الاستاذ: احمد بن موسى احمد آل خفشة الابياتي الفيفي
اعداد الشيخ: عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ــ أبو جمال

الاستاذ: احمد بن موسى احمد آل خفشة الابياتي الفيفي
إنسان واضح وصريح، مع نفسه ومع كل الناس، أحب التعليم فاتخذه مهنة، وبذل فيه قصارى جهده، وعمل فيه بكل تفان واخلاص، فلما قضى فيه نهمته، وشعر أنه قد استنفد فيه كل طاقته، وابلى فيه بفضل الله البلاء الحسن، ترجل عن صهوته، وانتقل عنه إلى غيره، غير نادم ولا قال ولا كاره، بعد أن انطبقت عليه مقولة الشاعر الكبير المعلم الاستاذ حسن أبو علة حفظه الله، حين قال من خلال تجربته الشخصية ومعاناته الطويلة :
أعاني من التدريس عشرين حجة
طوارق أحزان يضيق بها الصدر
يؤرقه الإعداد إن جن ليله
وتنهكه الأعمال إن بزغ الفجر
يلومك في التدريس من لم يعانه
ويغبط من لم يدر ما طعمه المر
فطالب بالتقاعد المبكر قبل أوانه.
واحب الزراعة وهويها وعشقها، فلم يحرم نفسه من ممارستها، على أكمل وجه واتمه، حيث تملك ارضا زراعية خصبة، وعمل على تطويعها واستغلال ثرواتها، ونجح في ذلك أيما نجاح، قال صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً، فتأكل منه دابة أو طير أو إنسان إلا كان له صدقة)، وهكذا تنقل من مجال إلى آخر، ليحقق من ذلك طموحات نفسه وآماله واحلامه، فلم يحرم نفسه من شيء يهواه ما دام مباحا، ولم يدع للتعليلات والانتقادات ما يقف منها حائلا امامه، بل طوع كل الصعاب، وتجاوز كل مستحيل، لكونه يتمتع بعزيمة قوية، وارادة صلبة، مع حسن تخطيط وتدبير، فقد تربى من صغره المبكر على العمل الجاد، وعلى تفعيل الارادة النافذة غير المترددة، بعد التوكل التام والاخذ المتمكن بالأسباب، فهو قوي الارادة، قوي الايمان، حر التفكير، تلحظ كل ذلك من خلال توجهاته، وفي تعامله وسمته وحكمته، وتجد ذلك حتى في حسن اختياراته، وجمال معروضاته، من خلال وسائل التواصل، متمسكا متزنا في كل احواله، وعلى قدر كبير من حسن الاختيار لدينه ودنياه، هكذا نحسبه والله حسيبه ومولاه، حفظه الله وبارك فيه، وزاده علما وفضلا وادبا.
إنه المعلم الاستاذ الفاضل احمد بن موسى احمد آل خفشة الابياتي الفيفي حفظه الله ووفقه.
والده هو الشيخ موسى بن احمد علي جابر سليمان حسين ال خفشة الابياتي الفيفي، تعلم صغيرا حسب المتوفر من التعليم في زمنه، وهاجر في سبيل طلبه والاستزادة منه، ثم عاد لبثه وممارسة تعليمه، مع أخيه الشيخ حسن بن احمد رحمهما الله، في مدرسة شيحة الأهلية، التي اقاماها عند بيتهما، وكانت من اكبر المدارس حينها في فيفاء، قبل افتتاح مدارس فضيلة الشيخ عبدالله القرعاوي لاحقا، درّسا فيها القرآن الكريم، والتوحيد والفقه والحديث، ونجحت واستمرت على ذلك لعدة سنوات، وبقيت مصدر نور وضياء في المجتمع، درس فيها وتعلم الكثير من ابناء فيفاء، ومنهم شيخ شمل قبائل فيفاء السابق، الشيخ حسن بن علي يحيى آل سنحان المثيبي رحمه الله، وقاضي فيفاء السابق، فضيلة الشيخ علي بن قاسم الخسافي رحمه الله، والشيخ سليمان بن علي الظلمي، شيخ قبيلة آل ظلمة رحمه الله، والشاعر المشهور سليمان بن حسين الداثري رحمه الله، وغيرهم الكثير من ابناء فيفاء.
كان على درجة عالية من العلم، متفقها في دينه، حافظا لكثير من اجزاء القرآن الكريم، ملتزما مجتهدا في عبادته، يحرص على القيام قبل صلاة الفجر، ليصلي ما استطاع من النوافل، وله ورد في القرآن الكريم يداوم عليه كل يوم، نشيط مجتهد في كل اموره، اشتغل في التجارة بعد توقف مدرسة شيحة لوجود مدارس بديلة، وقد ادت دورها على أكمل وجه، حيث تملك دكانا صغيرا في سوق النفيعة الاسبوعي، يبيع فيه بعض الملبوسات والاقمشة، وجلب لبيته مكينة خياطة، يمارس عليها تجهيز بعض الملبوسات، هو وبعض اولاده، وكان قدوة حسنة لأولاده، ولكل من حوله، نشيط جاد، لا يقبل التهاون والكسل، وكان شديد حازم في تربيته، مع حلمه وهدوء طبعه، ورجاحة عقله وكمال عدله، وكانت تستعين به المحكمة الشرعية كثيرا، في السعي لإصلاح ذات البين، ويملك خبرة في توزيع التركات والمواريث، ويؤكل إليه إتمام كثير منها، ومن ذلك عمله على توزيع تركة عمه (والد زوجته)، الشيخ فرحان بن مغوي الابياتي رحمه الله، وتركة عمه الاخر(والد احدى زوجاته)، الوجيه حسين بن جبران الابياتي رحمه الله، واكتسب منه ابنائه حب الاجتهاد، وقوة العزيمة والصبر والمثابرة، والصدق والوفاء والكرم، والعطف على المساكين ومساعدة المحتاجين، رحمه الله وغفر له وتجاوز عنه.
وأما امه فهي الفاضلة عائشة بنت فرحان مغوي آل صخيب الابياتي رحمها الله وغفر لها، لم يتاح لها التعلم في صغرها، لفقد مدارس البنات في وقتها، ولقد كانت ربة بيت فاضلة، وامرأة متدينة صابرة، مخلصة لزوجها ولبيتها، تقوم على تدبير البيت والقيام بشؤونه، وأداء كل متطلباته واحتياجاته، وكان العبء الاكبر في تدبير البيت حينها على المرأة، فيلزمها اضافة إلى عنايتها بزوجها واولادها، العمل على تربية الابقار، وجلب الماء الكافي من الموارد، مع الاحتطاب وغسل الثياب، وطهي الطعام واعداده، أضافة إلى مساعدة زوجها في مزرعته، وفي متطلباته وكل اموره، وقد رزقا بخمسة عشر من الأولاد (بنين وبنات)، رحمها الله وغفر لها وتجاوز عنها.
ولد لهذين الفاضلين في بيتهما العلايج، الواقع وسط بقعة العذر في اعلى جبل فيفاء، في 1375/7/1هـ ، حسب ما هو مثبت في بطاقته الشخصية، إلا أنه في الواقع ولد في شهر محرم من عام 1374هـ، وكان ترتيبه الرابع بين اخوته لأبيه واشقائه، وكانت مرحلة الطفولة من اجمل مراحل حياته وامتعها، تربى في كنف والدين كريمين واعيين، فكان ملازما لهما معظم وقته، يساعدهما في كل ما يكلفانه به، ويتابع والده كثيرا في اعمال مزرعته، وفي جميع اعماله المتعددة، وينفذ كل ما يطلبانه منه، من القيام بجلب بعض حاجيات ومتطلبات البيت، سواء من السوق أو من أي جهة أخرى، ويساعد احيانا في جلب الماء للبيت على حمار يملكانه، إذا ما شح الماء في محيط بيتهم، عاش تلك الطفولة سعيدا متفاعلا، يشارك في اسرته بكل ايجابية، وعلى قدر امكانياته وقدراته، لا يختلف عن بقية اترابه في زمنه وبيئته.
تعليمه :
كان والده بصفته متعلما واعيا، وسبق له العمل في مهنة التعليم، حريص أشد الحرص على تعليمه، هو وبقية اخوانه، لذلك علّمه بنفسه وما زال صغير السن، ثم ادخله لاحقا في مدارس الكتاب (المعلامة) المتوفرة في محيطهم، والحياة حينها شبه بدائية، لا تتوفر فيها الكثير من الأدوات، حتى أن وسائل التعلم لديهم قاصرة على الكتابة على الالواح، حيث لا تتوفر بسهولة الدفاتر والأوراق والأقلام، وحتى المصاحف، وإن وجد منها شيء فمحدود وشحيح، فهي شبه معدومة، وغالية الثمن، لذلك استغنى عنها الناس بالبدائل المتوفرة، من الواح الخشب التي يصنعونها بأنفسهم، وتكون عبارة عن لوح صغير، مقاساته في حدود 15×20سم، بحيث يستطيع الطالب حمله بين يديه بسهولة، ثم يتم صبغه باللون الاسود، المستخرج من قتام السرج أو الاثافي، ويتخذ محبرة من فوارغ علب الصلصة وامثالها، يوضع فيها قليل من القطن (عطب بلدي)، المتوفر طبيعيا في مزارع فيفاء، ويضع عليه قليل من مادة النورة، ويضيف إليهما قليل من الماء، وأما القلم فهو ريشة من الخشب، وفي الغالب تكون من قصب الريع، المتوفر في بعض الجهات من فيفاء، فتسنن على شكل ريشة مناسبة للكتابة، بحيث يغمس رأسها في هذه المحبرة، لتلتقط شيئا من النورة المبلولة بالماء، ثم يخط بها على هذا اللوح الاسود، فينتج عنها كتابة بيضاء جميلة واضحة، وإذا ما انتهى من حفظ درسه هيء اللوح لدرس آخر، فيمسحه بقليل من الماء، لتزول الكتابة بكل سهولة، فكان الطالب يكتب على هذا اللوح درسه بما يسمى المعشر، ينسخه من مصحف المعلم، حيث كانت المصاحف حينها نادرة الوجود، وقد لا يتوفر في المدرسة إلا مصحف المعلم، فيأتي إليه الطلاب كل منهم يستنسخ درسه بنفسه، أو يكتبه له المعلم، أو احد الطلاب الكبار، ثم يجتهد في حفظ ما كتبه في هذا اللوح، واذا ما اتقنه تماما واجازه عليه المعلم، مسحه وكتب درسا اخر مكانه، وهكذا يتدرج الطالب ويترقى في تعلمه وحفظه، فيجمع بين تعلم القرآن الكريم والكتابة والقراءة.
تعلم في البداية كما ذكرنا على يد والده الشيء الكثير، وقد كان معلما متمرسا، حيث فرغ من وقته جزأ لأولاده يعلمهم فيه، وعندما فتح المعلم عبدالله بن شريف العبدلي رحمه الله كتابه في الجوار، في جهة نيد الدارة، الحقه والده به، وتفرغ لدراسته فيه تماما، لذلك استطاع في فترة وجيزة ختم القرآن الكريم كاملا، ثم اعاده وراجعه اكثر من مرة (الخوض)، واتقن خلالها القراءة والكتابة بشكل جيد.
وفي هذه الفترة انتقلت المدرسة الابتدائية الاولى بفيفاء، إلى المبنى الجديد في اطراف سوق النفيعة، مبنى مشرفا على بيوتهم، فحينها سارع والده إلى الحاقه وأخيه حسين بهذه المدرسة، ولذلك حكاية عن اسباب تأخر والده عن الحاقهم بها من قبل، فيقول أن والده رحمه الله لم يكن مقتنعا بمقر المدرسة السابق، فقد كان مبنى متهالك، محدود في عدد غرفه، حتى أن معظم الفصول مقراتها خارج المبنى، تتنقل تحت بعض الاشجار، في المدرجات الزراعية المجاورة للمبنى، ولما زار المدرسة مدير عام التعليم في منطقة جازان، الاستاذ طامي بن هديف البقمي، عندما كثرت شكاوي المواطنين من سوء وضع هذا المبنى، وشاهده على الطبيعة، اتخذ قراره في الحال بوجوب اخلاء هذا المبنى، والمسارعة في البحث عن مبنى آخر مناسب، وتم التفاوض مع صاحب مبنى حديث مناسب، لفضيلة الشيخ علي بن قاسم، قاضي فيفاء حينها رحمه الله، يقع في اطراف سوق النفيعة الاسبوعي، وتم استئجاره في الحال وتأثيثه، وصدرت تعليمات مدير التعليم بانتقال المدرسة إليه فورا، وكان قد مضى على بداية العام الدراسي 1386/1387هـ حينها اكثر من شهر، لأنه في اليوم التالي حضر به والده واخيه حسين لتسجيلهما في هذه المدرسة، إلا أن مدير المدرسة اعتذر عن قبولهما بحجة أن التسجيل قد انتهى، ولا يستطيع قبولهما في هذا العام، وخرجوا من المدرسة ليقابل والده الشيخ سلمان بن يحيى الابياتي رحمه الله، ولما حكى له ما جرى، دله على التوجه حالا لمقابلة مدير التعليم، فما زال في ضيافة شيخ شمل قبائل فيفاء حسن بن علي رحمه الله، وبالفعل أنطلق في الحال ليعرض الموضوع على مدير التعليم، الذي أمر مباشرة بقبولهما طالبين في هذه المدرسة، ليباشرا دراستهما طالبين منتظمين من صباح اليوم التالي.
كان عند قبوله قد تجاوز سنه الثانية عشرة، وكان مهيؤو تماما للدراسة، فقد اتقن قراءة القرآن الكريم، وبجيد القراءة والكتابة، مما سهل عليه الأمر، ولم يجد أي صعوبة في دراسته، بل كان محافظا على الترتيب الأول، في جميع الصفوف الاولى والثانية والثالثة والرابعة، وواصل نجاحاته في كل الاعوام، واستمر جادا في دروسه وانتظامه، حيث كانت المدرسة في تلك الفترة في أوج قوتها واقبالها، تحتوي على مجموعة مباركة من المعلمين، يذكر منهم الاستاذ حسين بن جابر الخسافي، والاستاذ علي بن فرحان الخسافي، والاستاذ يحيى بن علي الابياتي، والاستاذ احمد بن محمد بريك، والاساتذة حيمور ومهدي وخليل وعبدالمجيد وشكيب (فلسطينيين) رحم الله من مات منهم وحفظ بحفظه الباقين، وزامل عدد من الطلاب، يذكر منهم اخاه حسين بن موسى، وموسى بن يحيى اسعد الثويعي، ومبره ابراهيم حسن العمري، وموسى بن احمد اسعد العمري، وحسن بن محمد حسن الداثري، وضيف الله بن سعد العلي الرشيدي، ويحيى بن عبدالله حسن الداثري، ويحيى بن يزيد يحيى الخسافي، وسلمان بن شريف حسين الداثري وغيرهم كثير، رحم الله من مات منهم وحفظ بحفظه الباقين على طاعته، ولا ينسى أنهم في الصف السادس الابتدائي، كانوا يؤدون اختباراته النهائية امام لجنة عامة في مدينة صبيا، ويعانون من السفر ومشقة الطريق والغربة والبعد عن اهاليهم، فكانوا يمشون على اقدامهم من اعلى جبل فيفاء، وصولا إلى سوق عيبان في اسفل الجبل، ومنه يركبون السيارات إلى مدينة صبيا، في رحلة طويلة وشاقة ومتعبة، كلها طرق ترابية وعرة المسالك، فيقضون في قطعها اكثر من اربع ساعات، وفي مدينة صبيا يعانون من مشقة السكن والمعيشة، اضافة إلى بعدهم وتغربهم عن اهاليهم لمدة اسبوعين كاملين، مع صعوبة الاجواء وارتفاع درجة الحرارة في المناطق التهامية في فصل الصيف، وما إن ينتهون من اداء الاختبارات حتى يعودون إلى بلدتهم فيفاء، بنفس طريقة الحضور، ليعيشوا بعدها فترة انتظار النتائج الطويلة، وهم على اعصابهم على احر من الجمر، حيث كانت تعلن النتائج حينها عن طريق المذياع، من محطة اذاعة الرياض، وعندما اعلنت هذه النتائج كان بحمد الله من ضمن الناجحين، في ذلك العام الدراسي 1392/1393هـ، وبتقدير عام جيد جدا، ويعتبر في ذلك الوقت انجاز كبير، ولهذه الشهادة قيمة عالية معتبرة، بحيث يستطيع بها الحصول على وظيفة حكومية مرموقة، حتى أنه عرض عليه فضيلة الشيخ القاضي علي بن قاسم رحمه الله، وظيفه كتابية في المحكمة الشرعية، إلا أن طموحاته وآماله اكبر، فهو يسعى لكي يكون معلما.
لم تكن هناك مرحلة متوسطة في فيفاء، لذلك بادر واخوه إلى التسجيل بتشجيع من والدهما في متوسطة معاذ بن جبل في مدينة جيزان، رغبة في استكمال تعليميه وتحقيق أحلامه، ولم يكن ليبالي بشيء في سبيل تحقيق ذلك، وبعد قبولهما عملا جاهدين على تهيئة نفسيهما للغربة، وفي التصبر على البعد عن والديهما والأهل، والتهيئة النفسية والاستعداد التام للغربة والدراسة، ولكنه بفضل الله وتوفيقه تم قبل بداية ذلك العام الدراسي، الموافقة على افتتاح مدرسة متوسطة في فيفاء، ملحقة بمدرستهم الابتدائية في النفيعة، مما سرى عنهما واسعدهما وجميع زملائهما، فعادا فرحين مستبشرين للالتحاق بهذه المدرسة، التي كفاهم الله بها الغربة والبعد عن الأهل ولو إلى حين، حيث اكملا فيها مشوارهما التعليمي، وسارا على ما قد تعودا عليه من قبل في المرحلة الابتدائية، وكانت هذه المرحلة مشتركة مع المرحلة الابتدائية، في المبنى والادارة والمعلمين، وكان مديرهما هو الاستاذ حسين بن جابر الخسافي رحمه الله، ومضى بهم العام الدراسي وحقق في نهايته النجاح المأمول، وفي منتصف العام الدراسي الثاني، حضر الاستاذ الشيخ حسن بن فرح اسعد الابياتي رحمه الله، مديرا لهذه المدرسة، ومشرفا على المدرسة الابتدائية، حيث كلف مديرها السابق الاستاذ حسين، بإدارة مدرسة العدوين الابتدائية المحدثة، ثم انفصلتا هاتين المرحلتين في مبنيين مستقلين، واصبحت كل منهما مستقلة في المبنى والإدارة والمعلمين، ونهضت وتغيرت بشكل كبير، حيث بث فيها مديرها الجديد القوة والحماس، واصبحت متميزة ولها ادوارها الايجابية في المجتمع، وقادة النهضة التعليمية والتوعوية، من خلال انشطتها ومشاركاتها ألا منهجية، وقد حظيت وحفلت بكوكبة قوية من المعلمين الأفاضل، يذكر منهم مع مديرها المتألق، كل من الاستاذ عبدالله المطهري، والشيخ عبدالرحيم المصري، والشيخ محمد الشيخ المصري، والشيخ عبدالغني المصري، والاستاذ صبحي الفلسطيني، وغيرهم رحم الله من مات منهم وحفظ بحفظه الباقين، ومعظم زملائه في هذه المرحلة هم زملائه السابقين في المرحلة الابتدائية، إضافة الى محمد بن جابر علي الابياتي حفظه الله، وعمه فرح بن علي حسن الابياتي رحمه الله، الطالب المنتسب حينها، وما اسرع ما مضت به السنوات في هذه المرحلة المتجددة، وارتقى في فصولها، ليتخرج منها بعد ثلاث سنوات، يحمل شهادة الكفاءة المتوسطة، رافعا رأسه بما حقق، ولم يجد خلالها بحمد الله أي صعوبة تذكر .
وبعد حصوله على هذه الشهادة، بادر ساعيا لاستكمال طموحاته، واعداد نفسه ليكون معلما كما يتمنى، فاتخذ قراره باختصار الطريق لتحقيق كل ذلك، ليتجه مباشرة ودون تردد إلى مدينة أبها، ساعيا إلى الالتحاق بمعهد اعداد المعلمين فيها، حيث كان قد سبقه إليه مجموعة من ابناء فيفاء، ممن درسوا ويدرسون فيه حينها ، ومن هؤلاء كان الاستاذ فرح بن سلمان يحيى الداثري، والاستاذ حسن بن يحيى اسعد الداثري حفظهما الله.
كان المعهد يشترط للقبول، اجتياز المتقدم المقابلة الشخصية واختبار القبول، وقد اجتازها هو وزملائه وتم قبولهم، حيث كان في رفقته كل من اخيه حسين بن موسى الابياتي، وموسى بن يحيى اسعد الثويعي، وموسى بن احمد اسعد العمري، ومبره بن ابراهيم حسن العمري، وضيف الله بن سعد العلي الرشيدي، وكانت ظروفهم جميعا حينها متقاربة، وكلهم يتغرب عن اهله لأول مرة، وبحكم أنه اكبرهم سننا، فقد امّروه عليهم، واسلموا قيادهم له، في تدبير امورهم ورعاية شؤونهم، فاستأجروا لهم على حسب قدراتهم، وامكانياتهم المالية المحدودة، بيتا صغيرا في حي القابل بابها، لا يوجد به إلا غرفتين فقط، اتخذوا واحدة منها مطبخا، والاخرى لجلوسهم ومذاكرتهم ونومهم، بأجرة قدرها مائتي ريالا في الشهر، وسارت بهم هذه البدايات بكل يسر وسهولة، ولما كان يصرف للطالب في المعهد مكافأة شهرية مجزية، مقدراها سبعمائة وخمسين ريالا، تكفي الطالب بل وتفيض على حاجته، فعندما نزلت هذه المكافأة بعد عدة اشهر، تغيرت احوالهم وتحسنت امورهم، حتى إنها كانت سببا في تفرقهم، فسعى كل منهم ينشد لنفسه السعة والراحة، حتى أنه لم يبقى في هذا البيت إلا هو واخيه، وكانوا يذهبون إلى المعهد ويعودون منه بكل يسر وسهولة ، ويقطعون المسافة مشيا على الأقدام، حيث كانت احياء مدينة ابها صغيرة ومتقاربة، ومضى بهم ذلك العام الدراسي على خير ما يرام، وتعلموا فيه الكثير من امور الحياة، اضافة إلى ما تعلموه من مواد التخصص في هذا المعهد المبارك.
كان اكثر ما يشق عليهم هو السفر إلى أهاليهم في العطل والاجازات، فالمسافة بعيدة، والمواصلات محدودة، والطرق معظمها ترابية وصعبة، ويضطرون كذلك إلى السير على اقدامهم في اجزاء منها، حيث يمشون من سوق عيبان في سفح الجبل، الذي كان آخر نقطة تصل إليها السيارات حينها، وكان يلزمهم في كل رحلة من هذه الرحلات، اكثر من ثلاث عشرة ساعة تقريبا، يعانون فيها الكثير من التعب والنصب ما الله به عليم، من خلال تنقلاتهم بين السيارات القليلة النادرة، من مدينة إلى أخرى، مع المشقة والجوع ومواجهة تقلبات الاجواء، ولكنهم مع الوقت اكتسبوا كثيرا من الخبرات وتعودوا على قوة الصبر والجلد، وتأقلموا مع اوضاعهم، وطوعها بما يحقق لهم اهدافهم، وتحسنت نسبيا امورهم، حتى أنه واخيه في السنة الثانية تملكا دراجة نارية (دباب)، اتخذاه وسيلة مواصلات لهما إلى المعهد، وفي السنة الثالثة والأخيرة اشترى له سيارة صغيرة (كرولا) جديدة، وزاد من راحتهما في هذه السنة، عندما استقر عمل اخوهما الكبير محمد حفظه الله في ابها، الذي حسّن كثيرا من امورهم، وادخل الراحة والطمأنينة عليهم، حيث استأجر له ولهما بيتا واسعا وحديثا، وهكذا مضت بهم سنوات هذه الدراسة المتخصصة على أفضل وجه، سواء في دراستهم أو في معيشتهم وفي كل النواحي، وكانت من اجمل التجارب والذكريات، ترقى خلالها طالبا مجدا في فصولها، يحقق النجاح فيها عاما بعد عام، ارتفعت فيها معنوياته وزادت معلوماته، وتحققت امنياته، إلى أن تخرج من هذا المعهد الثانوي، يحمل شهادة الدبلوم التربوي بتقدير عام جيد جدا، مع نهاية العام الدراسي 1398/1399هـ، ولم يقف به الحد عند هذا المستوى الدراسي، فبعد مضي سنوات محدودة في عمله الوظيفي، سعى إلى استكمال تخصصه، فتم تفريغه لإكمال دراسته، بعد أن امضى في العمل اربع سنوات، وبالتحديد من بداية العام الدراسي 1403/1404هـ، ليتم قبوله طالبا منتظما في الكلية المتوسطة بجازان، في قسم اللغة العربية، تخصص علوم اسلامية، ودرس فيها مدة خمسة فصول دراسية، ليتخرج منها حاصلا على دبلوم الكليات المتوسطة، وذلك في منتصف العام الدراسي 1405/1406هـ، واثناء ممارساته للعمل الوظيفي لاحقا، التحق ببعض الدورات التنشيطية المتاحة، مع أنها كانت بالنسبة لهم قليلة، لأن غالبها لا يطلعون على الإعلان عنها إلا بعد موعدها المحدد، ويكون قد انتهى القبول فيها، ولذلك لم تتح له فرصة الالتحاق بالكثير منها، ومع ذلك فقد حصل على دورة تنشيطية في تخصصه (التربية الاسلامية) لمدة اربعة ايام، في الفترة من 16/2إلى 20/2/1410هـ، كما اعد درسا نموذجيا في مدرسته، بحضور الموجه التربوي في ادارة تعليم صبيا، الاستاذ يحيى بن حسن محرق، في تاريخ 30/10/1414هـ، نالت استحسانه وشكر ادارة التعليم له، فكان عمله في مهنة التدريس يكسبه الكثير من المهارات، لأن عمل المعلم دوما عمل متجدد ومتطور، يكتسب من خلاله الكثير من الخبرات والمهارات المتعددة، فالمعلم يعرض علمه وفكره وتفاعله على مدار اليوم امام طلابه، وهو بطبعه انسان يحب التطوير والتجديد، فلا يفتر عن تطوير نفسه وذاته، وفي تحسين اداته وادواته، ويتابع كل جديد من خلال قراءاته المكثفة واطلاعه، وهكذا الانسان الناجح الحريص على تقدمه، لا يفوته شيء من وسائل التطوير، واكتساب الخبرات وتطبيقها، والاستفادة منها، حيث يكتسبها من عدة مصادر، ومع تعدد التجارب، من خلال الممارسة الفعلية الجادة لعمله، وفقه الله وزاده علما وفضلا.
العمل الوظيفي:
بعد تخرجه من معهد اعداد المعلمين، تم تعيينه مباشرة معلما في مدرسة نيد الضالع الابتدائية بفيفاء، وباشر عمله فيها مع بداية العام الدراسي 1399/1400هـ، وكانت المدرسة قريبة من مقر سكنه، حتى أنه يصل إليها ويعود منها كل يوم سيرا على الاقدام، بحيث لا يتطلب منه قطعها اكثر من ربع ساعة، وابتدأ فيها مشواره، وسبر اغواره، وكوّن شخصيته المتميزة كمعلم، واكتسب المهارات والخبرات، وفيها زامل كثير من المعلمين الفضلاء، يذكر منهم مدير المدرسة الفاضل الاستاذ موسى بن محمد احمد الداثري، اضافة إلى شقيقه الاستاذ حسين بن موسى احمد الابياتي، والاستاذ مبره بن ابراهيم حسن العمري ، والاستاذ محمد بن سلمان يحيى العمري، والاستاذ يحيى بن محمد احمد العمري، والاستاذ محمد بركات (سوري) وغيرهم من الزملاء الفضلاء رحم الله من مات منهم وحفظ بحفظه الباقين.
وبعد اربع سنوات دراسية، فرغ للدراسة في الكلية المتوسطة بجازان، التي استمرت دراسته فيها خمسة فصول دراسية، واتمها بنجاح في منتصف العام الدراسي 1405/1406هـ، ليعود إلى ميدان العمل من جديد، حيث تم توجيهه إلى مدرسة القرن ببني مالك، وكان قد حمل هم بعد المسافة، ولكن الله قيض له معلما من نفس الجهة، يعمل في مدرسة نيد اللمة الابتدائية بفيفاء، فتم التبادل بينهما بالمدارس، حيث باشر حينها في مدرسة نيد اللمة الابتدائية، ولم يستمر فيها طويلا، لصعوبة الطريق الموصل إليها آنذاك، فالسيارة لم تكن تصل إلا إلى معين المعد، وكانت الطريق ضيقة، والمواقف فيها صعبة، اضافة إلى أن اعداد الطلاب في المدرسة قليل، مما أقتضى ضم معظم الفصول إلى بعضها، فكان المعلم يؤدي الشرح والتحضير للطلاب في الحصة مرتين، فالحصة الواحدة بمثابة حصتين، ويكون نصاب المعلم اربع وعشرين حصة في الاسبوع، حيث لا يوجد في المدرسة إلا اربعة معلمين، هم كل من الاستاذ اسعد بن فرحان الظلمي، والاستاذ احمد ابو الحسن سوداني، ومعلم آخر سوداني، وهو رابعهم، فمكث فيها ثلاثة اترام فقط، ومع بداية العام الدراسي 1407/1408هـ سعى إلى الانتقال لمدرسة تحفيظ القرآن الكريم، وتم الموافقة على نقله إليها، حيث طاب له المقام فيها، لتكامل كل الظروف الايجابية المريحة، وليواصل فيها عمله وعطائه دون انقطاع، إلى أن طلب التقاعد المبكر، بعد حوالي عشرين سنة، زامل فيها عدد من المعلمين الفضلاء، يذكر منهم كل من : المربي الفاضل الاستاذ حسن بن محمد حسن الابياتي، مدير المدرسة لفترة طويلة، والاستاذ فرح بن سلمان يحيى الداثري، والاستاذ يحيى بن حسن فرحان الابياتي ، والاستاذ سليمان بن متعب الابياتي، والاستاذ علي بن محمد احمد الحكمي، والاستاذ سلمان بن يحيى علي الخسافي، والاستاذ علي بن يحيى حسن الظلمي، والاستاذ سلمان بن حسن احمد العمري، والاستاذ سليمان بن احمد الظلمي، والاستاذ حسن بن علي محمد العمري، والاستاذ علي بن احمد زيدان الخسافي( تولى ادارة المدرسة خلف للاستاذ حسن)، والاستاذ محمد بن جابر اسعد الخسافي، والاستاذ عبدالله بن فرحان يزيد الخسافي (تولى ادارة المدرسة بعد علي)، والاستاذ عيسى بن علي قاسم الخسافي(تولى إدارة المدرسة بعدهم)، والاستاذ محمد بن جابر حسن الابياتي، والاستاذ حسن بن يحيى اسعد الداثري، والاستاذ مرعي بن احمد حسن الابياتي، والاستاذ خالد بن علي احمد الخسافي، والاستاذ سلمان بن سالم حسن الشراحيلي، والاستاذ سليمان بن حسن جابر العمري، والاستاذ يحيى بن علي حسن الابياتي، والاستاذ عبدالله بن فرح سلمان الداثري، والاستاذ حسين بن حسن حسين الابياتي، والاستاذ قاسم بن سلمان مسعود الابياتي، والاستاذ عبده بن علي حسن العمري، والاستاذ عبدالله بن جابر حسين السلماني، والاستاذ فرحان بن مفرح علي المثيبي، والاستاذ محمد بن يحيى هادي الابياتي، والاستاذ حسين بن هادي حسن الداثري، والاستاذ احمد بن سليمان جابر المشنوي، والاستاذ محمد بن يحيى العبدلي، والاستاذ علي بن محمد مختار المصري، والاستاذ صبحي بن عبدالغفور السوري، رحم الله من مات منهم وحفظ بحفظه الاحياء منهم ووفقهم.
ومما يعتز به اثناء هذه المسيرة المباركة، فضلا عن زمالته لهؤلاء الافاضل، هو مشاركاته في بعض الأنشطة العلمية والثقافية، ويعتز كثيرا بمشاركته في مسابقة لحفظ القرآن الكريم، نظمها مكتب الاشراف التربوي في الداير في مكتبه، وخصصها لمنسوبي مدارس تحفيظ القرآن الكريم في القطاع، فدخل بنفسه في هذا التنافس، في القسم المخصص لخمسة عشر جزءا، وقد حصل بفضل الله وتوفيقه على درجة 96%، ويذكر من ضمن أعضاء لجنة هذه المسابقة، الاستاذ الشيخ حسن بن احمد قاسم الظلمي رحمه الله، الذي كلف لاحقا بإدارة مكتب التعليم بفيفاء عند افتتاحه.
وكذلك مشاركاته في العديد من المسابقات بين الطلاب، ومن ذلك مسابقة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، في حفظ القرآن الكريم وتجويده، التي اقيمت في عام 1421هـ، وكان له كذلك دور في فوز المدرسة بجائزة الامير محمد بن ناصر آل سعود، امير منطقة جازان حفظه الله، في العام الدراسي 1426/1427هـ، وغير ذلك من الادوار الايجابية المتعددة التي يعتز بها.
وقد استمر يعمل بكل همة ونشاط في هذه المدرسة المباركة، إلى أن تشبع تماما من هذه المهنة الشاقة، وشعر بأنه قد استنفد كل ما لديه من الطاقات، فالتعليم مهنة مرهقة تستنزف كثيرا من الجهد والنشاط، لذلك سعى مقتنعا إلى طلب التقاعد المبكر، الذي تم الموافقة له عليه، وصدر قرار تقاعده في تاريخ 1/12/1428هـ، وقد بلغت مجموع خدماته في التعليم، تسع وعشرين سنة، كانت كلها بحمد الله حافلة بالبذل والعطاء والنفع بمشيئة الله.
واثناء هذه المسيرة المباركة، نال كثيرا من شهادات الشكر والتقدير، يحضره منها ما يلي :
1ـ شهادة شكر من سعادة مدير عام تعليم صبيا، لتقديمه درسا نموذجيا في 30/10/1414هـ.
2ـ شهادة شكر وتقدير من مدير متوسطة وثانوية فيفاء، لجهوده في حفل تكريم الاستاذ الشيخ حسن بن فرح الابياتي رحمه الله في عام 1417هـ.
3ـ شهادة شكر من سعادة مدير عام تعليم صبيا، على مشاركته في انجاح مسابقة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، في حفظ القرآن وتجويده لعام 1421هـ.
4ـ شهادة شكر من مدير مدرسة تحفيظ القرآن الكريم، لإيجابيته في عمله للعام الدراسي 1420/1421هـ.
5ـ شهادة تميز من مدير مركز الاشراف التربوي بالداير للعام الدراسي 1425/1426هـ.
6ـ شهادة شكر بمناسبة فوز المدرسة بجائزة سمو الأمير محمد بن ناصر آل سعود امير منطقة جازان للعام الدراسي 1426/1427هـ.
7ـ شهادة شكر من مدير مدرسة التحفيظ ومدير مركز الاشراف التربوي بالداير عام 1427هـ.
8ـ شهادة شكر من مركز الرعاية الاولية بفيفاء.
9ـ شهادة شكر من سعادة مدير تعليم صبيا لمشاركته في انجاح زيارة معالي وزير المعارف.
زاده الله توفيقا وسدادا.
انشطته خارج العمل الرسمي:
كانت له العديد من الانشطة والمشاركات خارج اطار العمل الرسمي ومن ذلك:
- المشاركة في حفل تكريم الاستاذ الشيخ حسن بن فرح رحمه الله ، عند تقاعده الوظيفي.
- المشاركة في استقبال وزير المعارف اثناء زيارته لفيفاء.
- المشاركة في استقبال قبائل منبه اثناء قضية التحكيم.
ومع احساسه بعظم المسؤولية تجاه بذل العلم، وبالذات تعليم القرآن الكريم، أخذاً من قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، فقد خصص من وقته في فترة المساء، وقتا للتدريس في حلقات جامع نيد الدارة (الأمام الشافعي)، سواء في حلقات الصغار في فترة ما بعد العصر، وللكبار من بعد صلاة المغرب إلى العشاء، واستمر على ذلك لسنوات طويلة بحمد الله وتوفيقه، واثنائها كان ينوب عن امام المسجد عند غيابه، ويصلي بالجماعة معظم الصلوات الخمس، ويؤمهم في صلاة التراويح والتهجد في شهر رمضان المبارك، واحيانا يصلي بهم صلاة الاستسقاء وفي الخسوف والكسوف، وهو يحرص على بذل علمه ونشره، ويوصي الاخوة والاولاد والاحفاد، وكل الناس بالاهتمام بكلام الله، وأن يخصص كل واحد لنفسه وردا منه في كل يوم، يحفظ فيه القرآن الكريم ويتلذذ بتلاوته وتدبره، فالقرآن للمسلم سعادة الدارين، وشفيعا لصاحبه يوم الدين، وشاهدا له أو عليه بين يدي رب العالمين، قال صلى الله عليه وسلم (الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)، نسال الله أن يعمر قلوبنا بالقرآن، ونسأله العفو والعافية، و أن يتقبل منا، ويجعله خالصا لوجهه الكريم.
بعد التقاعد:
طبيعته الحركة والنشاط، وعدم التكاسل والخمول، فلا يستسيغ الجلوس دون عمل، لذلك فكر في ما يشغل به نفسه، ويحقق له ذاته، فوجد طلبته في الانشغال بالزراعة، مهنة الاباء والاجداد، المهنة التي يميل إليها ويحبها، ولكن كانت طموحاته اكبر من أن تستوعبها المدرجات الجبلية المحدودة، فلهذا سعى إلى تملك ارض في المناطق التهامية الخصبة، واعدها وحفر فيها بئرا ارتوازية، وبدأ في ممارسة الزراعة بكل همة ونشاط، وجزئها لعدة اجزاء واقسام، خصص كل منها لزراعة نوع يناسبه، فمنها ما كان للفواكه الموسمية، فغرس فيها العديد من اشجار التين والمنقا والجوافة، ومنها ما كان للخضار من الكوسة والبامية والملوخية، وقسم آخر للبرسيم والذرة، وانشأ في طرف المزرعة حضيرة لتربية الأغنام، وتطورت هذه المزرعة واكتسب الخبرة من خلال الممارسة، وبالذات بعد تفرغه من العمل الوظيفي، فكان يقضي فيها اكثر وقته، وبلغ انتاجها ومردودها درجة عالية مرضية، واستمر على ذلك لأكثر من ثلاث وعشرين سنة، ولكن في السنوات الاخيرة قل نزول الامطار عن معدلاتها السابقة، مما تسبب في جفاف مياه البئر، وبالتالي تأثرت اشجار الفواكه، إلى أن هلك معظمها، مما جعله يقصر نشاطه فيها على زراعة القصب وبعض البرسيم، الذي يعلفه على بعض المواشي القليلة المتبقية، وفي فيفاء اتخذ له فوق سطح منزله، بعضا من خلايا النحل، نظرا لتميز موقع بيته في وسط بقعة العذر، التي توجد فيها كثير من انواع الثمار التي تناسب النحل، وهو يربيها بصفة خاصة، قاصرة على كفايته الشخصية، حبا منه لها، وتعلقا بها كهواية يعشقها، بارك الله فيه ورزقه الخير والبركة.
ومن هواياته المتعددة أيضا، حبه بشدة القراءة الحرة، فهو يعشق الاطلاع على كل جديد، سواء ما كان في مجال تخصصه في اللغة والشريعة، وكل التخصصات المتنوعة النافعة، زاده الله علما وتوفيقا.
الحالة الاجتماعية:
متزوج من الفاضلة عائشة بنت هادي علي آل خفشة الابياتي حفظها الله، ربة بيت مدبرة، وام فاضلة، رزقا بأحد عشر ولدا، خمسة ابناء، وست بنات، وهم على النحو التالي :
- محمد جامعي، خريج جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية فرع ابها، تخصص اصول دين، تخرج في العام 1430/1431هـ، وعمل في التدريس في منطقة الاحساء، وبعد سنة واحدة تم نقله إلى مدرسة عيبان، ثم إلى الداير، لينتقل بعدها إلى مدرسة نيد الضالع المتوسطة والثانوية، والآن هو في مجمع الدفرة بذبوب.
- خالد خريج هندسة كهربائية، جامعة جازان بتقدير جيد جدا، مع مرتبة الشرف الثانية.
- عبدالرحمن خريج حاسب آلي ، جامعة جازان.
- سلطان طالب في جامعة جازان، المستوى الثالث تخصص تمريض.
- عبدالعزيز طالب في المرحلة الثانوية، نيد الدارة بفيفاء.
- فايزة خريجة جامعية، عملت في التدريس لأربع سنوات، في متوسطة وثانوية العدوين، متزوجة ولها اولاد.
- مريم ثانوية عامة، متزوجة ولها اولاد.
- حليمة متزوجة ولها اولاد، تدرس في الجامعة العربية الالكترونية بالرياض.
- خديجة متزوجة ولها اولاد.
- امجاد تدرس في امريكا المستوى الثامن، تخصص تمريض، متزوجة ولها اولاد.
- علياء طالبة في جامعة جازان، كلية الداير، قسم التمريض، المستوى الثامن.
حفظهم الله ورعاهم، واعانهم على المشاركة في تقدم المملكة، وخدمة الوطن والمليك، وحفظه الله بحفظه، وحفظها من اسرة مباركة كريمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم/ عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ــ أبو جمال
الاستاذ: احمد بن موسى احمد آل خفشة الابياتي الفيفي
الرياض في 1446/3/12هـ