
وبعد أن طوى الحفلُ أضواءَه، بقي في القلبِ ضوءٌ لا ينطفئ… فأهدي هذه القصيدة إلى والدي الشيخ حسن بن جبران الحكمي الفيفي، وإلى أخي الدكتور علي بن حسن جبران الحكمي الفيفي ـ حفظهما الله ـ وفاءً لمقامهما العريق، وتقديرًا لحضورٍ ازدان به تكريمُ نخبةٍ من أبناء القبيلة المميّزين.
حَسَنٌ..ولا اسْتحسنتُ دونكَ محفلا
ياخالقَ الأمجادِ حتّى تُؤهلا
أنتَ الذي وجهُ المَعالي حاضرٌ
بوجودِهِ تتلو النبِيَّ المُرسَلا
فالفَضْلُ سِرٌّ من سَناءِ كَرامَةٍ
حلّت على عِزّ رأَتهُ الأشملا
أكرِمْ بِمَحْيَاكَ الَّذي بسَناهُ قدْ
أهدى المَدى مجدًا وعِزّا أكْمَلا
يا والدٌ عمّ الحضورَ بطلعةٍ
باهى الزمانُ بكَ الملائكَ والمَلا
وعليُّ نجمٌ في المنابرِ لاحَ من
جوِّ السما حيث الكواكبُ واعْتَلَا
يا أيُّها المجدُ المبارك بالمُنى
كالغَيثِ باركهُ الإلهُ فحَمَّلا
لا يعتريكَ عن المُرادِ تعثُّرٌ
بل تجعلُ العثراتِ جسرًا مُوصِلا
فُقْتَ العيونَ إلى المُحالِ بهِمَّةٍ
تبدو سواكَ الأرضُ قاعاً أسفلا
حتى إذا رُمتَ العُلا متفرِّدًا
لا تنْثَنِي بل زدتَ تُكمِلُ مَرحَـلا
وتضيءُ للناسِ الدُّنا إذ جُزتَها
برؤى تُحيلُهم العسيرَ مُذلَّلا
وهدىً ونُوراً كنت مصدرَ ضوئهِ
لا في ضلالةِ كلّ قلبٍ مُبتلا
فالقِيمةُ الكُبرى صفاءُ سريرةٍ
تَبني عليهِ نجَاحَكَ المُتأَصِّلَا
لولا خصالٌ أشرقتْ في جوهرٍ
ما كانَ ذكرُكَ في الأنامِ مُبَجَّلا
وإذا ذكرتُك ما تمُرُّ بخاطري
إلا وأذكُرُ طِيبَ خُلْقٍ أَجمَلا
يا مَن لك الأفضالُ لا تُحصى ويا
أندى يدٍ مبسوطةٍ مُتجمِّلَا
فلَكَم تجودُ بما ملكتَ تكرُّما
وتمُدُّ بالطالاتِ كفًّا أطْوَلا
والناسُ ما بينَ العليلِ وصِحَّةٍ
والفَضلُ فضلُكَ صحَّةً وتعلُّلا
فاشهَدْ بأنَّا قد نَصرنا جُهدَكُمْ
بالقَلبِ إنْ لم نَستَطِعْ أن نَعمَلا
أَبْقَيْتَ ما دام الوجودُ مآثِراً
سَيَرَى بها جيلٌ وينشَأُ مُقبِلا
والعلمُ زادٌ للمُريدِ ووجهةٌ
يرقى بها قممًا ويجني الأفضَلا
والحرُّ لا يرضى الهوانَ ولم ينمْ
حتى يُتِمَّ القصدَ إتمامَ الصَّلا..
فالنفسُ إنْ لم تروَ بالعلم الذي
يُرضي الإلهَ فسعيُها لن يُقبَلا
والجهلُ ليلٌ لا يُبيدُ ظلامَهُ
إلا السنا في مُقْلَتَي مَنْ أَمَّلا
والمرءُ إن لم يبنِ مثلَك مجدَهُ
خَسِرَ الحياتينِ .. الأخيرةَ والألا
ولقد سَمَوْتَ بغيرِ كِبرٍ سُؤدُداً
وحَيِيتَ مثلَ الوحي لما رُتِّلا
حُقَّ الثنا والشُّكرُ يا شمسٌ بما
قد رمتَهُ جَرَّعْتَ حاسِدَكَ البلَا
و سفيهِ قومٍ تَكرمونَ و ربُّنَا
يُخزِيهِ..مَا بَرِحَ المَكانَ لِيفشَلا
والمجدُ لا يخشى لطيشٍ نابحٍ
أبدا ولا هو بالعُوَاءِ تَعَوَّلا
فالناسُ تدري الفضلَ حيثُ مَكانُهُ
ويُميِّزُونَ الحقَّ مِمَّنْ ضَلَّلَا
فدعِ الحقودَ يَموتُ غيظاً وحدَهُ
لما علومُك مُظهراتٍ مَعْمَلا
وسِوَى غَزِيرِ حَيَاكَ لَيسَ بِمُنبِتٍ
زرعاً ورعدٌ دون غيثٍ كالخلا
فالأصلُ أن تُسقى النفوسُ بوابلٍ
مِن خيرِ فِعلٍ والوليِّ لِمن وَلَى
كمْ عابثٍ بَرَقَتْ خُطاهُ ولم يَنَلْ
إلا سرابًا في المدى وتخيُّلا
شتَّانَ بينَ المصلحينَ ومُفسِدٍ
ناديهِمُ ما إن يجوعُ تَوَلْوَلا
فالجِدُّ يَصنَعُ للمعالي سُلَّماً
والهَزلُ يَهوي بالهَزِيلِ وَ”ذَوَّلا”
والدهرُ يَشهدُ للمُجِدِّ بفضلِهِ
والقاعُ يُخفي الكائدينَ وما تلا
والفرقُ يبصِرُهُ الجميعُ بدقَّةٍ
حَاشَا غُرَابُ البَينِ يَصدَحُ بُلْبُلا
وعليُّ قد أضحى مثالاً يُحتذى
شَهِدَ التجلِّي اللهُ هيهاتَ انْجَلا
سأظلُّ يا دكتورَنا بك رافعًا
رأسي كما بأبي ارتفعنا أوَّلَا
ما زالَ فضلُكما يُشيّدُ همَّتي
كَيَّفْتُما رأسي كُيُوفاً أَعْدَلا
عَلَمَانِ في فيفاءَ نِعمَ فعولكم
إما كذا نيلُ المعالي أو فلا
ولأنتما القمرانِ مهما أنْجُمٌ
برزتْ بِلَيْلٍ فاسْتَمِرّا للعُلا
وعليكُما نَفْحُ السَّلَامِ مُعَطَّراً
بالحُبِّ ثُمَّ إلى الفُؤَادِ تَفضّلا
وأَنا نِضالٌ خَالِدٌ لمَكارِمٍ
تَبني الزَّمانَ وتَرْفَعُ المُستقبَلا
مُستلهماً من وَحْيِ رَبِّي نورَهُ
حتى أخَلِّدَ للبرية مَنْهَلَا
لا من شُوَيعرٍ إنْ تلا في مِنبرٍ
عنهُ المُقدِّمُ سِيرةً أو قبَّلا
ما فاز مَنْ حُمِدُوا بما لم يفعلوا
ولهم عذابُ اللهِ فيما نَزَّلا
والشعرُ عَزَّ وجَلَّ عن أشكالهم
والحرْفِ إن نَضَحَ الهوانُ بما امتلا
أو قائلٍ زعمَ الفصاحةَ عندهُ
وعصا النبيِّ لديَّ حتى أُبطِلا
فاللفظُ ميزانٌ لمن رامَ العُلا
والشعرُ بحرٌ لا يُطيقُ تأوُّلا
مهما يغوصُ على الرَّدِيءِ بجهلِهِ
أحدٌ أُريهِ اللؤلؤَ المُتَهَلِّلا
فَخُذِ القَوافي وهيَ تُبهِرُ سَمعَكُمْ
نَظْماً كَنَظمِ الدُّرِّ حينَ تَشَكَّلا
هذا خِتامُ القولِ أما مَجدُنا
يَبقى لِحينِ مَشِيئةِ اللهِ الحُلا
الشاعر / عبدالباسط حسن جبران الحكمي الفيفي
1447/6/7هـ




🌺صح لسانك مبدع🌺