مقالات

مذكرات ومواقف (12)

بقلم : موسى أحمد العبدلي

مذكرات ومواقف (12)

الدراجة

مهما يكن في الحياة من تعقيد فهناك دائماً فرصة قد يجدها بعضهم ولا يُوَفق إليها آخرون ، وتبقى الفرصة متاحة للجميع ، ولكي نستغل هذه الفرصة علينا بذل الكثير من الجهد والمال والوقت ، والفرصة قد تأتي دون إنذار ، وفي كثيرٍ من الأوقات تأتينا الفرص ونحن غير مستعدين وهي دائماً هكذا .

شريط الذكريات

وأنا أكتب هذه السطور عددٌ كبيرٌ من الفرص الضائعة مرت أمامي خلال ال خمسة عقود الماضية ولازالت ، وأنتم كذلك لكننا لا نراها في حينها واليوم  نتحسر عليها ، بل قد نتذكر نصائح أُسديت لنا لكننا في وقتها نرى أننا من يفهم فقط فلا نأبه بتلك النصيحة التي لم تأت من فراغ بل نتيجة فرصة ضائعة مماثلة ، وهو ما سوف نقوم به غداً ونمارسه لأبنائنا ، فلا يعني ذلك أن من يُسدِي لي نصيحة بفرصة قائمة أنه كان حاذقاً ، بل في كثيرٍ من الأحيان يكون ممن ضيع استغلال الفرص.

استغلال الفرصة لها تضحيات ، فبناء الفرصة تحتاج إلى بذل الجهد والمال والوقت ، هذا الثلاثي مهم جداً لاستغلال الفرصة ، وضاعت مني ومنكم فرص كثيرة نضير نقص أحد هذه العوامل ( الجهد – المال – الوقت ) لعدم التضحية لتحقيق هذه العوامل .

ولكي نحلل الفرص يجب أن ندرك ما نملكه من هذه العوامل الثلاثة ؛ فمن لديه جهد عليه البحث عن الفرص التي تحتاج إلى جهد ، ومن يملك المال عليه البحث عن الفرص التي يكون المال عاملاً رئيساً فيها ، أما عامل الوقت فهو وحده لا يكفي لتحقيق الفرصة ، بل يجب أن يقترن معه الجهد أو المال أو كليمها .

أمنيات صغيرة:

في صغري كنت أتمنى أن أملك دراجة ، لكن المال كان عائقا ، كنت أملك الوقت والجهد ، لكنني لا أملك المال ، فكيف ستتحقق لي فرصتي لأمتلكها ؟

مذكرات ومواقف (12)

كان ابن عمتي  ( يحيى سالم حفظه الله ) يملك دراجة كبيرة ، وكنت صغيراً لأقودها ، وكنت أملك الوقت كي أتعلم قيادتها ، وبدأت أتحين فرصة غيابه لأتمكن من التعلم، وفي مساء أحد الليالي كانت هناك مباراة لكرة القدم ، وكان شغوفاً بمتابعتها ، فانتهزت الفرصة ، فتحقق  الوقت والجهد يدفعهما الرغبة الجامحة لقيادة الدارجة ، بذلت وقتاً يقارب الساعة والنصف فقط – قريب من وقت المباراة – لكي أتمكن من قيادة دراجة كبيرة لا تلامس قدمي الأرض ، وعلى حافة طريق حيفة – ممشى للناس على حافة مدرج صغير لا يتعدى 60سم  – انتهت المحاولة بسقوط ذريع للحيفة -المدرج -السفلية مع سقوط الدراجة فوقي مباشرة مما جعلني وبحركة لا إرادية ارفع قدمي لمنعها من إلحاق الأذى بي ، نتج عنها جرح عميق كان سبباً في عدم حضوري للمدرسة أسبوعا كاملا .

بعد هذه الحادثة استطعت أن أقود الدراجة ليس هذا فحسب بل جمعت بعض المال من مكافئة المدرسة -تضحية –  التي كانت تصرفها لنا الدولة ، واشتريت دراجتي الخاصة التي عشت معها كثيراً من الأحداث والذكريات الرائعة ، ومن خلالها كنت ابني طموحاتي التي كنت أقضي معها معظم الأوقات حال الأطفال مع العابهم ، فلهم عالم خاص مليء بالأمنيات والطموحات ، ولن أكون مبالغاً إن قلت إن الألعاب هي بداية صناعة شخصية الطفل ومن خلالها يمكننا أن نصنع أجيال الغد .

الفرص متاحة للجميع علينا معرفتها والتمسك بها من خلال العوامل الثلاثة لتحقيقها ؛ الجهد ، المال ، الوقت ومتى سنحت الفرصة نستغل العوامل المتاحة لدينا ونعزز العوامل الضعيفة .

مذكرات ومواقف (12)

‫2 تعليقات

  1. قصة صغيره ولكن فيها فوائد كثيره لقد اثرتها كثيرا في سردك ومن ضمنها عندما تنوي على شي فسوف تتحققه مهما تواجه من مصاعب … اذكر ما حصل لك ولكن في حوادث نسيتها ، شكرا على تذكيرنا وعلى بعض التفاصيل الصغيره .

  2. ماشاءالله عشت في زمن التطور
    اول كانوا ياخذون صندوق او خشبه
    او زنبيل وواحد يركب والثاني يسحب
    الصندوق او قطعة الخشبه بالحبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى