“الذايدي”: أمن سوريا ومستقبلها المستقر أن تكون لكل السوريين
يؤكد الكاتب المحلل السياسي مشاري الذايدي أن أمن سوريا ومستقبلها المستقر، مرهون ببناء هوية سورية جامعة، وإجماعٍ وطني على أن سوريا هي لكل مواطن سوري، مطالبًا أن يأخذ الأمر حقّه من النقاش والجدل السلمي، حتى يصل السوريون إلى كلمة سواء، حول العلاقة بالدين والقومية واللغة والشرق والغرب، لافتًا إلى أن الوصول إلى هوية سورية جامعة، يحتاج إلى عقول كبيرة وأنفس عظيمة، ونيات صافية لا شيةَ فيها.
“هوّية سوريا… هي قضيّة القضايا”
وفي مقاله “هوّية سوريا… هي قضيّة القضايا” بصحيفة “الشرق الأوسط”، يرصد الذايدي صراع الهوية السورية على مر الزمن، ويقول: “المسألة الكبرى اليوم في سوريا، ليست مصير نظام الأسد، ولا حتى انتصارات الجولاني والجبهة المقاتلة معه، بدعمٍ تركي بيِّن، وتعب الشعب السوري من أبدية البؤس، رغم ضخامة وهول هذه القضايا… في ظنّي أن قضية القضايا، هي: هويّة سوريا المقبلة… من يرسمها، وأية منطقة إجماعٍ وطني يمكن الوصول لها، وتخليقها، بين أمشاج الشعب السوري؟!”.
سوريا على صدوع الزلازل السياسية
ويكشف “الذايدي” كيف تغيرت الهوية السورية بتغير نظم الحكم، ويقول: “سوريا، عبر التاريخ، هي على صدوع الزلازل السياسية، وعليها تقيم صفائحها الاجتماعية المتحركة، منذ الزمن السحيق، أيام الآشوريين والإغريق والرومان والفرس، مرورًا بالدول العربية البيزنطية، عبورًا بالتسونامي المغولي وقبله الصراع الفارسي التركي على أرض العراق وسوريا (البويهيون والسلاجقة) الذي اتخذ طابعاً مذهبياً، ثم حِقب العصور الصليبية، ثم العصور الحديثة، والهيمنة العثمانية التركية، ثم الحروب الاستعمارية الغربية (فرنسا – بريطانيا)، ثم مرحلة النهضة العربية والأحزاب القومية، ثم المدّ الإسلامي السياسي، وصولاً إلى لحظة البعث، بدمغة آل الأسد.
مرّت سوريا، الحديثة – ولن نوغل في الذهاب إلى الزمن القديم – بلحظات تأسيسية، مثل: مرحلة حكم أحمد باشا الجزّار حتى عام 1804.
حملة إبراهيم باشا على بلاد الشام عام 1832 وآثارها الاجتماعية الاقتصادية السياسية العميقة، رغم قصر فترة «المصاروة» في الشام. ثم مرحلة «المير» بشير الشهابي.”
الهوية السورية في القرن العشرين
ويضيف الكاتب: “في القرن العشرين، كانت مرحلة حكم فيصل الهاشمي، القصيرة، حين تُوّج ملكًا عليها في 8 مارس (آذار) 1920 تحت اسم «المملكة السورية العربية»، وقد ضمت معظم أجزاء سوريا الطبيعية، وفي عهده أسّس السوريون دستوراً يُعد تقدّمياً ليبرالياً، حتى لعقود من السنين، مقارنة بما تلاه.
في دستور 1950 الذي لم يُقرّ إلا بعد 9 أشهر من الحوار، كانت هويّة سوريا، هي القضية الكبرى.
الباقي تعرفونه، منذ بداية عهد الانقلابات، مع حسني الزعيم 1949، ثم عصر الوحدة الهلامية مع مصر الناصرية 1958، حتى وصول حكم الضبّاط البعثيين، حتى قادنا الزمان إلى اللحظة الأسدية المديدة، مع حافظ ثم نجله بشّار… بداية من 1970 حتى اليوم”.
أمن سوريا ومستقبلها المستقر أن تكون لكل السوريين
وينهي “الذايدي” قائلاً: “حاصل القول، أن عروة الباب الذي يفضي إلى أمن سوريا ومستقبلها المستقر، هي بناء هوية سورية جامعة، لكل من يقول: أنا سوري، وليأخذ الأمر حقّه من النقاش، بل الجدل، بل العراك السلمي، حتى يصل السوريون إلى كلمة سواء، حول العلاقة بالدين والقومية واللغة والشرق والغرب… وهذه أمور عجز عن القيام بها، أو تعاجز، النظام من قبل، ولن يكون من المتوقع أن يقدر عليها أحمد الشرع وإخوانه، إنها تحتاج إلى عقول كبيرة وأنفس عظيمة، ونيات صافية لا شيةَ فيها”.
“الذايدي”: أمن سوريا ومستقبلها المستقر أن تكون لكل السوريين