تعازي ومواساة

سقط نجمٌ وانطفأ مصباحٌ

كتبهُ: الشَّريفُ عليُّ بنُ محمدٍ أبو الخيرِ معافا

عندما أتحدَّثُ عن الوالدِ الشَّيخِ أحمدَ بشيرٍ معافا، لا تُحيطُهُ الكلماتُ، ولا تُعطي قدرَهُ ومكانتَهُ المشاعرُ الطيِّباتُ، فقدرُهُ في المعالي أعظمُ، وفي العلمِ أجزَلُ، وفي الخيرِ أفضلُ.
رَجُلٌ بألفِ رجلٍ علمًا وسخاءً وكرمًا وشهامةً ووفاءً، في كلِّ أوجهِ الخيرِ سبَّاقٌ، وفي الصَّدقةِ وأوجهِ البرِّ لهُ اليدُ الطُّولى.

كم من فقيرٍ لَمْلَمَ جراحَهُ، وكم من مُشاركةٍ خيريَّةٍ أو تكافلٍ اجتماعيٍّ كانَ الأعلى عطاءً، والأجودَ فضلًا. وهو زينةُ المجالسِ وبهجتُها وقائدُها الذي لا يسبِقُهُ أحدٌ، وفي الإصلاحِ بينَ النَّاسِ كان لهُ عِظيمُ السَّبقِ والمبادرة.

رأسُ الأشرافِ آلِ المعافا، وأكبرُ وجهائِها في العصرِ الحديث. كنتُ أجدُ منهُ النَّصحَ والإرشادَ والتَّوجيهَ في كلِّ مناحي الحياةِ بعدَ والدي –حفظهُ الله–، فكنتُ أعودُ إليهِ لأستنيرَ بنُصحِه ودَعمِه وتوجيهِه.

كان داعمًا للعلمِ وأهلِه، فقد تَكفَّلَ بطباعةِ كُتُبٍ علميَّةٍ لبعضِ المؤلِّفينَ والعلماءِ، ومن ذلك دَعمِي والتَّكفُّلُ بطباعةِ بعضِ كُتبي حرصًا على نشرِ العلمِ ابتغاءَ وجهِ اللهِ –عزَّ وجلَّ–.

والشَّيخُ أحمدُ بشيرٍ معافا هامةٌ وقامةٌ، فهو من العلماءِ الأجلَّاءِ، وهو من البقيَّةِ الباقيةِ من طُلَّابِ الشَّيخِ حافظِ الحكميِّ، والشَّيخِ عبدِ اللهِ القرعاوي. وقد رأيتُ كثيرًا من طُلَّابِ العلمِ يَفِدونَ إليهِ ليأخذوا منهُ الإجازةَ في كُتُبِ الشَّيخِ حافظِ الحكمي، وقد حضرتُ لهُ العديدَ من المجالسِ العلميَّة.

وقد حازَ على مكانةٍ علميَّةٍ واجتماعيَّةٍ مرموقةٍ في منطقةِ جازان، وعندَ أمرائِها من وُلاةِ الأمرِ ورجالِ الدَّولة. ومجلسُهُ البهيُّ لا يخلو من العلماءِ والفضلاءِ والوجهاءِ والقضاة.

وهو القاضيْ الهُمامُ، والرَّجلُ المهابُ التامُّ، وفي الخيراتِ مقدامٌ. عمِلَ في القضاءِ سنينَ من عمرِه في محاكمِ منطقةِ جازان، ثم قاضيًا في محكمةِ التَّمييزِ بمكةَ المكرمةِ سابقًا، ثم في مجلسِ منطقةِ جازان لعدَّةِ فترات.

فكان في القضاءِ عادلًا، وفي الأحكامِ حازمًا، فحُمِدَتْ سيرتُهُ الطيبةُ، وأصبحَتْ على كلِّ الألسُنِ في أرجاءِ منطقةِ جازان، يعرفُهُ الصغيرُ والكبيرُ، والشَّيخُ والأميرُ، والعالمُ والخبيرُ.

واليومَ، يومَ الثلاثاءِ الموافق ١٨ / صفر / ١٤٤٧ هجري، تَنطوي تلكَ الصفحةُ الجميلةُ بوفاتِه –رحمهُ الله–، فتقطَّعَتْ لوفاتِه أكبادُنا، وحَزِنت لموتِه أرواحُنا، فهو يُعدُّ خسارةً كبيرةً لمنطقةِ جازان، ولمحافظةِ ضَمَد، ولقبيلةِ الأشرافِ آلِ المعافا على وجهِ الخصوص.

فعليهِ رحمةُ اللهِ تعالى، وأسألُ اللهَ لهُ الفردوسَ الأعلى مِن الجنة.
{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.

كتبهُ: الشَّريفُ عليُّ بنُ محمدٍ أبو الخيرِ معافا
جازان – محافظةُ ضمد
الثلاثاء ١٨/صفر/١٤٤٧هجري

سقط نجمٌ وانطفأ مصباحٌ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى