مقالات

حفلات التخرج

بقلم : علي بن جبران المدري

حفلات التخرج

هناك ظاهرة جديدة ودخيلة علينا بدأت تزيد وتتكاثر عاماً بعد عام واخذت تزحف إلينا من المدن ويترتب عليها هدر مالي ومظاهر مخالفة للشرع في اللباس وفي الآلات الموسيقية والغناء وكسر لنفوس الفقراء الضعفاء في ظل هذا الغلاء المعيشي المرتفع حتى أصبحت كثير من الأسر لا تستطيع مجاراة هذي المظاهر للاحتفال بالنجاح المزعوم وأي نجاح هذا ؟! الذي أعد له العدة ورصدت له الأموال والمناسبات من بداية الروضة إلى نهاية التعليم العام المتوسط والثانوي ولكل سنة حفلة ، والغريب أنه يقال في كل نهاية سنة وفي أي صف أن الطالب أو الطالبة قد تخرج حتى من مرحلة الروضة لابد لها من حفلة !! والأصل أن التخرج لايكون إلا نهاية الجامعة ونحوها لإنها نهاية مرحلة يكون بعدها الوظيفة .

وكنا لانعرف هذه المظاهر قبل بضع سنوات .. فمن أين أتت إلينا ؟؟ ولامانع من الفرح والسرور وإقامة الحفلات البسيطة في البيوت ذات التكاليف المنخفضة أو المقبولة في ظل أجواء مفعمة بالحُب و الاحترام والمشاركة لإن البساطة تلاقي لدى أصحابها ارتياحاً عالياً جداً ،

الأثر المعنوي والتربوي

كما ولها أثر معنوي وتربوي تلمسه الأسر في أبنائها بشكل كبير جداً ، وهذا إذا أحسن إدارة واستثمار هذه الفرصة وهذا الموقف والمناسبة ليس بالكم المادي وكثرت الهدايا بل بالمعنوي لإرسال رسائل إيجابية في العقل الباطن عبر هذه المناسبة لهؤلاء النشئ فهذا شئ طيب ومفيد ، وإن من الضرورة امتلاك معايير وموازين نحكم بها على أنفسنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا لنجاح الأسرة واستقرارها وسعادتها ، وكذلك نجاح أفرادها ، وبالتالي المجتمع ككل .

فالأسرة نواة المجتمع ، وقلبها النابض ، تؤثر وتتأثر ، فالتصرف الذي يقوم به الشخص حتى داخل بيته ينقل إلى الخارج عبر هذه الوسائل ويشكل عدوى في المجتمع سلباً أو إيجاباً ، وينتشر سريعاً بين البيوت والأسر .

النجاح شيء منشود

إن النجاح شئ منشود وخاصة إذا تظافر مع المكابدة والتعب لتحصيل المطلوب فالثمرة يكون لها طعم طيب ، وأما مايحصل حالياً ليس بالشكل المطلوب ولا الطبيعي وخاصة مع هذا النجاح السهل ، ولم يصل الطالب لتلك المكانة المرموقة بجهد كبير حتى يعمل له كل هذه البهرجة والهدر المالي والبذخ وليس هناك من يرسب في هذا الزمن فلماذا يعمل له كل هذه الهالة ؟؟ فالطالب يعرف من أول العام أنه سوف ينجح وينتقل إلى الصف الذي بعده وهكذا .

وقد رأينا هذا العام في وسائل التواصل لمظاهر جديد تضاف للمظاهر السابقة في مواقع التواصل عبارة عن حفلات عند بوابات المدارس لبنات في الثانوي والمتوسط بحضور أسرة البنت ورمي الورود فوقها والهدايا أمام مرأى العالم من طالبات وأولياء الأمور وأجانب في مظاهر غريبة ودخيلة أسموها ” بحفلات التخرج وكان المفترض أن تحصل في البيوت ولكن تعدت الحدود كشكل جديد من أشكال الموضة والتصوير والبذخ وإرهاق كواهل الأسر الضعيفة والمتوسطة كون هذا يحدث مأزق كبير ، وتحدي صعب بين الأسر وأولادها ، فهم يقعون بين فخ مساواة أبنائهم وبناتهم مع زملائهم ، وبين الأزمات المالية التي تنهش بعضهم من حين إلى آخر عبر هذه المظاهر مع شح ذات اليد والعجز عن مجاراة هؤلاء وخاصة تزامنها مع متطلبات العيد .

صراع نفسي 

فيبقى الأب وولي الأمر مكسوراً من الداخل وفي صراع نفسي بين أمرين إما السلف والدين لمجاراة هؤلاء أو الصبر وتحمل الضغوط الداخلية التي تفرض بسبب عدم مجاراتهم والسير في طريقهم ..حفلات التخرج

فينبغي من هؤلاء الموسرين الذين يصورون ويظهرون وينشرون أن يتقوا الله في هؤلاء الضعفاء ويراعوا وضعهم وإن كان ولابد إقامتها في البيوت ..

التوعية مطلب من الجميع

والتوعية مطلوبة من جميع طبقات المجتمع والخطباء إزاء هذه الظاهرة بالعودة للتوسط والاعتدال في كل شئ فهو الميزان الشرعي الذي يجعل المجتمع متوازناً وسعيداً …..

 .إجازة سعيدة على الجميع .. وبالله التوفيق .

 الخميس ٤ / ١٢ / ١٤٤٤هـ حفلات التخرج

حفلات التخرج

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى