أخبارنامقالات

صباحات الحنين

بقلم الكاتبة/سلمى يوسف البلوي

صباحات الحنين

أشرقت الشمس بنورها وأسدلت أشعتها الذهبية على الكون لتعلن بداية يوم جديد ،

يا الله كم كان جميل ذلك الصباح في قريتي الهادئة الجميلة ،سكينة هدوء لا تُسمع إلا أصوات الطبيعة ،

زقزقة العصافير ، مداعبة الرياح الهادئة لسعف النخيل ، سمفونية تُشنف الآذان ،

ونسمات باردة مُنعشة ترد الروح ،

رائحة حشائش المزرعة تنشر عبقها في أرجاء المكان ، كل شيء جميل في ذلك الصباح ،

لكن ثمة شيء مزعج يربك هدوئي وإستكناني ، إنها ذاكرتي التي استفاقت من سُباتها العميق

لتذهب بي إلى صباحات الزمن الجميل والبعيد البعيد جداً ،

في مزرعتنا وفي قريتنا الصغيرة

استرجعت شريط الذكريات كأنه بالأمس القريب ،

تذكرت ملامح وجه والدي وابتسامته وبياض لحيته وتجاعيد وجهه البشوش ،

صوته حينما يوقظنا لصلاة الفجر لازال يتردد على مسامعي ،

رائحة دخان شبة النار تخترق حواسنا وكأنها تخبرنا بولادة صبح جديد ، صوت دق النجر

وعلى جانب شبة النار معاميل القهوة وبراد الشاي ، ولازالت تفوح عبق روائح الصباح ،

رائحة رغيف خبز أمي المدهون بالسمن وطعمه الذي لازال راسخاً في مخيلتي ،

ورائحة فروة والدي التي لازالت عالقة في دهاليز روحي ،

كنا نتسابق للجلوس بقرب والدي لنحظى بدفء فروته ، ظناً منا أنها مصدر دفأنا.

أشرقت الشمس بنورها وأسدلت أشعتها الذهبية

أشرقت الشمس على الكون لتعلن بداية يوم جديد ،

يا الله كم كان جميل ذلك الصباح،

في قريتي الهادئة الجميلة ،

سكينة هدوء لا تُسمع إلا أصوات الطبيعة ،

لكن عندما كبرنا اكتشفنا حقيقة أن مصدر الدفء ليس من الفروة

بل من قرب والدي الذي كان حنانه وحبه مصدر الدفء والأمان لنا ،

في فروته نشتم رائحة طيبه المُحبب إليه دهن العود

الذي لا تقارن رائحته بورود وأطياب العالم كله ، صوت مذياعه ، كل هذه الذكريات.

امتزجت برائحة عبق الماضي الجميل ،

ماكينة الماء وصوتها الصاخب

كان (رجف ) الماكينة وصوتها الصاخب و اندفاع الماء إلى البركة

جريان (السريان ) أصوات تطرب مسامعنا وكأنها

تعزف ألحان البشائر والأمل ببداية يوم جديد ،

والدي يرتب أحواض النخيل ويسقيها

ونحن نلعب من حوله يراقبنا وعينه لا تغفل عنا ،

نبني لنا من الطين بيوت ، ونحلم متى نكبر ،

كان أكبر طموحاتنا أن نذهب (للدكان ).

تقدم بنا العمر ولازلنا أسرى لذكريات الزمن الجميل ،

قد تتوارى الذكريات ،

تتراجع لبعض الوقت،

قد تُنسى ، حتى نحسبُ أنها تلاشت ،

لكن مجرد المرور بالأماكن القديمة.

قد يوقظها من سباتها العميق ويجرفنا لهاوية الحنين والاشتياق،

وينبش الذكريات المدفونة داخلنا ،

ليترك في أعماقنا مشاعر مختلطه ،

ما بين الاشتياق والحنين.

لأشخاص ولأشياء ولذكريات ،

جمعتنا بتلك الأماكن فنكتفي

بالحنين والحنين فقط .

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى