مقالات

مذكرات ومواقف

البيت الخشبي (4)

مذكرات ومواقف

البيت الخشبي

إمكانياتي في الرسم تتعدى إمكانياتي في لعبة كرة القدم ، عرفت ذلك من ردود الأفعال وكلمات الثناء التي أسمعها ، في حين لم أجد كلمات الثناء بأني لاعب كرة مميزاً !!, وأدركت  لاحقاً قيمة كلمات الثناء على الأطفال مهما كان الأمر بسيطا أمام أعيننا الكبيرة  فهو شيء عظيم أمام العين الصغيرة للطفل .

كلمات الثناء ليست للطفل فقط  بل للكبير أيضاً سواءً كان أب ,أم ، أخ أو أخت  ، وإلى رئيس القسم ومدير الإدارة ، وللعامل الأجير ولكلِ من نعرفه ، كلماتٌ بسيطةٌ على عملٍ تم إنجازه بشكل صحيح ، أو توجيهٌ بأدبٍ لتفادي القصور ، نعم قد يكون هذا الطرح مثالياً وسهلاً في تحريره ، لكن واقعياً قد نجد من شخصٍ ما حولنا  من لا يجيد ما نسبته 5% من عمله فكيف نثني عليه ؟

دراستي الابتدائية

في دراستي الابتدائية وجدت نماذج من المعلمين والفراشين والزملاء لا زالت كلماتهم ترن في أذني ، وعكسهم تماما ، هذه النماذج قابلتها أيضا في دراستي للمعهد الصحي ، وفي بداية عملي  ولعلي أتطرق إليها لاحقا.

لازال محفوراً في ذاكرتي

البيت الخشبي لازال محفوراً في ذاكرتي ولن أنساه أبداً ، لأن ذلك البيت الخشبي وضعني في روح المسئولية الأولى ، وكنت حريصا على أن أكرر نجاحات ذلك البيت الخشبي , رغم بساطة  العمل، وسهولة التنفيذ ، فلم يأخذ مني إنجازه سوى أربع  أو ست  ساعات  فقط ، لكن الأثر استمر معي طوال حياتي ولعل الإشارة إليه هنا دليلٌ على تأثيرهِ في حياتي العملية والاجتماعية.

المعلمين يعرفون “موسى”

ذلك البيت الخشبي جعل الطلاب  والمعلمين يعرفون موسى ، مما عزز الثقة في نفسي ، وجعلني أُركز أكثر مما مضى في هواية  الرسم ، والذي من خلال هذا البيت الخشبي انضممت إلى فئة الطلاب الرسامين  إن صح التعبير، وهواية الرسم تحديداً تجلت في النقل والمحاكاة أكثر من أي نوعٍ آخر في الرسم حيث كنت أُجيدها بشكلٍ فطري.

لم تكن تلك القشور الخارجية  التي استخرجتها من أعواد زرع “الغِرْب” -كسر الغين وتسكين الراء  – أمراً خارقاً ، بل كان هو الشيء المتاح أمامي لتنفيذ ما تعلمناه من معلم التربية الفنية في كيفية  الإستفادة  من خامات البيئة المحيطة في صنع الأعمال الفنية ، كما أن منزل “سِنان “- شخصية كرتونية في ذلك الزمن تعرض على القناة السعودية – كان مؤثراً في نفسي كوني طفل لا أجد من متعة المشاهدة سوى هذا الفيلم الذي يعرض عصرًا كل يوم فكان هو المتنفس لنا كأطفال في ذلك الوقت.

مجسم مشابه لـ – بيت سِنان

اللوحة احتوت على مجسم مشابه لـ بيت سِنان وكانت أعواد الزرع تمثل الخشب الذي شيد به هذا البيت ، مع نهر يحيط به وخضرة حوله وجبلٌ خلف المنزل تغطيه الثلوج ، صورة تمثل البيئة الأوروبية التي لم أشاهدها سوى في البيت الخشبي الذي يسكنه – سِنان وعائلته –  لكن خاماته الرئيسية من مزرعة أبي رحمه الله تعالي وصنعته يد طفل كان يرى قامة حُلْمِه ومنتهى أملِه في بيت – سِنان – حيث معه نغوص أجمل حكايات الوفاء والصداقة وأسمى تعاريف الإخاء.

أخي الأكبر “حسن”

كان أخي الأكبر “حسن ” صاحب فضل كبير علي في صغري ، فهو يقوم بمساعدتي في كثير من الأمور ومنها ” البيت الخشبي ” ، وحل الواجبات وأحياناً يقوم بمساعدتي في كتابة واجب “القراءة”  حيث أنني كنت لا أستطيع إكمال الواجب المدرسي المكون من خمسة عشر  صفحة  للدرس الواحد ، حضور أخي الأكبر “حسن ” استمر معي في كل مراحل التعليم وحتى ما بعد الوظيفة فكان الداعم الرئيسي لي بعد الله وقت الأزمات . حملت هذه اللوحة كما يحملها أي طفل ، في نشوة وفخر فسوف أقدم شيئاً مختلفاً ، مع خوف داخلي أن لا يرقى هذا العمل إلى إشادة المعلمين.

المفاجئة الغير متوقعة

لكن كانت المفاجئة الغير متوقعة ؛ حيث شاهدها الاستاذ الفاضل / حسين موسى الفيفي ، وأشاد بالعمل ، ومدحها كثيراً ، حتى أنه عرضها على مدير المدرسة المربي الفاضل / الأستاذ / موسى محمد الفيفي.

كيف كانت مكافئة هذا العمل ؟

لم أتوقع أن لوحتي البسيطة كانت قد أخذت ردود أفعالٍ أعلى مما توقعته ، وسمعتُ ثناء المعلمين والطلاب ، وكانت المفاجئة أن لوحتي أخذت مكانة كبيرة مما جعلها تكون ضمن اللوحات إن لم تكن الوحيدة التي زَين بها مدير المدرسة مكتبه ، ليست لعامً واحدٍ أو اثنين بل امتد ذلك حتى أنهيت دراستي الابتدائية ، وكلما سنحت لي الفرصة لدخول مكتب المدير كنت أرمقها بعيني كي أجدد الثقة بنفسي ، وأحيانا كنت أنظر إليها من حوش المدرسة من خلال شباك مكتب المدير.

قد لا يعرف الكثيرون أو تعنيهم قصة هذه اللوحة ، وربما أن اساتذتي لم يعد أحد يتذكرها ، لكنها بالنسبة لي عمل عظيم من أساتذة عظماء ، لا زلت أجني ثماره  إلى اليوم  ، مع يقيني أنكم ذهبتم بعيدا للبحث عن قصصكم الخاصة التي لا زلت محفورة في اذهانكم .

البيت الخشبي

ما هو إلا رسالة بسيطة  يقول لي فيها :

ابْذُل أقصى جُهْدَك ،

و كن واثقاً بما تقدمه ،

وستجد النتائج مذهلة .

مذكرات ومواقف

01 المقال الأول : مذكرات ومواقف

02 المقال الثاني :قصة عذاب القبر

03 المقال الثال: لاعبا في فريق المدرسة

‫4 تعليقات

  1. بارك الله فيك أخي أبو فيصل ..
    ما شاء الله تبارك الله
    قريتها وكأني اعيش ذلك الزمن القديم الجميل وكأنه امس .. سبحان الله ،،
    وشكرا على الكلمات الحلوة الرائعه استمتعت معها .. هذا الكرتون فعلا كنت احبه وكنت اتخيل وانا اعيش في بيت سنان لان الماء يحيط به من كل جانب

    ابو فيصل انت مميز ومبدع الله يعطيك الصحه والعافيه
    بارك الله فيك ❤

  2. ذكريات الطفوله
    والتحفيز شيء رائع ، تعزز الثقه بالنفس وتضع بصمه وأثر لا يمحى

    جميل أن نجد ثناؤك لمعلميك في كتاباتك
    ففي هذا الوقت وللاسف لم المعلم ذاك الشخص الفاضل لهذا الجيل
    واخيرا ليتك تحمل صورا لرسوماتك ولكن قد تكون غير متوفرة في ذالك الوقت

  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كلمات سطرت بمداد من ذهب وكأنك تقول أن الثناء والتحفيز بمثابة السلم الذهبي الذي ينقلك من الدنو إلى العلو فلا تعجب أخي الحبيب فالله سبحانه وتعالى يحب الثناء ويحب المدح وأثنى على نفسه في عدة مواضع من القرآن الكريم
    نتطلع إلى نفائس مقالاتك وفقك الله وسددك

  4. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كعادتك ابو فيصل متميز ومبدع
    نعم تركت بصمه في مدرسة نيد الضالع في التفوق العلمي والادب والاحترام وفي الرسم وكان الجميع يتحدث عن ذلك بعد مغادرتك
    اعدت لنا الزمن الرائع الذي عشنا ليتني اجد قلما كقلمك الرائع واسلوبك ممتع ومشوق للكتابة كأسلوبك السهل المشوق لنكتب حكاياتنا
    تحياتي لشخصك الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى