-A +A
محمد فكري (جدة) okaz_online@
ترتكز الدبلوماسية السعودية على تراث طويل وتجربة تراكمية من التفاعل مع المجتمع الدولي وإقامة العلاقات مع الدول الكبرى على خلفية المنافع المتبادلة والمصلحة المشتركة، والعمل على توسيع آفاق التعاون السياسي والاقتصادي مع دول العالم عبر صداقات وشراكات إستراتيجية تعتمد منهج الاعتدال والعقلانية والرصانة، ما جعلها أنموذجاً سياسياً متفرداً ومنفرداً بعيداً عن التجاذبات الدولية ومآلاتها، الأمر الذي أكسبها مصداقية وثقة دولية وإقليمية قلما تجد لها نظيراً، فهي تتحرك دوماً من منطلق تحقيق الأمن والاستقرار ودعم التنمية، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو العالم.

إن دبلوماسية القيادة السعودية وتحركاتها شرقاً وغرباً، وعدم ارتهان مصالحها وسياساتها لمحور بعينه، واستضافتها القمم الدولية، واستقبالها زعامات وقيادات عالمية، جعلها محط أنظار العالم، وأكد أنها لا تعيش بمعزل عما يدور من حولها من متغيرات جيو إستراتيجية على الساحة الدولية، ومن ثم فهي تسعى لتأكيد حضورها ودورها الفعال، خصوصاً أن العالم يمر بمرحلة شديدة الخطورة، بعد تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية ونتائجها الخطيرة على الوضع الاقتصادي العالمي، خصوصاً في مجالات الطاقة والغذاء، وبالتالي أثبتت دبلوماسية المملكة المتوازنة أنها رقم صعب لا يمكن بأي حال تجاوزه، ولا تجاهل دوره في الملفات الساخنة في المنطقة والعالم.


مراقبون سياسيون يرون أن الحراك الدبلوماسي والسياسي الذي تقوده السعودية على المستوى الخارجي، يمثل ترجمة فعلية لنهج القيادة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. هذا النهج المتفرد الذي لم يرهن مصالح المملكة الإستراتيجية لأي محاور، في رأي المحللين والخبراء، يكشف بوضوح القدرة الفائقة لصانع القرار في قراءة وفهم المتغيرات على الساحة الإقليمية والدولية، وسط ظروف ومعطيات دقيقة وخطيرة تتطلب حصافة سياسية وتموضعاً جديداً، مع عودة أجواء الحرب الباردة بين القطبين.