منوعات

إلى فيفاء… حيث تعانق الأرض السماء

تقرير : حمد دقدقي

انطلقنا في صباحٍ ناعمٍ من طرقات أبوعريش – العارضة، والنسيم يرافقنا كرفيقٍ خفيف الظلّ. كانت البداية من مزرعة علي عقيل، حيث تصحو الحياة على خرير الماء وصهيل الخيول، بين نخيلٍ سامقٍ ومانجوٍ يانعٍ، وغزلانٍ تتهادى في مرجٍ أخضر يفيض سكونًا وجمالًا. هناك، شعرتُ أنّ الأرض تبتسم لنا.

واصلنا المسير نحو منتزه إيفا بالعارضة، فكان المشهد لوحةً تفيض طمأنينة. السهول الخضراء تمتدّ حتى الأفق، والأكواخ الخشبية تنتظر زائريها بترحابٍ يشبه دفء البيوت القديمة. في المقاهي الهادئة، كان البخار يتصاعد من فناجين القهوة كأنّه حكاية تُروى للغيم العابر.

إلى فيفاء… حيث تعانق الأرض السماء

ومن هناك، أخذنا الطريق نحو فيفاء عبر العارضة – الحميرا، طريقٌ يلتفّ حول الجبال كجديلةٍ من خُضرةٍ وضباب. قرى صغيرة تتكئ على السفوح، وأصوات الماعز تختلط بزقزقة العصافير، والهواء يحمل رائحة المطر الأولى. كانت الطبيعة تُنشد أغنيتها القديمة، ونحن نصغي.

عند الظهيرة، توقفنا في مطعم الحرمين، حيث الأكلات الجازانية تُقدَّم كذكرى من البيت: مغشٌّ يفوح طيبًا، ومأكولاتٌ تعبق بكرم الجنوب. وبعد الغداء، واصلنا الرحلة صاعدين نحو الجبال، والطريق يتلوى بين الغابات والحدائق المعلّقة، كأنه يصعد بنا إلى الغيم.

إلى فيفاء… حيث تعانق الأرض السماء

وفي قلب الجبال، انكشف أمامنا مطل الخطم — كجوهرةٍ تستحمّ بضوء الشمس. هناك، حيث تلتقي الوديان والجبال في مشهدٍ يشبه فسيفساء الخالق، أدركت أن الجمال أحيانًا لا يُوصف… بل يُعاش.

إلى فيفاء… حيث تعانق الأرض السماء

الهواء عليل، والأنفاس نقيّة، والهدوء يملأ المكان كصلاةٍ صامتة. أشجار معمّرة وزهور جبلية تنثر عبيرها على الممرات، وأصوات الطبيعة تتسلل إلى القلب بخفّةٍ لا تشبه إلا فيفاء.

إلى فيفاء… حيث تعانق الأرض السماء

جلستُ هناك طويلاً، أراقب الغيم وهو يلامس القمم، وأتأمل الضوء وهو يتسرّب بين الأغصان. لم تكن زيارةً عابرة، بل لقاءً مع الذات في حضن الجبل. فكل نسمةٍ مرت، تركت في القلب ذكرى… وكل نظرةٍ حملت وعدًا بالعودة.

فيفاء… ليست وجهةً نسافر إليها، بل حالة من السلام تسكن الروح كلما ذكرتها.

شكرًا من القلب لـ جمعية نجوم السياحة على إعداد هذه الرحلة الجميلة إلى المكان الأجمل، جبال فيفاء، ولكل ما أتاحته لنا من لحظاتٍ لا تُنسى بين أحضان الطبيعة وسحر الجبال.

كما نتقدّم بخالص الشكر والتقدير إلى الأستاذ يحيى صالح الفيفي، صاحب مشروع مطل الخطم في فيفاء، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة وروح الترحيب التي غمرتنا جميعًا.

والشكر موصول إلى الزملاء الكرام:
الأستاذ إبراهيم مدخلي – المنسق الإعلامي بجمعية نجوم المجتمع السياحي، الأستاذ محمد التشيلي، الأستاذ أحمد الخرمي، والأستاذ ناصر الشيخ، على جهودهم ومشاركتهم المتميزة في إنجاح هذه الرحلة.

كما نخصّ بالشكر الأستاذتين الجوري وبدور على ما بذلتاه من جهدٍ وعطاءٍ يستحقان التقدير، وعلى تفاعلهما الرائع في تنظيم وتنسيق الفعاليات.

ولا يفوتنا أن نثمّن تفاعل جميع الزملاء والزميلات المشاركين، الذين أضفوا على البرنامج روحًا من الألفة والبهجة، فكانت الرحلة بفضلهم تجربةً مليئةً بالجمال، توثقها الذاكرة وتبتسم لها القلوب.

تقرير : حمد دقدقي

تعليق واحد

  1. شكرا للكاتب المبدع الأستاذ حمد دقدقي

    نشكر الأستاذ حمد دقدقي على هذا التقرير الأدبي الرائع الذي حملنا من خلال كلماته في رحلة آسرة إلى جبال فيفاء ، حيث تعانق الأرض السماء ، فقد أبدع في تصوير جمال الطبيعة في أبوعريش والعارضة وفيفاء ، وجعلنا نعيش تفاصيل الرحلة وكأننا نسير معه بين المزارع وغابات الجبال وضباب القمم.
    من خلال أسلوبه العذب وصوره الشعرية نقل لنا مشاهد منتزه إيفا وسكون السهول الخضراء ، مرورا بطريق العارضة الحميرا الذي يتلوى بين الجبال كخيط من ضباب وخضرة. كما أضاء لنا لحظات دافئة من الضيافة الأصيلة في مطعم الحرمين ، ووصف بروعة لا تضاهى جمال مطل الخطم ، ذلك المكان الذي تتجلى فيه عظمة الخالق وسحر الطبيعة.
    لقد كان تقريره أكثر من مجرد سرد لرحلة سياحية ؛ فكان دعوة للتأمل في الجمال ، واستشعار الجمال الداخلي بين أحضان الجبال.
    شكرا له على هذا النص الذي جمع بين دقة الوصف ودفء الإحساس وجعل من فيفاء رمزا للسكينة والجمال الذي لا ينسى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى