من العادات و الأدوات التراثية (22)
من تراثنا . الحساب الزراعي في فيفاء .
الجزء الأول : ( إطلالة على الحساب )
١_ مقدمة :
الحساب الزراعي هو حسابٌ تعارف عليه الأهالي منذ القدم حيث كانو يوقتوا به لمعرفة مواسم البذر والزراعة و الحصاد ، ومعرفة بعض الخصائص التي تتعلق بالزراعة لإن اعتمادهم الكامل كان على الزراعة التي بها بقاء حياتهم وفي السنوات التي كان يتلف فيها الزرع بآفة كالجراد أوشح الأرض كسنة لحمة وسنة حقن وغيرها . يموت البعض منهم لإن الزراعة هي المصدر الرئيسي للحياة والمعيشة فيما مضى . وكان هناك أناسٌ متخصصون في هذا الفن يتابعوا حركة النجوم والكواكب وحركة الشمس في السماء فيعرفوا بها المواقيت والحساب وهذا العلم المرتبط بالفلك علمٌ قديم وله أهله والعارفين به ولكل جهة سواء داخل المملكة أو خارجها مواقيتهم وحسابهم المختص بهم التي ترتبط بأشياء مهمة تخصهم في حياتهم سواء العبادة أو الزراعة أو المناخ ونحوه ..
٢_ طبيعة الحساب في فيفاء :
عدد النجوم الزراعية ٢٨ منزلة ونجماً زراعياً وكل نجم ١٣ يوم ماعدا نجم واحد يكون ١٤ يوم بعدد أيام السنة ٣٦٥ يوم وربع أي بعد أربع سنين تصبح سنة كبيسة والسنة الكبيسة هي سنة عدد أيامها 366 يوماً مع العلم أن السنة عدد أيامها 365 يوماً ولكن الأرض تستغرق في دورتها حول الشمس 365 يوماً وربع اليوم فقد تقرر جمع هذه الأرباع وإضافتها في السنة الرابعة لكي يتناسب التقويم مع الدورة الفلكية حيث يزاد يوم في شهر فبراير ليصبح عدد أيام السنة 366 يوم كهذه السنة حيث اضيف في شهر فبراير الماضي يوماً حتى ينضبط الحساب .
وقد ارتبطت المسميات في فيفاء وغيرها بأسماء منازل ونجوم فبعض المسميات مأخوذة من خصائص الزراعة والثمار والمناخ وبعضها أسماء نجوم في السماء .. مثلاً نجم ” ذوات فجر ” التي نحن فيها حيث بدأ هذا الأسبوع يوم الأحد الماضي وهي صفة يقصد بها انفجار الثمر والزهر لبعض الأشجار بعد الإعتدال والدفئ وذهاب البرد القارس ، وهناك اسماء نجوم في السماء كنجم سهيل ونجم علب وغيرها وهي علامات ( وبالنجم هم يهتدون ) سواء هداية للطريق كما كان المسافرون يتعلموا بالنجم القطبي في السماء لمعرفة الاتجاهات وبعضها علامة لمعرفة التوقيت حيث نجد أن الشيبان الأوائل لم يكن لهم ساعات ولايعرفوا الوقت فإذا استيقظ أحدهم ليلاً عرف كم بقي من الليل ويعرفوا وقت السحر في رمضان وغيرها وقرب الفجر من خلال النظر للنجوم ومواقعها ليلاً وكذلك مواقيت النهار من خلال النظر للشمس ولموقعها نهاراًَ وهناك هداية بالنجم كما ذكرنا لمعرفة مواقيت الزراعة والبذر ونحوها .
٣_ اسماء الفصول في فيفاء :
أسماء الفصول في فيفاء تختلف عن أسماء الفصول الفلكية سواء في التوقيت أو صفة الفصل من حرارة وبرودة فمثلاً الصيف الزراعي عند أهل فيفاء يقابل الربيع الفلكي بعد انتهاء البرد وحلول الإعتدال والدفئ ، فالآن يقولون بدأت معالم الصيف ، ويسمى عندهم أيضا الربيع الذي يقابل الشتاء الفلكي وقت البرد ، حيث نجد عند أهل فيفاء فصلان يهتمون بها قديماً الصيف والربيع الزراعي حيث كانو يبذرون فيها بعض المحاصيل المهمة التي كانوا يقتاتون عليها . وهما فصلان طويلان في حسابهم بعكس الخريف والشتاء عندهم فيكونا قصيران ويقابل الخريف الزراعي الصيف الفلكي والشتاء الزراعي يقابل الخريف الفلكي ..
وهكذا ، ومن خلال المتابعة نجد عندهم فصلان طويلان هما الصيف والربيع ، وأما الخريف والشتاء فيكونا قصيران ، وهناك أسبوع محل خلاف بين المحاسبين في فيفاء بالجهة العليا والسفلى من فيفاء وذلك من حيث بداية النجم ونهايته المرتبط بالبذر والزراعة وهذا شئ طبيعي لإن الجو في الأعلى أبرد قليلاً من الجهة السفلى وفيفاء ليست في ارتفاع ولاجو واحد حيث يميز الجهة العليا من نيد الضالع وفوق بالإعتدال والبرودة قليلا أكثر من الجهة السفلى المعتدلة الدافئة .
٤_ الخصائص والمعالم :
كان الأوائل لهم خصائص وعلامات لكل نجم وفصل يتعلموا بها فنجدهم يتابعوا في بعض النجوم أشجاراً معينة كالحمر المرتبط بنجم علب في وقت شدة الحر صيفاً ، وبعضها طيور تظهر فيها كالمعول ( الستليق ) صيفاَ، وكذلك الهدهد بنجم وفصل آخر وهكذا ،
وفي بعضها معالم طبيعية كالرياح الجافة ( الحجرية ) الشرقية والتي ترتبط عنهم بمسمى الشتاء الذي يقابل الخريف الفلكي بعد قطف المحاصيل في فيفاء وحزمها وتصفيتها وتخزينها. وأيضاً ” الغبرة الموسمية ” ذلك المعلم البارز المرتبط بالصيف وبعد مرحلة الحصاد ، وكل هذه المعالم سواء المعالم الطبيعية والمتعلق بظهور الطيور والزهور والثمار قد اختلفت في السنين الأخيرة حتى أصبح المحاسبون في حيرة من تغير تلك الخصائص المتعلقة بالفصول والنجوم الزراعية سواء الأمطار أو الطيور أو ” الغبار الموسمي ” ذلك المعلم البارز بكثرته فيما مضى والذي كاد أن يختفي في السنوات الأخيرة وكذلك الرياح الشرقية الجافة .
مما أحدث عند الأهالي اشكالاً كبيراً في الحساب مما اضطر بعضهم للسكوت عن الحساب لهذا السبب ، وقد حرصنا على المتابعة منذ عام ١٤٣٣هـ ورأينا تباين كبير عن الحساب السابق مما يستدعي وضع حسب آخر حسب الخصائص والمعالم الحديثة والمتكررة من عشرات السنين ..
وللحديث بقية في الأجزاء القادمة … بإذن الله تعالى .
وبالله التوفيق
من العادات و الأدوات التراثية (22)