كمموا الأفواه في ساعات الغضب عن الأبناء
يحكي الأصمعي أن قبيحة قالت لأمها :
يا أماه ، ما بال الناس يتفلون علي ؟
فقالت الأم : إنه من حسنك يعوذونك من الحسد !
نحن نعيش في أزمنة التحطيم النفسي ، وهو الذي يبدأ في البيت من الأم والأب والإخوان ،
ثـم يدخل في المدرسة مع المعلمين و الأقران ،
ثم يمتد بعد ذلك إلى الأهل و الأصدقاء ،
فمن زل أسقـطـوه ، ومن أخطأ رجموه ، ومن تعثر نفوه بألسنة حداد .
نعم إنها طاقة يهدرها التحطيم النفسي ، وقدرات ينفيها الاستعمال السيء للعجينة اللينة ،
أيام الطفولة والصبا …
إن الأم العاقلة من تحفظ نفس ابنها من التحطيم ،
وتقي عقل صغيرها من الهدم العظيم ..
وإليك هذين المثالين :
الأول :
فقد كان محمد بن عبد الرحمن الأوقص ، كان عنقه داخلاً في بدنه ،
و كان منكباه خارجين ، فقالت له أمه :
ثم انه يا بني ، لن تكون في مجلس قوم إلا كنت المضحوك عليه المسخور منه ، فعليك بطلب العلم فإنه يرفعك .
شخصت الأم المرض والعلاج ..
عمل محمد بنصيحة أمه ،
واجتهد ، ثم ولي بعد ذلك قضاء مكة عشرين سنة ، وكان الخصم إذا جلس بين يـديـه يرتـعد حتى يقـوم .
والثاني :
ما جاء في قصة توماس أديسون :
لما كان فـي الثامنة من عمره ، عاد إلى البيت من المدرسة و هو يشعر بالأسف ،
لأن معلمه كلفه بتسليم مذكرة إلى و الديه ، فقرأتها أمه ناسي إليوت أمام نظرات و لدها المترقبة لمحتوى المذكرة !!
سألها ماذا يوجد بها ؟
فقالت له :
إن المعلم يقول لي : ابنك عبقري ،
وهذه المدرسة متواضعة جدا بالنسبة له ،
وليس لدينا معلمون يصلحون لتعليمه ، و من فضلك علميه في البيت .
فقررت الأم أن تعلمه بنفسها ،
حتى صار “أديسون” ذاك المكتشف الشهير في العالم كله …
ظفر أديسون بالرسالة بـعد وفـاة أمـه فلما قرأها بكى !
فإن الرسالة كانت تقول : “ابنك غبي ولا يصلح للتعلم”
فمن كان يكون “أديسون” لو أن أمه أخبرته بالحقيقة وحطمته من ساعته !
فالناس في هذه الأيام يحتاجون إلى أمهات عاقلات ، صالحات ، يصنعن اللبنات الأولى لأولادهن .
فكم من كلمة أفسدت نفسا زكية وخربت عقلا ذكيا .
و من عالم ومصلح في ثوب كناس ؟
زجت بهم الكلمات المحرقة ،
والحروف الصارفة إلى سجون الأعمال الشاقة ،
وكانت الثمرة المرجوة أجل وأفخم ..
فإذا رأيتم نابها نابغا ،
فقولوا الحمد لله الذي نجاه من كلمات التحطيم .
وصدق من قال :
ليس العجب فيمن هلك كيف هلك ، ولكن العجب فيمن نجا كيف نجا ؟
كمموا الأفـواه في ساعات الغضب عن الأبناء ،
و اربطوا الألسن عن التحطيم في أيام البناء !
ورب صبر على غلام في صغره ،
يكون سببا لإمامته في كبره ،
ورب كلمة من حرف واحد تسقط النابه من القمة !
فخذوا الحكمة !
جزى الله كاتبها وناشرها خيراً
آملين أن تصل جميع التربويين والتربويات ، فلهم الكبير في هذا الشأن.
دمتم لطفاء معززون للأجيال.
………………………………………….
مسعود حسن