أخبارنامقالات

الشيخ سليمان بن حسن يحيى الخسافي الفيفي

بقلم :الشيخ عبد الله بن علي بن قاسم آل طارش الخسافي الفيفي/ أبو جمال

الشيخ سليمان بن حسن يحيى الخسافي الفيفي

انسان هادئ الطبع، لا يكاد يفصح عن مضمون جوهره الثمين، إلا اذا ما اقتربت منه اكثر، وتعرفت عليه عن قرب، فتكتشف انسانا مختلفا عن ما تتوقعه في انطباعك الأولي عنه، حيث تجد رجلا نبيلا فاضلا،  زاخرا بكل جميل، محشو ادبا وعلما وخلقا وفضلا ودينا، جميل المعشر، وجميل الطبع، لا تمل مجالسته ولا الحديث معه، انسان عميق متنور، يتحفك بواسع ثقافته، وعلو كعبة، ومعرفته للرجال والآداب والمعارف.

  يتمتع بالنشاط والإصرار، وقوة العزيمة، ويسعى لتحقيق اهدافه وغاياته، ويمارس هواياته ومراميه الايجابية النافعة، له جهود ملموسة في الاعمال التطوعية، وفي اكثر مجالات الحياة الخدمية، انسان خدوم رحيم كريم، احب الزراعة من صغره عندما تربى بين احضان مزرعة ابيه، وسعى إلى اشباع هوايته ورغباته المتجذرة فيها، فاستصلح شيئا من مدرجاته الزراعية، وشتل فيها كثيرا من الاشجار المثمرة المناسبة، وله ادواره ومشاركاته الاجتماعية النافعة، تجده مبادرا في معظم المجالات الخدمية،

له عضويات متعددة، وله ادوار مؤثرة في تأسيس الكثير منها، فتجده في المكتب التعاوني، وفي لجنة التنمية الاجتماعية،

وفي جمعية البر الخيرية، وفي الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن، وفي فرع الهيئة العالمية للقرآن الكريم (كان مقرها أبو عريش)، وفي جمعية مسكن للإسكان التنموي، وله مشاركات متعدد في كثير من المناشط، من مثل المراكز الصيفية،

واللقاءات التربوية (في فيفاء وبني مالك)، انسان فاعل ايجابي، يطور قدراته، ويخدم مجتمعه، مبادر لكل ما فيه نفع للآخرين،

وما فيه رفع من سمعة ومكانة بلده الخاص والعام، وفقه الله واسعده، ورفع من قدره ومكانته، وكثر فينا من امثاله، وزاده علما وفضلا وتوفيقا وسدادا. انه الشيخ الفاضل

سليمان بن حسن بن يحيى بن احمد بن سالم آل هذل الخسافي الفيفي حفظه الله.

والده الفاضل حسن بن يحيى احمد الخسافي رحمه الله، انسان متعلم لا باس به، يتقن القراءة وقراءة القران الكريم، وكان حريص عل العمل والتعلم في نفس الوقت، وتعلم منه ابنائه حب العمل وممارسته واتقانه، وقد عرفته شخصيا بما كان ماهر فيه من البناء القديم بالحجارة، وكان البنّاء الاساسي لبيت والدي (الطائف) في النفيعة، قبل ستين عاما، وكان يعمل في مزرعته، ويصحب معه ابنائه منذ صغرهم، ونشأهم على حب العمل، وكان يكلفهم ببعض المهام خارج البيت، ومنها جلب البضائع من الاسواق المجاورة، وفي توفير متطلبات دكانه الصغير بجوار منزله الوادي، ويمارسون معه في هذا الدكان البيع والشراء، دون أن يؤثر ذلك على دراستهم وعلى تحصيلهم العلمي، فكان شديد الحرص على أن لا يصرفهم شيء عن التعليم، وكان يهيئهم للدراسة قبل أن يلتحقوا بالمدارس، فيعلمهم تهجي الحروف واتقان الكتابة، ومسك القلم بصورة صحيحة، ويشجعهم على تعلم السور الصغيرة من القرآن، بل كانت من عادته التي استمر عليها الى أن تخرجوا من الجامعات، في أنه يشجعهم على البقاء معه في المسجد بجوار البيت، من بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، يتدارسون خلالها القرآن الكريم، ولا ينصرفون إلى البيت إلا من بعد صلاة العشاء للتناول العشاء، فتعلموا منه (رحمه الله) ومن هذه الجلسات أمور كثيرة، كان في مقدمتها الحرص على اداء الصلاة جماعة، واستشعار اهميتها والمحافظة عليها، ثم الاهتمام بقراءة القرآن الكريم والإكثار منه، مما كان سبب مؤثر في سهولة قراءة القرآن، قراءة صحيحة متقنة وعدم اللحن فيه، فكان (رحمه الله) يسمع منهم أحيانا بعض الأخطاء، فيرد عليهم في الحال في هذه الجلسات، وكانت بفضل الله عونا ومساعدا لهم على تصحيح التلاوة، بل من صغرهم كان يكلفهم بالتناوب على الامامة بهم في هذا المسجد، وكلف سليمان بها وهو في المرحلة الثانوية، بعد أن سافر اخوانه الكبار لمواصلة دراستهم في الجامعة، فكان يصلي بهم كل الصلوات الراتبة، واستمر على هذا الوضع إلى أن تخرج من الجامعة، وكان يحرص على أن يكون ابنائه دوما تحت ناظريه، فلا يسمح لهم بالابتعاد كثيرا عن المنزل، باستثناء فترة ما بين العصر والمغرب، يسمح لهم فيها بممارسة بعض الالعاب مع اقرانهم، بشرط أن لا يتعدى احدهم منطقة العدوين، وأن يصلي المغرب معه في مسجده، وكل ذلك انما كان حرصا منه عليهم، وحسن رعايتهم وحفاظا على دينهم واخلاقهم، رحمه الله وغفر له.

 واما امه فهي الفاضلة خيرة بنت علي سلمان السلماني حفظها الله، من اهل بير، نشأت في بيت صلاح وتقى، واولت ابنائها كل عناية وحسن تربية، وكانت عونا لوالدهم في متابعة امورهم، وزرع الاخلاق والايمان والادب في انفسهم، حفظها الله واطال عمرها على ما يحبه ويرضاه.

ولد لهذين الفاضلين في بيتهما الوادي، في شهر الحجة من عام1395هـ، والمسجل في بطاقته 1/7/1394هـ، بين أخوته البالغ عددهم عشرة، خمسة ابناء وخمس بنات، وعاشوا في جو اسري جميل، تسوده الالفة والمحبة، في حياة متوسطة مستورة، لا ينقصها إلا القليل من الكماليات، على حسب موجودات تلك الفترة واوضاعها السائدة.

تعليمه:

    التحق بمدرسة العدوين الابتدائية في بداية العام الدراسي 1401هـ، وكانوا حينها في بيتهم (البقعة)، الذي انتقلوا إليه لقربه من المدرسة، وهو في الاصل بيتهم الاساسي، وكان لا يبعد عن المدرسة إلا بما لا يتجاوز مائة متر، ولكن الاسرة بعد سنوات عادت إلى السكن في بيتهم (الوادي)، لظروف اهتمام الوالد بمزرعته فيها، وقد كان سليمان حينها يدرس في الصف الخامس الابتدائي، ولذلك فقد عان قليلا من صعوبة هذا البعد، الذي استمر معه إلى أن تخرج من المرحلة المتوسطة، ومع كل ذلك ومن قبل ومن بعد، ورغم مشقة المشي بعد الانتقال إلى هذا البيت البعيد، إلا أنه انسجم مع هذه المدرسة، وتفاعل بكل ايجابية مع زملائه ومعلميه، يترقى في فصولها بكل نجاح وتفوق عاما بعد عام، وكان مدير المدرسة أول ما التحق بها، هو الاستاذ عبدالله بن حسن المثيبي حفظه الله، وبعد سنتين عاد إلى ادارتها مديرها الاساسي، الاستاذ حسين بن جابر الخسافي رحمه الله، وكان بالمدرسة نخبة مميزة من المعلمين، يذكر منهم ممن لا زال يعتز بحفظ اسماهم الى اليوم،

الاستاذ الفاضل ديب، فلسطيني الجنسية، وهو معلم متميز ومتقن لعمله، ومخلص متفان، ثم الاستاذ حسن بن حسين الخسافي حفظه الله، مبدع في اساليبه المبتكرة في التربية، حتى أنه كان يعاقب الطالب المستحق ولكن على شكل مداعبة لا ينسى اثرها، وفقه الله وأسعده، ثم معلم مادة الرياضيات في الصف الخامس، سوداني الجنسية جزاه الله خيرا،

ابتكر لهم طريقة جميلة في حفظ جدول الضرب، تتلخص في أن كل من يكتب جدول الضرب في ورقة خارجية، ويكمله وهم في الحصة الأخيرة، فله حق الانصراف مباشرة من المدرسة، حتى قبل نهاية هذه الحصة المقررة، فادخل الطلاب في منافسة لنوال هذه الجائزة، التي جعلتهم يتقنون هذا الجدول بسرعة، وكانت سنوات هذه المرحلة جميلة وممتعة، في كثير من زواياها وتفاصيلها، التي ان نسي معظمها ولكنه ما زال يجد لها لذة في داخله، وواصل تعلمه وترقيه في فصولها، إلى أن تخرج من الصف السادس الابتدائي منها، مع نهاية العام الدراسي 1407هـ.

  ولم يغادر هذه المدرسة لوجود المرحلة المتوسطة مشتركة معها في نفس المبنى، فواصل فيها دراسة المرحلة المتوسطة، وكان احد طلابها مع بداية العام الدراسي 1408هـ، وبالطبع مدير هاتين المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، هو الفاضل الاستاذ حسين بن جابر الخسافي رحمه الله، وكان من أبرز المعلمين في هذه المرحلة وهم كثر، ولكن في مقدمتهم الأستاذ عدنان، سوري الجنسية، كان معلم مادة اللغة العربية، متميز ومبدع في تدريسه واسلوبه، وفي ايصال المعلومات وتنمية المهارات، ومما يذكره عن بعض هذه الاساليب، أنه كان في حصة مادة التعبير، يأمر طلابه بأن يحمل كل منهم كرسيه ودفتره، ويخرج بهم إلى خارج المدرسة، في مكان مطل على احد المناظر الجميلة من الجبل، ويطلب من كل واحد منهم أن يكتب ويعبر عما يراه أمام ناظريه، ومع تكرار هذه المواقف، وتفاعلهم مع هذا التشجيع والتحفيز، تنامى في نفوسهم تذوق الجمال، وحسن التعبير عن الواقع، ومزجه بالخيال وانطباعات النفس، مما اعانهم في النهاية على اتقان جمال الكتابة،

وحسن اختيار العبارات، وكان دافع قوي لإتقان مادة التعبير، وجمال السبك وحسن التعبير، وفقه الله وأسعده في الدارين، ومن أبرز المعلمين ايضا، الأستاذ أحمد بن عبد الله العمري حفظه الله، المعلم في مادة الحديث، كان مبدع متميز في مادته وحسن تقديمها، متفانيا في شرحه وايصال معلوماته، يمازج بين الشدة والتسامح ولا يخلط بينهما، مرح في مداعباته الراقية المؤدبة،

وفقه الله وأسعده في الدارين، ولا ينسى معلم مادة الفنية، الأستاذ شريف المصري الجنسية، الذي حبب لطلابه هذه المادة، وجعلها حصة جاذبة ومشوقة ومفيدة، تعلموا منه كثيرا من الأعمال اليدوية، والمشغولات الفنية والحرفية، فجزاه الله كل خير،

ويشيد بالمرشد الطلابي الاستاذ أحمد بن سليمان المثيبي حفظه الله، حيث اقتبس منه الطلاب المفيد والجديد، واستفادوا من توجيهاته، ومن الحلول المجدية النافعة التي يطرحها، فيما يطرأ للطالب من المشاكل الدراسية، ومن الصعوبات التعليمية،

وكذلك لا زال يذكر ما قام به معلم اللغة الانجليزية، الذي حرص على ان يشارك طلابه في الحفل الختامي للأنشطة بشيء متميز، حيث جعلهم يحفظون احد الاناشيد الموجودة في المقرر، ودربهم على اتقان انشادها، فكانت مفاجأة جميلة في هذا الحفل، نالت أعجاب الحضور واشادتهم، وهو ما زال يحفظ هذه الانشودة إلى اليوم.

   كانت هذه المرحلة، وهذه المدرسة، متميزة في كل شيء، وبالطبع كان في قمة منظومتها، القائد البارع الأستاذ حسين بن جابر الخسافي رحمه الله، مدير المدرسة، الحريص كل الحرص على تميز طلابه في كل المجالات، وكان لكل واحد من المعلمين دوره وتأثيره، حيث تلقى من كل هولاء الكوكبة، الكثير من الفوائد والدروس، وواصل نجاحاته وتقدمه في فصولها عاما بعد عام، إلى أن تخرج من الكفاءة المتوسطة في نهاية العام الدراسي ١٤١١هـ.

  لم تكن قد افتتحت حينها المرحلة الثانوية في العدوين، وكانت رغبته واتجاهه في أن يواصل دراسته الثانوية في المعهد العلمي، ذلك الصرح الشامخ الذي طالما حلم بأن يكون احد طلابه، وزاده الشوق والتشوق لذلك، ما كان يسمعه وما يراه من اشقائه الكبار الذين سبقوه في الدراسة فيه، وتوافقت رغبته مع رغبة والده رحمه الله، ولهذا توافرت كل الشروط، وتهيأت جميع الاسباب لهذا التوجه، زيادة على أن وسيلة النقل الطلابي إلى المعهد متوفرة، بخلاف عدم انتظامها في الثانوية العامة في نيد الدارة في تلك الفترة، وبالفعل تم قبوله بسهولة في المرحلة الثانوية بالمعهد العلمي، ووجد في المعهد كل ما يتمناه واكثر، حيث وجد فيه كثير من الفوائد الجمة، والعلم الغزير والمتعة، وانغمس في ممارسة كثير من الانشطة التي لم يسبق له أن مارسها من قبل في المرحلتين السابقتين، ومن ضمنها الالقاء امام الطلاب في الطابور الصباحي، وبالذات عندما بلغ الصف الثالث الثانوي، ورغم تردده في البداية كثيرا، إلا أنه تشجع عندما وجد التشجيع والتحفيز، فتقدم في البدايات على استحياء وخجل، ولكنه تجاوز ذلك مع التكرار والتعود، ومع كثرة الاصرار على الممارسة، إلى أن تميز ونجح وابدع، وكان مردود ذلك عليه لا شك كبيرا، وجده في دراسته فيما بعد، ثم في جميع مراحل حياته الاحقه، حيث اكسبته الثقة المطلقة في نفسه، وتعلم منها الجراءة في الوقوف والحديث امام الاخرين.

   لقد وجد في المعهد العلمي نخبة متميزة من المعلمين، كانوا في قمة التميز والأخلاق، وإن كان غالبهم كذلك، ولكنه يخص منهم بالذكر، الأستاذ الشيخ يحيى بن محمد آل مشكاع الداثري رحمه الله، معلم مادة القرآن الكريم، ثم الأستاذ يحيى بن سالم المخشمي حفظه الله معلم مادة البلاغة، والأستاذ أحمد بن محمد الداثري حفظه الله، معلم مادة التاريخ، فكان هولاء في تعاملهم كما عرفهم قمة في الأخلاق والرقي، والقرب المحبب من الطلاب، مع انه لا يوجد قصور في بقية المشايخ، ولا ينسى الشيخ عبد الله بن حسن العمري حفظه الله، الذي كان وكيل المعهد آنذاك، و(مدير المعهد فيما بعد) وكانت من صفاته التي لا تفارقه، ابتسامته وبشاشة وجهه، وحسن تعامله، ورقي اخلاقه، وجمال تعامله.

  تدرج بين فصول المعهد ينجح بتفوق عاما بعد عام، وما اسرع ما مضت السنين، وتصرمت الاعوام، فاذا به في الصف الثالث الثانوي، الذي كانوا في نهاية عامه الدراسي، يقدمون الاختبارات امام لجنة خاصة، وترفع الاجابات إلى اللجنة العامة للتصحيح في الجامعة بالرياض، وكان الكل متشوقا لمعرفة هذه النتائج بسرعة، ولما كانت في العادة تعلن أسماء المتخرجين عن طريق الجرائد اليومية، وتنشر فيها قبل أن تصل إلى المعاهد في المناطق، فكان من كثرة تشوقه لمعرفة النتيجة، يذهب في كل يوم من بعد توقع إعلانها، إلى محطة البترول الواقعة في الجوة، التي كانت تصل إليها الصحف يوميا، فكان لا يصل الموزع إلا وهو قبله هناك، فيبادر إلى تفتيش كل الجرائد، ويبحث في طياتها عن أسماء الناجحين، ومضت على ذلك ثلاثة ايام، وفي اليوم الرابع وجد طلبته، ووجد اسمه ضمن الناجحين، فلا تسأل عن مدى فرحته وسعادته الغامرة، وحمد الله كثيرا والدنيا لا تكاد تسعه من السعادة، ومن نشوة النجاح، واحساس كبيرة يجتاحه لا يستطيع استيعابه، فما بالك بالتعبير عنها، نجح من المعهد العلمي بفيفاء في نهاية العام الدراسي 1414هـ، وبتقدير جيد جدا.

الدراسة الجامعية:

  ما إن استلم شهادته من المعهد العلمي، إلا وهو مستعد للمغادرة لاستكمال دراسته الجامعية، يحدوه الشوق والآمال إلى هذه الغاية، للتسجيل مقتديا بإخوانه الكبار، الذين سبقوه وتخرجوا من الجامعة، وبالتحديد من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض، فكانت بوصلته من البداية لا تتجه إلا على هذا الاتجاه، حتى كان يظن بيقن أنه لا يوجد جامعة غير هذه الجامعة، فكان سفره للرياض مباشرة لهذه الغاية وهذا الهدف، وتميل نفسه إلى التخصص في الجوانب الشرعية، وقدم اوراقه ورغبته الوحيدة إلى كلية اصول الدين، متخصصا في قسم القرآن الكريم وعلومه، وطابت نفسه كثيرا بتحقق رغبته  بالقبول في هذا التخصص، وانتظم مع بداية العام الجامعي الجديد في هذه الجامعة، التي عاش فيها اجمل  مراحل حياته الدراسية، مع شعوره المتزايد بالسعادة والرضى، وكان شعورا غامرا لا يوصف، ففي هذه المرحلة المهمة من حياته، بعيدا عن اهله لأول مرة، معتمدا في كل اموره على نفسه، وشعور جديد من الاستقلالية المطلقة، والاحساس بأنه يخوض تجربة فريدة لأول مرة في حياته، يمارس فيها اتخاذ كل قراراته معتمدا عليها، سواء في التفكير والتخطيط والتنفيذ، وفي معالجة شؤونه وحل مشاكله، وفي تدبير اموره وتسيير حياته، واصبح هو المسؤول الوحيد عن كل هذه الامور، وتلك لا شك احدى مكاسب الغربة وانعكاساتها الايجابية، إذا كان التأسيس سليما من محضنه الأول، فالإنسان في الغربة البعيد عن اهله مضطرا لتدبر جميع اموره، وعليه التصرف فيما يواجه من اشكالات لوحده، والبت فيما يعن له من امور دون تردد بذاته، ومع الايام وكثرة الممارسات يكسب الثقة، ويتعرف على قدراته، وعلى ميزات شخصيته، ويكتشف سلامة فكره واتجاهاته الحقيقية، فان نجح سعد بفكره وحسن تصرفه وتدبير شأنه، ووثق بسداد رأيه وصواب اختياراته، وكل يوم تزداد لديه المعارف والخبرات، وترتفع المعنويات والثقة بالنفس، ويكتمل النضج والعقل والثبات، فيتعرف على جوانب جديدة من شخصيته، مما قد كان غافلا عنه من قبل، حيث لم يأتي ما ينبهه عليها، فتعلم الكثير في فترة وجيزة، بما كان يتلقاه في الجامعة، أو بما كان يمارسه ويطبقه، فتعلم في قاعات الدرس، من المحاضرات العلمية، ومن خلال اختلاطه بزملاء من كل مناطق المملكة، ثم في داخل سكن الجامعة المتميز، المخصص فيه لكل طالب غرفة مستقلة، فيها سريره ومكتبته ودولابه، وداخلها دورة مياه خاصة بها، مع ما يخدم السكن من المطعم الكبير الشامل، الذي يقدم جميع الوجبات اليومية بأسعار رمزية، وقد تعرف في هذا السكن على مجموعة كبيرة من ابناء فيفاء، ممن سبقوا أو لحقوا به فيما بعد، يدرسون في اكثر من كلية، وفي تخصصات ومستويات متعددة، وكل هذه كانت مصادر تعلم وتجارب ومعارف، مع ما تعلمه من ممارساته اليومية، ومن ذهابه وايابه، وفي قضاء حوائجه، ومتابعة احتياجاته، وكانت تجمع بين الطلاب في السكن وخارجه، كثيرا من فرص التلاقي والاجتماعات، وينظمون لهم بعض الرحلات والطلعات، وقد سار الطلاب من ابناء فيفاء على قاعدة جميلة، حيث يختارون واحدا من بينهم ليكون شيخا لهم،

يكون هو القائد والمنظم في جميع انشطتهم، من الطلعات والمباريات والدوريات الرياضية، ويسعي جاهدا إلى تلمس كل محتاج بينهم، ويحثهم في الوقوف بجانبه ومساعدته بقدر استطاعتهم، وكذلك ينظم لهم كثيرا من الأمور الاجتماعية الرائعة، التي تسهل عليهم حياتهم، وتشعرهم بالأخوة فيما بينهم، والأمان والطمأنينة.

   انسجم مع جميع حالاته، وتقدم في دراسته واحواله، وطور قدراته واموره، على الشكل النافع والمفيد، وكان في اوقات فراغه يقوم مع بعض زملائه، في حضور بعض حلقات مشايخ العلم القائمة، حيث يتابعون كثيرا من الدروس العلمية، وخاصة مجالس الشيخ عبدالله الجبرين رحمه الله، ويذكر انهم في شهر رمضان والدراسة حينها قائمة فيه، انهم يجتمعون مجموعة من الطلاب بعد صلاة المغرب، وبعد تناول طعام العشاء في مطعم السكن، ويتوجهون في سيارة احدهم إلى جامع الملك خالد بأم الحمام، ليصلوا التراويح فيه مع الشيخ عادل الكلباني وفقه الله.

  لا شك أن هذه المرحلة (كما يقول) كانت من أجمل مراحل حياته الدراسية، وبالفعل فهي المرحلة الحقيقية لبلورة الشخصية، من خلال هذه الممارسات والتجارب، اضافة إلى اسلوب التعليم في الكلية، المختلف كثيرا عن كل ما سبقه، سواء في طريقة تحصيل العلوم، والتوسع في المعارف والاطلاع، ومن خلال المناقشات والبحوث والمحاضرات، وما اسرع ما ينسجم الانسان ويتغلب على كل البدايات، ثم يتعود على الاساليب الجديدة ويحبها، وقد مضى به الوقت يترقى في دراسته،

ويتنقل في مستوياتها وموادها، فصلا بعد فصل وعاما بعد آخر، ولم يشعر إلا وقد مضت به السنين سريعة متعاقبة، وكأنها حلم جميل ممتع، انقضت سنواتها الأربع بأسرع مما يتوقع، إلى أن تخرج من كلية اصول الدين جامعة الامام، قسم القرآن الكريم وعلومه، وهو يحمل شهادة البكالوريوس منها في تاريخ ١9/٢/١٤١٨هـ، يشعر بالسعادة رافعا راسه بما تحقق له، ليعود لأهله انسانا مختلفا معتزا بنفسه، قد اكتسب العلم والثقة والخبرات المتنوعة. 

  وفي هذه الفترة تعلم قيادة السيارة، حيث حصل من مدرسة القيادة بالرياض، على الرخصة الخاصة بذلك، ثم تملك من بعدها سيارة خاصة به، بعدما اشتراها من حر ماله، فقد كان والده رحمه الله، يجمع له مكافاته، على مدى دراسته في التعليم العام والمعهد العلمي.

   واما بعد تخرجه من الجامعة، والتحاقه بالعمل الوظيفي، فقد وفقه الله بوظيفة حسب ما كان يتمنى ويحلم به، في مجال التربية والتعليم، هذا الحقل الثري النافع، حيث ينتفع به صاحبه قبل أن ينفع غيره، فالتعليم من اعظم الاعمال النافعة واجلها، لأن المعلم يجب أن يهيئ نفسه في كل ما يقدمه من دروس لطلابه، ويترقى اكثر واكثر من خلال تأديته لدروسه، وما يبذله من جهد مضاعف لشرح مادته وتفهيم طلابه، وما يجري من نقاش وحوار في اثنائه، فلا بد أن الفكر يتطور ويكتسب من ذلك اشياء جديدة ونافعة، وحتى في طريقة التحضير والشرح والمراجعة، وكلها ادوات تزيد المعلم الجاد علما وفهما ودراية، وكلما بذل جهدا وعطاءا مضاعفا، كان مردوده الايجابي عليه اكبر، ولأنه بطبيعته الشخصية يسعى دوما إلى تقويم قدراته، ويحرص على استكمال الناقص من معلوماته، وفي زيادة وتنمية مهاراته وخبراته، فقد واصل سعيه الدؤوب في هذا المجال، وما زال ذلك دأبه إلى اليوم في توسيع مداركه، وتطوير وتنمية معلوماته، سواء عن طريق التعلم، أو في مجالسة ومخالطة المتخصصين، وفي زيادة الاهتمام بالقراءة والاطلاع، وفي الالتحاق بالعديد من الدورات المتخصصة، والبرامج المتنوعة، وفي كلما يعينه على زيادة خبراته، وتحصيله للعلوم والمعارف، وفي استكمال ما ينقصه منها، وما يطور بها ذاته، وفي اكتساب العلوم المتنوعة، في شتى المجالات والمعارف، وقد حصل على كثير من ذلك ومنها :

  1. دبلوم في رعاية الموهوبين المطور.
  2. دبلوم في التوجيه والارشاد الاسري جامعة الملك فيصل.
  3. دبلوم البرمجة اللغوية العصبية.
  4. دبلوم مدكر في المختصر في تفسير القرآن الكريم.

ومن الدورات المتخصصة في التربية وما يساندها ما يلي :

  1. دورة في أثر المعلم والمعلمة في تحقيق الامن الفكري، في المؤسسات التعليمية في المملكة العربية السعودية.
  2.  دورة تقنيات التعليم.
  3.  دورة استخدام الحاسب الآلي في التعليم.
  4.  دورة الاختبار والتقويم.
  5.  التدريب على علم النفس التربوي.
  6.  التدريب على مهارات التواصل.
  7.  التدريب على علم النفس التربوي.
  8.  التدريب على علم التدريب الميداني.
  9.  التدريب على الاضطرابات النفسية.
  10.  التدريب على برامج التوجيه والارشاد النفسي الاسري.
  11.  التدريب على الصحة النفسية.
  12.  التدريب على أسس التوجيه والإرشاد النفسي الأسري.
  13.  التدريب على دراسة الحالة.
  14. التدريب على نفس النمو.
  15.  التدريب على فقه الأسرة.
  16.  التدريب على القياس والتقويم النفسي الأسري.
  17.  التدريب على علم الاجتماع الأسري.
  18. تطوير مهارات خريجي الدراسات الشرعية.
  19.  التعليم المقلوب.
  20.  دورة الأساليب التربوية في السيرة النبوية.
  21.  التخطيط الاستراتيجي.
  22.  دورة الأنماط الشخصية.
  23.  دورة إعداد القادة في الكشافة.
  24.  دورة تفعيل العمل الخيري.
  25.  دورة التربية بالحب.
  26. دورة السعادة الزوجية.
  27.  دورة تحقيق النتائج من خلال الآخرين.
  28.  دورة كيف تصل إلى القمة.
  29.  دورة تحليل العلاقات البشرية.
  30. دورة فن الإلقاء والخطابة.
  31.  دورة إدارة الذات.
  32.  دورة التفكير الابداعي.
  33.  دورة فن الاتصال الناجح.
  34.  دورة في الوورد.
  35.  دورة في البوربوينت.
  36.  دورة في الاكسس.
  37.  دورة في الفوتوشوب  
  38.  دورة روائع العلاقات الزوجية.
  39.  دورة مهارات الحياة.
  40.  دورة تأهيل المقبلين على الزواج.
  41. دورة الاوت لوك.
  42.  دورة اساسيات الحاسب الآلي.
  43.  دورة برامج العروض التقديمية.
  44.  دورة معالجة النصوص.
  45.  دورة الثقافة العلمية وفق النظام السعودي.
  46.  دورة نحو تواصل مثمر.
  47.  دورة كن مهنيا في حل المشكلات.
  48.  دورة لنعمل معا بمهنية.
  49.  دورة ثقافة التعليم عن بعد.
  50.  دورة مدرستي تبرمج.
  51.  دورة ادارة الفعاليات.
  52. دورة القياس والتقويم.
  53.  دورة جدول المواصفات.
  54.  ورشة عمل بعنوان خطة تدريب مشرفي المواقع الالكترونية للمعاهد العلمية.
  55.  دورة كيف تبني نفسك علميا.
  56.  طرق تحسين الدخل.

وغير ذلك من العلوم والدورات والمحاضرات، الخاصة والعامة، وفي مجالسة العلماء، ومخالطات المختصين، وكل فئات المجتمع في مختلف نواحي الحياة.

العمل الوظيفي:

تخرج من الجامعة وآماله تناطح السحاب، ورغباته لا حدود لها، ولكنه انصدم في البداية بعد أن بحث هنا وهناك عن عمل فلم يجد، فقد كان تخصصه ومعظم التخصصات في العلوم الشرعية، غير مطلوبة ضمن شواغر الوظائف المعلن عنها في تلك الفترة، فهناك شبه اكتفاء في هذا التخصص، ولا يوجد لها احتياج، ونادر التعيين فيها، وبعد أن اجهده البحث والتدقيق، وما كان يواجه به من الصدود، حتى كادت أن تتحطم اماله وطموحاته، لولا قوة ايمانه بالله وأن الارزاق بيده وحده، وقد أوكل امره إليه سبحانه، مع مواصلة سعيه في اتخاذ الاسباب، وكان لديه رضا تام بما يتيسر له، لذلك لم يتردد في قبول ما عرض عليه من عمل في جمعية البر الخيرية بفيفاء، رغم قلة راتبها الشهري الذي لا يتجاوز خمسمائة ريال، وكان العمل فيها من بعد صلاة العصر، وبعد مضي شهرين أو ثلاثة، جاءه عرض من شركة تشغيل، متعاقدة مع مستشفى فيفاء العام، على مسمى مدير موقع، راتبها الف وخمسمائة ريال، يعادل ثلاثة اضعاف راتبه الحالي في الجمعية، ولكنه بعد توقيع العقد والمباشرة الفعلية، اكتشف انما هي وظيفة صورية لغرض السعودة فقط، ولذلك لم يرضى بذلك وآثر الانسحاب منها بعد اسبوع واحد، وعاد مرة اخرى إلى وظيفة الجمعية الخيرية، رغم تدني راتبها، الذي لا يغطى إلا النزر البسيط من احتياجاته الضرورية، ولكنه على الأقل يقوم بعمل مقابل ما يستلمه، واستمر على هذا الوضع إلى نهاية الفصل الدراسي الأول، من ذلك العام الذي تخرج فيه ١٤١٨/١٤١٩هـ، وكان من حسن حظه وتوفيق الله الرازق المدبر، أن أحد زملائه قد تعين معلما في المعهد العلمي بفيفاء،

وباشر على هذه الوظيفة طوال ذلك الفصل الدراسي، ولما كان قد تقدم على وظيفة في هيئة التحقيق والادعاء العام، فقد تم قبوله وصدرت الموافقة على تعيينه في تلك الفترة، واختار هذه الوظيفة على وظيفته الحالية معلما في المعهد العملي، حيث انسحب مباشرة ليترك مكانه شاغرا، مما سبب مشكلة في المعهد، وتعطلت المادة التي كان يدرسها، ولذا سعت إدارة المعهد بأسرع ما يمكن إلى سد هذا العجز، ولما كان مدير المعهد حينها الشيخ عبد الله بن حسن العمري يعلم بوضعه، فقد ارسل إليه يعرض عليه الترشيح على هذه الوظيفة، إن كان يرغب ليزوده المعهد بخطاب ترشيح إلى وكالة المعاهد العلمية في الجامعة، لعلهم يوافقون على التعاقد معه مؤقتا على اقل تقدير، وكانت للشيخ عبد الله وللمعهد العلمي بفيفاء في تلك الفترة الحضوة والمكانة الخاصة لدى وكالة المعاهد، بسبب تميزه وتميز المعهد في جهوده ومخرجاته.

  وبالطبع كانت بالنسبة له فرصة لا تفوت، وهي كلما كان يتمناه ويبحث عنه، ومع أنه في البداية تهيب منها ورآها صعبة، فلم يخطر بباله أنه سيعود يوما معلما إلى هذه المعهد الذي تخرج منه، فكيف له أن يزامل معلميه الافاضل بهذه السهولة، وهل من المعقول أن يشاركهم في هذا الصرح الكبير، وأن يجلس معهم ويشاركهم غرفة المعلمين الخاصة بهم، والتي لم يجرؤ أن يدخلها طوال أيام دراسته في المعهد، ولذلك اخذته الحيرة والتردد في القبول، وجلس يفكر ويفكر في كل الاحتمالات، ولكنه لما عاد إلى واقعه، ونظر لما قد اصبح عليه، واستشعر أنها لو فاتته هذه الفرصة فمتى ستتكرر مرة اخرى، وأن هذا رزق ساقه الله بين يديه، وهو الموفق والمعين سبحانه، فقوى عزيمته واستعان بالله وتوكل عليه، بعد أن استخاره وطلب عونه وتوفيقه،

وتجرء وذهب للمعهد يقدم رجل ويؤخر اخرى، ولكن ما إن وصل إلى المعهد حتى وجد الترحيب والتشجيع والتحفيز، وفي الحال اعد له مدير المعهد خطابا رسميا مناسبا بالترشيح، وسافر من فوره إلى الرياض يحدوه الامل، وفي وكالة المعاهد العلمية في الجامعة، حيث اجريت له المقابلة الشخصية المطلوبة، وتم قبوله مبدئيا ليباشر العمل في معهد فيفاء، ويتم تعيينه مؤقتا على نظام الساعات، وباشر معلما في المعهد مع بداية الفصل الدراسي الثاني، حيث سارت معه الامور على خير ما يحب ويرغب، وزال عنه كل توجس وتحسس كان يتوقعه، وحرص من البداية على بذل الجهد، والجد والاجتهاد واثبات الذات، فتميز ونجح وكسب الثقة والمكانة، وفي العام التالي ثبت على وظيفة معلم رسمي بالمستوى الرابع، ثم في السنة التي تليها تمت ترقيته إلى المستوى الخامس الذي يستحقه، وهو المستوى والعمل الذي بقي عليه وإلى اليوم، طور خلالها قدراته وبذل واخلص، ونجح بفضل الله في كل ما كان يسند إليه من اعمال ومهام، حيث كلف لفترات متقطعة بالعمل رائدا للنشاط، وها هي تمضي به السنين لما يقارب ثلاث وعشرين سنة، حقق خلالها النجاح الذي يتلوه النجاح، وزامل فيها نخبة محترمة وفاضلة من المعلمين الاجلاء، وعمل بكل جهد يقدر عليه، ليؤدي اعماله ومهامه على خير ما يرام، في افضل عمل واشرف وظيفة على وجه الارض، في تدريس وتعليم افضل العلوم واجلها، في هذا الصرح المبارك الميمون، الذي تعاقبت على الفصول امامه طوال هذه السنوات، العديد من الأجيال المباركة الطيبة، التي حرص أن يكون نافعا لها مخلصا لله، وفقه الله واسعده وبارك فيه، وزاده علما وفضلا وسدادا، وقد نال طوال هذه المسيرة المباركة كثيرا من التقدير والعرفان، وحصل على العديد من شهادات الشكر والامتنان، التي تزيد بفضل الله على خمسين شهادة، يعتز ويفخر بها جميعها، ويسال الله دوام التوفيق والنجاح، وان تكون عاجل بشرى لما في الآخرة.

ادواره الاجتماعية:

    له انشطة في خدمة مجتمعه في عدة مجالات، ومن ذلك قيامه بالإمامة والخطابة في عدة مساجد، وبدأ يتمرس بها بتشجيع من والد رحمه الله، ومازال طالب في السنة الثالثة الثانوية من المعهد العلمي، حيث كان يسند إليه الامامة بهم في مسجدهم الخاص، الواقع بجوار منزلهم الوادي، ثم بعد تخرجه من الجامعة، وتعيينه معلما في المعهد العلمي، تقدم للعمل اماما رسميا في مسجد نيد الحرم، وهو مسجد جماعة، واستمر يعمل فيه على مدى احد عشر عاما، من عام١٤٢٠هـ الى عام١٤٣١هـ، وبعدها قدم استقالته منه لانشغاله عنه وبعده عن بيته، وأما أول خطبة جمعة كانت له، فقد اداها في جامع مروح، نيابة عن امامه القائم، وكانت حينها وهو يعمل في التدريس، مما جعلها بالنسبة له أمرا عاديا، وقد ناب كثير عن بعض الخطباء في كثير من جوامع فيفاء، ثم تم تعيينه خطيبا رسميا في جامع هيئة التطوير في الجوة بفيفاء، في حوالي عام١٤٣٦هـ، وما زال يقوم بهذا العمل فيه إلى يومنا الحالي، وفقه الله ونفع به.

واما اعماله الخيرية التطوعية والرسمية فهي متعددة، لرغبته الجامحة إلى المشاركة في كل مجال خيري، وكان لعمله السابق بعد تخرجه من الجامعة، في جمعية البر الخيرية بفيفاء، أثر كبير ودور مهم في تعرفه على كثير من اسرار العمل التطوعي، ومجالاته وما يقدمه من نفع شامل للمجتمع، ولذلك بعد مباشرته الوظيفة الرسمية في المعهد العلمي، سعى إلى الاعمال التطوعية، وزاد اهتمامه بها، فأنظم في البداية للعمل في المكتب التعاوني بفيفاء، وكان يقوم فيه متعاونا بكل ما يسند إليه من المهام، وما زال هذا ديدنه وإلى اليوم، متعاونا معهم من دون أي مهمة رسمية أو وظيفة عين عليها، وعمل عضوا عاملا في قسم الايتام في جمعية البر الخيرية في فيفاء، واستمر فيها لعدة سنوات كثيرة لا يذكر عددها، وعمل في قسم حلقات تحفيظ القرآن الكريم، عندما كانت فرع مع جمعية البر الخيرية، وعمل ايضا في قسم الاعلام فيها لعدة سنوات،

وهو ما زال عضو عامل فيها إلى اليوم، وقد رشح عضوا في مجلس ادارتها لفترة أربع سنوات، وتكرر عمله في مجلس هذه الادارة، حينما رشح ليكمل فترة عضو المجلس، الشيخ عبد الله بن حسن العمري، عندما انتقل للاستقرار في مكة المكرمة، وبقي فيها طوال الفترة المتبقية سنتان، وعمل عضوا مؤسسا في جمعية تحفيظ القرآن الكريم، وعضوا في مجلس ادارتها لمدة اربع سنوات، ونائبا لرئيس مجلس الإدارة لمدة أربع سنوات، واستمر بعد ذلك عضوا فيها إلى اليوم، واما لجنة التنمية فقد عمل فيها عضوا مؤسسا، حيث كانت بداية تأسيسها من منزله، كتب الله له ذلك في حسناته، وتنقل فيها فيما بعد عضوا في مجلس الإدارة، ونائبا لرئيس المجلس لمدة اربع عشر سنة، وعمل في نادي فيفاء الاجتماعي، الذي كان يتبع لجنة التنمية،

وأصبح رئيسه بعد تعديل مسماه إلى مركز النشاط الاجتماعي، ثم تم نقل هذا المركز إلى الجوة، وعدل مسماه إلى مركز الجوة للنشاط الاجتماعي، وعمل عضوا في فرع الهيئة العالمية للقرآن الكريم، التي كان مقرها في أبو عريش، لمدة ثلاث سنوات، وعضوا مؤسسا لجمعية مسكن للإسكان التنموي، وهي جمعية حديثة التأسيس، عمرها ستة اشهر فقط، متخصصة في البناء والتشييد، ونطاق عملها منطقة جازان، وتخدم على الاقل القطاع الجبلي، ومقرها الان الجوة بفيفاء. 

 واما في البرامج الخارجية، فقد شارك وهو طالب في عدة مراكز صيفية، ولقاءات تربوية، في فيفاء وبني مالك، أولها وهو طالب في المعهد العلمي، في مخيم اقيم في الداير لمدة أسبوع، كانوا فيه برفقة الأستاذ يحيى بن سالم المخشمي، وشارك في مخيم دعوي في ريع مصيدة، مع نخبة من الطلاب والمعلمين لمدة يومين، وكذلك في مركز صيفي اقيم في مقر المعهد العلمي بفيفاء، وشارك ايام الدراسة الجامعية في مخيم في منطقة القصيم.

  ويمارس كثيرا من الأنشطة المتعددة والهوايات النافعة، ويأتي في مقدمتها ممارساته الزراعية، فبحكم تربيته من صغره المبكر في بيئة زراعية، ومشاركته لوالده في ما تطلبه مزرعتهم من الأعمال الموسمية، فقد تخلق في نفسه حب هذه المهنة، بل وعشقها واصبحت له هواية يستمتع في القيام بها، ولذلك تظافر مع اخوانه في تجديد مزرعة الوالد رحمه الله (الوادي)، حيث قاموا على احيائها بعد أن هجرت، وقد اعادوا الحيوية إلى جنباتها، ويوجد بها اليوم ما يقارب من مائتين وخمسين شجرة (بن)، معظمها على وشك الاثمار، وبها ثمان اشجار (مانجو) معمرة، ومائة شجرة (سفرجل) بعضها اصبح منتجا، وخمسين شجرة (عنب برود)، والعديد من الاشجار المتنوعة من (الرمان، والتوت، والجاك فروت، والجوافة، وغيرها)،

ويقوم سنويا على حرث كامل الارض، وزراعتها بالحبوب المناسبة (الغرب والدخن والدجرة والقشد)، وكذلك يملك مجموعة من اعواد النحل، التي تنتج ما يزيد على عشرين كيلو، ويسعى إلى تنمية خلاياها وزيادة اعوادها، بارك الله لهم ونفع بهم.

  ومن هواياته ممارسة كثير من الانشطة الرياضية، كلما تتاح له الفرصة لذلك، ومنها السباحة ورياضة المشي، ويحرص على المشاركة في رياضة (الهايكنج)، حسب ظروف عمله وموافقتها لارتباطاته، وقد شارك في اكثر من منشط لهذا الرياضة، في داخل فيفاء وفي منطقة جازان، وعدة مناطق في المملكة، فهو يوازن بين انشطته ومهامه وهواياته، بحيث لا يطغى جانب على جانب، وفقه الله وبارك فيه.

الحالة الاجتماعية:

   له من الاولاد خمسة، ثلاثة ابناء وبنتان، على النحو التالي:

  1. حسان طالب جامعي في جامعة جازان.
  2. عمار طالب جامعي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
  3. رنا طالبة في المرحلة المتوسطة.
  4. خلاد طالب في المرحلة المتوسطة في تحفيظ القرآن الكريم.
  5. أروى توفيت صغيرة (4 سنوات)، في حادث مروري رحمها الله وجعلها فرطا وشفيعا لوالديها.

بارك الله فيهم وحفظهم ونفع بهم،

وبارك الله فيه وفي علمه وفي جهوده،

ووفقه إلى كل خير ، وكثر الله فينا من امثاله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ سليمان بن حسن يحيى الخسافي الفيفي                 

 الرياض في 1443/10/12هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى