مقالات

الاستاذ : فرحان بن شريف حسن الخسافي الفيفي

الشيخ : عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال

الاستاذ : فرحان بن شريف حسن الخسافي الفيفي

تربى منذ نعومة اظفاره على العمل والجدية، حيث اسند إليه وهو في الخامسة من عمره مهمة رعي الغنم، واستمر على ذلك إلى أن تخرج من المرحلة الابتدائية، مع أنه تأخر عن الدراسة عن موعدها لأكثر من خمس سنوات، واثناء دراسته كان يجمع بين الدراسة والعمل،

يدرس في الصباح ويعمل في المساء، وبعد ما اشتد عوده وبلغ سن الرشد، انتقل ليعمل في مهنة الحرث والزرع، وعمل في تكسير الحجارة المستخدمة لبناء البيوت، فنشأ قوي البنية قوي العزيمة قوي الارادة، تخصص في الجامعة في قسم الاحياء،

وهي من التخصصات النادرة، وعمل على مدى ثلاثين سنة، معلما لمواد العلوم والاحياء، في جميع مراحل التعليم العام (الابتدائية والمتوسطة والثانوية)، فهو نموذج وقدوة في كل ادوار حياته، وفي دراسته وفي عمله، وفقه الله وبارك فيه، وزاده علما وفضلا، وكثر الله في مجتمعاتنا من امثاله. 

إنه الاستاذ فرحان بن شريف حسن الخسافي الفيفي حفظه الله ووفقه.الاستاذ : فرحان بن شريف حسن الخسافي الفيفي

والده هو الشيخ شريف بن حسن احمد الخسافي رحمه الله، من مواليد عام 1329هـ، في بيتهم المسمى المطلعة، المجاور لبيت عفازة بيت جده احمد بن يحيى، وعاش من طفولته المبكرة يتيم الاب، حيث قامت على تربيته هو واخوته، امه الفاضلة مريم بنت يزيد آل شحرة الخسافي رحمها الله، وترملت عليهم في بيتهم المطلعة، ولما كبر قليلا انتقل للعيش مع جده احمد بن يحيى في بيته عفازة، يعينه ويقوم على مصالحه واحتياجاته، ولم يتعلم لانعدام المدارس في محيطهم حينها،

ومع ذلك فقد ثقف نفسه في امور الدين الاساسية، فكان يهتم كثيرا في السؤال عن امور دينه، من الصلاة والصيام والزكاة والحج والتوحيد، على الرغم من قلة المتعلمين في تلك الفترة، وكانت من اهم صفاته الايجابية، اهتمامه بالمحافظة على الصلوات والصيام والزكاة، ولا يتسامح أبدا مع اولاده في التفريط في المحافظة على الصلاة في اوقاتها، واتصف بحسن الخلق وجمال العشرة، وكان صادق الوعد حافظا للأمانة، يحث جميع افراد عائلته على التحلي بهذه الصفات النبيلة،

وقد اشتغل منذ نعومة اظفاره بالحرث والزراعة، فكانت المهنة السائدة في محيطه وفي مجتمعه، ويستغل جميع اوقاته بكل ما هو نافع ومفيد، تزوج في حياته ثلاث مرات، الاولى زوجة انجبت له ولدين وبنت، ثم ماتت هي واولادها جميعا رحمهم الله، ثم تزوج الثانية وانجبت له ثلاثة اولاد وابنتين، ثم ماتت رحمها الله، ثم تزوج الثالثة وهي والدة فرحان رحمها الله، وانجبت له ثلاثة اولاد وبنت واحدة.

وهذه الأم هي الفاضلة ذرحة بنت سالم قاسم المثيبي رحمها الله، ولدت في عام 1343هـ، في بيت المعشي من بقعة المجرم، من اسرة مشهورة بالكرم والامانة والعطف على الفقراء والايتام، فتربت على هذه الفضائل، واتصفت بهذه الصفات الكريمة، حتى إنها قامت على تربية ابناء زوجها الايتام الصغار، واعتنت بهم تمام العناية، وكأنها امهم الحقيقية، ولا زالوا إلى اليوم ينادونها بأمهم، ويدعون لها بكل خير، وهي كريمة سمحة سخية فاضلة، تحب الخير للجميع، رحمها الله واسكنها فسيح جناته.

ولد لهذين الفاضلين في بيتهما عفازة، في شرق الجبل الاعلى من فيفاء، في تاريخ 1/7/1376هـ حسب ما هو مسجل في بطاقته الشخصية، وتربى في هذا البيت مع والديه واخوانه، ولما بلغ الخامسة من عمره، ارسله والده إلى عمته، اخته الفاضلة فاطمة بنت حسن احمد، ام سلمان علي شريف الخسافي، والتي كانت تسكن في بيت المحمور، في جهة نيد المزرة، ليساعدها في القيام برعي اغنامها، وبقي معها على ذلك لمدة اربع سنوات، وبعدها رجع إلى بيت ابيه القور،

وكلفه حينها برعي اغنام كان يملكها، واستمر على ذلك لمدة عامين، وهكذا كانت طفولته فيها كثير من العنت والتعب، ولأكثر من احد عشرة سنة، لم يستمتع خلالها بحياة الطفولة الحقيقية، الا بالنزر البسيط في أول طفولته المبكرة، ولكن هذه المعاناة والتعب زرعت فيه الكثير من الميزات، ومنها الصبر والقوة والجدية وحب العمل، وما بالك بمهنة رعي الأغنام، وما تخلفه في شخصية صاحبها من الايجابيات، حتى أنها كانت من مهن الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، قال صلى الله عليه وسلم (ما بعث الله نبيا إلا ورعى الغنم، فقال اصحابه وانت يا رسول الله، فقال : نعم كنت ارعاها على قراريط لأهل مكة)،

وقيل إن الحكمة من رعي الاغنام (ليأخذوا انفسهم بالتواضع، وتعتاد قلوبهم على الخلوة، ويترقوا من سياستهم للغنم  إلى سياسة الامم)، وبالفعل نجد فيه الشيء الكثير من ذلك، في اخلاقه وصفاته، وفي معظم جوانب حياته.

تعليمه : 

 عندما بلغ الحادية عشرة من عمره، كان يتحرق شوقا إلى الدراسة، وهو يرى اقرانه يلتحقون بالتعليم، وبالمدرسة الابتدائية الوحيدة القائمة في النفيعة، ولذلك طلب من والده والح عليه، في أن يسمح له بأن يسجل في هذه المدرسة، رغم بعدها عن سكنهم، ولكنه سبق والتحق بها كثيرون من جيرانهم، ومن هم ابعد منه مسافة عنها، ولا يهمه بعدها أو قربها ما دام مقدور عليه،

ولكي يوافق له والده على طلبه، التزم له بأنه سيواصل القيام على رعي الغنم، بحيث سيذهب في الصباح إلى المدرسة، وإذا ما عاد منها مساء، قام برعي الاغنام، فلما رأى والده اصراره ورغبته الشديدة في التعليم، استحسن منه ذلك، ووافق له على طلبه، على أن يلتزم بشرطه الذي فرضه على نفسه، وأن لا يقصر في ذلك.

وبالفعل ذهب إلى المدرسة في احد ايام عام 1388هـ، وقابل مدير المدرسة حينها، الاستاذ علي بهلول، من اهالي صبيا، حيث طلب منه ان يحضر حفيظة نفوس والده المضاف فيها، وأن يحضر ريالا قيمة ملف علاقي لحفظ أوراقه، ولما احضرهما وضع المدير الريال في جيبه، وسجل اسمه في احد الكشوفات، وبذلك اصبح احد طلاب هذه المدرسة، ومع بداية العام الدراسي ذلك العام، انتظم في الصف الاول الابتدائي المخصص لهم، وفي أول حصة لهم كطلاب مستجدين،

وكان عددهم حوالي ثلاثين طالبا مستجدا، دخل عليهم معلم الفصل، وكان من الجنسية الفلسطينية، وبدأ بالتعرف على اسمائهم واحدا واحد، ومناقشة كل منهم، وسؤاله هل يعرف القراءة والكتابة، وصنفهم على ضوء ذلك إلى مجموعتين، حيث فرز الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، وكان فرحان واحدا منهم، حيث لم يسبق له أن تعلم شيئا منها، وكان عددهم تسعة طلاب، فخصص لهم مقاعد في اخر الصف، وأطلق عليهم مسمى مجموعة (علي عيضة)، وعلي عيضة شخص غريب معتل العقل، كان يقيم في سوق النفيعة المجاور للمدرسة، ومن هذه الحصة ابتدأ في تهميشهم نهائيا، ويتعمد أن لا يشركهم في الدروس، ولا يسألهم ولا يعطيهم أي اهتمام أو واجبات، مع بقية زملائهم في مقدمة الفصل،

مع أن بعض منهم قد تحسنت أوضعه الدراسية فيما بعد، ولكنه قد اصدر عليهم حكمه الجائر من قبل، فاصبح لا يهتم بأمر أي واحد منهم، واستمروا على هذه الوضع طوال العام الدراسي، وكأنهم اصنام داخل الفصل، أو لا وجود لهم فيه نهائيا، وبالتالي لم يختبرهم مع بقية زملائهم، واصبحوا بذلك من عداد الراسبين، فكان لزام عليه وبقية مجموعته اعادة السنة من جديد، وهذا المعلم بالطبع يعتبر خارج المنظومة التربوية، بل خارج الاخلاق والدين واداء الامانة، فاقد لكل مقومات الاخلاق العربية، فضلا عن اخلاق المسلم الحق، كان يدخل عليهم الفصل كما يصفه،

حاملا في يده كوبا من الشاهي، ويجلس امام الطلاب يشربه ويدخن السجائر، وقد جرأه على فعل كل ذلك على ما يبدو، عدم وجود ادارة في المدرسة تقوم بواجباتها، فليست بأمينة أو حريصة على مصلحة الطلاب، ثم عدم وجود معلمين وطنيين يحرصون على تعليم الطلاب ونجاحهم، وتأتي ثالثة الاثافي في فقدان الوعي والاهتمام لدى اولياء امور الطلاب،

فكل مشغول بأمور حياته وطلب الرزق، معتقدين أن هناك في المدرسة من سيؤدي عمله بأمانة، وكان على هذه الصفة غالب افراد المجتمع حينها، لا يدركون اهمية المتابعة والسؤال عن ابنائهم في المدرسة، وعن سيرهم وعن ماذا يدرسون فيها، وماذا يعملون في المدرسة، وماذا يجب عليهم أن يعملوه في البيت، وانتهت تلك السنة الاولى ولم يستفد من المدرسة شيء ذو بال، سوى ما صنعه لنفسه من حرصه على تعلم القرآن الكريم، خارج اسوار المدرسة،

حيث سجل خلال هذه السنة في حلقة للقران الكريم، كانت قائمة في مسجد النفيعة، فكانت هذه اكبر فائدة بل الوحيدة التي جناها في هذه السنة، حتى أنه وجد فائدتها مستمرة معه، ولا حدود لها في حياته، فالقرآن الكريم هو المفتاح الاساسي للتعلم، ينفع صاحبه في أي فرع من الدراسات المختلفة، ويكون معينا له على التفوق والابداع في كل المجالات، وقد واصل اهتمامه بتعلم القرآن الكريم فيما بعد، فكان يتتبع حلقاته، ويحرص على الالتحاق بها في السنوات التالية.

اعاد الدراسة في الفصل الاول في السنة التالية 1389هـ، ويعتبرها هي البداية الحقيقية لدراسته، وكان عمره حينها قد بلغ الثانية عشرة سنة، وكانت ادارة المدرسة قد تغيرت، حيث اسندت الى الاستاذ علي بن فرحان الخسافي رحمه الله، الذي اعاد للمدرسة رونقها ونظامها واهميتها، وتغيرت كل الامور في كامل المدرسة، وتحسن الوضع له ولكل الطلاب بشكل جذري، فانغمس في دراسته ونجاحاته وتفوقه عاما بعد عام، وعلى مدى سنوات هذه المرحلة الابتدائية الست، التي اتصفت بالجدية والاجتهاد والبذل، حيث كان يذهب في صباح كل يوم إلى المدرسة للدراسة،

ليعود منها بعد الظهر ليتغدى ويحمل كتبه، ويسوق غنم والده الى المرعى، واثناء متابعته لهذه الأغنام، ينكب على حل واجباته المدرسية، ومذاكرة دروسه ومراجعتها، ليعود مع المغرب الى البيت، يصلي المغرب ثم العشاء ويتعشى، ويخلد لفراش النوم إلى صلاة الفجر، ليصلي الفجر مع والده واخوانه جماعة، وينطلقون بعدها جميعهم أو بعض منهم لجمع علف لبقرة والدتهم في البيت، وبعدها يتناول فطوره البسيط، الذي يكون في الغالب قطعة خبز صغيرة، يشرب عليها فنجانا من القهوة، ويحمل بعدها كتبه منطلقا إلى مدرسته.

في تلك الفترة وفي سنواته الاولى من المدرسة، كانت ظروف الناس المعيشية صعبة جدا، توالت فيها سنوات من القحط وانقطاع الامطار، مع الشح في الدخولات النقدية، وعدم توفر المال لدى غالب الناس، واصبح حتى الخبز الطعام الاساسي لديهم قليل جدا، ومحدود لدى كثير من الاسر، وينطبق ذلك في كل امورهم الاخرى، فالملابس يصعب الحصول عليها، بسبب عدم توفر المال في الايدي، فكان هو لا يملك إلا ثوبا واحدا فقط، كان يجتهد في أن يحافظ عليه، ويبقى صالح للبس طوال العام الدراسي، وكان يعاني من الجوع في المدرسة، ولا يجد ما يأكله فيها، وكذلك لا يتوفر فيها حتى ماء للشرب،

فإذا ما عطش احدهم ذهب إلى بئر الدهيم، القريب من السوق، أو إلى بيت احمد بن حسين آل حسين رحمه الله، المجاور للمسجد ليشربوا منه، وبقي على هذا الحال يجاهد ويكافح، إلى أن وصل إلى الصف السادس الابتدائي، وكان في اثناء العطل الصيفية يدرس القرآن الكريم، ملتحقا بإحدى حلقات القرآن المتوفرة، وكانت أول حلقة كما ذكرنا في مسجد النفيعة، عند الشيخ عبدالله الشرفي، يماني الجنسية، والثانية في مسجد نيد اللمة، عند المعلم ولد صلاح اليماني، ثم في حلقات كان يقيمها الشيخ حسين بن علي آل زايد الخسافي، في بقعة العويدة، وفي هذه الحلقات يدفع كل طالب خمسة ريالات في الشهر للمعلم، ولذلك لم يصل الصف السادس إلا وقد ختم كامل القرآن الكريم.

كان الطلاب في الصف السادس في ذلك الوقت، يؤدون الاختبارات النهائية امام لجنة عامة، تقام في مدينة صبيا، لكامل مدارس القطاع الشمالي من منطقة جازان، والأسالة موحدة ترد من وزارة المعارف، ويكون في الغالب موعد هذه الاختبارات مع بداية فصل الصيف، الذي تشتد فيه الحرارة في المناطق التهامية، ولم يكن ابناء الجبال الباردة متعودين عليها، ويذكر في ذلك العام، أنه قبل موعد الاختبارات بأيام، نزل هو وزملائه من جبل فيفاء إلى سوق عيبان، الواقع في سفح الجبل، مشيا على الاقدام، وكان هذا السوق آخر نقطة تصل إليه السيارات في هذه الجهات، حيث ركبوا منه في سيارة نقل (شاص)، لتوصلهم إلى مدينة صبيا، وكانت الطريق طويلة وصعبة وغير معبدة، تستغرق بهم الرحلة لما يقارب من اربع ساعات مرهقة، تحملوا خلالها التعب والغثيان،

فقد كانت اول مرة يركبون فيها السيارة، وفي صبيا كانت البيوت فيها محدودة، وغالبها من الخشب والقش (عشش)، خالية من كل وسائل الراحة، استأجروا لهم (عشتين) صغيرتين، عند امرأة (معزبة) عجوز، اسمها (عمرية)، كانت تقدم الخدمات لعموم الناس، من طبخ طعامهم وصنع القهوة لهم، واستمرت اقامتهم لديها في صبيا مدة اسبوعين كاملين، كانت فترة أداء الاختبارات، كانت خلالها تقوم على طبخ ما يحتاجون إليه من الوجبات اليومية، وغالبها كانت من خبز الخمير والادام، وفي الليل تضيء لهم سراجا (اتريكا كبيرا) يوقد بالقاز، ليذاكروا على ضوئه،

فواجهوا في هذين الاسبوعين الكثير من العنت، والظروف الصعبة التي لم يمر بهم مثيلا لها من قبل، كان في مقدمتها الحر الشديد، وهم قادمون من مناطق جبلية باردة، ومع انعدام كل وسائل التبريد للتخفيف عنهم، اضافة إلى الحشرات المؤذية من بعوض وغيره، وفي ابتعادهم عن اهاليهم لأول مرة، ولكنه بحمد الله وجميع زملائه قد اجتازوا هذه التجربة، ونجحوا في هذه الاختبارات، بتقديرات فوق الجيد، حتى أن أحد زملائهم، الطالب سالم بن يحيى يزيد الظلمي رحمه الله، والذي كان من ضمن مجموعة علي عيضة في الصف الاول الابتدائي، قد حصل في هذه الاختبارات النهائية على تقدير ممتاز، وبكامل مجموع الدرجات، وكان ترتيبه الاول على منطقة جازان، حيث كان يتم تصحيح الاجابات في الوزارة بالرياض، وتعلن النتائج عن طريق الاذاعة الرسمية من الرياض.

كان نجاحه وحصوله على شهادة المرحلة الابتدائية في عام 1394هـ، كواحد من طلاب مدرسة فيفاء الابتدائية، وبتقدير جيد جدا، ولحسن حظه وجميع زملائه، كانت قد افتتحت في السنة السابقة 1393هـ، مدرسة امتوسطة في النفيعة بفيفاء، مشتركة مع المدرسة الابتدائية، حيث كفتهم الغربة والابتعاد عن اهاليهم، التي كانت ضرورة لمن اراد مواصلة دراسته، وبادر دون تردد بالتسجيل فيها، ولم يتغير عليه شيء، لأن هذه المدرسة في نفس مبنى المدرسة الابتدائية، وبنفس الادارة والمعلمين،

وانتظم في الفصل الاول المتوسط، ولم يمضي بضع اشهر حتى انتقل للمدرسة الاستاذ حسن بن فرح رحمه الله، ليكون مديرا للمدرستين الابتدائية والمتوسطة، ومن تلك اللحظة بدأت الامور تتغير وتتحسن بشكل جذري، فقد احدث هزة عنيفة في المدرسة، بل وفي المجتمع بكامله، واضفى كثيرا من الحيوية والنشاط والتجديد، وادخل كثيرا من المستجدات التي حركت الراكد، وعمل جاهدا على التصحيح وبث الوعي في كثير من الامور والمتغيرات، وسعى جادا إلى تعديل كثير من العادات والمفاهيم الخاطئة، ونقد بعض الموروثات السلبية، وتوضيح اهمية طلب العلم الحقيقي،

وكان يستغل لأجل ذلك ما تقدمه المدرسة من الانشطة المتعددة، وفي اقامة الاحتفالات الختامية، التي تقام في نهاية كل عام دراسي، فكان الحفل بالإضافة إلى الكلمات والاناشيد، تعرض فيه تمثيليات هادفة وموجهة، يعد مضمونها الاستاذ حسن بنفسه، وبالاشتراك مع بعض المعلمين، ويختار لتأديتها مجموعة منتقاة من الطلاب الجيدين، وكان فرحان احد نجوم هذه التمثيليات، ومن المشاركين الرئيسيين في القيام بأدوارها، وكان يؤدي فيها ادوار متميزة ومحورية، لامتلاكه القدرات الجيدة التي اكتشفها فيه الاستاذ حسن بن فرح، ونجح وابهر بحسن تقمصه لهذه الشخصيات، (واكثر ما كان يجيده منها بشكل متقن، دور شخصية كبير السن المتحجر، التي يضعونها نموذجا في تمسكه بكل قوة لما هو موروث، وما قد سار عليه غالب المجتمع من العادات والممارسات السلبية، والتي قد تغير الزمن ولم يعد الوقت الحاضر مناسبا لاستمرارها، فتبرز أولا امام المشاهد بكل وضوح، حتى يحكم بنفسه على عفنها وقبحها، ثم تبرز له الحلول والبدائل المناسبة، التي يحسن به الاخذ بها وترك ما سواها)، وكان لها مردود ايجابي وفعال،

حيث تنتشر هذه التمثيليات بين الناس في داخل المجتمع بشكل كبير، ويتأثرون بما يناقش فيها، ويتفاعلون مع النقد الواقعي الوارد عليها، واستمر في نجاحاته كأحد نجوم هذه التمثيليات، طوال فترة بقائه طالبا في هذه المدرسة، على مدى ما يقارب من سبع سنوات، كانت هي مدة دراسته في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وفي اثناء هذه المرحلة تغيرت الأوضاع عما كانت عليه، وتحسنت امور الناس المعيشية بشكل جذري، حيث بدأت الطفرة في ارجاء المملكة، ووصل زخمها إلى كل مكان، وبدأ في تلك السنوات صرف التغذية المدرسية، والملابس الرياضية لجميع الطلاب،

وكانت تصرف لهم حتى البطانيات، وارتاح الطلاب واهاليهم، وتغيرت الاحوال بشكل كبير، ثم بعد فترة استبدلت هذه التغذية، وصرف للطلاب مكافآت شهرية، وصدرت الاوامر بتعميم صرف الضمان الاجتماعي لكبار السن، من اولياء امور الطلاب وغيرهم، وتحسنت ظروف الناس المالية بشكل كبير، واما بالنسبة له شخصيا، وقد كبر سنه واصبح يعي كثيرا من امور الحياة، فقد ابدل عمله برعي الغنم خارج اوقات المدرسة، في الاشتغال بأعمال اخرى اكثر جدوى، فكان إذا رجع من المدرسة، أو في العطلة الاسبوعية، وفي العطل الصيفية، يشتغل في الحرث بالثور بعدما اتقن هذه الحرفة، ويعمل في الفرس (العزق) بالمسحاة، واحيانا يشتغل في تكسير بعض الصخور، التي كانت المادة الوحيدة لبناء البيوت، ويقوم بإصلاح وبناء ما يتساقط من المدرجات الزراعية، بعد نزول الامطار الغزيرة،

حتى اصبح والده يعتمد عليه كثيرا في هذا المجال، فكان يقوم بالنيابة عنه في الحرث وزراعة اجزاء كبيرة من اراضيهم الزراعية، بل ومن باب التشجيع كان يمنحه ثلث الغلة والمحصول، وقد تطورت قدراته وزادت خبراته ونشاطه، حتى أنه عند فراغه من الدراسة وفي العطلة الصيفية، أو فراغه من العمل عند والده، يبحث له عن اعمال اخرى مماثلة لدى بعض الجيران، ليعمل عندهم بالأجر اليومي، فقد أحسن العمل في الحرث بثور خاص به كان يملكه، أو يقوم بالفرس (العزق) على الزروع، أو في تكسير الصخور الكبيرة، ونقل حجارتها الخاصة ببناء البيوت، أو المدرجات الزراعية، وكان لا يرتاح من هذه الاعمال الشاقة، إلا مع بداية العام الدراسي، وهذه الاعمال والممارسات شجعته بشكل غير مباشر على الجدية، وعلى الصبر والجد والاجتهاد في دراسته، وبقي كذلك إلى أن حصل في عام 1397هـ على الشهادة المتوسطة، متفوقا وبتقدير ممتاز،

وكانت رغبته حينها في اكمال دراسته في معهد اعداد المعلمين الثانوي، وكانت مدة الدراسة في هذه المعاهد ثلاث سنوات، تؤهله ليكون معلما في المرحلة الابتدائية، إلا أن مدير المدرسة الاستاذ حسن بن فرح رحمه الله، كان حينها قد سعى إلى الحصول على الموافقة على فتح مرحلة ثانوية ملحقة بالمتوسطة، وقد اعتمد لهم فتح الصف الاول الثانوي في ذلك العام، وكان عدد طلاب الكفاءة المتوسطة المتخرجين احد عشر طالبا فقط، فحرص الاستاذ حسن على بقائهم دعما لهذه المرحلة المحدثة، واقنعهم جميعا بالتضحية وضرورة هذا الامر، لذلك استمر طالبا في هذه المرحلة وتنازل عن فكرته السابقة، وسارت معه ومع زملائه الامور على خير ما يرام، تجاوزا السنتين الاولى والثانية،

إلا أنهم في الصف الثالث الثانوي، حصل لهم ما لم يتوقعوه، فقد كانت الاسئلة في هذا الصف ترد إليهم من وزارة المعارف، وكانت في ذلك العام قوية وصعبة جدا، إضافة إلى أن مستواهم كان ضعيف في المواد العلمية، وفي اللغة الانجليزية بالذات، لعدة اسباب منها كونهم اول دفعة في هذه المدرسة، ولعدم اكتمال جميع معلمي هذه المواد من بداية الدراسة، ونقص في المعامل والوسائل، فلذلك لم ينجح منهم في الدور الاول إلا طالب واحد، هو الطالب موسى بن حسن علي الداثري (البارد) حفظه الله،

والعشرة المتبقين اكمل كل واحد منهم في عدة مواد، وخاصة اللغة الانجليزية ، ولم يتجاوزها في الدور الثاني الا القليل جدا، والبقية اعادوا السنة مرة ثانية، وكان واحدا من هؤلاء، وكانت له رغبة شديدة في الحصول على هذه الشهادة، لذلك قرر اعادة السنة بكل عزيمة واصرار، وسعى إلى مضاعفة جهوده اكثر، وسار على منهجه في استغلال العطل الاسبوعية والصيفية، من قيامه بالعمل في مهنة الحرث والزراعة، وكانت تلك الفترة من الفترات الذهبية في ارتفاع معدلات الدخل بين الناس، مع تحسن الوضع في عهد الملك خالد رحمه الله، حتى أنها بلغت اجرة العامل اليومية في فيفاء خمسمائة ريال، وقد نجح في نهاية العام الدراسي 1401هـ ، وتخرج من الثانوية العامة علمي بتقدير جيد، وكان قد جمع كذلك من ممارسة العمل في الزراعة خارج اوقات الدراسة، مبلغ كبير يزيد على مائة الف ريال.

الدراسة الجامعية :

  بدأت مع نجاحه واستلامه الشهادة الثانوية، تتوارد على فكره العديد من الخيارات والتوجهات، فكان في مقدمتها الاكتفاء بهذه الشهادة، والبحث له عن عمل وظيفي حكومي، وكانت هذه الشهادة في ذلك الوقت ذات قيمة عالية، والفرص الوظيفية متاحة بشكل كبير، حتى أن كثير من زملائه قد اتجهوا إلى هذا المجال، وتوظفوا بهذه الشهادة في وظائف مرموقة، والفكرة الثانية البقاء في فيفاء، والاستمرار في ممارسة الاعمال الزراعية والحرث، وما تدره عليه من دخل طيب، والثالثة من الافكار هي اكمال دراسته الجامعية، وكان يحثه على هذا الاتجاه بعض من زملائه الجادين،

حيث سبقه بعض منهم، وتوجهوا مباشرة إلى ابها لهذه الغاية، وكانت هذه الفكرة بحمد الله وتوفيقه هي المترجحة لديه، وتزايد المشجعون له عليها من معظم اقاربه، وبالأخص من شقيقه سليمان حفظه الله، فقد حثه بشدة على هذا المسار، وضرورة اكمال الدراسة الجامعية، وبين له انها افضل من ارتباطه بوظيفة صغيرة بالشهادة الثانوية، وانها افضل واضمن من الاعمال الزراعية في فيفاء، الآخذة في طريقها إلى الافول، فلذلك عزم امره وتشجع على مواصلة الدراسة، وتوجه مباشرة إلى ابها، الموجود فيها حينذاك اقرب الجامعات من بلدته فيفاء، وقرر التسجيل في كلية التربية، جامعة الملك سعود، وتم قبوله حسب رغبته في (علم الاحياء)، وكان أحد طلابها مع بداية العام الجامعي 1402هـ، وانتظم في دراسته، وانسجم مع نظام الكلية والجامعة والغربة.

  ومع نهاية الفصل الدراسي الاول، وكان ذو مال كما المحنا، فقد قرر الزواج، وتزوج في فترة ما بين الفصلين، من عند جارهم حسن بن حسين الظلمي حفظه الله، ولكنه اشترط عليه عدة شروط، ومنها ان تبقى زوجته معهم إلى أن يكمل دراسته الجامعية، وبعد اتمام الزواج كان قد تعلق بزوجته كثيرا، ويزيد من اوار ذلك البعد عنها مغتربا في ابها، مما اثر سلبا على جديته وانتظامه في الدراسة، فكان يسافر إلى فيفاء في نهاية كل اسبوع دراسي، ولا يعود منها إلا مع بداية الاسبوع التالي، ولم يشعر إلا وقد وصل إلى نهاية الفصل الدراسي، الذي احس مع هذا الوضع بأنه سينتهي منه بالفشل،

ولا شك سيتسبب ذلك في هبوط معدله التراكمي، ولذلك قرر حذف هذا الفصل بالكلية، ليحافظ على المعدل التراكمي، وبقي بقية ذلك الفصل والعطلة الصيفية مع زوجته في فيفاء، ومع قرب بداية السنة التالية، سعى بفضل الله شقيقه سليمان إلى اقناع عمه، بالتنازل عن ذلك الشرط، والسماح له باصطحاب زوجته معه إلي ابها، بعد أن تعهد له بتامين بيت مناسب لهما فيها، وتوفير كل ما يلزمهما من الاثاث والمصاريف، فوافق عمه رغم الظروف المحيطة به، والتي كانوا يمرون بها حينها، فقد كانت حاجتهم الماسة إلى خدمات ابنتهم، لارتباطه هو وزوجته (امها) بالعمل في احدى مدارس البنات، ووجود والدته كبيرة السن وبعض من الاطفال الصغار لوحدهم في البيت، ولا يوجد من يرعاهم سواها.

لذلك مع بداية العام الجامعي 1403هـ، اخذ زوجته معه ليستقرا في ابها، وقام اخوه سليمان حفظه الله بمساعدته على ايجاد السكن المناسب، والقيام على تأثيثه، وبدأ هذا العام الجامعي الجديد بكل راحة نفس وتفرغ، وكانت الدراسة في تلك الفترة صعبة جدا، ووسائل البحث حينها شبه معدومة، وكان الاساتذة يكلفون الطلاب بالدروس العملية، من مثل جمع الفئران وغيرها، لتشريحها للبحث عن الطفيليات فيها، وكذلك جمع الحشرات وتصنيفها، وجمع النباتات وتصنيفها، وزيارة البيئات الطبيعية ودراستها، وعمل البحوث المتعلقة بكل ذلك، وبذل كل جهوده واجتهاده للترقي في تخصصه، وفي نهاية الفصل الثاني من العام الجامعي 1405/1406هـ، أنهى دراسته متخرجا من الجامعة،

يحمل درجة البكالوريوس التربوي في العلوم، في تخصص الأحياء، من كلية التربية بابها، فرع جامعة الملك سعود بالرياض، ويحمد الله كثيرا على أن وفقه في اتمام دراسته الجامعية، ويشكر كل من شجعه ودعمه وساهم معه طوال مسيرته التعليمية، ويدعو لمن كانت له ادواره في تشجيع ابناء فيفاء على العلم وخوض غماره، ويأتي في مقدمتهم ممن عرفهم، فضيلة الشيخ القاضي علي بن قاسم الفيفي رحمه الله، الذي له الدور الكبير في التوجيه لكل متعلم،

وفي عمله المتوالي في اعداد المباني الخاصة بالمدارس، وفي المطالبات الكثيرة في توسيع افتتاحها في كل نواحي فيفاء، وكذلك الاستاذ الشيخ حسن بن فرح الابياتي رحمه الله، الذي له ادواره الكبيرة والمتعددة في اثبات خدمة التعليم، وفي قيادة المرحلتين المتوسطة والثانوية في بداياتها في فيفاء،  وفي تعريف المجتمع بأهمية تعلم العلوم المختلفة، من خلال ما يلقيه من الكلمات التوجيهية، وما يعده ويخرجه من التمثيليات الهادفة، التي يتعب في تقديمها في الاحتفاليات الختامية في نهاية كل عام دراسي، وبما يقدمه من نصح وتحفيز وتشجيع، ومن الهدايا والشهادات للمتفوقين في الدراسة والانشطة،

وفي بث الوعي وتخريج العديد من القدوات الناجحة، وكل المخاطبات والحوارات التي تبث في المجتمع في نهاية كل عام، لا شك كان له دورها الكبير في حث الطلاب والمجتمع على البذل والتضحية في طلب العلم، وفي تصحيح كثير من المفاهيم الغير سليمة، وازالة الترسبات السلبية لدى كثير من المجتمع الفيفي.

  لم يكتفي هنا بما يحمله من الشهادة الجامعية، التي تعين بعد حصوله عليها معلما في تخصصه الاحياء والعلوم، بل واصل في الرفع من قدراته ومعلوماته بكل جديد، وفي تعميق امكانياته وزيادة خبراته، وفي تطوير ذاته وتحسين اساليبه، بما يتوائم مع المستجدات في التربية والتعليم، حيث حضر اثناء سنوات عمله في التعليم، كثيرا من البرامج والدورات، والمحاضرات والندوات، ما كان منها يقام في ادارة التعليم في صبيا، وبعضها في مراكز الاشراف ومكاتب التعليم في الدائر وفي فيفاء، وبعضها في المدارس في الجبل وخارجه، ومن هذه الدورات باختصار ما يلي :

  1. برنامج استراتيجيتي التفكير الناقد وخرائط المفهوم .
  2. برنامج التعليم المستقبلي .
  3. برنامج التدريب على مناهج الاحياء المطورة للصف الاول الثانوي.
  4. برنامج الاستيعاب المفاهيمي في مناهج العلوم المطورة.
  5. برنامج التقويم المتمحور حول الطالب.

وغيرها من القراءات المتنوعة، والاطلاع على كل جديد في تخصصه، وفقه الله وزاده علما وفهما.

العمل الوظيفي :

كانت الوظائف والاعمال عند تخرجه متيسرة، وكثيرة في اكثر من مجال، وبالذات لمن يحمل شهادة علمية متخصصة، فما بالك بالشهادة الجامعية في تخصص دقيق، فكانت مجالات العمل مشرعة، ومنها مجال التعليم الذي يميل إليه، وكانت تلبى رغبات المتقدمين في أي منطقة يرغبون العمل فيها، ولذلك تقدم مباشرة بأوراقه بعد تخرجه دون تردد، راغبا العمل في وزارة المعارف دون غيرها، ليتم تعيينه وتوجيهه للعمل في إدارة التعليم في صبيا حسب طلبه، وحينها طلب مدير مدرسة العدوين الابتدائية والمتوسطة،

الاستاذ حسين بن جابر الخسافي رحمه الله، بخاطب وجهه إلى مدير توجيه المعلمين في ادارة التعلم في صبيا، يطلب فيه اعتماده معلما لمادة العلوم في المدرسة لديهم، وبالفعل تمت مباشرته في مدرسة العدوين الابتدائية والمتوسطة، من تاريخ 28/11/1406هـ، وكانت هذه المباشرة في اثناء العطلة الصيفية.

كانت مدرسة العدوين في ذلك الوقت، مدرسة متميزة بالقوة والانضباط، لقوة شخصية القيادة فيها، وحسن ادارة مديرها الاستاذ حسين بن جابر رحمه الله، فكانت تجربته فيها مع بداياته الاولى، وكانت من افضل وانجح البدايات، ومثمرة له بكل المقاييس المعتبرة، حيث استفاد من مقوماتها القوية، وفي التعامل النموذجي الجيد فيها، مما اعانه على تكوين الصفات الاساسية المهمة لشخصيته التربوية، فاذا ما تعود المعلم من البداية على الالتزام بأداء مهامه، وعلى القوة والانضباط التام في عمله وفي شخصيته، وعلى الدقة والامانة والحرص على اداء ما يوكل إليه من مهام وواجبات،

اصبحت له تلك الاخلاق جبلة، ومبدئ يسير عليه ولا يحيد عنه، وينفع به نفسه أولا ثم يفيد طلابه، ويرفع من مستوياتهم العلمية والتربوية، وهذا ما وجده في هذه المدرسة، وسار عليه ولم يتراجع عنه، وتخلق بهذه الاخلاق الرفيعة، واصبح يطبقها بحذافيرها في كامل حياته العملية والخاصة، واستمر عمله في هذه المدرسة إلى تقاعده النظامي، لما يقارب من ثلاثين سنة، وعلى مدى هذه السنوات والخدمة الطويلة، حدث في المدرسة كثير من التطوير والترقي والتغيير، حيث افتتح فيها بعد بضع سنوات مرحلة ثانوية، ضمت مع المرحلتين الابتدائية والمتوسطة،

وكلف بالعمل فيها معلما في تخصصه (الاحياء)، لكل الفصول في المراحل الثلاث، وكان مدير المدرسة حينها لجميع المراحل، الاستاذ حسن بن حسين الخسافي حفظه الله، وكانت طريقته في إدارة المدرسة تسير على نهج من سبقه، الاستاذ حسين بن جابر رحمه الله، وبعد فترة من السنين تم فصل المرحلة الابتدائية عن المرحلتين المتوسطة والثانوية، ونقلهما إلى مبنى مستقل، واسندت ادارتهما إلى الاستاذ احمد بن عبدالله العمري حفظه الله، فكان مثل من سبقوه في الادارة والحزم، والحرص على الانضباط وعلى مصلحة الطلاب، وفي التعامل مع زملائه المعلمين، المتسمة بالمرونة والاحترام،

وفي حل الاشكالات بالطريقة المثلى والحسنة، مما جعله محبوبا عند الجميع إلى تقاعده، ثم تلاه في ادارة المدرسة الاستاذ حسن بن احمد قاسم الخسافي، الذي سار على نفس النهج، من الحرص على تطبيق النظام، والاهتمام المتناهي بالطلاب، وتشجيعهم على رفع مستواهم العلمي.

استمر في هذه المدرسة لم يغادرها طوال عمله، مرتاح البال جادا مجتهدا على مدى سنوات عمله، التي بلغت عند تقاعده النظامي في1/7/1436هـ، ثلاثين سنة بالتمام والكمال، حفظه الله وكتب اجره، واطال عمره على ما يحبه الله ويرضاه، وزاده علما وفضلا.

ونال طوال مدة عمله، الكثير من الثناء والتقدير، مع احساسه الكامل براحة البال، والرضى التام، عما قدمه وشارك به في مجال عمله، وقد حصل على بعض شهادات التقدير من خلال ما قدمه من جهود مقدرة، أو من مشاركات خارج نطاق عمله الرسمي، ويكتفي بالإشارة هنا إلى شهادتين هما :   

  • شهادة معلم مشارك في برنامج التطوير المهني العالمي للتعليم.
  • شهادة تقدير من مصلحة الاحصاءات العامة، للمشتركين في التعداد السكان والمساكن عام 1413هـ.

وبعد : كانت له كثير من الاحلام والطموحات سيعمل عليها بعد تقاعده، تستند على ما يجيده من صغره من الحرث والزرع والرعي، فكان يخطط للقيام بإشباع نهمته فيها، وقد تفرغ لها تماما، فعزم على تربية بعض من الابقار والاغنام والطيور من الدجاج والحجل ونحوها، وفي استصلاح بعض مزارعهم وحرثها، وزراعة بعض الاشجار المفيدة ذات المردود، من الفواكه والموز والمنقا والمشمش والفركس، وبعض الخضار كالبقل والجرجير والدفع، وبدأ في خطواته الاولى ولكنه اصطدم بواقع غير مشجع،

لارتفاع التكلفة وعدم الجدوى، فالمياه المطلوبة لسقيها غير متوفرة، انما تقوم على الامطار، التي قد تنقطع لفترات طويلة، مما يوثر بشكل سلبي على هذه المزروعات، ثم لاحظ في الفترة الاخيرة أن المزارعين يعانون من كثرة القرود، التي تهاجم مزارعهم وتتلفها بشكل كبير، فتخلى عن احلامه وطموحاته في هذا الجانب.

وله العديد من الهوايات المحببة، خلاف ما ذكرنا اعلاه، عن الزراعة وتربية الانعام، فيملك العديد من الهوايات، ما زال يواصل القيام بالمقدور منه عليها، وما يناسب ظروفه واشغاله، فمن هذه الهوايات النافعة والممتعة، هواية القراءة ومتابعة كل جديد، وهو يميل بالإضافة إلى القراءة في تخصصه، القراءة في الكتب الادبية والفكرية والسير، ويعجبه كثيرا كتب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، وهو يملك معظم هذه الكتب المطبوع منها، ويهوى كذلك إلى اليوم ويستمتع بمشاهدة مباريات كرة القدم، ومشاهدة افلام المصارعة الحرة، فهو انسان صادق مع نفسه ومع ممارساته المفيدة فيها، حفظه الله ووفقه وختم له بالصالحات.

الحالة الاجتماعية :

تزوج كما اشرنا في أول سنة له في الجامعة، من الفاضلة مطرة بنت حسن حسين الظلمي حفظها الله، وهي على قدر لا باس به من التعليم، ولها دور كبير في دعمه، والوقوف بجانبه، حيث ساندته في اتمام دراسته الجامعية، وصبرت معه اثنائها على ظروفه المالية الصعبة، إلى أن تخرج من الجامعة، ولما عمل في التعليم بفيفاء واستقر فيها، واصلت مساندتها له وتهيئة سبل الراحة امامه، وشجعته على بناء السكن الخاص بهم، وصبت جل جهدها في تربية ابنائهما، ومن احسانها إليه الذي يقدره ولا ينساه، أنها قامت وبناتها برعاية والدته رحمها الله، عندما كبرت سنها وتزايدت امراضها، على مدى اكثر من تسع سنوات، وقدمت لها الخدمة الكاملة والمناسبة، فجزاها الله كل الجزاء، وكتب لها الاجر والمثوبة، وقد رزقا من الاولاد بتسعة، خمسة ابناء واربع بنات، وهم على النحو التالي :

الابناء هم :

  1. ماجد يعمل في امن الدولة.
  2. عبدالمجيد يعمل في الحرس الوطني.
  3. حسن حاصل على البكالوريوس من جامعة جازان ومعلم في مدرسة اهلية في الرياض.
  4. بدر خريج ثانوية عامة.
  5. اياد طالب في المرحلة الثانوية.

والبنات هن :

  1. وفاء جامعية، متزوجة وربة بيت.
  2. نوال ثانوية عامة، متزوجة وربة بيت.
  3. بدرية ثانوية عامة، متزوجة وربة بيت.
  4. بدور ثانوية عامة، متزوجة وربة بيت.

 ثم تزوج في 26/9/1419هـ، من الفاضلة سعيدة بنت جابر اسعد الظلمي حفظها الله، متعلمة وتحمل الشهادة الابتدائية، تتصف بالفضيلة والصلاح والطيبة، ولها ادوارها المؤثرة داخل الاسرة، واحداث الالفة والمحبة بين افراد كامل العائلة، وقد رزق منها بولد وبنت، وهما ناجحان ويدرسان اليوم في جامعة جازان، ولأمهما الدور الاكبر في ما وصلا اليه من الدراسة والتفوق، فهي تتابعهما بكل اهتمام وحرص من أول ابتدائي إلى أن وصلا إلى الجامعة، فجزاها الله كل خير، ورزقها برهما ووصلهما، وهما :

  1. وائل طالب في كلية الحاسب الالي هندسة شبكات جامعة جازان.
  2. وداد تخرجت حديثا، حاصلة على البكالوريوس من كلية العمارة والتصميم، جامعة جازان.

 حفظهم الله جميعا وبارك فيهم، وحفظه الله ووفقه وزاده علما وفضلا وسدادا.

                                        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

محبكم/ عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال

 الاستاذ : فرحان بن شريف حسن الخسافي الفيفي                                          

الرياض في 1445/11/24هـ

المقالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى