حِكايةُ ما بين الأزاهير والورْدِ
حكايةُ ما بين العيون إلى الخدِّ
وأوثَقُ ما تحوي الجوانحُ من جَوَىً
كحَبْل ولاءٍ ضَمَّ صبيا إلى نجْدِ
وبين تَنَاجِي عَكْوَتينِ مسافةٌ
من الشوق ما يرويه نَـهْدٌ إلى نَـهْدِ
سرى البرقُ من عبدالعزيز فَجَاوَبَتْ
زغاريدُ من صبيا كَصَلْصَلَةِ الرّعْدِ
صَرِيخٌ لدى غوّان : يا خيلُ حَمْحِمي
وفي الباحر النجّابُ : يا ناقةُ اشْتَدّي
وأقْبَلَ من وادي الحسيني أشَاوِسٌ
فكانوا ليوم الوعْدِ أسْبَقَ من وعْدِ
فَيَا لَمساءٍ من عتادٍ وعُدّةٍ
ويا لَصباحٍ من أميرٍ ومن جُنْدِ
وما هيَ إلا ساعةٌ أو أقَلُّها
إذا بِهِمُ جَمْعٌ على بيَـْرَقٍ فَرْدِي
ولَوْ أنّ وَفْدَاً غادرَ الأرضَ للسُّهَى
لَكانَ بَنُوها في مُقَدَّمة الوَفْدِ
تناسَتْ بعَهْدِ العزّ والفخرِ والهَـنَا
عهوداً من الآلام والجوع والكدِّ
لقد خرَجَتْ من يومها الشّاحبِ الشّجِي
وقد دخَلَتْ في يومها النّاعمِ الوَرْدي
أنَاخَتْ على الكُدْمي فخامةَ جَاهِهِا
ومَدَّتْ على نَخْلان أرْوِقَةَ المَجْدِ
كأنّ الرُّبَى بين العريشِ إلى الغَرَا
مزيجٌ من الريحان والصّندل الهِنْدي
يُنافِسُ طَعْمُ التّينِ طعْمَ سفرجلٍ
وقد غَلَبَ البابّاي رائحةَ الرَّنْدِ
لإنْ كَشَفَتْ بالفلّ نِصْفَ بياضها
لقد كَتَمَتْ بالطَّلْح أضْعافَ ما تُبْدي
لَوَ انّ قُرَاها رُصِّعَتْ عِقْدَ لؤلؤٍ
على الصّدر كان القُوْزُ واسطةَ العِقْدِ
أقامَ بها جَدِّي ومَـرَّ بها أبي
بهذا أبي أفْضَى وحدّثني جَدِّي
تَقَوّتْ بها جازانُ واشْتَدّ عُوْدُها
فَمِنْ شاطئٍ يُسْدِي إلى تَـلّةٍ تُهْدِي
لدى ضَمَدٍ منها ودائعُ خِبْرةٍ
وكانت لبَيْشٍ مثلما عَصَب الزّنْدِ
لأحْرُفِها في مُعْجم الحُسْن خِفّةٌ
تصِيدُ على قُرْبٍ وتأسِرُ عن بُعْدِ
فمِنْ صَادِ صُدْغَيْها وبَاءِ بَنَانِها
إلى ألِفٍ ممشوقةِ الخَصْرِ والقَدِّ
تضاريسُ تستعصي على كل طامعٍ
تكونُ له شَوْكاً على حجرٍ صَلْدِ
يُـنَافِحُ عنها في المُلِمّاتِ سِدْرُها
كما نَافَحَ المُسْتَبْسِلون عن الحَدِّ
لها من يَدَيْ سلمان دِرْعٌ ومِغْفرٌ
بما كان أَوْلَاهَا وقَدَّرَ في السَّرْدِ
تَـبَارَى بها سِرْبَا قَطَا وهَدَاهِدٍ
ونَهْرَانِ من سَمْنٍ مُصَفَّى ومن شَهْدِ