من الأدوات التراثية (5)
الـمِدفَن
جمعها مدافن وهي وسيلة قديمة لحفظ الحبوب بحيث تبقى لفترة طويلة بعيدة عن التلف والفساد .
ويعمل المدفن على شكل حفرة في مكان قوي من الأرض بعيد عن الأماكن الطينية والرطوبة لكي تحفظ الحبوب من الفساد ، وهناك أناس متخصصون في تسويتها وذلك لمعرفتهم بالأماكن المناسبة وطريقة إعداده . ويكون الـمِدفَن غالباً على شكل دائري أو حوله في الشكل يتسع من الأسفل ويضيق صعوداً حتى يصل أكثر ضيق له عند العنق ، وتبقى فتحة عنق الـمِدفَن مايسع لنزول الشخص الواحد ويوضع عليه غطاء عبارة عن حجرة دائرية تسمى ( قَطِيْبة ) ويضاف الخُلب ( الطين المبلول ) عليه من الأطراف بعد الاغلاق لكي يقفل تماماً ويحفظ الحب لفترة طويلة ، وأكثر الحبوب التي تدفن الذرة والغرب أما البر والشعار والدخن كذلك فلايدفن كونه يخرب مع الدفن وخوفاً من تلفه فلذلك يحفظ في العجار والحويات وغيرها .
يتم وضع المدفن عادة داخل البيوت إذا كانت وسيعة ليؤمن عليه من الفتح وسرقة الحب أيام الجوع والفتن قديماً . وقد توضع المدافن في الأفنية والجهات المحيطة بالبيت وذلك لتهويتها عند الفتح ورؤية مابداخلها من الحبوب ومدى صلاحيتها ، لإن تلك التي تحفر داخل البيوت تصبح مظلمة وعند إنزال الإضاءة ( الفوانيس ) تنطفئ مباشرة بسبب انعدام الإكسجين ، وكانت تضرب جدران المدافن بأوراق الموز من جميع الجهات لسحب الفطريات التي تعلق وتسبب الإختناق .
يكون عمقه في حدود (٣) إلى (٤) متر وعرضه حسب محصول صاحبه وبحسب أرضه المزروعة فإذا كانت الستلحة كثيرة يتم توسعته ليحتوي أكثر من الأصواع لحاجتهم آنذاك لوسائل الحفظ وعدم وجود مصادر أخرى ويسمى الحب الذي بداخله حبن دفين . ويؤكل كل مابداخله من الحبوب حتى مايعلق بالجدران وأسفل المدفن الذي يختلف لونه وطعمه ورائحته من طول البقاء ويسمى ( كِدَادن ) بحيث يصبح متماسك كالخبز . ومثله ( الغَبَري ) الذي اختلف لونه ، وأما مايكون في أعلى المدفن والملاصق للجدار يسمى ( امْجَحَش ) فيتم تنظيفه وتحميته بالنار وأكله بسبب الحاجة والجوع آنذاك .
وأفضل الحب مايكون في سرة المدفن أي في الوسط فيكون نظيف ومحفوظ من الأطراف . وقد يحفر مدفن آخر بجانبه حسب الحاجة أو في جهة أخرى لكي تحوي محصول البلد كاملاً . وبعد أن يوضع الحب فيه بعد التصفيه يبقى فيه لفترة سنة أو أكثر وعند فتحه يتم إنزال أحد الأشخاص للـمِدفَن لكي ينزع الحب الذي بداخله ويكون في هذه العملية حيطة وحذر شديد بحيث ينزل وهناك شخص أو شخصان في الانتظار بالخارج لكي يسحبه سريعاً عند الحاجة ولايتأخر لإنه يحصل حالات اختناق وإذا لم يسحب فوراً فقد يموت الشخص داخله مباشرة بسبب قل الأكسجين .
ونقل لنا قصص من هذا القبيل وذلك لقلة الأكسجين ووجود العشبه والحماط والفطريات الذي تعلق في الجدران وتسبب مشكلة وضيق في التنفس واختناق بسبب الاقفال الطويل للـمِدفَن وبعده عن التهوية لفترة طويلة والتي قد تصل لسنة أو سنة ونصف أو أكثر .
والـمِدفَن في القاموس : موضعُ الدَّفن والتغطية والجمع مدافن .
ماشاء الله عليك ابا امجد مبدع كعادتك تعيدنا إلى الماضي الجميل وبوصف دقيق