مقالات

نعم أم لا والاختلاف

بقلم الاستاذ/موسى بن أحمد الحكمي

تعودنا ان نسمع الإجابات المنتهية بكلمتي (نعم , لا) وهي من اصغر الكلمات في جميع اللغات باختلاف الترجمة من لغة الى أخرى وهي من اهم الكلمات القصيرة و البسيطة التي قد تختصر الكثير من الجُمل والكلمات وعلى الرغم من صغرها او بساطتها في النطق والكتابة الا انها في بعض الأحيان قد تكون أداة قطيعة او هدم علاقة او اختلاف في الرأي الذي يفسد الود فمتى نقول نعم ومتى نقول لا ؟

ومن هنا نقول ان كلمة نعم على الدوام سيئة وكذلك كلمة لا على الدوام أيضاً سيئة. فإن تقول رأيك وأقول رأيي فهذه تسمى “حريّة رأي وأن تقول رأيك ولا تريد أن تستمع لآراء غيرك فهذا يسمى “ضيق أفق ” وأن تقول رأيك وتمنع الآخرين من قول آرائهم فهذه “دكتاتورية” وطمس للحريات , ولكن أن تقول رأيك وتعتدي على من يعبر عن رأيه فهذه ليست فقط جريمة

بل هي قمع وإرهاب وتخويف للخطاب كونك تضع نفسك في موضع “المعصوم” الذي لا تجوز تخطئته ويمنح من يوافقه الحصانة ولمن يخالفه الكره والتجاهل , وفي الحقيقة أن اختلاف الآراء بين الناس أمر سائد  ويحدث داخل البيت الواحد والشارع والمدرسة والعمل وبين الحكومات والدول وما يجب أن نتعلمه ونربي عليه بل ويركز عليه الجميع في جميع القطاعات والاعمال وأماكن العبادة هو أن لا يتحول اختلافنا الى خلاف، والخلاف الى عنف، والعنف الى تدمير حياتنا ومكتسباتنا التي لم تُبن بين يوم وليلة .

  

ولا أعنى ان نقول “نعم” على أي شيء، أو الاعتراض على أي شيء وفي أي موضوع حتى أثناء الهزل. كلمة لا عندما تكون غرضها الأساسي الاعتراض من أجل الاعتراض فهي ليست جيدة على الإطلاق. لأن ذاك أغبى من الذي يقول “نعم” على أي شيء، فتفكيره يكون سلبي دائماً. وأي شيء يفعله الناس سيفعل عكسه لمجرد أنه يحب أن يكون مختلف . إننا عندما نحاول إسعاد وإرضاء الآخرين فإننا نُصَاب بمزيد من الضغط والتوتر, وهذا الضغط والتوتر يكون مسبباً للضرر والإجحاف خاصة على المدى البعيد, لذلك فإننا لسنا مضطرون لقول لا للأفكار المثالية ونعم للمرهقة.

وقد نكون تعودنا في ثقافتنا فقط يتحول اختلاف الرأي الى قطيعة وتسفيه وتجريم وطعن في صاحب الرسالة والاهداف النبيلة ونعتقد  أننا يجب أن نسحق الجميع حتى لا يبقى غير صوتنا الوحيد وغالباً ما تكون فكرة الانتصار والغلبة والإقحام والشموخ بالعزة بالإثم هي هدف قبل البدء.

ان أكثر كلمة رددت في الأوساط العربية قاطبة “اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية” ولكننا في الحقيقة والواقع نفسد كل القضايا بالصراع والتجني حتى ابتكرنا مقولة (اتفق العرب على ان لا يتفقوا) ومستحيل أن نتقبل حكم الأغلبية والإجماع من أجل وحدة رأي وجمال الفكرة المطروحة أو العمل الذي سيصنع امل جديد أو على الأقل الاحتفاظ بحبل الود مع الآخرين إن لم يكن لديك فهم وأدراك بالأمر.

وحين يتعلم الجميع أن الاختلاف لا يفسد للود قضية يصبح حرية الراي ظاهرة حميدة تساهم في منع الاحتقان وتنويع المواهب وإتاحة الفرصة لظهور أفكار ومبادرات جديدة ومختلفة واختلاف الآراء ظاهرة إنسانية , ويجب أن تكون حرية الرأي والتعبير حق سيادي مالم يمس ثلاثة نقاط رئيسه لا يجب علينا تجاوزها وهي : ثوابت الدين, ووحدة الوطن, والتشهير بالأخرين أتمنى فعلا أن لا يفسد الخلاف للود قضية ولكن هل نحن نستطيع فعل ذلك بالفعل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى