
مفهوم الأمن الفكري (8)
سياسة التعليم في المملكة وعلاقته بالأمن الفكري ([1])
يعد التعليم إحدى الوسائل المهمة التي يسعى إليها المجتمع لتحقيق الأمن الفكري، فلا يمكن لأي أمة أن تنهض فكريًا وحضاريًا مالم يكن لديها سياسة تعليمية واضحة مرنة مستمدة ومنسجمة مع ثقافة ومبادئ المجتمع قائمة على أسس علمية تكفل بناء شخصية الفرد وفق معتقدات وثقافة المجتمع.
ويعتمد التعليم في المملكة العربية السعودية على مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة التي تدعو لحفظ الإنسان في ضروراته الخمس؛ ما يعزز أمن الإنسان واستقرار البشرية.
حيث يتضح عمل التعليم في المملكة في تحقيق الأمن الفكري وتعزيزه من خلال الآتي:
أولاً: غرس العقيدة الصحيحة وفهمها فهمًا سليمًا متكاملاً، وذلك من خلال ارتكاز التعليم على أسس ومبادئ شرعية مستمدة من الكتاب والسنة، فهما المصدر للتشريع، ودستور للدولة، بحيث تولي المواد الدينية حيزًا كبيرًا من مناهجها، لجعل الدين واقعًا معاشًا باعتباره الدرع الحصين الواقي من كل انحراف.
ثانياً: تعد مناهج التعليم من أهم وسائل نشر الوعي الأمني لدى الطلاب وحمايتهم من الانحراف، حيث إن مواد التربية الإسلامية مواد أساسية وتدرس بشكل مكثف في جميع مراحل التعليم العام، ففي دراسة أجريت عام ٢٠١٤م([1]) حول التصور الاستراتيجي
لتعزيز الأمن الفكري من خلال مناهج التعليم الثانوي السعودي حيث اتخذ الباحث مقررات العلوم الشرعية أنموذجًا لهذه الدراسة، وأثبتت نتائجها بأن مقررات العلوم الشرعية في التربية والتعليم بنيت لتحصين المجتمع من الانحراف الفكري، وتعزيز الأمن الفكري، وترسيخ المنهج الإسلامي المبني على الاعتدال والوسطية والاستقامة، كما أوضحت الدراسة أن القيم الإسلامية يمكن أن تكون أداة بناء لا هدم إذا ما درست تدريساً مستقيماً.
وكذلك منهج التربية الوطنية الذي يمكن استغلاله في ترسيخ مبادئ المواطنة الصادقة والدفاع عنها من خلال تنمية الوعي الأمني لدى الطلاب، كما أن المناهج الأخرى أيضًا لا تخلو من مواضيع تنمي الوعي والأمن الفكري.
ثالثاً: يتم اختيار القائمين على التربية والتعليم من ذوي الكفاءة العلمية والتربوية، وخاصة المعلم الذي يلعب دورًا محورياً في العملية التعليمية، وذلك أنه أداة فاعلة في غرس المفاهيم والاتجاهات والقيم في نفوس الناشئة.
رابعاً: تفعيل دور المشرف الأخصائي النفسي لمساعدة النشء على تكوين شخصياتهم ومتابعة سلوكهم بالنصح والإرشاد، خاصة ما يتعلق بمشاكل الطلاب الفكرية والأمنية.
خامساً: دعم ثقافة لغة الحوار مع الناشئة، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم وأفكارهم واستغلاله في توعية الطلاب، ومعرفة توجهاتهم، وتزويد وإكساب الطلاب المعارف والمهارات الأخرى، وتنمية السلوكيات الإيجابية في نفوس الناشئة، وتهيئة الفرد لكي يصبح عضوًا نافعًا في بناء مجتمعه.
ولا شك في أن المؤسسة التعليمية بعناصرها المختلفة ودورها في تعزيز الأمن الفكري يكمل بعضها بعضًا، ولعل في مقدمة تلك العناصر وأهمها؛ الإدارة المدرسية الناجحة، المعلم المتميز، المرشد الفعّال، المشرف التربوي الخبير، القيادة الإدارية الحكيمة، المناهج المؤصلة والمتجددة، الأنشطة المدرسية الهادفة.
مفهوم الأمن الفكري (8)