مال وأعمال

فاقت أمريكا واليابان ثقة عالمية في الاستثمار بالمملكة

سبق - عبدالله البارقي

فاقت أمريكا واليابان ثقة عالمية في الاستثمار بالمملكة

5 خطوات قادت لنتائج مبهرة

“إصلاح لبيئة الأعمال وبنية تحتية وتكنولوجيا.. قطاع مالي معزز وعلاقات تجارية دولية”

تحوّل اقتصادي ملحوظ شهدته المملكة العربية السعودية، القوة الاقتصادية الكبيرة في الشرق الأوسط، خلال السنوات الأخيرة، لتتجاوز في بعض المؤشرات الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا.

ذلك التحول جاء مع اتجاه المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد الكبير على النفط، مما أدى إلى ظهور قطاعات أعمال مختلفة كفرص استثمارية واعدة، أخذت منحى تصاعديًا، مما وفر آفاقاً مربحة للمستثمرين المحليين والدوليين، على حد سواء، ورفع الثقة العالمية في المملكة لمستويات استثنائية.

نتائج بدت واضحة، في مؤشر الثقة السنوي لشركة إيدلمان لعام 2024، والذي أظهر التقرير الأخير الصادر عن شركة الاستشارات والعلاقات العامة العالمية، أن السعودية تصدرت تصنيفات الثقة العالمية، مشيراً إلى أن 86% من المواطنين السعوديين يثقون في حكومتهم لاتخاذ القرارات الرئيسية لأهداف البلاد.

وبحسب الإصدار الرابع والعشرين من التقرير، فإنه رغم المخاوف العالمية بشأن اللوائح الجديدة واتجاهات التكنولوجيا، سجلت السعودية مستوى ثقة مرتفعًا بلغ 56%، وهو الأعلى بين 28 دولة شملها الاستطلاع، مؤكداً أن 78% من المستجيبين يثقون في قطاع الأعمال السعودي، وأكثر من 80% لديهم ثقة قوية في قادة الرياض لإدارة الابتكار.

وفي تطور استثنائي، تصدرت المملكة الثقة فيما يتعلق بلوائح الذكاء الاصطناعي، متجاوزة الولايات المتحدة بنسبة 24%، وفرنسا واليابان بنسبة 23%، والمملكة المتحدة بنسبة 18%، وألمانيا بنسبة 27%، وكوريا الجنوبية بنسبة 28%، ما يعد ترجمة فعلية لـ”رؤية السعودية 2030″، التي كان من نتائجها أن تصدّرت المملكة مستوى ثقة 68% في تقنيات الذكاء الاصطناعي المنظمة، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 50%.

هل كان ذلك المؤشر الوحيد على تقدم المملكة؟

تقول صحيفة “إنتربرايس”، إنه وفقاً لأداء القطاع الخاص غير النفطي في السعودية في يونيو الماضي، فإن مؤشرات مديري المشتريات التي تتبع القطاعات غير المرتبطة بالطاقة، أظهرت أن السعودية حافظت على مستوى متقدم، فوق عتبة 50.0.

وبحسب الصحيفة، فإن نشاط الأعمال غير النفطي في المملكة حافظ على معدل نمو مرتفع في يونيو، حيث نمت مستويات الإنتاج على الرغم من انخفاض الطلبات الجديدة وعمليات شراء المدخلات والتوظيف، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات في المملكة العربية السعودية الصادر عن بنك الرياض.

وأبلغت الشركات عن ارتفاع في أرقام التوظيف لديها، فيما استمرت سرعة التسليم في التحسن، وانخفض التضخم، إلا أن تكاليف المدخلات الإجمالية زادت بأسرع وتيرة لها في الأشهر الأربعة الماضية.

وبالنظر إلى الربع الثاني ككل، فإن أرقام النمو للربع الثاني تشير إلى نظرة ايجابية للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة، مع توقعات بتجاوز النمو 3%، بحسب ما نقل التقرير عن كبير الاقتصاديين في بنك الرياض نايف الغيث.

ويقول “الغيث”: إن مؤشر مديري المشتريات في السعودية يؤكد على آفاق واعدة، حيث تعمل ظروف السوق المحسّنة على تعزيز ثقة السوق.

مؤشرات واعدة على الطريق

بنسبة 5.6%، زاد صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة خلال الربع الأول من 2024 مقارنة بالعام السابق؛ فبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، بلغ صافي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر 9.5 مليار ريال (2.53 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، مقابل 9 مليارات ريال سجلت خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

ليس هذا فحسب، بل إن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الأول بلغت نحو 17 مليار ريال، مسجلة نمواً بنسبة 0.6% مقارنة بـ16.9 مليار ريال مسجلة في الربع الأول من عام 2023؛ حيث يسلط هذا الارتفاع المعتدل الضوء على الثقة المستدامة للمستثمرين الأجانب في السوق السعودية.

ووفقاً للأهداف المنصوص عليها في استراتيجية الاستثمار الوطني وأهداف رؤية 2030، أقرت المملكة العربية السعودية إصلاحات قانونية واقتصادية واجتماعية جوهرية تهدف إلى تحفيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

وأسست المملكة صندوق الاستثمار الوطني في عام 2021؛ بهدف وضع خطط استثمارية شاملة تشمل مجموعة متنوعة من القطاعات، مثل التصنيع، الطاقة المتجددة، النقل، الخدمات اللوجستية، السياحة، البنية التحتية الرقمية، والرعاية الصحية.

وتهدف الخطط إلى زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية إلى أكثر من 103 مليار دولار وتعزيز الاستثمار المحلي السنوي إلى أكثر من 453 مليار دولار بحلول عام 2030.

وبحسب تقرير الاستثمار العالمي الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في وقت سابق من هذا الشهر، فقد اجتذبت المملكة العربية السعودية 65.1 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في السنوات الثلاث التي أعقبت الوباء حتى عام 2023، مما وضعها بين أكبر المتلقين في غرب آسيا.

وبلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الصادرة من المملكة 73.1 مليار دولار خلال الفترة ذاتها، منها 16 مليار دولار سجلت العام الماضي وحده، ما يضع المملكة العربية السعودية ضمن أكبر 20 اقتصاداً عالمياً من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الصادرة لتحتل المرتبة السادسة عشرة.

وبحسب التقرير الأممي فإن هناك زيادة سنوية بنسبة 55% في قيمة صفقات تمويل المشاريع الدولية في المملكة في عام 2023، لتصل إلى 22 مليار دولار، وشهدت المملكة في العام الماضي إبرام 19 صفقة، مسجلةً نمواً بنسبة 90% مقارنة بالعام السابق.

وبالإضافة إلى ذلك، شهدت السعودية الإعلان عن 389 مشروعاً جديداً في عام 2023، بقيمة إجمالية تبلغ 29 مليار دولار، وهو ما يعكس زيادة سنوية في القيمة بنسبة 108%.

ما أسباب تلك النتائج الاستثنائية؟

يقول الرئيس التنفيذي لشركة إيدلمان أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا أرينت جان هيسلينك في التقرير الصادر بالإنجليزية، إن الابتكار هو مفتاح التقدم الذي تحرزه المملكة، مشيراً إلى أن الجمهور يحتاج إلى التأكد من أن التقنيات الناشئة من الأعمال التجارية تم تقييمها من قبل العلماء وتنظيمها بشكل فعال من قبل الحكومة.

بدوره، أكد إيلي عزي، المدير العام لشركة إيدلمان السعودية، أن النهج الاستباقي للمملكة تجاه الابتكار والإطار التنظيمي القوي قد أسفر عن مستوى عالٍ من الثقة في التقنيات الجديدة، وخاصة مع تقدم المملكة نحو رؤيتها 2030.

وأكد أنه بفضل المستويات العالية من الثقة العامة وثقة المملكة الراسخة في الحكومة وقيادتها للأهداف التحويلية لرؤية 2030، فإن هناك فرصة حقيقية لإظهار التأثير العميق للابتكار على كل من الاقتصاد والمجتمع.

خطوات قادت لنتائج مبهرة

1- استمرار تنفيذ رؤية 2030

مع استمرار المملكة في تنفيذ خطط رؤية 2030، تواصلت جهودها لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، مما عزز من نمو قطاعات جديدة وجذب الاستثمارات إلى القوة الاقتصادية الكبيرة في الشرق الأوسط.

وأطلقت المملكة برامج ومبادرات جديدة، لدعم ريادة الأعمال والابتكار بينها: برامج دعم الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

2- تحسين بيئة الأعمال

من بين الخطوات إلى تلك النتائج، ما قامت به المملكة من إجراءات لتسهيل بدء الأعمال، عبر تطبيق إصلاحات، بينها: تقليل الوقت اللازم لتسجيل الشركات والحصول على التراخيص.

وأثمرت نتائج المملكة في تسريع التحول الرقمي في الإجراءات الحكومية، وفي التسهيل على الشركات إجراء المعاملات والإجراءات الرسمية عبر الإنترنت.

3- الاستثمار في البنية التحتية

وعزز الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل مشروع نيوم ومدينة القدية، من فرص الاستثمار والنمو الاقتصادي، في المملكة، وجعلها هدفًا للعديد من الاستثمارات.

ومن بين تلك المشاريع -كذلك- تحسين النقل واللوجستيات، بما في ذلك الطرق والموانئ والمطارات، مما يسهل على الشركات العمليات اللوجستية ويعزز التجارة.

وضخّت المملكة استثمارات كبيرة في البنية التحتية التقنية، بما في ذلك شبكات الاتصالات والحوسبة السحابية، مما سهل على الشركات التقنية العمل والابتكار، بالإضافة إلى تقديمها حوافز ودعم للشركات التقنية والابتكارية، بما في ذلك تمويل المشاريع البحثية والتكنولوجية.

4- تطوير القطاع المالي

وفي محاولة من الرياض لجذب المستثمرين، ودعم التمويل، قدمت برامج تمويلية ودعماً مالياً للشركات، خصوصًا الصغيرة والمتوسطة، مما سهل عليها الحصول على التمويل اللازم للنمو والتوسع.

برامج تمويلية تزامنت مع تنفيذ إصلاحات في القطاع المالي لتعزيز الشفافية والكفاءة، بما أسهم في جذب الاستثمارات وزيادة الثقة في السوق المالي.

5- العلاقات الدولية والتجارة

ولخلق سوق جديدة، وقعت المملكة اتفاقيات تجارية جديدة، وعززت العلاقات مع الدول الأخرى، مما فتح أسواقا جديدة أمام الشركات السعودية، بشكل متزامن مع تنظيم واستضافة مؤتمرات وفعاليات دولية لجذب المستثمرين والترويج للفرص الاستثمارية في المملكة.

في العام الحالي، تصدرت المملكة العربية السعودية مؤشر قطاع الأعمال بفضل استمرار تنفيذ رؤية 2030، وتطبيق إصلاحات لتحسين بيئة الأعمال، والاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا، وتعزيز القطاع المالي، وتحسين العلاقات التجارية الدولية، بالإضافة إلى إدارة فعالة لأزمة جائحة كورونا، وهذه الجهود مجتمعة أسهمت في خلق بيئة أعمال مواتية وجاذبة للاستثمارات.

فاقت أمريكا واليابان ثقة عالمية في الاستثمار بالمملكة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى