دور المناهج والمدرسة في تعزيز الأمن الفكري (12)
إذا تحدثنا عن دور المؤسسات التربوية بشكل عام في تعزيز الأمن الفكري، يظهر لنا ويبرز دور المناهج في تحقيق هذا الأمن، لذا يجب على تلك المؤسسات وضع الخطط المدروسة التي تحقق الوعي الأمني من خلال بثه في مفردات المناهج ومما لا شك فيه أن الاهتمام بتلك المبادئ يعد من الأسس المهمة لحماية المجتمع من الانحراف والغزو الثقافي وتوفير الأمن الفكري.
إن مناهج التعليم الحافلة بما يربي الطالب على التوازن والوسطية واتباع الدليل، وترك الافتراق والأهواء والبدع المحدثة، لهي كفيلة أن تنمي في أعماق الشباب روح الوطنية الحقة، وتساعدهم على تمييز الثقافة الفكرية المسمومة، التي تبثها وسائل الإعلام المشبوهة سواء عن طريق البث الفضائي والشبكة العنكبوتية، أو الصحف والمجلات المشبوهة الوافدة من الخارج.
ومن خلال ما سبق يتحمل الطالب جزءًا ليس هينا من المسؤولية نحو تحقيق الأمن الفكري لذلك تكمن أهمية تعليمه كيف يتحقق أمن المجتمع بصفة عامة، وأمنه بصفة خاصة، من خلال تهيئته نفسياً واجتماعياً للتكيف مع القيم والآمال وتطلعات المجتمع الذي ينشد السلوكيات المثالية الجماعية التي تحقق الأمن والأمان.
وإن المؤسسات التربوية والتعليمية من أولى الجهات المعنية بالحفاظ على الأمن والاستقرار في المجتمعات، وإن استثمار عقول الشباب واجب يشترك فيه جميع الأفراد والمؤسسات والهيئات في المجتمع.
ويخطئ مَن يعتقد أن مهمة المؤسسات التعليمية تقتصر على تعليم القراءة والكتابة وإعطاء مفاتيح العلوم للطلاب دون العمل على تعليم الناس ما يحتاجون إليه في حياتهم العلمية والعملية، وترجمة هذه العلوم إلى سلوك وواقع ملموس.
وأهم شيء يحتاجونه ولا حياة لهم بدونه هو الأمن في الأوطان، وأستطيع القول بأن الأمن هو مسؤولية الجميع، ولكنه في حق المؤسسات التعليمية أهم ؛ لأن هذه المؤسسات تجمع كل فئات المجتمع على اختلاف أعمارهم بدايةً من السن المبكرة التي تتمثل في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، وفيها يستطيع المعلم والمربي أن يشكل الطالب بالكيفية التي يريدها، فإذا لقي الطالب مَن يوجهه التوجيه السليم نشأ نشأة طيبة يجني ثمارها المجتمع الذي يعيش فيه، وإن كان الحاصل غير ذلك فالعكس هو النتيجة الحتمية، خاصة أن الذين يقومون على هذه المؤسسات هم خلاصة مفكِّري الأمة ومَعْقِد رأيها، وفيهم يجب أن تجتمع الصفات الحميدة المؤهلة لإدراك أهمية الأمر، والشعور بالمسؤولية العظيمة الملقاة على عواتقهم، وأن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم الطلاب في جميع تصرفاتهم وأعمالهم وأقوالهم.
ويجب أن تبدأ معالجة الانحرافات الفكرية بمعالجة الأسباب والعوامل المؤدية لها والوقاية منها.
فللمدرسة دور بالغ الأهمية في تنشئة شخصية الطالب من خلال استكمال دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى بتطويع سلوكه وتوجيهه وإكسابه القيم والمفاهيم الصحيحة، وهذا سوف يحصن الفرد ضد المؤثرات الفكرية السلبية مهما كان مصدرها.
أما دور المعلم فهو عظيم ومهم، وتحمل الجزء الأكبر في تعزيز الأمن الفكري، فهو القدوة والمربي، والموجه والمحرك لفئة الشباب داخل الحرم المدرسي وخارجه، وكلمته مسموعة عندهم، بل يقلدونه في كثير من مناحي حياتهم، وسلوكهم ويعتبرونه المثل الأعلى لهم، وبما أن مسؤولياته كبيرة ومؤثرة وتوجيهاته ضرورية وملحة، فإنه يتوجب عليه مراعاة ما كلِّف به من خلال النقاط التالية:
1) يجب على المعلم أن يكون قدوة لعمل الخير والإصلاح والتوبة وتبني ما يسعد البشرية وخصوصاً ما يجب على هذا المعلم تجاه وطنه ومجتمعه فضلاً على أنه معلم الخير ويحمل مسؤولية جسيمة.
2) ولكي يقوم المعلمون بدورهم في التوعية والوقاية من الانحراف، فلابدّ لهم أن يقوموا بتنشئة الطلبة تنشئة إسلامية صحيحة.
3) ومن الواجب على المعلمين أن يؤكّدوا على تمثّل الطلبة القدوة الحسنة في سلوكياتهم وتصرفاتهم، وفي الانسجام مع قيم المجتمع وقوانينه.
4) ترسيخ مبدأ الحوار الهادف والاستماع للآخرين واحترام آرائهم بقصد الوصول إلى الحق ومساعدة الطلاب على استخدام التفكير بطريقة صحيحة ليكونوا قادرين على تمييز الحق من الباطل والنافع من الضار وتنمية الإحساس بالمسؤولية لدى الطلاب.
5) الاهتمام بالتربية الاجتماعية.
6) الاهتمام بتعليم القيم والمعايير السلوكية السليمة.
7) تشجيع التعاون مع أفراد الأسرة والمؤسسات الاجتماعية المختلفة.
8) توجيه الشباب لطرق البحث عن المعلومات الصحيحة وتشجيعهم على ذلك.
9) تفهم طبيعة تفكيرهم ليسهل عليك الاتصال بهم.
10) مساعدة الطلاب على استيعاب المفاهيم والأفكار التي تتعلق بالحياة والمستقبل، والبعيدة عن الأفكار المنحرفة والمتطرفة.