
في مساءٍ مطيرٍ من مساءات فيفاء، حينما اشتدت السيول وجاشت الغيوم، كان القدر يكتب سطورًا مهيبةً في دفتر الخلود، سطورًا بمداد التضحية والبر والوفاء. رحل الأستاذ محمد بن جابر بن حسن الداثري الفيفي –رحمه الله– غريقًا، شهيدًا بإذن الله، وهو في طريقه ليبرّ والدته ويطمئن عليها. فأيُّ خاتمةٍ أطهر من خاتمةٍ تُسطَّر على طريق الأم؟ وأيُّ موتٍ أبهى من موتٍ تضيئه أنوار البر والإحسان؟
لقد كان الفقيد رجلَ تعليمٍ يزرع في نفوس طلابه بذور العلم، ويروي عقولهم بماء الحكمة، ويؤمن أن بناء الإنسان هو أقدس رسالةٍ يحملها المعلّم في حياته. غير أن رسالته لم تقف عند أبواب المدرسة، بل امتدت إلى رحاب البيت، حيث الأم التي أكرمها الله فجعل برّها أسمى غاياته، فكان في خدمتها حاضر القلب، سريع البذل، وفيًا للميثاق الذي ربطه بها.
وما أشد وقع الفقد حين يجتمع فيه وجهان متقابلان: وجه الحزن العميق على غياب رجلٍ كريمٍ نذر نفسه للتعليم والإحسان، ووجه السكينة المطمئنة إذ نعلم أن خاتمته كانت برًّا وصلةً ورحمة. رحل جسدُه مع السيل، لكن سيرته باقيةٌ لا تجرفها مياه الدنيا ولا تمحوها الأعاصير، سيرة رجلٍ آمن أن قيمة الحياة ليست بطول أيامها، بل بما تتركه من أثرٍ خالدٍ في القلوب.
إن رحيل الأستاذ محمد بن جابر ليس حدثًا عابرًا في سجل الأيام، بل هو صفحةٌ بيضاء ناصعة تُعلّم الأحياء دروسًا عميقة: أن بر الوالدين حياةٌ تُبارك، وأن المعلّم الحق لا يُورث طلابه العلم فحسب، بل يُورثهم القدوة الصالحة والموقف الشريف والخاتمة التي تبعث على العظة والاعتبار.
رحمه الله رحمةً واسعة، وجعل ما قدّمه من علمٍ وتربيةٍ في موازين حسناته، ورفع درجته في عليين، وألهم أهله وذويه وطلابه الصبر والسلوان. وسيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة فيفاء، وفي قلوب من عرفوه، شاهداً على أن أرواح العظماء لا تموت، بل تنتقل إلى حياةٍ أرحب عند رب كريم.
“سلامٌ عليك في الخالدين، أيها المعلّم البار، سلامٌ على روحك المضيئة، وموعدنا الفردوس الأعلى عند مليك مقتدر.”
رحيل الإحسان في المطر
بقلم المشرف التربوي الدكتور:
حسن بن سليمان بن علي الغزواني
الجمعة ٦/ ٣/ ١٤٤٧هـ
شكرا جزيلا لكم دكتور حسن بن سليمان بن علي الغزواني على هذا المقال الجميل والذي يكتب بماء الذهب.
ورحم الله الأستاذ محمد بن جابر بن حسن الداثري الفيفي واسكنه فسيح جناته والهم اهله وذويه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون .
جزاك الله خيرا يا دكتور حسن على هذه الكلمات الصادقة التي كتبتها بقلب وفي ووفاء نادر لقد أجدت وأبدعت في رسم صورة الفقيد رحمه الله وجعلت من رسالتك سلوى للقلوب وذكرى عطرة له نسأل الله أن يرحم أستاذنا محمد بن جابر وأن يغفر له ويرفع درجته في عليين وأن يجعل بره بوالدته وتعليمه لطلابه نورا له في قبره وشاهدا له يوم لقائه كما نسأله سبحانه أن يبارك فيك يا دكتور حسن ويحفظك ويسددك ويجعل قلمك شاهدا لك لا عليك
رحم الله ابو عبدالرحمن الجاروالصديق والصهر واسكنه فسيح جناته ،انسان جمع كل الخصال الطيبة انسان نقي القلب وفي في تعامله وصداقته واخوته ،انسان لابمل احد من مجالسته والحديث معه نسال الله ان يرحمه ويربط على قلوبنا جميعا ويجبر كسرنا على فراقه وانا لله وانا اليه راجعون
رغم بعد المسافات بيننا في المدينه
وبي فيفا العزيزه
يعلم أن حرارة الكلمات احرقتنا و رغم بعد المسافه
فجزاك الله خيرا على الوفا
وغفر للمعلم محمد
وجمعنا به في أعلى عليين