاء، وكان قد هيأ له بها بيتا مناسبا، فارتاحوا فيه رغم أن هناك فارق كبير في نواحي حياتهم، فما زالت الحياة بدائية في معظم الجوانب، إلا أنهم شعروا بالراحة والسعادة النفسية، لحبهم لبلدتهم وحب العيش فيها، رغم كل ما تفقده من الكماليات الحديثة، لأنها تتميز باعتدال اجوائها طوال العام، فليس فيها برد قارص في الشتاء، ولا يوجد فيها حر مرتفع في الصيف.

تعليمه:

   بلغ سن الدراسة المقرر وما زال والده (رحمه الله) مقيما في الخميس، في داخل مدينة الملك فيصل العسكرية، لذا الحقه والده في المرحلة الابتدائية، وسجله في مدارس الابناء داخل المدينة العسكرية، وكانت هذه المدارس تتبع في ادارتها وزارة الدفاع والطيران، وكانت مدرسة متميزة من كل النواحي، سواء في مبانيها وتجهيزاتها، ثم في ادارتها ومعلميها، وتميزت بما تسير عليه من قوة الحزم والضبط، وفيها كثير من شدة الربط العسكري، ضمن المنظومة في محيطها.

   كان له موقف لا ينساه من أول يوم له في المدرسة، صدمه وعكر مزاجه كثيرا، فعندما دخل عليهم مربي الفصل في أول حصة لهم، في موقف جانبه فيه كثير من الصواب، وفي حركة غير تربوية خانه فيها التفكير السليم، حيث دخل عليهم هذا المعلم (الفلسطيني)، ودون ابتسامة وهو يهز عصاه في احدى يديه، ويطلب منهم دون تمهيد، في أن يقوم كل طالب بكتابة اسمه على السبورة، وبالطبع كان اغلبهم لا يعرفون ذلك، بل ومن كان عارفا فالخوف والخجل اقعده، ومع أنه شخصيا استطاع كتابة اسمه لمعرفة ذلك من قبل، ولكن الغالبية من الطلاب لم يعرفوا، وفي هذه اللحظة اجلس من استطاع كتابة اسمه،  وابقى الاخرين وكانوا الغالبية وقوفا عند السبورة، وساد الصمت وسرى الخوف في القلوب، وبالذات عندما نادى هذا المعلم بصوت جهوري على الفراش، وطلب منه أن  يحضر له بنزينا وكبريتا، معلنا أنه سيحرق الطلاب الذين لم يستطيعوا كتابة اسمائهم، واشتد اللغط وارتفعت الاصوات بالبكاء، وساد الترقب للمصير الرهيب وكيف سيكون، حتى تدخل الفراش في تلك اللحظة متشفعا، يطلب من المعلم ان يعطي هؤلاء الطلاب فرصة الى الغد، وكفل له بأنهم لن يحضروا في الغد إلا وهم يتقنون كتابة اسمائهم، في مشهد محبوك ولكنه مخوف بالنسبة لطلاب، فلا تسأل عن مدى الرهبة والخوف، التي اجتاحت كل هؤلاء الطلاب، وغالبهم بالطبع صدق هذا التهديد وهذا الوعيد، ولذلك لم يحضروا من الغد إلا وقد اتقنوا جميعهم  كتابة اسمائهم، ومع ان المعلم حقق الغاية التي سعى إليها، ولكنها على حساب الصدمة الرهيبة للطلاب، ومع أن الموقف مر بسلام كما تصور المعلم، ولكنه في الحقيقة بقي له اثر لا يمحى ابدا من الانفس، وبما انطبع من عقد وخوف ترسخ داخلها، وهو لا شك اسلوب ممجوج وغير تربوي، يطبع صورة سوداوية وعنيفة داخل القلوب البريئة من اول يوم عن المدرسة، وكانت مثل هذه الطرق التخويفية متبعة ومنتشرة بين كثير من المعلمين، وهي لا شك طريقة غير سليمة، بل وسلبياتها اكثر من نتائجها الايجابية، وتترسب في الأنفس عقد لا تمحى ابدا، بدليل أنه مازال يذكرها إلى اليوم لما يقارب من خمسين سنة.

   مضت به الايام في هذه المدرسة، ولم يصادف بعدها موقفا مماثلا لمثل هذه الواقعة، وما اسرع ما تأقلم مع مدرسته ومع زملائه ومعلميه، وبالطبع قد يكون خان هذا المعلم الاسلوب الذي اتبعه، وكان اجتهادا منه لم يفكر في ردة الفعل لديهم، ولكنه على العموم لم يتكرر بعدها، فكان التدريس في هذه المدرسة على خير ما يرام، وتواصل في دراسته من نجاح إلى نجاح، واستمر على ذلك على مدى سنوات الدراسة فيها، حيث كان يجد المتابعة التامة من والديه، ومن اخوانه الكبار وكامل الاسرة، فكان بفضل الله متفوقا في كل سنوات الدراسة، ينجح وينافس في نهاية كل عام دراسي، حتى أنه تم تكريمه في هذه المدرسة بكثير من شهادات التفوق.

    ولما اكمل دراسة الصف الرابع الابتدائي، ونجح إلى الصف الخامس، انتقلت كامل الاسرة إلى فيفاء، مغادرين مدينة الخميس، بسبب تقاعد والده المستحق من الجيش رحمه الله، واستقرت الأسرة حينها في فيفاء، وسكنوا في بيت والده المربوعة، الملاصق لبيتهم الكبير الجرب، الذي يقع في اطراف سوق النفيعة بفيفاء، وهناك كان مقر المدرسة الابتدائية، حيث التحق بها مباشرة ليواصل دراسته، وسارت به الامور على خير ما يحب، فلم يشعر بالتغير ولم يتأثر في دراسته وتفوقه، بل اقبل على دراسته وتحصيله، لأنه متعلق بالعيش في بلدته، وانسجم بسرعة مع زملائه، وغمرته السعادة التي حجبت كل السلبيات والنواقص، رغم ما كان يوجد من فوارق كبيرة بين المدرستين في كل النواحي، سواء من حيث المبنى والتجهيزات والملاحق، وفي الاثاث والبيئة الدراسية، فالمدرسة الحالية بدائية في مبناها، المقام من الحجارة، يسودها الظلام وتنقص التهوية، فلا يوجد به أي خدمات كمالية ولا في البلدة بكاملها، فليس بها كهرباء ولا مياه، ولا تصل إليها طرق السيارات، بعكس ما كانت عليه مدرستهم السابقة، المهيأة في مبنى نموذجي مصمم على احدث طراز، ومعدة بكامل مرافقها وصالاتها، وكل المتطلبات المساندة، ولموقعها ضمن مكونات مدينة الملك فيصل العسكرية الراقية، فلا توجد هنا أي مقارنة تذكر، فهذه المدرسة تفتقد لأبسط الامور، واقل الاساسيات المطلوبة كبيئة تربوية، وحتى في مقدمتها مقاعد الطلاب وطاولاتهم الدراسية، فلم تكن متوفرة حينها إلا في الصف السادس فقط، واما بقية الفصول فكان الطلاب يفترشون للجلوس الحنابل، وكانت عبارة عن بسط بدائية رقيقة، تمد مباشرة على الارضيات، ولكنها امور لم يفكر فيها، ولم يدخل في مقارنات، ولم يستشعر بشيء من ذلك داخل نفسه، وغطت على كل ذلك كما اسلفنا الراحة والسعادة التي يستحسها.

    ما اسرع ما تأقلم مع كل هذه الاوضاع، وتعايش معها بشكل كبير واحبها، لأنه وجد كثيرا من الايجابيات في الجانب الآخر،  فالحياة لا تخلو من الجوانب التعويضية، فقد كانت المدرسة تحظى بقيادة ناجحة، في مقدمتهم مدير المدرسة حينها الاستاذ حسن بن محمد الابياتي رحمه الله، قيادي ناجح حريص على ايصال المعلومة لكل الطلاب، ويمازج في اسلوبه بين الترغيب والترهيب، ويوجد مجموعة فاعلة من اعضاء هيئة التدريس، كأمثال معلم مادة الرياضيات، الاستاذ الفاضل صابر المصري، الذي حرص على ان يحفظ الطلاب جدول الضرب كاملا عن ظهر قلب، ويعاقب كل من يتلكأ أو يتأخر في القيام بذلك، ومع انهم في حينها كانوا لا يستسيغون منه ذلك، ويرونه امرا صعبا ومرهقا، ولكنهم عرفوا نتائجه فيما بعد، عندما  اصبح لهم معينا ومميزا في بقية مراحل الدراسة التالية.

  ان الحياة في طبيعتها متباينة ومختلفة، ولها انماطها من مكان إلى آخر، لا تسير على نمط واحد في كل وقت وفي كل مكان، ولا يسلب شيء إلا وله عوض يضاهيه أو يفضل عنه، ويكمن سر السعادة في التعايش مع الوضع الذي انت فيه، لقد وجد في انماط الحياة المختلفة في فيفاء، كثير من الايجابيات اضفت عليه السعادة والهناء، ومنها طبيعة البيئة الزراعية السائدة، والمناظر المحيطة والاجواء الماتعة، ثم وجود المدرسة في اطراف سوق النفيعة الاسبوعي، وما يضيفه إليهم من المتعة والتشويق، في كل يوم اثنين موعد السوق الاسبوعي، فالسوق يتحول في هذا اليوم إلى مهرجان مبهج سعيد، يتوافد إليه الناس من جميع نواحي فيفاء، ومن معظم القبائل المجاورة لها، حتى أن المدرسة تقلص على الطلاب الحصص في هذا اليوم، فلا تزيد فيه عن اربع حصص، يطلقونهم بعدها بكل شوق وبهجة إلى داخل السوق، في عالم جميل مختلف، فلا تسأل عن مدى السعادة والفرحة التي تغمرهم، وكذلك كانت من عوامل الفرحة التي لا ينساها في هذه المرحلة، عندما يحين موعد توزيع الوجبات الغذائية عليهم في كل صباح، وكانت وجبة غذائية متكاملة توفرها وزارة المعارف لكل الطلاب، ومن ما يفرحهم ايضا موعد صرف المكافآت الشهرية للطلاب، إن الحياة تشويق ومتع، وبقدر تفاعلك الوقتي معها ترتفع سعادتك، وتمضي الايام والشهور والاعوام، وينقضي العام الدراسي بكل احداثه ومتعه وسلبياته، والحصاد لكل مجتهد يجده لا شك امامه، فقد نجح في ذلك العام كعادته التي لم تتغير، وانتقل بعدها إلى الصف السادس، وكان صفا متميزا عن بقية الصفوف في المدرسة، أو هكذا يكون احساس الطلاب بهذا التميز، وقد يكون لذلك في حينها عدة عوامل، منها تفرد الفصل في اعلى ادوار المبنى، ولذلك مكانه مطل على اجمل منظر في فيفاء، حيث تشرف شبابيكه على غالب منطقة بقعة العذر، الجمال العذري والطبيعة التي لا تمل منها ولا تشبع فيها، ثم التميز بأن كل طالب منهم ظفر بمقعد وطاولة خاصة به، خلاف ما كانوا عليه في بقية الصفوف الدنيا، ثم الاحساس الداخلي بأنهم اصبحوا هم كبار الطلاب في المدرسة، وان الواحد منهم على وشك التخرج، وكل هذه مشاعر عظيمة يشعر بها الطالب وتسعده.

مضى العام الدراسي سريعا، وهو يواصل جده وتفوقه ونجاحه، ليتخرج مع نهاية العام 1398/1399هـ، من الصف السادس في المدرسة الابتدائية بفيفاء، لينتقل بعدها في سلاسة إلى المرحلة المتوسطة، ولم تكن عنهم ببعيدة، فهي في نفس الموقع، لا يفصل بينهما إلا السوق الصغير المساحة، فالمتوسطة تقع في الجهة المقابلة للمدرسة الابتدائية، وتشغل جزءا من مبنى المحكمة الشرعية، ولكنهم لم يستمروا فيها طويلا، حيث انتقلت المدرسة مع بداية الفصل الدراسي الثاني، واستقلت في مبنى آخر حديث، يقع في جهة نيد الدارة في اطراف بقعة العذر، ولا يبعد كثيرا عن هذا الموقع.

    كانت المرحلة المتوسطة تشكل بالنسبة له نقلة خاصة ومتميزة، والذي ميزها اختلاف البيئة واختلاف اهتمامات المدرسة، فكانت المدرسة بوجود ادارة تربوية محفزة، نقلة ايجابية وتنشيطية راقية، وكان اكبر الدور في ذلك عائد إلى القيادة فيها، فكان المحرك النشط  هو مديرها الاستاذ الشيخ حسن بن فرح الابياتي رحمه الله، فكان نقطة ايجابية مميزة للمدرسة وللمجتمع ككل، فبالإضافة إلى اهتمامه بالدراسة واهتمامه بتحصيل الطلاب العلمي، فلم يغفل ايضا من الاهتمام بجوانب الانشطة المتعددة، والتركيز على جوانب التوعية بكل اشكالها، وهي لا شك احدى وظائف المدرسة المهمة، فكانت المدرسة في تلك الفترة هي المحور الاهم، وتمثل شعلة وهاجة من النشاط والحيوية داخل وخارج اسوارها، وتستقطب بما تقدمه اهتمام كامل المجتمع من حولها، حيث شكلت فيهم حراكا ايجابيا فاعلا، وتفاعلا مع الحياة وبما تقدمه لكل الفئات المحيطة، فالمدرسة استقطبت الجميع، واعادة صياغة الافكار والتوجهات، بما تقدمه وتقوم به على مدار العام الدراسي، فلا تخلوا من العديد من الفعاليات والانشطة، تقدمها بكل كثافة على مسرحها وميادينها، ومن فوق منبرها، وفي احتفالاتها الدورية، من مسرحيات ومسابقات هادفة، ويشترك في تقديمها معظم الطلاب، وشارك هو اكثر من مرة وفي عدة فقرات، ولا ينسى مشاركته الاولى، وكانت في انشودة (حبيب قلبي امدركتل)، وهي من ضمن عشرات الاناشيد، والفقرات التمثيلية التفاعلية، التي يعد معظمها الاستاذ حسن بن فرح رحمه الله، يصوغها في رسائل وتنبيهات مغلفة، تعالج كثيرا من الامور والسلبيات، ويقدمها في قوالب متعددة مشوقة، يكون لها صدى وتجاوبا ايجابيا، وتزامنت في تلك الفترة مع بداية الطفرة في كامل المجتمع، وما احدثته من تغييرات كبيرة، وما صاحبها من تولد بعض الظواهر السلبية، وهكذا كانت أدوار المؤسسات التعلمية الايجابية، فحقل التعليم والتربية من اهم الادوار المؤثرة في المجتمعات، وتعتبر المدرسة منارة اشعاع وضياء وتوجيه، رحم الله ذلك الجيل، ورحم الله الاستاذ المربي الشيخ حسن بن فرح، وجزاه الله كل خير على ادواره ومواقفه، ومشاركاته الاصلاحية الكبيرة، وكتب الله له اجرها وثقل بها موازينه.

   مرت سنوات هذه المرحلة سريعة، وتخرج منها في عام 1402هـ، لينتقل مباشرة إلى المرحلة الثانوية، وكانتا مشتركتان في نفس المبنى، يشتركان في المبنى والادارة وفي اعضاء هيئة التدريس، وكانت هذه المرحلة الثانوية، هي الوحيدة في كامل القطاع الجبلي، ولذلك كان يأتي إليها كثير من الطلاب من كامل فيفاء وخارجها، وبالذات من جبال بني مالك المجاورة، ويذكر من زملائه في تلك المرحلة، كل من الدكتور يحيى بن ماطر المالكي، والدكتور حسين بن يحيى الشريفي، والمهندس احمد بن حسين جبران الفيفي، حيث قضى معهم في رحاب هذه المرحلة ثلاث سنوات، كانت حافلة وجادة وماتعة، ليتخرج منها في نهاية العام الدراسي 1404/1405هـ، حاملا شهادة الثانوية العامة بتفوق.

الدراسة الجامعية :

  كان لتواجد اخاه الأكبر، الاستاذ هادي بن علي رحمه الله في مدينة الرياض، وعمله في جامعة الملك سعود، الدور الاكبر في اختياره مواصلة الدراسة في هذه الجامعة، حيث توجه للرياض دون تردد، واتم التسجيل في نفس جامعة الملك سعود، وطلب التخصص في كلية الهندسة، قسم دراسة هندسة النفط، واختار التخصص الدقيق في هندسة الحفر، وهندسة مكامن النفط ونقله، وبدأت الدراسة على افضل وجه، ولم يواجه فيها أي معوقات تذكر، بل سار فيها بحمد الله سيرا حسنا، فقد احب التخصص واستوعب قواعده، وكانت الامور في الجامعة ميسرة، حيث يوفر للطلاب السكن المناسب، وتصرف له مكافأة شهرية، وما اسرع ما تأقلم مع غربته، والف البعد عن اهله، وفي الاعتماد على نفسه، وتأقلم مع طرق التدريس في الجامعة، التي تختلف كثيرا عما كان قد ألفه في التعليم العام، فالطالب في الجامعة يكون هو المسؤول الوحيد عن تحصيله العلمي، وفي ترتيب أوقاته العامة والخاصة، مستقل فيها بكل اموره وكل حياته، وعليه أن يتدبر جميع ما يلزمه، ومتابعة دراسته، وكان اكثر ما واجهه من الصعوبات في هذه المرحلة بعد بعده عن اهله لأول مرة، كون المقررات والمواد التخصصية باللغة الانجليزية، وكانت بضاعته فيها قليلة مزجاة، مما جعله يضاعف الجهد ليسد العجز، فكان يقضي كثيرا من وقته في عملية الترجمة اليدوية، وبالأخص في المصطلحات العلمية الكثيرة، وكان هذا التخصص دقيق ومهم ونادر، وقد تخرج منه في نهاية العام الجامعي 1412هـ.

    وبعد التخرج من الجامعة تم تعيينه في وزارة الدفاع، احدى خياراته التي توجه إليها، حيث تم قبوله ضابط مهندس في القوات الجوية الملكية السعودية، واصبح من منسوبي سرب صيانة الطائرات المقاتلة، ولم يلبث طويلا إلى أن تم ابتعاثه للدراسة التخصصية، في كلية كرانول، تابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية، بالمملكة المتحدة، وكانت هذه اول بعثة له، وأول مرة يسافر فيها إلى خارج المملكة، فكانت تجربه استثنائية له على كل المستويات، وقد قرر من البداية أن يصطحب معه اسرته، وكانت خيرة لم يندم عليها ابدا، حيث كان لوجود زوجته معه أثر ايجابي كبير عليه، مما خفف عنه كثيرا من احاسيس الغربة، ووقفت بجانبه وساندته، واضفت على قلبه الطمأنينة والراحة، وحفزته وشجعته مما انعكس على جودة تحصيله العلمي.

   كان التخصص في هندسة الطيران، وإن كان تخصصا جديدا عليه، ولكنه ما اسرع ما ارتاح له واحبه، ولذا تفاعل معه بكل إيجابية، وانغمس في دراسته بكل جدية، واكتسب كثيرا من المعلومات القيمة، التي اهلته للنجاح المطرد في كل مراحله، واعانه على القيام بمهامه وواجباته في عمله فيما بعد، فابدع في دراسة هذا المجال، واتقن دقائقه ونجح وتفوق فيه، إلى أن حصل في نهاية البعثة على الشهادة المعتمدة، المؤهلة في هندسة الطيران والصيانة، وقد التحق ايضا بعدد من الدورات التعريفية، التي شملت معظم منظومات الطائرات الحربية، ليعود بعدها مؤهلا للعمل، الذي مارسه بكل حرفية، ونمى قدراته فيه واكتسب العديد من الخبرات، حيث تنقل في اكثر من قاعدة داخل المملكة، في عمله الاساسي ضابط صيانة، وكان يلتحق على مدى هذه السنوات بعدد من الدورات المتقدمة، حيث التحق بدورة ضباط الاسراب، ودورة ضباط الإمدادات، في كلية (كرانول) السابقة في المملكة المتحدة، وبعد سنوات تم ابتعاثه مرة اخرى إلى المملكة المتحدة، وحصل على دورات متعددة للضباط المهندسين، ودورات فنية على منظومة طائرات (تايفون)، وبعد ذلك تم ابتعاثه إلى جمهورية بنقلادش، ليحصل منها على دورة القيادة والأركان، وعلى درجة الماجستير في العلوم العسكرية، فقد أهل علميا وفنيا لكل ما اوكل إليه من المهام، حتى وصل إلى درجة عالية من الحرفية والعلمية، ونجح فنيا وقياديا واداريا، واكتسب عديد من الخبرات الفنية والحرفية المتقدمة.

العمل الوظيفي:

  لما كان تخصصه الدراسي في الجامعة، هندسة الحفر، وهندسة مكامن النفط ونقله، وهذا لا شك مجالها المناسب في شركات النفط، مثل شركة ارامكو السعودية، التي تقدم بعد تخرجه للعمل فيها، وتم قبوله المبدئي في الحال، إلا أنه احجم عن المباشرة فيها، عندما وردته الموافقة على قبوله ضابطا مهندسا في وزارة الدفاع، التي كان قد تقدم للقبول فيها، لميوله لهذا الاتجاه منذ صغره المبكر، لأنه  كان يعايش الاجواء العسكرية المنضبطة، حيث كان والده واحد من منسوبي الجيش السعودي، ومما زاد تأجيج هذه الرغبة في نفسه حينها، عندما توافق تخرجه مع زخم عمليات عاصفة الصحراء، التي كانت قائمة في ذلك الوقت لتحرير دولة الكويت، مما جعله يغلّب هذا الاتجاه في النهاية، واستكمل بقية اجراءات القبول فيها، حتى صدر قرار تعيينه ضابطا مهندسا، في القوات الجوية الملكية السعودية، وباشر عمله فيها من تاريخ 1/12/1412هـ، على وظيفة ضابط صيانة في سرب صيانة الطائرات المقاتلة، واصبح احد منسوبي قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران، وكان اختيارا موفقا لم يندم عليه ابدا، حيث وجد الراحة المطلقة والعناية والتأهيل، والاحترام والتقدير في كل مراحل حياته العملية، وبقي يعمل في داخل هذه القاعدة  لما يقارب الثمان سنوات.

  وبعدها في عام 1420هـ، تم نقله للعمل في قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط، وكلف بالعمل فيها ضابط متخصص في الصيانة، واستمر فيها لما يقارب سبع سنوات، وزادت من خبراته وفي مهاراته ومواهبه، إلى أن الحق في تاريخ 15/6/1427هـ، للعمل في إدارة الصيانة والهندسة، في هيئة إمدادات وتموين القوات الجوية، داخل قيادة القوات الجوية في مدينة الرياض، ليشارك ضمن اللجان الفنية في مناقشات اعداد العقود، اثناء التفاوض لشراء طائرات من الجيل الرابع، نوع (تايفون)، والمشاركة في وضع الأسس الفنية والهندسية لسرب صيانة هذه الطائرات، وبعد اكتمال هذه المهمة ولما اثبته من جدارة، وما يمتلكه من خبرات عملية وفنية، اسند إليه في عام1430هـ، العمل في قاعدة الملك فهد الجوية بالطائف، وتكليفه بقيادة سرب صيانة طائرات (تايفون)، وحينها تم ابتعاثه للحصول على دورة القيادة والأركان ونيل درجة الماجستير في العلوم العسكرية، من جامعة بنقلادش، وبعد عودته منها تم تكليفه بقيادة جناح الامدادات في نفس القاعدة بالطائف، وواصل عطائه واجتهاده لما يقارب العشر سنوات، إلى أن تم تكليفه في عام1440هـ، ليعمل مساعدا لرئيس هيئة إمدادات وتموين القوات الجوية، في قيادة القوات الجوية بالرياض، وتكليفه معها عضوا تنفيذيا لتطوير هيئة امدادات وتموين القوات الجوية، للنموذج المستهدف لتنظيم القوات الجوية، ونال النجاح في اداء مهامه، وكان على درجة كبيرة من الرضى بما وصل إليه، وبما يبذله من جهود في هذه المجالات الحيوية، واستمر في جده واجتهاده وتألقه، إلى أن تمت احالته على التقاعد، من تاريخ 24/10/1442هـ، بعد خدمة يفخر بها، استمرت لما يقارب ثلاثين سنة، لم يدخر خلالها جهدا في سبيل اداء عمله، واجتهاده في اتقان المهام الموكلة إليه، وخرج منها وهو سعيد وراض بما قدم، وفخور بما حقق، وقد لقي كثيرا من التقدير بفضل الله، مما هو يستحقه وما هو جدير به، من ولاة الامر، ومن المسؤولين المباشرين عنه، حيث حصل على عدة شهادات تقديرية، واوسمة وانواط وميداليات فخرية، يعتز ويفتخر بها كثيرا، ومن اهمها ما يلي :

  المسمى الجهة المانحة
1.      وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الرابعة خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية
2.      وسام الملك فيصل من الدرجة الثالثة خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية
3.      نوط الاتقان وزير الدفاع
4.      نوط الإدارة العسكرية للمرة الثانية وزير الدفاع
5.      نوط الإدارة العسكرية وزير الدفاع
6.      نوط الامن وزير الدفاع
7.      نوط التمرين وزير الدفاع
8.      ميدالية درع الجنوب وزير الدفاع
9.      نوط الخدمة العسكرية لخمسة وعشرون عاما قائد القوات الجوية
10.      نوط الخدمة العسكرية لعشرون عاما قائد القوات الجوية
11.      نوط الخدمة العسكرية لخمسة عشر عاما قائد القوات الجوية
12.      نوط الخدمة العسكرية لعشر سنوات قائد القوات الجوية
13.      نوط الذكرى المئوية وزير الدفاع والطيران والمفتش العام

فوائد وخبرات:

يقول عن بعض تجاربه اثناء مسيرته، بحكم عمله العسكري، وكثرة تنقلاتها واسفاره داخل وخارج المملكة، واصطحابه لأسرته في كثير من هذه التنقلات، سواء في البعثات الدراسية الخارجية، أو في حضور الدورات المطولة داخل وخارج المملكة, لذلك فقد خرجوا من هذه التجارب بكثير من الفوائد، اولها واهمها ما كان يجده من الاستقرار النفسي، ثم لاحظ أن اسرته واولاده نالوا من ذلك كثيرا من الفوائد الجمة، حيث انهم قد الموا بالعديد من ثقافات الشعوب المتعددة، من خلال مشاهداتهم المباشرة والاحتكاك بالآخرين، حيث اكتسبوا كثيرا من المعلومات والخبرات، مما اضفى لهم مكاسب عقلية ونفسية وايمانية، مما ساعدهم على تعزيز شخصياتهم، وكوامن الايمان في قلوبهم، وابرز لديهم الحس الديني والوطني، والاعتزاز بما هم عليه من الدين والتقوى، والوطن الموحد القوي، وزيادة عند زيارة الدول الفقيرة المتأخرة، وما هي عليه معظم شعوبهم من العوز والضعف والحاجة، مما ادخلهم في مقارنات بين ما هم عليه وما نحن فيه بفضل الله ومنته، فتزيد لديهم الثقة المطلقة بالوطن، والتمسك الشديد بالعزة والثوابت، واما ما خرج به من خلال كثرة التنقلات في اكثر من منطقة، فوجد أنهم يتعرفون على كثير من العادات والتقاليد الاصيلة، ويتعرفون على العديد من انماط الحياة الاجتماعية المختلفة، ويبنون كثيرا من العلاقات والصداقات القوية، مما يبقى ولا يزول بل ويستمر طوال الحياة، فالحمد لله على توفيقه وامتنانه، وعلى ما نحن فيه من خير وفضل ووحدة ونعيم.

الحالة الاجتماعية:

  زوجته هي الفاضلة جميلة بنت عيسى آل معسف الابياتي، تزوجها قبل تخرجه من الجامعة بفترة قليلة، وكان لها الدور الكبير في تحقيق كثير من نجاحاته في مسيرته العلمية والعملية، لما يجده منها من الدعم والمساندة والتحفيز، سواء اثناء دراسته أو اثناء اداء عمله الوظيفي الشاق، وقد شاركته في كل مراحل وتفاصيل حياته كاملة، حتى انها كانت ترافقه اثناء سفرياته الطويلة في البعثات والدورات الدراسية خارج وداخل المملكة، تدعمه وتسهل اموره من معاناة الغربة ونصب الحياة، حتى أنها حصلت على لقب (الزوجة الصامدة) اثناء مرافقتها له في بعثة جمهورية بنقلادش، وكرمت بهذا اللقب من قبل زوجات السفير والملحقين الدبلوماسيين والعسكريين، لبقائها معه خلال فترة دورة القيادة والاركان، وكانت بحق الزوجة الصامدة، لما تعانيه من ارتباط زوجها بمهام عمله الكبيرة، مما يستدعيه احيانا للابتعاد عن عائلته لفترات طويلة، فكانت تتحمل خلالها كامل مسؤولية الابناء والبيت لوحدها.

    رزقا بخمسة من الاولاد، ابنين وثلاث بنات (هالة وبشاير وميمونة، وعلي وعلاء) هالة متزوجة ولها ثلاث بنات، والبقية يدرسون في المرحلة الجامعية، ما عدا الولد علاء فهو يدرس في المرحلة الابتدائية، حفظهم الله ووفقهم وبارك فيهم، وبارك فيها من اسرة مباركة طيبة مترابطة.

سيرة اللواء الركن :عبد الله بن علي حسن الابياتي الفيفي

  وفقه الله واسعده وبارك فيه، وفي جهده وحياته، واطال في عمره على التقوى، وزاده خيرا وفضلا وعلما، ونفع الله به، وكثر في مجتمعاتنا من امثاله .

                                               والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محبكم/ عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال

    الرياض في 1444/4/9هـ

سيرة اللواء الركن :عبد الله بن علي حسن الابياتي الفيفي

 

‫4 تعليقات

  1. شكر الله لكم يا اباجمال على جهودكم لتسليط الضوء والتعريف بشحصيات متميزة ومنها شخصية هذه الحلقة المهندس عبدالله بن علي الابياتي وفقه الله فقد اطلعتنا على جوانب مشرقة و سيرة جميلة مشرفة لشخصية مثالية مثابرة وهناك جوانب اخرى في سيرته لاتقل عنها اشراقا لم يذكرها تواضعا منه يعرفها من خالطه وعاشرة في الحياة اليومية وفي الدراسة فحفظ الله المهندس القدوة وشكر الله لكم شيخنا الفاضل

  2. ما شاء الله تبارك الله

    سيرة عطرة مليئة بالجد والمثابرة

    حفظ الله اللواء عبدالله بن علي

    وأمد الله بعمره على طاعته

    وتمنياتي له بمزيد من التقدم والرخاء .

  3. انعم واكرم بسعادة اللواء عبدالله علي جرب .. الأخ عبدالله مدرسة في التواضع والخلق الرفيع وفارس مثابر ترجل من مدرسة الجد والكفاح وآن له ان يترجل بعد أن ابلى بلاء حسن في مدرسة الحياة ..
    سيرة مشرفة عطرة نفخر بها ومسيرة مكلله بالنجاح والتوفيق في خدمة هذا الوطن الغالي ..

    كل الشكر لك أبا جمال .. على هذا التدوين والتوثيق لسيرة رجل يستحق أن تبقى سيرته نبراس يحتذى بها من قبل الجيل في مسيرة الحياة الناجحه

  4. الاخ الغالي أبي جمال ، لك كل التقدير والثناء على جهودك في كتابة هذه السير العطرة لأبناء فيفا الكرام ومنهم الحبيب والزميل عبدالله الذي تزاملنا في المرحلة الثانوية فكان نعم الاخ والمعين لنا في الفصل فرغم التنافس بيننا لكنه لم يحجب معلومة أو يبخل بعلم حيث كان متميزا في كل المواد وبدرجة كبيرة في مادة الرياضيات ولذا نرجع له في حل المسائل المعضلة في علم المثلثات وغيرها. حفظ الله الأخ عبدالله ووفقه لما يحب ويرضى.🌹🌹🌹🌹

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى