الاستاذ : محمد بن عبدالله آل سنحان المثيبي الفيفي
الشيخ : عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال
الاستاذ : محمد بن عبدالله آل سنحان المثيبي الفيفي
مبادر ونشط وواسع الثقافة، لا تمل من مجالسته ومن احاديثه، خدوم يقدم حظوظ الاخرين على حظوظ نفسه، اذا اردت لأمر أن ينجح وينجز فأوكله إليه، نشأ على الجدية والسعي إلى النجاح والتفوق، صبور يحب العمل ويحرص على اتقانه، ويتلمس دوما ما يهم الناس، ويسعى إلى تحضيره وتسهيله أمامهم، ومن ذلك عندما اشتد احتياج الناس إلى قياس القدرات، سعى إلى فهم قواعده الاساسية، ثم بسطها وبثها بين الطلاب وكل محتاج لها، تجده يلم بكل جديد في مجال الالكترونيات والاجهزة الحديثة، وذلك من حبه للاطلاع والتعرف على كل جديد، ولا يبخل ببذله لكل محتاج إليه، هي صفات فطرية ومكتسبة لديه، واسع البال كثير الاحتمال، يعطي بدون منة ولا بخل، وفقه الله وبارك فيه ونفع به.
إنه الاستاذ: محمد بن عبدالله بن حسن بن علي آل سنحان المثيبي الفيفي حفظه الله ووفقه.
والده هو الاستاذ الشيخ عبدالله بن حسن علي يحيى شريف آل سنحان المثيبي حفظه الله، من مواليد فيفاء عام١٣٧٢هـ، عمل في التدريس في مدرسة العدوين الابتدائية، ثم مديرا لهذه المدرسة، ثم مديرا لبنك الرياض بفيفاء مع بداية تأسيسه، ثم انتقل للعمل في امارة منطقة جازان، وكلف بالعمل رئيسا لمركز امارة الخشل، ثم رئيسا لمركز امارة السهي، فهو ذو شخصية قيادية، وسليل اسرة مشيخة قبلية عريقة، ينتسب لأسرة مشايخ شمل قبائل فيفاء (آل سنحان)، ولا شك أن للجانب القيادي تأثير واضح وجلي في شخصيته، ويبرز ذلك بوضوح في اهتماماته بتفاصيل ودقة الأمور، تجد ذلك في تعامله، وحتى في أحاديثه وفي لبسه، ومن الطبيعي تأثير ذلك في تنشأت اولاده وتربيتهم، وفي تكوين شخصياتهم، وهذا ما يشاهد بكل جلاء في شخصياتهم وتطلعاتهم وتعاملاتهم، وفي كل جوانب امورهم العامة والخاصة، حفظه الله ووفقه، وأقر عينيه ببرهم وصلاحهم.
واما أمه فهي الفاضلة عائشة بنت حسن يحي ال سنحان المثيبي الفيفي حفظها الله ووفقها، من مواليد ١٣٨3هـ، ولم يكن في وقتها وجود لتعليم البنات، ولكن كان لوالدها الشيخ حسن بن يحي الفيفي أثر بارز في تربيتها، وفي تعليمها المبادئ المهمة، وشيء من القرآن الكريم، ثم تفرغت في بداية حياتها لمسؤوليات اسرتها، وفي تربية ابنائها، ثم في مرحلة تالية وقد خفت الاعباء عنها قليلا، وقد كبر الابناء، فالتفتت إلى حظوظ نفسها من التعليم، والتحقت بمدارس تعليم الكبيرات، إلى أن حصّلت الشهادة الابتدائية، وانتظمت في حلقات تحفيظ القرآن الكريم، حتى إنها اتمت حفظه كاملا بحمد الله وتوفيقه، ربة بيت فاضلة ومربية ناجحة، ولديها ثمانية من الاولاد، ستة ابناء وابنتين، وكل منهم ناجح شق طريقه في الحياة، حفظها الله ووفقها ورزقها برهم وصلاحهم.
ولد لهذين الفاضلين في بيت جده لأمه (المربوعة)، في جهة النفيعة بفيفاء، في تاريخ 19/10/1398هـ، وكان بكرهما، واستقر سكن الاسرة في بيت اليسير، في بقعة وادي البير، شمال شرق جبل فيفاء الاعلى، بيت حجري قديم، يقع في وسط المدرجات الزراعية، مما اتاح له فرصة الانطلاق في البيئة من حوله بكل حرية، في داخل الطبيعة المحيطة بالبيت، فالمجال متاح له وآمن للخروج من المنزل، واللعب والبقاء في الفناء وما حوله، فكان يتعايش مع الحياة بكل براءة وصدق، ويتلقى المارة ويسلم عليهم ويحادثهم، مما ترك تأثيرا إيجابيا على شخصيته المنفتحة اجتماعيا، وفي تعامله مع الاخرين بكل اريحية، عاش في هذا البيت وهذه البيئة الطبيعية بداية حياة الطفولة الاولى، لما يقارب خمس سنوات، وفي السنة السادسة من عمره وقبل دخوله المدرسة، انتقلت الاسرة إلى بيت (الرعنة)، في اعلى بقعة وادي البير، ويتميز البيت بوقوعه بجوار مجمع بيوت مروح، وفي محيط حضاري نسبيا، تصل اليه السيارات، وكثير من الخدمات، مما شكل له اضافة ايجابية في تكوين شخصيته، فكانت طفولته سعيدة سليمة متوازنة.
تعليمه :
ألتحق بمدرسة العدوين الابتدائية في عام 1405هـ، وقد تجاوز السادسة من عمره، وكان التحاقه بها بعد مغادرة والده العمل معلما فيها، فقد عمل فيها معلما ومديرا لعدة سنوات، قبل أن ينتقل للعمل مديرا لبنك الرياض بفيفاء، الذي افتتح في ذلك العام، ويصف بداياته مع المدرسة، وهذه التجربة في هذه المرحلة، بأنها كانت نقلة وبداية مرحلة جديدة في حياته، وشعور بأنه يرى نفسه وقد كبر وخرج من مرحلة الطفولة، وأنه لم يعد ذلك الطفل الصغير، ولذلك لم يشعر بالغربة والاستغراب، بل انسجم سريعا مع هذه النقلة، ومع جو المدرسة التي احبها، وبالذات والمجتمع التعليمي مألوف لديه من قبل، لتردده على المدرسة كثيرا من قبل، عندما كان يرفق والده وهو يعمل فيها، وعرف اكثر المعلمين فيها، وغالبهم ممن لهم صلة قرابة ورحم، وكذلك الطلاب فليسوا بغرباء، بل غالبهم من الاقرباء والجيران، وإن كان هناك قليل بينهم من غير السعوديين، من ابناء بعض المعلمين في نفس المدرسة، ولذلك لم يشعر أبدا بالوحدة أو الخوف، بل كان وضعه في الصف الأول الابتدائي متميزا، وقد عاش وزملائه جوا من التنافس الخلاق، لطبيعة شخصيته، ولطريقة التعليم المتبعة في هذه المدرسة، فأسلوب التعليم القائم فيها حينها، مبني على التشجيع والتحفيز، حيث اكتسب من خلاله الشعور الداخلي بالمنافسة، فكل شيء من حوله يدفعه إلى سلوك هذا السبيل، لعدة عوامل متبعة، وتسير عليها المدرسة، حيث يقال للمحسن احسنت، ويوقظ المتكاسل ليلحق بالركب، وذلك من خلال ما يجده الطالب الجاد من التكريم، ومن الاشادة بما يحققه داخل الفصل من قبل المعلم، او ما يشاد به في الطابور الصباحي من مدير المدرسة، فقد كان هذا اسلوب المدرسة بقيادة مديرها المبدع، الاستاذ حسين بن جابر الخسافي رحمه الله، وكان له اكبر الاثر في غرس حب الابداع، والنجاح والتفوق داخل كل طالب، وكأنّ كل طالب هو المعني الوحيد من بين كل الزملاء، مما ترك لهذا المدير اثر وبصمة وسمعة لا تمحى، ولم ينسى طلابه ادواره الكبير في حياتهم، ولكامل طاقم المدرسة من المعلمين الاكفاء، ففي البداية لا ينسى دور معلمه السوري، الاستاذ مصطفى ياسين حبابة رحمه الله، الذي كان رائد الصف الأول الابتدائي، وكذلك الاستاذ أحمد بن إبراهيم الحازمي، وبقية المعلمين فكلهم كانوا على نهج واحد متماثل، يقوم على الاهتمام بالطلاب وتربيتهم، وفي زرع التنافس الجاد بينهم في ميدان الطلب، وفي اهتمامهم الواضح على نفع طلابهم، وحثهم على التحصيل العلمي القوي، رغم مزج هذا الاسلوب احيانا بشيء من الشدة المقننة، (العصا والجزرة) حيث أنها ضرورية لكونها تكمل النقص، ولأنها شدة محسوبة لا افراط فيها، هدفها الأساسي التقويم، والوصول إلى ايقاظ الهمم وتحفيز القدرات، وفي تحبيب التفوق والنجاح، والجد في طلب العلم والمعالي والتعلق بهما.
فقسا ليزدجروا ومن يك راحما
فليقس احيانا على من يرحم
وكانت من ذكرياته مع اول سنة له في مدرسة العدوين، وبالذات اول ما التحق بالصف الاول الابتدائي، وكان الفصل محدود العدد، لا يتجاوز طلابه خمسة عشر طالبا، وكانت طموحاتهم وقدراتهم متقاربة، لذلك لا ينسى حجم المنافسة الشديدة التي تولدت بينهم، وسعي كل واحد منهم إلى تحقيق المراتب الأولى على الاخرين، وفي التنافس على كل شيء من المجالات المتاحة، مما خلق بينهم روح التنافس الشريف، ويذكر من هؤلاء الزملاء، وبالذات من دخل معهم في مجال التنافس العلمي، إلى أن تخرجوا من المرحلة الثانوية، كل من (وائل مصطفى ياسين سوري الجنسية، ما زال يتواصل معه إلى اليوم، حيث يعمل مهندسا في إحدى الشركات الكبرى في أبو ظبي، وحسين بن يحي زيدان الخسافي، وعبدالله بن يزيد محمد الشريفي، وشقيقه علي بن يزيد محمد الشريفي، ومحمد بن علي شريف السلماني، ومن زملائه وأصدقاء الطفولة أبن عمه عبدالله بن علي حسن آل سنحان)، وقد كانت المدرسة بكاملها بارعة في تحفيز هذه الخاصية من التنافس، وفي ضبطها حتى لا تخرج عن نطاقها المطلوب، وذلك بخلق الدوافع الداخلية لدى كل الطلاب بحكمة وروية، وكان من اساليبها استخدام المكافآت المعنوية والمادية، التي غايتها تعزيز سلوك ايجابي معين، وجعل هذا الطفل يعتاد على سلوكه، حتى يتأصل في نفسه تدريجيا، ويبقى معه على امتداد حياته، وذلك من خلال ما يتركه من التأثير الفاعل على افكاره ومشاعره، فالأصل في التربية هو خلق الدوافع الداخلية الايجابية لدى الطفل بكل حكمة، وفي تكوين قيمه ومعتقداته الصحيحة، وايقاظ الوازع الذاتي لديه للقيام بسلوك معين أو في تركه، وهذه من ارقى الاساليب التي ابدعت مدرسة العدوين في غرسها بين طلابها بكل جداره، وبسببها نالت التفوق في كل المجالات من بين مدارس المنطقة، وهذا الاحساس الداخلي إذا تخلق لدى الطالب، استمر معه طوال حياته ومسيرته التعليمية، وبالذات في التعليم العام، وهذه بارزة في هذه المرحلة التنافسية، فقد يستمر احساسه بها، مما يدفعه للتفوق حتى يتخرج من المرحلة الثانوية، ولما بعدها من الدراسة وفي الحياة.
لقد تدرب من المرحلة الابتدائية على هذا السلوك التنافسي المحمود، وتدرج في هذه المرحلة بنفس الدافعية والحماس، لأن البيئة لم تتغير عليه، ولا حتى المجموعة الموجودة معه من الزملاء، فعادة أن المجموعة المتآلفة تساعد بعضها على الاستمرارية على نمط واحد، وحتى أنه لم يشعر بالتغير إلا قليلا مع بداية المرحلة المتوسطة، فقد دخل على مجموعتهم عناصر اضافية جديدة، حيث التحق بهم طلابا قدموا من مدارس أخرى، ولكن لم يمضي وقت طويل حتى اندمجت المجموعة، وانصهرت في شكل متآلف موحد، وبدأوا في التكيف مع بعضهم من جديد، وانتعشت الرغبة للتعلم والتنافس لديهم كسابقتها، وانقضت الأيام مع شعور آخر في هذه المرحلة، واحساس بأنهم اصبحوا يرون أنفسهم أنهم أكبر الطلاب في المدرسة، وهذا احساس طبيعي والمرحلة المتوسطة حينها هي المرحلة الاعلى في المدرسة، وتزامن ذلك مع بدايات الشباب، والشعور بالنمو وبالكبر السني، ولذلك لما وصل إلى الصف الثالث المتوسط، وهو يظن بأنه سيبقى على هذا الوضع، ومع هذا المجتمع المدرسي المتألف، حتى أصبح يراه بأنه مجتمعه الثاني بعد البيت، ولم يفكر نهائيا بأنه غدا سيفارقه، وأن هذه هي طبيعة التغير في الحياة، وانه أمر حتمي سيأتي لا محالة، لأنه إذا ما نجح سينتقل لا شك إلى المرحلة الثانوية، وسيكون في مدرسة اخرى، لأن مدرسته لا يوجد فيها مرحلة ثانوية، بل لم يخطر على باله نهائيا أنه سينتقل إلى بيئة مختلفة عن بيئته الحالية.
وبالفعل ما إن تخرج من المرحلة المتوسطة، إلا وكان عمل والده قد انتقل إلى مدينة أبي عريش، مما اضطره إلى اصطحاب اسرته ليستقروا معه هناك، وفيها التحق بالمرحلة الثانوية، ليفارق بلدته ومدرسته وزملائه، مما اصابه من أول يوم بصدمة التغير الكبيرة الطارئة، وهو طالب مستجد في الثانوية الاولى بأبي عريش، زملاء جدد لا يعرفهم، وبيئة جديدة مختلفة، ومجتمع لم يألفه، كانت تجربة صادمة، مختلفة من كل النواحي، ثقافية واجتماعية، وحتى في اللغة(اللهجة)، فلا يكاد يفقه كثيرا من تخاطبهم ومفردات كلامهم، مما خلق حاجزا بينه وبينهم، فانكمش على نفسه ولم يستطع مجاراتهم، مما اشعره بالغربة والانفصام، وجعله يتعثر في تحصيله ودراسته، ولم يستطع تكوين علاقات بالشكل الصحيح، رغم تحسن الوضع مع الوقت، حيث افتقد كثيرا من توازنه وتعثرت اموره، مما أثر بشكل كبير على تحصيله الدراسي، وفي منافسته على التفوق الذي قد تعوده، اضافة إلى دخول مواد تعليمية جديدة في هذه المرحلة.
وانتهى الفصل الدراسي الأول، وهو يشعر بالإحباط والخيبة، لكونه لم يحقق التفوق الدراسي الذي كان عليه، حتى أنه لم يقترب ولو قليلا من ذلك المستوى، ولا حظ عليه والده ذلك بكل وضوح، واحس بمشاعره الداخلية، وشخص الاسباب بما لديه من خبرة تربوية سابقة، لذلك رأى أنه من الاوفق والأفضل له أن يعيده لبيئته الاولى، ويكمل دراسته الثانوية في فيفاء، ولذلك لم يبدأ الفصل الدراسي الثاني إلا وهو احد طلاب ثانوية فيفاء الاولى، حيث عادت إليه روحه التنافسية من جديد، بعد أن عاد إلى سربه الاول.
كانت ثانوية فيفاء في ذلك الوقت، في قمة العطاء والنشاط والتنافس، تضم طلابا من كامل قبائل فيفاء، ومن القبائل المجاورة لها، فاتسعت أمامه دائرة التنافس، وزاد التعارف ليشمل أعداد اكبر، إضافة على زملائه في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، حيث بدأت العلاقات والصداقات تتجدد، وعاد التنافس بينهم من جديد، والسعي إلى طلب النجاح والمنافسة الجادة، واصبح هاجسه العودة الى ما كان عليه من تفوق، وفي إثبات نفسه امام معلميه، وبأنه من الطلاب الجادين المتفوقين، وكانت المدرسة شعلة من النشاط والقوة، بقيادة الأستاذ القدير الشيخ حسن بن فرح الأبياتي رحمه الله، الذي كان يشكل دافعا قويا للطلاب، ولجميع منسوبي المدرسة، حتى يقدم الجميع كل ما يمكن تقديمه، وكان في المدرسة نخبة من المعلمين الأكفاء، الذين ساعدوا الطلاب بكل جدارة على اقتحام أجواء التميز، وما اسرع ما مرت السنة الأولى ثم الثانية، وهو في جد واجتهاد وتفوق، ليأتي على اخر المطاف في هذه المرحلة، وهو يدرس في الصف الثالث الثانوي، وكانت اسئلة الاختبارات النهائية تأتي عن طريق الوزارة، ومضى به العام مع كثير من مضاعفة الجهد وزيادة السهر والاستذكار، لينتهي هذا العام من هذه المرحلة المهمة في 28/4/1416هـ، على خير ما يرام، حيث اعقبت فترة الاختبار فترة انتظار طويلة، مليئة بساعات من الترقب لظهور النتائج النهائية، وكانت حينها تعلن من الوزارة مباشرة، وتعلن عن طريق الصحف المحلية، وقد يستغرق انتظار اعلانها وقتا طويلا لا يكاد يصل، من شدة الترقب واحساس المنتظر المتلهف، مع أنه لا يستغرق أكثر من أسبوعين، ولكنها تعتبر من اطول الاسابيع، ولما ظهرت النتائج كانت ايجابية جدا ومفرحة، مما انتقل به تفكيره بعدها مباشرة إلى المرحلة التالية، فيما يتلوها من مواصلة المسير، وفي اختيار الجامعة والتخصص المناسب، ثم ما يترتب على ذلك من بعده لأول مرة عن والديه واخوانه، وفي الغربة عن بلدته وما يصاحب كل ذلك.
الدراسة الجامعية :
بعد ظهور النتائج، بدأ التحضير للمغادرة، والبحث عن اختياره لمستقبله، وكان هنا امام منعطف مهم وكبير، فالسؤال الكبير إلى أين سيذهب، وإلى أي جامعة سينتسب، وما هو التخصص الذي سيختاره لمستقبله، ولكون تخصصه في الثانوية (علمي)، فلا شك أن تخصصه في الجامعة منحصر في الأقسام العلمية، رغم أنه يحب ويميل كثيرا إلى تخصصات اللغة العربية، وأنه كان متفوقا فيها أكثر من غيرها، فهل هناك من مجال لتحقيق رغبته في هذا التخصص، وانطلق متوكلا على الله يتلمس طريقه، طالبا منه وحده الخيّرة في امره، ومتزودا بدعاء والديه وكل اقربائه، ويسمع التوجيهات والنصائح من هنا وهناك، ومن كثرة ما سمع زادت حيرته واختلطت عليه الامور، حتى أنه لم يعد يدرك حقيقة ما يريد، ولم يعد يهمه فقط إلا القبول في أي جامعة كانت، واقصى امانيه الحصول على مقعد في احداها، حتى أنه جهز له عدة ملفات متكاملة، تحوي جميع الاوراق المطلوبة من صور الشهادات وغيرها، ليسهل عليه تقديمها لأكثر من جامعة، ولم تكن أمامه جامعة قد حددها بعينها، والفكرة الأهم أن تكون جامعة قريبة من أهله، فصورة بعده عنهم وغربته، استحوذت على كامل افكاره، صورة مسيطرة لم يتخيل ابعادها، وكيف له فيها أن يستطيع الاعتماد على نفسه.
كانت اقرب الاختيارات امامه في مدينة ابها، وانطلق إليها وسعى للقبول، ولكن لم يكن له نصيب فيها، كما حصل لأغلب زملائه بسبب كثافة المتقدمين، لذلك كان البديل مكة المكرمة في جامعة أم القرى، وكانت له اسبابه في اختيارها، منها رغبة في الدراسة في مكة المكرمة، ثم لوجود بعض أقاربه في منطقة مكة، وكان له بتوفيق الله القبول في جامعة أم القرى، كلية الهندسة والعمارة الإسلامية، بحكم مؤهله العلمي، وميله إلى هذا التخصص(الهندسة المدنية)، ولم يبدأ العام الجامعي ١٤١٧هـ، إلا وهو بحمد الله ضمن طلاب هذه الجامعة، وسارت معه الامور بفضل الله في البداية كما ينبغي، وانتظمت له من جميع النواحي، في السكن والجامعة واحساسه بالراحة النفسية، ولكن تلاها عدة عوامل لم تساعده على السير كما ينبغي، فلم يرتاح كثيرا لإكمال الدراسة في هذا التخصص، وراوده شعور مسيطر بضرورة التحويل إلى قسم اخر، أو حتى إكمال الدراسة في مجال أخر، ولو في خارج هذه الجامعة، ولذلك صارح والده بنوازع نفسه، ويطلب منه نصيحته وتوجيهه، لأنه كان في حيرة من امره، وينتظر بفارغ الصبر وجهة نظر والده، وهل سيؤيده في التغيير، أو ربما يرفض فكرة تركه لكلية الهندسة، ولكن لحكمة والده وسابق خبرته في مجال التعليم، كان له رأي بما يتوافق مع ميوله ورغبته الحقيقية، لذلك دله على التوجه إلى التخصص في اللغة العربية، فهذا التخصص هو المناسب والمطلوب في الميدان، وبالذات وهو يعرف تميزه في مواد هذا التخصص، فاستبشر بتوجيهات والده وانجلت عنه الغمة، وما إن فتحت أبواب التحويل في الجامعة، حتى تقدم باختيار التحويل إلى كلية اللغة العربية وآدابها، وطلب التخصص في اللغة والنحو والصرف، وكانت أعداد الطالبين للتحويل إلى هذه الكلية كبيرة جدا، مما جعل المسؤولين فيها يجرون اختبارا شاملا لجميع المتقدمين، ليتم اختيار العدد المطلوب عن طريق التفاضل، ولذلك أقيم اختبار مشدد، وكأنه اختبار نهائي في اللغة، حيث كان اختبار مركزا وقويا جدا، وكانت النتيجة بحمد الله مميزة بالنسبة له، حيث تحصل على الترتيب الثاني على كامل المجموعة، ليتم قبوله في كلية اللغة العربية، وهنا كانت نقطة الانطلاقة الحقيقية له، وكانت الدراسة جميلة ومحفزة بشكل كبير، لتوافقها مع ميوله الاساسية ورغبته الحقيقية.
لم تكن الدراسة الجامعية صعبة، بل كان التخصص بالنسبة له شيقا وممتعا، مع أن تخصص اللغة والنحو والصرف لم يكن من العلوم السهلة، لكن اعانت عليه رغبته وتعلقه القديم به، فكان متميزا في مادة النحو والصرف من مراحل التعليم الأولى، مما جعل دراسته وتخصصه الجامعي فيها سهل وميسور، كان التأثير الاخر عليه في السنة الاولى، في غربته وبعده عن أهله ووالديه لأول مرة، وكان التأثير اقل مما توقعه بحمد الله، فقد خفف منه توفر الاتصالات التلفونية حينها، ثم وجود بعض من الأهل والأقارب في مكة وجدة والطائف، مما جعله يقضي بعض الوقت معهم في أيام الإجازات القصيرة، فلم يشعر كثيرا بآلام الغربة، واكبر العوامل وجود خالته(أم فهد) حفظها الله في مكة المكرمة، التي استقر في السكن عندها، وقامت على اموره، مما عوضه كثيرا من بعده عن والديه، وكانت بمنزلة الأم الموجهة والناصحة، وكذلك دور زوجها فضيلة الشيخ علي بن قاسم آل طارش، وتوجيهاته ونصائحه التي كانت من اكبر الدوافع له، وكان مما يحفزه به ويردده على مسامعه قوله (إن التعليم هو سلاح الشخص في المستقبل)، رحمه الله وغفر له وجعل ذلك في موازين حسناته.
وفي الجامعة وجد كثيرا من الفوائد الجمة والاثراء العلمي والمعرفي، فكانت بحق جامعة متميزة في كل شيء، اضافة إلى تنوع طلابها، الذين يأتون إليها من جميع مناطق المملكة، بل ومن جميع دول العالم الاسلامي، حتى أن معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها، في هذه الجامعة تفرد بوجود تشكيلا هائلا وضخما من هؤلاء الطلاب، فكانت بالنسبة له فرصة لتوسيع علاقاته الاجتماعية، وفي التعرف على جميع الثقافات والعادات العالمية، ولذلك مع مرور الوقت بدأ في التأقلم الايجابي التام، مع الدراسة ومع المجتمع وفي كل النواحي، واصبح في الجامعة مشاركا بقوة في الأنشطة المختلفة، منها المشاركات المتعددة في الأنشطة الرياضية، داخل كلية اللغة العربية، أو مع منتخب الجامعة، وبالأخص في ممارسة لعبة كرة القدم، كما كان للمكتبة الجامعية دور كبير في اوقاته، فكانت أحدى الأماكن التي يزورها باستمرار، وبالذات عند أداء الواجبات، وإعداد البحوث والدراسات، إلى أن أصبحت المكتبة جزء مهم من التعليم لديه، وسارت معه اموره في هذه المرحلة على خير ما يحب، وما اسرع ما تنقضي الاشهر والسنوات، وترتفع المستويات والمعنويات، ويتحقق النجاح والتفوق المنشود، فلا يشعر الطالب إلا وقد تحصل على كمية لا باس بها من العلوم والمعارف، وبالذات مع وجود الرغبة والهمة العالية، يعضدها توفر كوادر علمية من اعضاء هيئة التدريس، فهناك نخبة من الدكاترة والأساتذة، الذين كان لهم أثر كبير على الطلاب، ويذكر من هؤلاء الافاضل كل من الدكتور محمد دغريري، رئيس قسم اللغة والنحو والصرف حينها، والدكتور عبدالرحمن العثيمين رحمه الله، وكانا ممن قدما له الشيء الكثير في تخصصه، بارك الله فيهما وفي جميع من علمه حرفًا، أو انار له دربا بالعلم النافع، حفظ الله بحفظه الاحياء منهم، ورحم وتجاوز عن من رحل منهم عن دنيانا.
ثم كانت تجربة العمل الميداني والتطبيق العملي، التي شكلت له اشياء كثيرة، لأنه من خلالها تأسس لديه التعرف على اسرار العمل المستقبلي الحقيقي، ونزّل من خلالها النظريات في التربية والتدريس على الواقع، وكان فيها البناء المؤسسي الحقيقي لشخصيته كمعلم ناجح في المستقبل، استفاد فيها كثيراً لوجود معلمين من ذوي الخبرات، وقد تم له تنفيذ هذا التطبيق في متوسطة العاصمة النموذجية، وكانت بحق تجربة نموذجية كاسم المدرسة، رسخت لديه المبادئ والحب لهذه المهنة الراقية، وكم يشعر بالفخر وهو يستشعر لذة هذا العمل، ومدى احساسه المتزايد بأنه مناسب لطموحاته وآماله، وتنامي عظمة هذه المهنة المهمة والمقدسة في حياته، وهنا بدأت الأيام تتقلص أمامه، وتنقضي متسارعة من بين يديه، حيث اقترب موعد التخرج ومغادرته للجامعة، وحان وقت استلام الشهادة الجامعية، وقد نجح بحمد الله وتوفيقه، يزهو بكل سعادة وفرح وافتخار، وهو يستلم وثيقة البكالوريوس في اللغة العربية، من كلية اللغة العربية وآدابها، من جامعة ام القرى بمكة المكرمة، في نهاية العام الجامعي ١٤٢٣هـ.
وبعد تخرجه مباشرة انخرط في العمل الوظيفي، وعمل في مجال التدريس، معلما لمادة اللغة العربية في المراحل الثانوية، وكم هي مهنة عظيمة ترتقي بصاحبها، ولذلك لابد أن يكون بنفسه على قدر هذه المسؤولية، مؤهل من كل النواحي في اداء هذه الرسالة، فحق عليه أن يطور قدراته، ويزيد من معلوماته، وهو لم يألو جهدا في هذا الجانب، حيث سعى جادا إلى العمل في هذا الجانب، وفي الاهتمام بكثير من المجالات المتعددة، ما كان منها متعلقا بأداء مهمته امام طلابه بشكل أفضل، ومنها ما يعينه على خدمة مجتمعه بما هو نافع ومفيد، ومنها ما يرفع حصيلته العلمية والثقافية، ومنها ما يطور به قدراته واسلوبه، ولذلك فقد سعى طوال هذه السنوات في الالتحاق بعدد لا باس به من الدورات والبرامج، ما كان منها داخل الوزارة أو خارجها، ومن ذلك باختصار:
- دورة تدريب المدربين، من الغرفة التجارية بجازان.
- برنامج التدريبي في الجودة ومعايير الاعتماد المدرسي.
- التعامل مع ضغوط العمل.
- منصة عين للتدريب.
- شهاده مبادئ الاسعافات الأولية.
- اداره الفصول الافتراضية في التعليم.
- دوره تدريب المدربين، من الأكاديمية العالمية لإعادة الاتزان البشري(بلندن).
- التقويم والاعتماد المدرسي.
- تصميم البرامج التدريبية.
- تدريب معلمي تعليم الكبار ( الخصائص والمفاهيم).
- الـمنصات التـعليميـة.
- مناقشة نتائج الاختبارات المحاكية – مجال القراءة.
- تحسين مهارات أداء اختبار البيزا (pisa).
- اللقاء التعريفي باختبارات PISA.
- تحسين مستوى القدرات التحصيلي.
- توظيف التفكير الناقد في العملية التعليمية.
- ملتقى الوعي الفكري (اعتزاز).
اضافة إلى دورات تدريبية خارج نطاق العمل، معظمها لتطوير الذات ومنها :
- دورة في تنمية الخيال الإبداعي والابتكاري.
- دورة برنامج جداول البيانات Exccl.
- دورة معالج النصوص Word.
- دورة في الأمن السيبراني.
- دورة أساسيات صيانة الجوالات.
- دورة في أمن المعلومات.
- ودورات اخرى في مجال العمل التطوعي.
وهو لا يتوقف عن تحسين ذاته، والرفع من قدراته، بالقراءة والاطلاع، وحضور المحاضرات والدورات والبرامج المتخصصة، وفقه الله وزاده علما وفضلا.
العمل الوظيفي :
بعد تخرجه من الجامعة كانت ميوله إلى العمل في مجال التدريس، وكان لزاما عليه حينها من إجراء مقابلة في إدارة التعليم، في تخصصه (اللغة العربية)، لتحديد مستواه قبل تقديم أوراقه لديوان الخدمة المدنية، وبعد أن اتم هذه المقابلة، وانهى جميع المتطلبات من إدارة التعليم، حمل اوراقه متوجها إلى مكتب ديوان الخدمة المدنية في جدة، وقدم فيه على الوظائف التعليمية المتاحة، وكان من حسن حظه أن ذلك اليوم كان اخر ايام التقديم على هذه الوظائف، ولذلك لم يمضي عليه سوى يومين حتى نزلت أسماء المقبولين، واعلنت في الصحف المحلية، وكان اسمه ضمن المعينين في التعليم، وقد تم توجيهه للعمل في منطقة نجران، ودون ما تردد حزم أمتعته وتوجه إلى هذه المدينة، التي لم يكن يعرفها من قبل، وباشر في إدارة التعليم فيها، ومنها اكمل اجراءاته، ووجه للعمل في (ابتدائية ومتوسطة العرف) معلما للغة العربية، والعرف قرية تابعة لمحافظة يدمه، تبعد عنها ببضع كيلوات، واما يدمه فتبعد عن مدينة نجران، العاصمة الادارية للمنطقة بحوالي مائتين(٢٠٠) كم، باشر في هذه المدرسة وتعرف على الموقع وعلى الزملاء والمحيط، وقرر السكن في مدينة يدمه، ويداوم منها في كل يوم بسهولة، وما اسرع ما تأقلم مع وضعه الجديد، وحرص على أداء رسالته وعمله على خير وجه، وانسجم مع عمله وطلابه وزملائه، واحب هذه المهنة، وارتاح لحسن التعامل الطيب الذي وجده، من ادارة المدرسة ومن الزملاء والطلاب وكامل المجتمع، واستطاع تكوين شخصية له متميزة، وبما يتناسب مع ما يمارسه ويقدمه لطلابه من العلوم، وارتاحت نفسه لوضعه الجديد، حتى أنه قرر في ذلك العام اتمام زواجه قبل نهاية العام الدراسي، وبعد زواجه اخذ زوجته معه ليستقرا في مدينة نجران، لعدة اسباب استحسنها في تلك الفترة، مع أنه كان يضطر إلى قطع المسافة الطويلة لمدرسته كل يوم، في مسافة تقدر بأكثر من أربعمائة كم ذهابا وايابا، وخلالها اتفق مع زملائه المقيمين في نجران، على أن يحضروا كل يوم في سيارة واحد منهم، فكانوا ينطلقون من نجران قبل صلاة الفجر، ولا يعودون إلا مع صلاة العصر، وهكذا مضى العام الدراسي وهو يحس بلذة العمل وبالحياة الجديدة، واكتسب الكثير من الدروس والتجارب والخبرات، وزاد تعلقه وحبه لهذه المهنة العظيمة، واكتشف كثيرا من مواهبه وقدراته وامكانياته، عندما انزلها وطبقها حقيقة على الواقع، ولم يعكر عليه إلا شعوره بالإرهاق بسبب بعد المسافة من وإلى المدرسة، ولذلك قرر السعي إلى النقل الخارجي، لعل الظروف تكون فيها أفضل واسهل، حيث تحقق له قرار نقله في نهاية العام الدراسي، وكان ضمن حركة النقل الخارجي، إلى محافظة سراة عبيدة التابعة لمنطقة عسير، ولم تكن ببعيدة عن منطقة نجران، ولكنها بالنسبة له اقرب إلى اهله في منطقة جازان.
باشر عمله فيها مع بداية العام الدراسي التالي، ليتم توجيهه إلى مدرسة ثانوية الملك عبدالعزيز بقرية جوف ال معمر، وتبعد عن مدينة سراة عبيدة شرقا بحوالي ثلاثين (٣٠) كم، في طريق معبد، واستقر سكنه مع زوجته في مدينة سراة عبيدة، وسارت معه الامور على خير ما يرام، سواء في عمله أو مع زملائه وفي المجتمع من حوله، وانسجم مع حياته الجديدة وزادت فيها ممارساته وخبراته، ولكن كان لموقع مدينة السراة في اعالي جبال السروات، وارتفاعها الكبير عن مستوى سطح البحر، وما يترتب على ذلك من انخفاض كمية الاكسجين، مما اثر كثيرا على صحة زوجته، وجعلها تشكو كثيرا من الامراض الصدرية بسبب ذلك، فارفق تقاريرها الطبية مبررات لطلب نقله إلى منطقة اخرى مناسبة، بعد أن امضي في هذه البلدة ثلاث سنوات، وقد صدرت موافقة نقله قبل نهاية العام الدراسي1427هـ، ضمن المنقولين بالظروف الخاصة إلى جيزان، وباشر في إدارة التعليم بجازان قبل نهاية العام الدراسي، ليتم توجيهه إلى ثانوية الرازي المحدثة في مدينة جيزان، وكانت من أول سنة لها مدرسة قوية ومنافسة، حققت الكثير من الإنجازات على مستوى المنطقة، ولعله بتوفيق الله كان من المساهمين في هذا التفوق، حيث حصلت المدرسة على المركز الأول في اختبارات قياس القدرات، على مستوى مثيلاتها في منطقة جازان، ولا شك أنه نتيجة الجد والبذل والعطاء، والعمل المنظم والمتابعة الجادة، والخطط المستقبلية المدروسة، فكلها لا شك تؤتي نتائجها ولو تأخرت، ومازال إلى اليوم عضو عامل ومجتهد ضمن طاقمها المتجدد، ليكمل فيها اليوم عامة الثامن عشر(١٨)، وكلها بحمد الله مليئة بالنجاح والجد والمثابرة.
لقد وجد في هذه المدرسة التقدير والمراعاة والتعاون، ووجد فيها الاخوة الصادقة والود والمحبة، ويذكر أنه قبل بداية مباشرته العمل فيها، تعرض لحادث مروري كبير، أدى إلى إصابته بكثير من الكسور، ليبقي فترة طويلة يعاني من آثارها، وسببت له كثيرا من المتاعب النفسية والبدنية، لمّا اصابه شيء من الإعاقة المؤقتة، فتعاونت معه المدرسة حتى تجاوزها، حتى أنها خصصت له فصلا خاصا في الدور الأرضي، ليسهل عليه تقديم دروسه للطلاب، دون أن يتكلف مشقة الصعود إلى الادوار العليا، وهذه اللفتة الكريمة من مدير المدرسة الأستاذ الفاضل عبدالعزيز الشوكاني حفظه الله، لم ينساها له فجزاه الله خيرا، فالشكر والثناء واجبين (لا يشكر الله من لا يشكر الناس).
استمر وما زال مواصلا عمله في هذه المدرسة، يشعر بالفخر والسعادة وراحة البال، وله مشاركات في كثير من المجالات والمهام التي اوكلت إليه، حيث تنوعت هذه المهام والأعمال على مدى سنوات عمله، من قيامه بعمله معلما للغة العربية وهي تخصصه، ووكيلا للمدرسة لفترة قصيرة، وكلف كذلك بتدريس طلاب ذوي الإعاقة السمعية(لغة الإشارة)، ومعلماً في مدارس التعليم المستمر(تعليم الكبار)، إضافة إلى عمله مدربا في القدرات، والتي مازال يقوم بها إلى هذه اللحظة، وبالطبيعي أنه كلما طالت فترة العمل، وفي أي مجال من مجالات الحياة، كلما زادت المهارة والخبرة، ويزيد تعلقك وارتباطك وانتمائك اكثر واكثر، وتشعر مع النجاحات التي تحققها بالفخر والفرح، وكم ينتابك احساسك بالغبطة، وانت ترى نتيجة جهدك تثمر وتؤتي اكلها، وبالذات عندما تشاهد أحد طلابك يكرم لتفوقه، سواء على مستوى المنطقة أو على مستوى كامل الوطن، أو تراه ينجح في عمله، أو يفوز في إحدى المسابقات الثقافية أو العلمية، أو عندما تجد من هؤلاء الطلاب الطبيب أو المهندس والمعلم والضابط، مما يجعلك تواصل البذل في أداء عملك، وتنسى كل جهد وتعب وسهر، ويغمرك الفرح والسرور والبهجة، وانت ترى المخرجات المميزة بارزة أمامك، وهذا لا يأتي إلا بطول العمل، والجد والاجتهاد، وبتطوير الذات، واكتساب الخبرات، وقد عمل ذلك وحرص عليه دوما، فكان يبادر إلى اغتنام كل فرصة تلوح، ولا يفوت الالتحاق بالدورات والبرامج المتخصصة، مما اشرنا إليه في الاعلى، وكان من نتيجة ذلك أن اصبح خبيرا في كثير منها، ولديه العديد من القدرات والمهارات والعلوم، بما يستطيع تقديمه بنفسه للآخرين، وذلك على شكل برامج ودورات تدريبية يقيمها، ومن ذلك ما يلي :
- التدريب على تحسين نتائج اختباري القدرات العامة والتحصيلي (لفظي).
- التدريب على مناقشة نتائج الاختبارات المحاكية (مجال القراءة).
- التدريب على إعداد الدروس في منصة مدرستي (عن بعد).
وارتاح في عمله وفي مدرسته، حتى أنه لا يفكر نهائيا في طلب الانتقال منها، وذلك لعدة اسباب في مقدمتها، وجود زملاء مميزون، لا يمكنه أن يتحدث عن مسيرته التعليمية ونجاحاته إلا من خلالهم، ويذكر من هؤلاء الاكارم الفضلاء، الأستاذ الفاضل أحمد أبو طيرة مطاعن، والاستاذ علي بن احمد حكمي، والأستاذ عبدالله بن محمد المشنوي الفيفي، والأستاذ أحمد بن طاهر زيلع، وغيرهم كثير وكثير من الزملاء الحاليين والقدماء، ممن قد ترك بعضهم المدرسة وتحول عنها، ولكنه يظل (كما يقول) نجاح العمل في مجال التعليم، مرتكزا على البيئة التعليمية، وعلى وجود كوادر ذات كفاءة عالية واهتمام، الذين يكون جل همهم هو الطالب قبل كل شيء، والحرص على إيصال الرسالة التعليمية السامية إليه، وهذه كلها بحمد الله متوفرة في بيئة هذه المدرسة النموذجية التي يعمل فيها، مما كانت نتائجها هي هذه النجاحات المتوالية، والتي يسعون دوما إلى تنميتها واستمرارها، بتوفيق الله وعونه.
مشاركاته الاجتماعية:
يتميز بانتمائه إلى العمل الاجتماعي، وحبه الجاد للمشاركة الفاعلة في هذا المجال، ولعل من أبرز ما كان عليه من الأعمال الاجتماعية، وبالذات بعد استقراره في مدينة جيزان، المشاركة الفاعلة في انشاء ملتقى ابناء فيفاء في جيزان، ولعل من اسباب ودواعي اقامة هذا الملتقى، تزايد اعداد المقيمين من ابناء فيفاء في هذه المدينة، بعد توافر بعض العوامل في استقطابهم، ويأتي في مقدمة هذه العوامل انشاء جامعة جازان، وما يتميزون به من حرصهم على التعليم وتعلقهم به، وكان لوجود الجامعة في المنطقة الغنى لابنائهم عن الغربة، للالتحاق بالجامعات في المدن الأخرى، فيضطرون حبا للدراسة التوجه إلى المدن الكبيرة، الرياض ومكة وجده وابها وغيرها، فكان لهذه الجامعة فضل كبير عليهم، التحق بها ابنائهم (بنين وبنات)، ثم تشجع اهاليهم بالاستقرار قريبا منهم، وفي الإقامة في مدن المنطقة جيزان وابو عريش وصبيا وغيرها، ولتكاثرهم كان مدعاة إلى التنادي بإنشاء هذا الملتقى، (ملتقى ابناء فيفاء في جيزان)، ليسهّل لهم تلاقيهم وتنظيم اجتماعاتهم، واختاروا له مجلس ادارة ورئيس واعضاء، واتفقوا على دفع رسوم بسيطة محدودة، تعينهم على تكاليف استئجار الاستراحات للتلاقي، وفي اقامة وجبة العشاء وما يلزم لذلك، ثم ليصرف منه على متطلبات اللجان، وتنفيذ الانشطة المتعددة، مما جعله كيانا فاعلا وقويا ناجحا، يؤدي وظيفته على خير وجه واتمه، وبالطبع كان هو احد اعضائه المؤسسين الفاعلين، وكلف وآخرين بالإشراف على لجان الشباب، وفي التنسيق على اقامة البرامج الخاصة بهم، من الانشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية، واسند إليه مهمة الأشراف على تنظيم بطولة كرة القدم، وتم تنظيمها على اقامة دورتين على مدار عامين، وواصل الملتقى نجاحاته في كل فروعه وادواره، مما جعله من انجح الملتقيات على مستوى المناطق، إلى أن توقف بسبب ازمة جائحة كورونا، وهم الآن يسعون بكل جدية على اعادة تنشيطه من جديد، وبالذات وقد زادت الحاجة إليه، لتكاثر الاعداد من ابناء فيفاء في المدينة ومدن المنطقة.
وله ايضا العديد من الأعمال النافعة خارج نطاق عمله الرسمي، ومعظمها مرتبط بما يجيده من مهارات من خلال تخصصه، حيث يشارك في إقامة عدد من الدورات التدريبية، ومن ذلك ما يتعلق باختبارات قياس (القدرات)، وقد اصبحت الحاجة إلي التعرف عليه كثيرة في الآونة الاخيرة، ولذلك من خلال مبادرة خاصة منه، يقوم على تقديمها في بعض المدارس، في داخل مدينة جيزان وفي أغلب المحافظات، ومنها محافظات صامطة وأحد المسارحة وأبو عريش والعارضة، وأيضاً في بعض المراكز التدريبية الأهلية، ومن خلال نشاطه في هذا الجانب الحيوي المهم، وما زال مواصلا فيه بكل حماس، حتى أنه قام بإعداد حقائب تدريبية في هذه القدرات، وجميعها معتمدة ومعممة على مدارس تعليم جيزان، وحصل على العديد من الشهادات التطوعية، ويسعى حالياً بإذن الله إلى تأسيس منصة إلكترونية للتدريب، ولديه الكثير من الخطط والطموحات، ولديه الدافعية القوية للترقي بهذا النفع وامثاله، لتستفيد منه اكبر شريحة من الطلاب وغيرهم، فطبيعته الشخصية لها دور كبير، ثم لما وجده من الرضى والقبول، ومع توفر البيئة الملائمة والجاذبة في منطقة جازان، فهي لاشك متميزة بأرضها واهلها، واتصفت على مر العقود بالعلم والثقافة والأدب، وكلها عوامل محفزة تساعد كل شخص بينهم في تقديم كل ما لديه، وتشجعه على مواصلة نجاحاته وخبراته، وهو يجد الثناء والتقدير على كل ما يقدمه، وتلقى العديد من الدروع ومن شهادات الشكر والتقدير، منها ما كان من مدراء التعليم الذين تعاقبوا على الادارة، ومن مدراء مكتب التعليم بوسط جيزان، ومن المدراء المباشرين له في العمل، وهذه الشهادات تمثل له كثيرا من الفخر والاعتزاز، وتعتبر حافزا قويا له لتقديم المزيد، وفقه الله وبارك فيه، وزاده علما وفضلا ونجاحا.
الحالة الاجتماعية:
تزوج في عام 1424هـ بعد مباشرته العمل في التعليم، واثناء عمله في منطقة نجران، من الفاضلة بدور بنت عبدالله علي آل طارش الخسافي حفظها الله، وهي امرأة صالحة ومتدينة، اكبر همها هو بيتها وزوجها، والتفرغ لتربية أبنائها تربية صالحة، وقد وقفت مع زوجها في كل حالاته، وتحملت معه مشقة الغربة والسفر والترحال، وتتصف بأنها امرأة مدبّرة وحكيمة، ومربية ومعلمة، ويعيد تفوق أولادهما إلى ما تبذله من جهد ومتابعة وتوجيه، حيث لهما من الابناء ثلاثة، وهم على النحو التالي :
- عبدالله بكرهما ولد في عام 1426هـ، ويدرس اليوم في الصف الثالث الثانوي، متفوق في دراسته، هادئ الطبع ويحب القراءة والاطلاع، واستكشاف كل ما هو جديد في العلوم الحديثة.
- المثنى ولد في عام 1432هـ، يدرس في الصف الأول المتوسط ومتفوق في دراسته، مشارك في الأنشطة اللاصفيه، ومميز رياضياً، يشارك مع فريق مدرسته في بطولات كرة القدم، تحت اشراف إدارة التعليم، حصل في فترة سابقة على المركز الأول على مستوى المدرسة، ومكتب التعليم في اختبارات فهم المقروء.
- تميم ولد في عام 1436هـ، يدرس في الصف الثالث الابتدائي، يتميز بشخصيته القيادية، ويحب أن يكون دوما في المقدمة، سواءً مع أقرانه أو مع زملائه في المدرسة، وحتى مع إخوانه في البيت، مما أعطاه شخصية مختلفة عن البقية، ويعتبر أحد الطلاب الموهوبين في الرياضيات.
حفظهم الله وبارك فيهم، وحفظه وسدده ونفع به، وكثر في مجتمعاتنا من امثاله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم/ عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال
الرياض في 1445/11/9هـ
الاستاذ : محمد بن عبدالله آل سنحان المثيبي الفيفي
أنعم وأكرم بالأستاذ / محمد ذلك الشخص الخلوق بشهادة كل من عرفه ولن ننسى ما كان يقوم به من أجل أبناء فيفاء في جازان من أجل لم شملهم التلاقي والتعارف بينهم.
شكراً أبو عبد الله وشكراً لأبي جمال على هذا الأسلوب والسرد الرائع والذي عرفنا على شيء من حياة أستاذنا الفاضل.