-A +A
علي محمد الحازمي
اختتمت القمم الثلاث (السعودية، الخليجية، العربية - الصينية) التي عقدت في الرياض وسط زخم إعلامي واقتصادي وسياسي كبير. منذ عام 2016، أصبحت الزيارات رفيعة المستوى بين الصين والمملكة أكثر تواتراً من ذي قبل. أقامت الصين والمملكة شراكة استراتيجية شاملة وأنشأت منصة تعاون مؤسسي وشامل رفيع المستوى بمسمى اللجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى، آنذاك، إلا أنه في الزيارة الأخيرة للرئيس الصيني تجاوزت تلك الشراكة لتنتقل إلى مستوى أكثر شمولية تحت مسمى «اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين». يمر التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والمملكة، الذي يركز على مصادر الطاقة والتعاون الصناعي والتجارة والاستثمار في ظل التنسيق الشامل، بفترة غير مسبوقة من الفرص الاستراتيجية.

تخطب الصين ود المملكة من منطلق ثلاث سمات فريدة كلها تدعم مبادرة الحزام والطريق: موقع جيو استراتيجي مهم، ودورها كقوة طاقة، إضافة لرغبة الصين ليكون لها دور محوري فيما يتعلق برؤية 2030.


جُغْرَافِيًّا، تتمتع المملكة بموقع مهم للاستفادة من طموحات مبادرة الحزام والطريق بحراً وبراً. تحتل المملكة ما يقرب من 80% من شبه الجزيرة العربية، وهي الدولة الوحيدة التي لها منفذ ساحلي إلى كل من الخليج العربي والبحر الأحمر. مع وجود نقاط اختناق محتملة لمضيق هرمز وباب المندب في أسواق الطاقة العالمية، تقدم المملكة طريق عبور بديلاً محتملاً عبر شبه الجزيرة في حال كان الوصول إليها إما محدوداً أو مغلقاً؛ بسبب مركزيتها في الشرق الأوسط، حيث تتشارك المملكة الحدود مع ثماني دول؛ وهي أكثر دولة عربية لديها حدود مشتركة، مما يضعها في قلب العديد من القضايا الإقليمية، ويجعلها جهة فاعلة مهمة للتعامل معها دبلوماسياً.

فيما يتعلق بالطاقة، فإن مكانة المملكة كقوة نفطية عظمى هو محل اهتمام صيني كونها المستورد الأول للنفط السعودي. تعلم الصيني، يقيناً، أن المملكة على المدى القريب والمتوسط والبعيد هي المصدر الموثوق واللاعب المهم، فالصين تعي بالأرقام قدرة المملكة في مجال الطاقة، من حيث احتياطاتها المؤكدة من النفط الخام فهي ثاني أكبر احتياطيات في العالم حيث تبلغ 298 مليار برميل، وهو ما يمثل 18% من النفط العالمي. قدرتها الإنتاجية التي تتجاوز 13 مليون برميل يومياً حيث ضخت أكثر من 10 ملايين برميل يومياً في عام 2021. بشكل مؤكد، لديها القدرة على زيادة هذا بمقدار 3 ملايين برميل يومياً، مما يجعلها المنتج البديل في العالم.

أنشأ البلدان آليات تنسيق ثنائية وإقليمية تهدف إلى مواءمة مبادرة الحزام والطريق الصينية ورؤية السعودية 2030. وقد أدت هذه الآليات إلى تحسين التعاون بشكل كبير في التجارة والاستثمار والطاقة وتطوير تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة. منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، أظهر الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في المملكة نُمُوّاً سريعاً في معظم السنوات. يعكس هذا النمو في الاستثمار والربط التجاري حقيقة أن نطاق التعاون بين الرياض وبكين في توسع مستمر متخذاً استراتيجية «لا عودة للخلف».