-A +A
إبراهيم العلوي (جدة)i_waleeed22@
لم يعد التطرف مقبولاً في المملكة، ولم يعد يظهر على السطح، بل أضحى منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً. وأصبحت العمليات الإرهابية في السعودية اليوم «صفراً»..

بتلك الكلمات وعد ولي العهد، بالقضاء على التطرف فوراً، والبدء فعلياً في حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر. وخلال سنة واحدة، استطاع القضاء على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة.


وقال الأمير محمد بن سلمان في 2017م: «سنقضي على التطرف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر. خلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة. اليوم لم يعد التطرف مقبولاً في المملكة العربية السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً. ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة. فقد أثبت السعوديون سماحتهم الحقيقية ونبذهم لهذه الأفكار التي كانت دخيلة عليهم من جهات خارجية تسترت بعباءة الدين، ولن يسمحوا أبداً بوجوده بينهم مرة أخرى».

وأضاف ولي العهد: «خطاب الكراهية هو الدافع الرئيسي لتجنيد المتطرفين، وأن ذلك يشمل خطاب الكراهية الذي يستخدم حرية التعبير وحقوق الإنسان كمبرر. هذا النوع من الخطاب يستقطب خطاب كراهية مضاداً من المتطرفين، وهو مرفوض بطبيعة الحال. والمملكة في الوقت الذي تدين وتنبذ كل عمل إرهابي أو ممارسات وأعمال تولد الكراهية والعنف وتلتزم بمواجهة خطاب التطرف، فإنها ترفض أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب، وتؤكد على أن الحرية الفكرية وسيلة للاحترام والتسامح، كما أن الإسلام يجرِّم هذه العمليات الإرهابية ويحرِّم إراقة الدماء ويمنع الغدر بالآمنين وقتلهم بدون وجه حق. وإننا نتوعد كل من تسوِّل له نفسه القيام بعمل إرهابي واستغلال خطابات الكراهية بعقاب رادع ومؤلم وشديد للغاية. وإننا نأمل أن يتوقف العالم عن ازدراء الأديان ومهاجمة الرموز الدينية والوطنية تحت شعار حرية التعبير، لأن ذلك سيخلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب».

وتابع ولي العهد: «منذ أول عملية إرهابية في 1996م، وبشكل متزايد حتى 2017م، يكاد لا يمر عام بدون عملية إرهابية، بل وصل الحال إلى عملية إرهابية في كل ربع عام أو أقل، بل إنه بين عام 2012 و2017م، وصل هؤلاء الإرهابيون إلى داخل المقرات الأمنية نفسها. ومنذ منتصف 2017م، وبعد إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإصلاح القطاع الأمني انخفض عدد العمليات الإرهابية في السعودية حتى اليوم إلى ما يقارب الـ«صفر» عملية إرهابية ناجحة باستثناء محاولات فردية معدودة ولم تحقق أهدافها البغيضة».

وشدد على أن «عملنا اليوم أصبح استباقياً، وسنستمر في الضرب بيد من حديد ضد كلِّ من تسوِّل له نفسه المساس بأمننا واستقرارنا».

مخطط إجرامي يتحطم على الحدود

بيان لوزارة الداخلية، مطلع الأسبوع الحالي، أكد تنفيذ حُكم القتل تعزيراً بجانيين في الشرقية، إذ أقدم كل من جعفر محمد علي محمد جمعة سلطان وصادق مجيد عبدالرحيم إبراهيم ثامر (بحرينيي الجنسية) على الانضمام إلى خلية إرهابية، يتزعمها مطلوب أمني لدى البحرين، تابعة لكيان إرهابي تلقت التدريب في معسكرات تابعة لجهات إرهابية.

سقوط الإرهابيين الاثنين، لم يكن وليد الصدفة فقد سبقه عمل أمني متميز لسنوات، عمل تسلح بالخبرات والمعارف والتجارب الحقيقية والناجحة في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف.

إذ تأصل الإجرام في نفسيهما، ونذراهما للقتل والتدمير وزعزعة الأمن في السعودية والبحرين، وإشاعة الفوضى فيهما، فسقطا في شر أعمالهما في يوم الجمعة 8 مايو 2015، وبحوزتهما مادة (RDX) شديدة الانفجار خلال محاولة تهريبها، وصواعق مخصصة لتفجيرها، وذلك بعد اشتباه الجمارك السعودية في إحدى السيارات قادمة من البحرين الشقيقة عبر جسر الملك فهد؛ وذلك وفق تأكيدات رئيس الأمن العام في مملكة البحرين، إذ أعلن أن الجهود المشتركة تتواصل للكشف عن ملابسات عملية محاولة تهريب مادة (RDX) شديدة الانفجار وصواعق مخصصة لتفجيرها، وتمكنت السلطات في المملكة العربية السعودية الشقيقة من إحباطها والقبض على المتورطين فيها.

المملكة من أوائل الدول تصدياً للإرهاب

أكد الخبير الأمني اللواء متقاعد سالم المطرفي، أن المنطقة العربية وعدداً من دول العالم شهدت مواجهات وأعمالاً إرهابية متفرقة وخطيرة، شكلت تهديداً للأمن والسلم الدوليين، والمملكة جزء مهم من العالم المتغير، فهي تؤثر وتتأثر بما يجري على الساحة الإقليمية والدولية؛ ومن ضمنها آفة الإرهاب، وتعد المملكة من أوائل الدول تصدياً للإرهاب على مختلف الأصعدة؛ محلياً وإقليمياً ودولياً، وبمنهجية علمية وعملية مدروسة أفضت إلى تنفيذ جهود جبارة ورائدة في مكافحة الإرهاب والغلو والتطرف. وعدّ تجربة السعودية في مجال مكافحة الإرهاب رائدة، وتحظى باهتمام واعتراف دولي كبير، نظراً للنجاحات المتتالية والمستمرة التي حققتها.

وأبان المطرفي، أن المملكة نجحت في التحول من الدفاع إلى التخطيط وتوجيه ضربات استباقية ناجحة، تم تنفيذها بكل دقة واحترافية وإتقان، في سبيل ملاحقة الفئة الضالة وتفكيك الخلايا الإرهابية والقضاء عليها وتجفيف منابع الإرهاب ومصادر التمويل والداعمين والمحرضين.

كما اتخذت المملكة عدداً من الخطوات والإجراءات لمحاربة الإرهاب، وبادرت إلى إنشاء أول تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب والتطرف، وسعت مع المجتمع الدولي في تبني عمل شامل وجاد للحد من الإرهاب والتصدي له، كما كانت المملكة أول دولة وقعت على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي في مايو 2000م.

سقوط الثنائي

وكشفت التحقيقات العثور في سيارة الإرهابيين جعفر وصادق على 14 كيساً بلاستيكيا، مخبأة داخل تجاويف في المقعد الخلفي للسيارة؛ منها 11 كيساً مغلفة بالقصدير تحتوي على مادة عجينية وزنها 30.87 كيلوغرام أثبتت نتائج فحصها بمختبرات الأدلة الجنائية بأنها مادة (RDX) شديدة الانفجار، وكيسين يحتوي كل منهما على 25 كبسولة تفجير بما مجموعة 50 كبسولة تفجير، إضافة إلى كيس بداخله فتيل تفجير طوله (6) أمتار. وعلمت «عكاظ» أن إسقاط الإرهابيين تم في 8 مايو 2015.

وتورط الإرهابيان، في اتهامات عدة؛ منها الانضمام لخلية إرهابية يتزعمها الإرهابي مرتضى مجيد رمضان السَندي، الهارب من بلاده بعد كشف تورطه. وتلقى الثنائي التدريب في معسكرات تابعة لجهات إرهابية بهدف زعزعة أمن السعودية والبحرين، والمشاركة في تهريب مواد متفجرة بقصد الإخلال بأمن السعودية والتواصل مع إرهابيين.

وقاما بتهريب مادة (DRX) و50 كبسولة للتفجير وأسلاك للتفجير، ومحاولة تضليل جهات التحقيق وحيازة ثلاثة فلاشات ميموري كارد تحتوي على دروس أمنية واستخباراتية وأنواع الأسلحة وفكها وتركيبها والرماية ودروس للصواعق والقنابل والمواد المتفجرة.



«RDX» شديدة الانفجار


تعرف مادة RDX بانها مادة شديدة الانفجار ولا يمكن أن يحصل عليها أفراد أو تنظيمات إرهابية إلا برعاية دول ووزارات الحروب فيها. وتعد RDX مركباً عضوياً مع الصيغة O2NNCH)3). وتعرف باسم سايكلونايت أو هيكسوجين 4؛ وهو مادة صلبة بيضاء ليست لها رائحة أو طعم، وتستخدم على نطاق واسع كمتفجر. يصنف كيميائياً على أنه نيتراميد، يشبه في تركبيه الكيميائي مادة إتش إم إكس. وهي متفجرة أكثر حيوية من مادة (تي إن تي)، وغالباً ما تستخدم في المخاليط مع المتفجرات الأخرى والملدنات أو المواد المهدئة لتقليل حساسية المتفجرات.

الجمارك.. عين لا تنام

تتواصل نجاحات الجمارك السعودية في حماية حدود الوطن والاعتماد على الكوادر البشرية والتقنيات والأنظمة الحديثة والتدريب والوسائل الآلية من أنظمة فحص بالأشعة للشاحنات والسيارات والطرود والحقائب، والوسائل الحية من كلاب بوليسية مدربة على اكتشاف المخدرات والمتفجرات وغيرها، وذلك لحماية الوطن والمجتمع من المخاطر التي تهدد الصحة والأمن كالأسلحة والمتفجرات والمخدرات وغيرها. وتحظى الجمارك بدعم لا محدود من القيادة، كان له الأثر الكبير والإيجابي في نجاح إستراتيجية الهيئة الأمنية، ومن ذلك العمل على تهيئة جميع المنافذ الجمركية البرية والبحرية والجوية بالوسائل والتقنيات الأمنية الحديثة التي تُساعد في الكشف عن محاولات وطرق التهريب المختلفة.

وأسهمت منظومتها الأمنية في إحكام الرقابة الجمركية على الواردات، وكان لمركز البلاغات الأمنية (1910) دور فاعل في إحباط العديد من محاولات التهريب، إضافةً إلى الإدارات الأمنية الأخرى التي تُقدم الدعم لجميع المنافذ الجمركية. وأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه المنافذ الجمركية البرية والبحرية والجوية جهودها في سبيل تحقيق أمن وحماية المجتمع، وذلك بكشف الحيل التي يستخدمها أرباب التهريب لمحاولة تمرير سمومهم إلى المملكة.