الخاتمة الحسنة عزاء المحبين
الحمد لله المتفرد بالجمال والجلال والبقاء ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء ، وعلى آله وأصحابه الأتقياء.. أما بعد :
فسبحان من جعل الآجال محدودة ، و الأنفاس معدودة .. فمهما بلغ الإنسان في هذه الحياة من المكانة والجاه ، ومهما عُرف عنه من المحاسن والمناقب ، ومهما كان له من الأحباب والأنصار والأعوان إلا أن ذلك لا يردُّ قدراً ، ولا يؤخر أجلاً .. ولا يجعل المحبَّ قادر على أن يفتدي من يحبّه..
هو الموت لا منجى منه ولا مهربُ
متى حطَّ ذا عن نعشه ذاك يركبُ
نؤمل آملاً ونرجو نتاجها
وعلَّ الردى مما نرجيه أقربُ
ونبني القصور المشمخرات في الهوى
وفي علمنا أنا نموت وتخربُ
والمصيبة الكبرى أن الإنسان إذا مات فَقَدَ كل شيء ، ويُسأل عن كل شيء..
ولو أنا إذا متنا تركنا
لكان الموت راحة كل حيٍّ
ولكنا إذا متنا بعثنا
ونسأل بعده عن كل شيٍّ
هذه خلاصة الحياة ، أمد محدود ، وأجل عند الله معلوم ، ثم موت وبعده سؤال وجواب ، ثم نعيم أو عذاب.. نسأل الله جلَّ في علاه لطفه ورحمته..
ومع إيماننا بهذه الحقيقة الإيمانية المعلومة يقيناً عند كل مسلم ، ومع التسليم لله بالرضا بقضائه وقدره ، والإيمان بلطفه ورحمته بعباده.. إلا أن المسلم يحزن لفقد أحبته ، ويتألم أكثر إذا كان الفقيد ممن عُرف بطيب النفس ، ودماثة الخلق ، وحسن التعامل مع كل من حوله!.
لقد فقدنا بالأمس رجلاً شهماً كريماً ، خلوقاً حبيباً لكل من عرفه .. إنه الأخ الحبيب ، والصديق العزيز:
يحيى بن حسن سالم الحكمي الفيفي رحمه الله تعالى رحمة الأبرار ، ورفع درجته في عليين.
إن أبا حسن هو حبيب الجميع ، يحبه كل من عرفه .. ولقد كانت وفاته فاجعة كبيرة ، ومصاباً جللاً ، لقد صُدمنا بنبأ وفاته المفاجئ ، وأصابنا الألم الشديد ، والحزن العميق.. ولكنها الأقدار التي تجري لحكمة يقدرها الله عز وجل ، فالمؤمن ليس له إلا أن يحمد الله عز وجل ويؤمن بقدره ، ويرضى بقضائه ، فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل الدنيا دار اختبار وابتلاء ، والآخرة دار قرار وجزاء ، وقد وعد الصابرين على البلاء أن يوفيهم أجورهم بغير حساب! ، وأن يعطيهم عطاءً كريماً ينسيهم كل بلاء أو كدر أو ألم مرَّ بهم في هذه الحياة الفانية.
قال تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ، وقال تعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) .
وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه صلى الله عليه وسلم قال : « يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء ، إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه ، إلا الجنة » . والصفي هو الوالد والولد والأخ ، والزوج ، وكل من يحبّه الإنسان ويتعلق به ، ويتألم لفقده!.
إن فقد الأحبة الطيِّبين مؤلم جداً .. ولكننا نحتسبه عند الله عز وجل ، ونسأل الله أن يبدله أهلاً خيراً من أهله! ، وداراً خيراً من داره! ، كما نسأل الله جلت قدرته أن يغفر ذنبه ، ويرفع قدره ، ويعلي منزلته في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً..
وإن مما نتعزى به في هذه المصيبة الكبيرة هو : حسن خاتمته التي ختم الله عز وجل له بها ، فقد شدَّ رحاله إلى بيت الله الحرام في إجازة الأسبوع الماضي مع أسرته لأداء العمرة! ، وبعد الانتهاء من العمرة مباشرة أصابته الحُمَّى وارتفعت درجة حرارته ، فنُقل إلى المستشفى ، وتضاعفت حالته! ، وحصل عنده نقص في الأكسجين ، ثم وافاه الأجل المحتوم! .. فالحمد لله على قضائه وقدره.
لقد خرج من بيته قاصداً بيت الله الحرام ، ثم بعد أن أدى العمرة تقرباً لله تعالى ، لم يعد بعد ذلك إلى أيّ أمر من أمور الدنيا الفانية ، ولم يتعامل مع أحد من الناس في أي أمر من أمور هذه الدنيا الحقيرة .. فهو ضيف الله تعالى ، الذي أتى به على قدر قدَّره الله جلَّ في علاه! ؛ ليصطفيه ويجتبيه ، ويختاره للقائه في حرمه الشريف ، فيموت تقياًّ نقياًّ ، ويصلى عليه في بيت الله الحرام! ، ويُدفن في ثرى مكة المكرمة ، ويلقى الله عز وجل على عبادة جليلة ، وطاعة عظيمة ، وخروج من بيته لله وحده جلَّ جلاله وتقدست أسماؤه!.. فاللهم لك الحمد والفضل والمنُّ على كل ذلك.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أقدم صادق التعازي والمواساة بأحر العبارات ، وأعمق المشاعر لأبنائه وإخوانه ، وكافة أفراد الأسرة الكريمة في هذا المصاب الجلل.. وأقول لأهله وذويه ، وكل محبيه: أحسن الله عزاءنا وعزاءكم ، وعظَّم أجرنا وإياكم ، وجبر مصاب الجميع ، وعوضهم خيراً .. وغفر الله له ورحمه ، ورفع درجته في عليين ، وتقبله في الصالحين.
كما أسأل الله جلت عظمته أن يملأ قلوب أسرته كافة ونفوسهم إيماناً ويقيناً ، و صبراً واحتساباً ، ورضىً بقضاء الله وقدره (( فإن لله ما أعطى ، وله ما أخذ ، وكل شيء عنده بأجل مسمَّى ، فليصبروا وليحتسبوا )) فإن الأولى والآخرة لله ، له الحكم وإليه ترجعون.. وإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم آجرنا وآجرهم في مصيبتنا واخلفنا خيراً إنك أنت أرحم الراحمين ، وأكرم الأكرمين.. ولا نقول إلا كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم : «إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا.. » وإنا بفراق أبي حسن لمحزونون ، ولكن نحتسبه عند الله عز وجل ، ونسأله جلَّتْ قدرته وتقدست أسماؤه أن يجمعنا به في جنّات ونهر ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) اللهم آمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الثلاثاء الموافق 17 جمادى الأولى 1446ه
اسال الله له الرحمه والمغفره ويعظم اجر اهله وذويه…
نسأل الله العلي القدير بمنه وفضله وكرمه أن يرحمه رحمة واسعة وأن يغفر له وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه وقرابته وجميع محبيه الصبر والسلوان
إنا لله وإنا إليه راجعون
أحسن الله عزاء الجميع وعزاء أهله وذويه وقرابته وجميع محبيه
نسأل الله العلي القدير بمنه وفضله وكرمه أن يرحمه رحمة واسعة وأن يغفر له وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه وقرابته وجميع محبيه الصبر والسلوان
إنا لله وإنا إليه راجعون
أحسن الله عزاء الجميع وعزاء أهله وذويه وقرابته وجميع محبيه
ماشاء الله تبارك الله
الكل يشهد له بالذكر الطيب والاخلاق العاليه والتعامل الحسن نسأل الله ان يجعلها رفعة له بالدرجات ونور في قبره
رحمه الله وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة واحسن الله عزاء اهله وذويه وجميع محبيه وعصمهم بالصبر والسلوان
انا لله وإنا إليه راجعون