مقالات

استغلال الجهود الإعلامية ملف صامت يحتاج إلى صوتٍ عالٍ

بقلم: الإعلامي والمستشار حامد محمد الطلحي الهذلي

بين تهميش الإعلاميين ومكافأة المؤثرين
أين تقف العدالة المهنية

في خضمّ الحراك الإعلامي المتسارع ومع ازدياد الفعاليات والملتقيات والمبادرات على مدار العام يبرز الإعلامي بوصفه الشريك الأول في نقل الصورة وصناعة الانطباع وبناء الجسر بين الحدث والجمهور. ومع ذلك فإن كثيرًا.

من هؤلاء الإعلاميين ميدانيين كانوا أو كتّاب رأي أو صنّاع محتوى مهني يواجهون ظاهرة غير عادلة تتمثل
في استغلال الجهود الإعلامية وتهميش دورهم والتعامل معهم وكأن عملهم واجب تطوّعي لا يستحق التقدير
.

وقد أجّجت الإعلامية نهلة الجمّال هذا الملف في مقالها «استغلال الجهود الإعلامية قضية تحتاج إلى صوت»

حين أشارت إلى أن بعض الجهات بما فيها جهات حكومية تتعامل مع الإعلامي وكأنه مُلزم بالتغطية مجانًا بينما تُخصَّص مكافآت مالية ضخمة للمؤثرين مقابل حضور قصير.

لا يتجاوز دقائق هذا التناقض أثار تفاعلًا واسعًا لأنه يعكس خللًا حقيقيًا في فهم قيمة العمل الإعلامي ودوره الوطني
.

مظاهر المشكلة

تتمثل أبرز الإشكالات التي تواجه الإعلاميين اليوم في الآتي:

1- طلب التغطيات “خدمة مجانية” دون مقابل مادي أو تقدير مؤسسي التعامل مع الإعلام مستقلًا كان أو صحفيًا كمحض متعاون مؤقت لا شريك مهني.

2- وجود ميزانيات مرصودة للمؤثرين فقط، مقابل تهميش الإعلاميين الذين يقدمون جهودًا أكبر وأعمق

3- غياب العقود الواضحة التي تحفظ للصحفي والمصور حقوقهم المهنية.

4- هذه الممارسات لا تؤثر على الإعلامي وحده بل تنعكس على جودة الرسالة وعلى صورة الجهة وعلى الثقة بين المؤسسات والإعلام.

لماذا يحدث هذا

هناك عدة أسباب تقف خلف تفشي هذا السلوك.

  • عدم وجود تصنيف مهني واضح للإعلاميين المستقلين
  • اعتقاد بعض المؤسسات أن التغطية الإعلامية “عملية دعائية مجانية”
  • سوء فهم لأدوار الإعلام الحقيقي مقابل تأثير السوشيال ميديا
  • التحول الرقمي الذي أضعف بعض المؤسسات التقليدية ما جعلها تعتمد على “التطوع الإعلامي”

لكن ذلك لا يبرّر أبدًا الانتقاص من المهنة ولا تحويل الإعلامي إلى مجرد عامل يلبي الطلب بلا قيمة أو تقدير

الآثار السلبية

تتجاوز آثار استغلال الإعلاميين الجانب النفسي إلى آثار أكبر منها:

  • إحباط الكفاءات الإعلامية الشابة وإبعادهم عن المجال
  • تراجع مستوى المهنية وجودة الرسالة المقدمة للجمهور
  • فقدان الثقة بين الإعلام والمؤسسات ما يؤثر على الشفافية والمصداقية
  • تعزيز ثقافة “المؤثر اللحظي”
  • مقابل الإعلامي صاحب المعرفةوالخبرة
  • الإعلام هو واجهة الوطن، وليس من المنطق أن يُعامل من يحمل الرسالة باستخفاف أو مجاملة

الحلول المقترحة

لمعالجة هذا الخلل لا بد من اتخاذ إجراءات واضحة

من أهمها إقرار عقود تعاون إلزامية بين الجهات الإعلامية وفرق التغطية، تتضمن الحقوق والواجبات والمقابل المالي.

تنظيم بيئة الإعلاميين المستقلين عبر تصنيف رسمي يعطيهم مساحة قانونية ومكانة مهنية واضحة

تقدير الجهود الإعلامية ماديًا ومعنويًا أسوة ببقية الفئات التي تُكافأ على مشاركتها

تبني نموذج “الشراكة الإعلامية” بدلًا من “الاستفادة المجانية”

إدراك أن الإعلام ليس ترفًا ولا مجاملة بل ركن أساسي في نجاح أي فعالية أو مؤسسة

خاتمة

إن قضية استغلال الجهود الإعلامية ليست مجرد شكوى فردية بل مشكلة بنيوية تحتاج إلى صوتٍ جماعي
وإلى وعي مؤسساتي يعيد للإعلامي قيمته المستحقة.


فالجهة التي تُهمل إعلامييها تُهمل صورتها وتُضعف حضورها وتخسر ثقة جمهورها
.

لقد آن الأوان لفتح هذا الملف بجدية فالعدالة المهنية ليست مطلبًا شخصيًا

بل مطلب وطني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى