مقالات

مفهوم الأمن الفكري (6)

بقلم الاستاذ: عيسى بن سليمان الفيفي

مفهوم الأمن الفكري (6)

خطورة الفكر الضال المنحرف

إن تحقيق الأمن الفكري يعد حماية للثوابت، فهو ينبع من ارتباطه بدين الأمة المتمثّلة في سلامة العقيدة،

واستقامة السلوك، وإثبات الولاء والانتماء لها، حيث يؤدي بذلك إلى وحدة التلاحم والترابط في المجتمع.

وإن تعزيز الأمن الفكري يعمل على الوقاية من الجرائم فتنخفض معدلاتها، وبالتالي يقل الإنفاق المخصص

لمواجهة تِلك الجرائم، ومن ثم تسخير الميزانيات في إقامة المشاريع بما ينفع المجتمع اقتصادياً ومعيشياً بالتقدم والازدهار.

وإن اختلال الفكر وانحرافه يؤدي إلى اختلال الأمن بمختلف جوانبه، الذي يؤدي بدوره إلى السلوك المنحرف وشيوع الجريمة،

حيث أشارت دراسة حول موضوع دور الأمن الفكري في الوقاية من الإرهاب والتي أثبت فيها نتائجه؛

بأن هناك علاقة قوية واضحة بين الانحراف الفكري والإرهاب، فكلما زاد الانحراف بين أفراد المجتمع

زادت العمليات الإرهابية بحيث يصبح الفكر المنحرف هو البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب.

دور التربية والتعليم

وللحد من هذه المشكلة فإن الدور الأكبر هنا يقع على عاتق التربية والتعليم، فهي أحد الأسباب المهمة التي

تعزز الأمن الفكري في نفوس الناشئة للوقاية من هذا الانحراف والتطرف (1).

وإن دعاوى الإصلاح والجهاد، لا يمكن أن تبرر الإجرام والفساد ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا

نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ﴾  (2).

وقد روى الإمام مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ^ يقول: «من خلع يداً من طاعة،

لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ^ قال: «ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها،

ولا يتحاشى عن مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه»  (3).

إستحلال الدماء وترويع النفوس

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله  قال: «من حمل علينا السلاح، فليس منا».

إنَّ أولَئِكَ الشَّبابُ الذينَ خَرَجُوا عَلَى الأمَّةِ هُمْ ثَمَرَة مَدَارسَ فِكْريَّةٍ منحرفة، كانت حَصِيلَةَ شُبَهٍ وأوهَامٍ أكثَرُوا

مِنْ تَدَاولِهَا حَتَّى صَارَتْ بَينَهُمْ مِنَ المُسَلَّماتِ، فاسْتَحَلُّوا بِهَا الدِّمَاءَ وتَرْويعَ النُّفُوسِ وإزْهَاقَ الأرْوَاحِ.

ولو تأملت في سلوك بعض المنتسبين للفئة الضالة لوجدت عندهم العديد من الأخطاء المنهجية والانحرافات الفكرية..

تهورٌ شنيع، وعجلةٌ مقيتة، وغيرةٌ غير منضبطة، وجهلٌ بأحكام الشريعة، وتنزيلٌ لبعضها على غير موضعها، ودخولٌ في الإلزامات التي لا تنتهي، وخوضٌ في مسائل تشيب لها الرؤوس،

وقياسٌ للمسائل بالرأي، واتخاذٌ للهوى وما تميل له النفوس غرضا، ومجانبةٌ لآراء العلماء وأهل الخبرة،

واتهامٌ للمخالف بالمداهنة والانبطاح، وتسرعٌ في إطلاق الأحكام جزافاً دون نظر أو تحقيق.

والنتيجة: استباحةُ دم المسلم، ووصفُه بالطاغوتية، مع ممارسةِ أبشع صفات الانتقام، من حزِّ الرؤوس،

وتقطيع الأطراف، وتمزيق الأشلاء، وهدم المساكن.

ومن انحرافات هذه الفئة، الوقوع الشنيع في أعراض العلماء، والتحزب المقيت، والتعصب المذموم.

المصادر:

[1]) ـ دور التعليم في ترسيخ الأمن الفكري، بقلم: دلال بنت مرزوق العصيمي.

[2]) ـ سورة البقرة الآية 11.

[3]) ـ رواه مسلم.

مفهوم الأمن الفكري (6)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى