
مظاهر العيد قديماً .
١_ مقدمة :
كان للعيد في الزمن الماضي قبل ما يقارب أربعين وخمسين سنة و ما قبلها طعم خاص وفرحة لا توازيها فرحة ولا يمكن وصفها أو استشعار مكانتها إلا من عاش في تلك الحقبة من الزمن الجميل ، ورغم قلة المادة آنذاك فكانت هي السبب الأكبر في تعاون الناس وحاجتهم لبعض ولما فتحت المادة في أيدي الناس استغنى الناس بأنفسهم وتفرقوا ولا يسأل القريب عن قريبه إلا القليل .. أما في الماضي فكان الألفة والمحبة سائدة بين الناس وكانت البساطة هي سيدة الموقف فالجار يتفقد جاره ويعاون القريب قريبه في جميع أموره إذا احتاج لذلك ..
٢_ الاستعداد للعيد :
وأما العيد فكانت اجتماعاته ومظاهره خاصة تزيد عن الاجتماعات السابقة وتبدأ قبلها بأيام كثيرة من اشتراء مستلزمات العيد للرجال وفرق الشعر والحلاقة ( التدباع ) وخاصة في عيد الفطر واعداد أدوات الطيب وتمشيط الشعر ووضع اللباب والطيب للنساء وشراء ملابسها من الستدرة والمحنة وغيرها وصبغ المرأة ملابسها بما يشابه النيلة اليوم وذلك من بعض الشجر كشجرة القاع وغيرها . وهذا يكون في يوم يسمونه يوم المشة أي قبل العيد بيومين يعني يوم ٨ يقوم الناس جميعاً بالتنظف وغسل الملابس على الأودية وعند البيوت
ووضع بعض الرجال للحناء على الإقدام والرأس ، والنساء تضعه في الأيدي والأقدام ، والاستعداد للعيد بتنظيف البيوت والتخلص من بعض الاشغال المتعلقة بالأرض ويسمونه يوم المشة أي التنظيف ،، وعندما يتم الإعلان بالعيد من قبل شيخ الشمل في العبسية يتم النداء بالبوق المصنوع من قرن وعل فيسمع الناس الصوت عبر الصدى فتقوم كل قبيلة بإطلاق الأعيرة النارية فيتواصل الخبر بإطلاق الأعيرة من تلك الجهات إلى أسفل حقو فيفاء ، لكي يعلم الناس بقدوم العيد وخاصة عيد الفطر .
٣_ مظاهر العيد عند الأطفال :
كانت الفرحة لديهم أكبر وأكثر وكانوا يغنون ويهزملون ( ودويد قرب امعيد اليوم المشة وغدوا الوقفة ومبعد إمعيد )) ودويييد ودويييد .. فيذهب الأطفال لجميع البيوت ويفتخر كل طفل بكثرة معاودته على البيوت وبعدها يحصيها ، وفيما يقرب من الثلاثين سنة الماضية كانت الحلويات هي الطريقة التي نعرف بها عدد البيوت حيث نأخذ من كل بيت حلوى ونضعها في جيوبنا وفي النهاية نحصي الحلويات لنعرف عدد البيوت التي زرناها أي ( عاودنا عليها ) ..
٤_ يوم العيد :
يصحى جميع أهل البيت في الصباح الباكر قبل الفجر ويبدؤون في إعداد القهوة والعيش ( الكعم والمفتوت ) والسمن .. والخاصة يكون لديهم عسل ،، ويوم ظهر السكر والدقيق من حوالي ٤٠ إلى ٥٠ سنة كان فاكهة لا يوزيها شيء فكان يعمل العصيد من الدقيق ويرش بالسكر رغم أن الدقيق الذي ظهر في البداية دقيق ردئ مسوس يسمى دقيق أبو كلب
٥_ صلاة العيد :
كان يذهب الناس للمصليات البعيدة مشيا على الأقدام بعد لبس أحسن الثياب لديهم وذلك بعد ظهور الخطباء العارفين بالدين من حوالي ٧٠ سنة يسمونهم الفقهاء ممن تعلموا على يد القرعاوي في صامطة وعادو للتعليم وتوعية الناس ببعض المخالفات والشركيات التي كانت سائدة آنذاك مثل النشح فوق الصخور والأضرحة والبناء المرتفع على القبور وغيرها من المخالفات المتعلقة بالأقوال والأفعال في الصلاة . حيث كان الناس آنذاك يسود بينهم الجهل والأمية فقام هؤلاء المتعلمين بتوعية الناس وتعليمهم القراءة والكتابة وبعض الأشياء المهمة لدينهم عبر الكتاتيب وفي المساجد .
٦_ الأضحية ( امعيد ) :
في فيفاء وما جاورها يطلق على الذبيحة مسمى إمعيد وبالرغم من حالتهم المادية الصعبة في ذلك الزمن وكون بعضهم لايجد اللحم من العيد إلى العيد القابل ومع ذلك كانوا يعتنون بالأضحية ( إمعيد ) عناية خاصة ويستعدون لها أثناء العام أما بتربيتها عندهم في البيوت فيقولون هذي تكون لنا عيد أي قبل أشهر كثيرة يحددونها وبعضهم يشتري من الأسواق القريبة كعيبان والنفيعة كونها كانت من الأسواق القوية قبل ٤٠ و٥٠ عاماً و ماقبلها .
٧_ ملهات العيد عند الكبار :
يحيي الكبار أيام العيد بجميع أنواع وألوان الملهات في فيفاء كالهصعة والشارقي والألعاب الشعبية والعكاش بعد صلاة العيد والرمي بالأعيرة النارية هذا في نهار أيام العيد ، أما في الليل فيحيونه بالسمر على ضوء الفوانيس والأتاريك فيما بعد والاستماع للمسجلات والراديو منذ ظهورها في وقت متأخر .
٨_ امقساء :
كانت الذبيحة في ذلك الوقت تعلق بعد الذبح وبعد تشريعها وبعد إزالة الجلد والتنظيف لها تبقى معلقة إلى المغرب أو اليوم الثاني في مداخل البيوت ، ثم يبدأون بتسويتها على شكل سيور وتوضع فوق الحبال أو فوق عيدان طويلة باتجاه الهواء حتى تيبس وهو التشريق أو القديد .
٩_ الاجتماع عند الذبح :
من العادات حضور أهل البيت لمشاهدة نحر الذبيحة ( إمعيد ) وهذي عادة قديمة وهي من السنة وكان يقوم صاحب العيد بتعليقها في مدخل البيت كفخر ولكي يراها المعاودين ( القادمين ) ويباركوا ويهنوا صاحب البيت بالعيد ( الذبيحة ) وكلما كانت الأضحية أكبر كلما كان محلا للثناء والذكر الحسن .
١٠_ العفاء :
من المظاهر التي كانت موجودة إلى ما قبل (٣٠ سنة) العفاء أن يقوم صاحب البيت بدعوة القريبين منه كالأخوة والأخوات والصهور ويعمل لهم غداء أو عشاء بعد أيام العيد الثلاثة أي فيما بقي في أيام شهر الحج ويسمى امعفاء .
١١_ شِرْكَة الوقفة :
من العادات حفظ شئ من اللحم بعد تجفيفه ويسمى ( قسوية ) وهو القديد بحيث يحفظ جزء من اللحم إلى قرب العيد القادم يقولون لها ( شِرْكَة الوقفة ) حتى يربطون ماتبقى من العيد السابق بالعيد الحالي كونهم يذبحون اليوم التالي للوقفة ، وكذلك يحفظ جزء ليوم عاشوراء ، وهذي العادة موغلة في القدم إلى مايقرب ٩٠ إلى ١٠٠ سنة ولا يعلم عن الحكمة بتحديد يوم عاشوراء وغيره كسابع صفر .
١٢_ العِيْوَاد:
في عرف الأقدمين العيواد يشمل شيئن :
أ _ الذهاب لبيوت القريبين منك في النسب والمكان والقيام بالسلام عليهم وتهنئتهم بالعيد .
ب _ الأكل من طعام المزور وكان يصنع طعام من قبل اهل البيت وكل من أتى إليهم لابد أن يأكل من طعامهم وإلا يعتبر لم يعاود عليهم يقولون له وهو عندهم لابد أن تعاود علينا أي تأكل من الطعام المعد ويقول بعد الإنتهاء ” عاد عيدكم ” .
١٣_ تهنئة العيد :
عند القدوم يقول الزائر : السلام عليكم والتهنئة بالعيد ، فيرد صاحب البيت التحية وعند الخروج يقول : الزائر عاد عيدكم فيرد صاحب البيت علينا وعليكم بالخير والعافية . وكلاها قد يقول الله يهبو عيد الخير والعافية علينا وعليكم وعلى الجميع . ١٤_ الحزن بعد العيد : من حبهم للعيد بمظاهره الجميلة من ملهات و مايكون فيه من مأكولات ولحوم ولوضعهم الضعيف آنذاك كان الجميع يتحسف على فوات العيد كونه سوف يفقدهم شيئاً من بعض المأكولات والمظاهر التي خيمت عليهم في أيام العيد ، وذلك بسبب الجوع والتعب في الأرض وكان البعض ينشد بعد ذهاب العيد (( إمعيد فرَّه وماقَرَّه ليتو قَرَّه ندبغ مرَّه )) ونحوها ….. هذا وبالله التوفيق ..
سبحان الله على الاسلوب الذي جعلنا نعيش احداث قديمة ونحمد الله على هذه النعم التي نعيشها الان مثل هذه القصص تراث لاولادنا وبناتنا شكرا للكاتب على استرجاع الماضي بهذا الاسلوب المميز
وشكرا بصمة على كل شيء تقدمونه