
المملكة العربية السعودية دولة أعزَّها الله ﷻ بالإسلام ، وكرَّمها بخدمة دينه ، وشرَّفها بحمل راية الأمة في كل المحافل الدولية بإيمان عميق ، وانتماء صادق ، وشجاعة متناهية!.
وعندما نتحدث عن عظمة السعودية ، فإنما ننطلق في ذلك من منطلق : الشكر لله عز وجل أولاً على ما أولانا من نعمه العظيمة التي لا تعدُّ ولا تُحصى ، ثم من منطلق الرد على المشككين والمرجفين والمثبطين الذين لا ينصرون الإسلام وأهله ، ولا يقاومون الأعداء ومكرهم! ، وإنما ديدنهم : الاتهامات الباطلة ، والأكاذيب الملفقة ضد المملكة ، رغم مواقفها المشرِّفة، وجهودها التي تفوق العَدَّ والحصر في كل قضايا الأمة وشؤونها بدءً بقضية الأمة الكبرى – القضة الفلسطينية -، وانتهاء بعمليات فصل التوائم التي بدأت منذ ما يزيد على 35 عاماً ، وهي منذ ذلك الوقت وإلى اليوم وستبقى إلى ما شاء الله تعالى تُقدِّمُ هذه الخدمة الجليلة مبتغية بذلك وجه الله عزوجل ، ثم تقديم خدمة إنسانية للبشرية كلها دون منٍّ أو أذى.
إن عظمة المملكة العربية السعودية نابعة من مكانتها الدينية ، وعمق التاريخي ، وموروثها الثقافي ، وحضورها الدولي ، وتأثيرها العالمي في كل القضايا والأحداث.
ومرتكز عظمتها وتأثيرها هو : اتزانها واعتدالها ، وصدقها وشفافيتها في التعامل مع جميع الأطراف.. فهي تتمتع بسياسة حكيمة وواضحة لا لبس فيها ، وبرؤية ثاقبة ، وعزيمة صادقة وجادَّة تسعى من خلالها لتحقيق غايات نبيلة ، وأهدافاً سامية لكل البشرية.
فالسعودية اليوم تقود العالم كلَّه نحن أمن مستدام ، وسلام عادل وشامل ، وتنمية وازدهار ورخاء.. كما أنها ترفع صوتها عالياً مطالبة عقلاء العالم وقادته ، وكل المؤسسات الدولية لأن يتحدوا في مواجهة مسببات الإرهاب والتطرف والغلو ، وتجفيف منابعه ، وكل ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال سلام دائم وعادل يرد الحقوق لأهلها ، ويحاسب أرباب الإرهاب والعدوان والإبادة الجماعية في غزة وغيرها.
إن جمع المملكة للعالم اليوم تحت قبة الأمم المتحدة ، ومطالبتها لكل دول العالم من على منبر الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة ، دولة حرة مستقلة ذات سيادة على حدود 1967م ، وعاصمتها : القدس الشرقية ، وتأكيد المملكة على أن ذلك هو الضمان الوحيد للأمن والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط ، مع ما سبق ذلك من الاتفاق والتنسيق مع دول غربية لها وزنها وثقلها وتأثيرها في المجتمع الغربي كان آخرها جمهورية فرنسا للاعتراف بدولة فلسطين! ، لهي رسالة واضحة ، وموقف ثابت لا يتزعزع ، يؤكد بأن المملكة هي الداعم الأول والأقوى والأحرص على تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني الشقيق لنيل حقوقه ، ولينعم بالأمن والسلام والاستقرار كباقي شعوب الأرض.
إن نجاح القيادة السعودية في جمع العالم وتحشيده نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، وتبني حل الدولتين ، والسير قدماً في تحقيق متطلبات هذا المشروع العالمي الكبير والعظيم وفق تشكيل لجان عمل متخصصة تساند بعضها بعضاً ، وتتكامل في عملها ؛ لإنجاز المهمة وتحقيق الأهداف المرجوة وفق زمن محدد ، وآلية معدَّة من قبل تلك اللجان التي رأت في المقترح السعودي بارقة أمل في تحقيق السلام ، ونبذاً لكل أشكال العنف والتطرف والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط أيًّا كان مصدره.
إن هذا النجاح السعودي الباهر والعظيم الذي جعل الكيان الصهيوني يقف عاجزاً وحائراً أمام سيل الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية! حتى وصلت الاعترافات إلى الدول الخمس ذات العضوية الكاملة في مجلس الأمن الدولي! ، فقد أعلنت فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية! ، وتبعتها بريطانيا فأعلنت أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية مالم تبادر إسرائيل بإيقاف الحرب في غزة ، والسماح بدخول المساعدات ، وقبول السلام على مبدأ حل الدولتين! ، والامتناع عن ضم الضفة الغربية!.
إن عظمة السعودية تبرز من خلال صدقها وثباتها وقوة تأثيرها في القرار الدولي ، فبفضل الله أولاً ، ثم بالقوة الدبلوماسية السعودية التي يمثلها سمو وزير الخارجية – حفظ الله وأعانه – استطاعت المملكة أن تجعل العالم ينتقل من مرحلة الكلام عن السلام في الشرق الأوسط إلى مرحلة اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق وتنفيذ حل الدولتين!.
ففي هذا السياق بادرت المملكة العربية السعودية في 6ربيع الأول 1446ه الموافق 20 سبتمبر 2024 وبالتعاون مع مملكة النرويج بإعلان ” التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين ” على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ، وقد ضم التحالف عند انطلاقه حوالي 90 دولة! ، وهذه المبادرة تهدف إلى جعل حل الدولتين خياراً واقعياً وقانونياً ، ليتم من خلال ذلك حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة.
وقد عُقد الاجتماع الأول لهذا التحالف في الرياض بتاريخ 27ربيع الآخر 1446ه الموافق 30 أكتوبر 2024 .
وها هو المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول حل الدولتين يعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بتاريخ 3 – 4 صفر 1447ه الموافق 28 – 29 يوليو 2025 برئاسة مشتركة سعودية فرنسية ، وبمشاركة دولية واسعة!.
إن هذا المؤتمر له أهداف واضحة يسعى لتحقيقها ، من أهمها:
- جعل حل الدولتين في مقدمة جدول الأعمال الدولي ؛ لإعطاء القضية حقها من الاهتمام والعمل المشترك في هذا الاتجاه.
- السعي إلى تحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وفق حدود واضحة أساسها حدود 1967م ، وعاصمتها القدس الشرقية.
- تنسيق الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق قيام الدولة الفلسطينية.
- الضغط على الكيان الصهيوني لقبول السلام ، وإنهاء عدوانه التوسعي ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ، وقطاع غزة ، وإيقاف آلة الحرب والإبادة التي يرتكبها ضد المدنيين العزل في قطاع عزة منذ ما يزيد على سنة وسبعة أشهر.
إن هذا التحرك السعودي الذي غيَّر قناعات العالم! – عدا أمريكا المكبَّلة بضغوط اللوبي الصهيوني على ساستها! – ، لهو أكبر ردٍّ على مخططات الكياني الصهيوني التوسعية ، وأطماعه العدوانية.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
الأربعاء 5 محرم 1447ه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
خالص الشكر والتقدير للدكتور علي على مقاله القيم حول عظمة المملكة العربية السعودية ، حيث إن ما قدمته من رؤى وأفكار يعكس عمق الفهم ووضوح الرؤية تجاه دور المملكة في الساحة الدولية.
وقد أظهرت بجلاء أن السعودية ليست فقط دولة ذات مكانة دينية وثقافية، بل هي أيضا رائدة في جهود السلام والتنمية في العالم ، وإن وقوف المملكة إلى جانب قضايا الأمة، وخاصة القضية الفلسطينية، يعكس التزامها العميق بمبادئ العدالة والحق.
كما أن دعوتك لضرورة الاعتراف بدولة فلسطين وتبني حل الدولتين هي دعوة تتطلب من الجميع التكاتف والعمل الجاد لتحقيقها ، وبالتالي فإن جهود المملكة في إنشاء التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
أشكرك مرة أخرى على هذا المقال الرائع، وأرجو لك التوفيق والسداد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.