مقالات

البيئة من مستهدفات رؤية المملكة 2030

علي أحمد العبدلي

أصبحت قضية البيئة وعلاقة الإنسان بها، من أهم القضايا التي نعيشها اليوم وفي مختلف المجالات، نظرًا لما اعترى هذه العلاقة من اختلال وتدهور أدى إلى ظهور العديد من المشكلات والأزمات البيئية. فقد مرت العلاقة بين الإنسان والبيئة بتحولات كبيرة عبر التاريخ، تدرجت من علاقة حميمة وآمنة إلى علاقة هيمنة وسيطرة وإخضاع البيئة بالكامل لسطوة الإنسان والتقنية.

فبسبب ما يشهد العالم من تسارعا ملحوظا في وتيرة التنمية والتي أدت إلى ضغوطات متزايدة على موارد البيئة، وأسهمت في ظهور مشكلات بيئية واقعية تهدد حياة الإنسان في الحاضر والمستقبل، فقد أشارت إلى ذلك بوضوح تقارير الألفية حول صحة النظم البيئية التي نفذته مؤسسات الأمم المتحدة، وتناولته توصيات المؤتمرات العالمية، مؤكدة أن الإنسان قام بتغيير النظم البيئية خلال الخمسين عاما الماضية؛ ليفي بالتزايد السريع والواسع للطلب على الموارد البيئية، هذا الطلب الذي سيستمر ما لم يتدارك الإنسان سلوكه.

بهذا، يمكن القول أن هناك اتفاق شبه عام بين العديد من ذوي الفكر في عالمنا الحديث على إعتبار التربية البيئية – بكافة إجراءاتها ووسائلها – هي الأداة الأساسية التي تساعد المجتمع على تحقيق التنمية والتقدم بما يضمن المحافظة على البيئة وحسن إستغلال مواردها وحل مشاكلها، لما تحدثه من تغيير في سلوكيات وإتجاهات الأفراد ومساعدتهم على إيجاد حلول جديدة لقضاياهم البيئية ، ساعية لجعل العالم صالحاً لمعيشة هذا الجيل والأجيال القادمة. فعالمنا اليوم في حاجة ماسة إلى تحالف جديد بين الأمم، مبني على التحالف الوثيق بين المعرفة العلمية والتكنولوجيا، والتنمية، وحماية البيئة. تحلف جديد مؤطر قانونيًا وأخلاقياً بقيم المسؤولية والتضامن والمشاركة والعدل والإنصاف.

فمن خلال الأبحاث العالمية لتطور علاقة الإنسان بالبيئة من المنظور التاريخي والفلسفي، تبين أن تدخل الإنسان في التوازن الطبيعي للأنظمة البيئية أحدث العديد من المشكلات والأزمات، والتي تزداد عمقاً بزيادة التقدم التقني والتكنولوجي. وفي محاولة للتصدي للمشكلات والأزمات البيئية التي إزدادت في الوقت الراهن، ظهرت العديد من المحاولات في بذلت جهوداً عديدة على المستوى الدولي والإقليمي ، تمثل بعضها في إصدار تشريعات وقوانين من أجل حماية البيئية، وبعضها في إنشاء مؤسسات مجهزة لهذا الغرض. وأخرى تمثلت في إقامة المؤتمرات والندوات، وغير ذلك من المحاولات التي تهدف إلى مواجهة المشكلات البيئية وحماية البيئة.

بحيث نعمل جميعاً على الحفاظ على الموارد الطبيعية المحدودة بما يضمن تمتع كل الكائنات الحية بتلك الموارد دون أن تكون حقاً لجماعة معينة أو لجيل معين دون الآخر.

وذلك من خلال بيئة مستدامة قادرة على إمداد الإنسان باحتياجاته ومطالبه المتعددة في ظل عدم ثبات الموارد البيئية المتاحة وتناقصها وزيادة السكان؛ ولذلك يجب على الإنسان أن يسعى إلى إحداث التوازن بين النمو السكاني المتزايد وموارد البيئة، وأن يعمل على حفظ التوازن البيئي الذي لن يتمكن من دعم الحياة البشرية إلا إذا كان متوازناً وسليمًا.

فمن خلال فلسفة بيئة تأسس الى فكرة احترام القيمة الذاتية لعناصر الطبيعة المختلفة والبحث في جذور الأزمة البيئية والذي أكد العديد من الباحثين على أن هذا الخلل يعود إلى الإنسان.

فمن خلال المعرفة البيئية التقليدية، أو المعرفة الأصلية، والتي هي مجموعة المعارف والخبرات والممارسات المتوارثة عبر الأجيال في المجتمعات المحلية، والتي تتشكل من خلال تفاعلها مع البيئة على مدى فترات طويلة. هذه المعارف تشمل فهمًا عميقًا للنظم البيئية، واستخدام الموارد الطبيعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتكييف الممارسات مع الظروف البيئية المتغيرة. يمكن للمعرفة البيئية التقليدية أن توفر معلومات مفصلة حول كيفية إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام، مثل المياه، والأراضي، والغطاء النباتي. على سبيل المثال، يمكن لممارسات مثل تناوب المحاصيل، والزراعة المختلطة، والحفاظ على المياه، أن تعزز الاستدامة البيئية.

تتكامل هذه المعارف مع رؤية المملكة 2030 من خلال التركيز على الاستدامة البيئية وتطوير مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر. حيث تهدف الرؤية إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة، مع الاستفادة من المعارف التقليدية في هذا المجال.

مصدر الصور الأنترنت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى