من العادات و الأدوات التراثية (18)
( قصة محم عقيستاء )
دارت في خاطري قصة مشهورة وهي من القصص الطويلة في تراثنا بعد قصة امسليعية ويقال عند نقلها شمس امتحوت . فقلت أنقلها لكم للتسلية بعد الترتيب لأحداثها والتي سمعناها من الأولين وصغتها بأسلوبي الخاص حفاظاً على الموروث القصصي من الضياع . وفي قصة اليوم أساطير وضرب من الخيال فيما يتعلق ببعض أحداثها ..
وأما الشخصية ذاتها حقيقية ولكن حيكت حوله الروايات الكثيرة . لإنه كما ينقل لنا من الآباء عن الأجداد أنه رجل صالح وذو مكانة عالية ، وقبل البدء بالقصة أحببت أن أنبه ، على نقطة وهو ما أنقله لم أجده في أي مرجع ولم أجد مايشير إليه في أي كتاب مدون يشير إلى ماورد في القصة المتداولة عندنا حتى من كتبوا عن تاريخ فيفاء وتراثها وقصصها لم ينقلوها كما سمعنا ،
قصص كبار السن
وقد وجدتها من قصص كبار السن تواتروا بنقلها عندنا فقمت بأخذها من أكثر من شايب في جهة المدري والمشنوي ومن بعض شيبان فيفاء وصغتها بإضافة وتنسيق للمحافظة على ماقالوا فقط كموروث شعبي.
وشخصية محمد عقيستان أوعقيصان أو عقيستاء كلها أسامي تنقل وتروى والقصة كانت تتداول قديماً فاندثرت مع وجود الوسائل الحديثة كالتلفاز والجوال وغيره ،
وقبره كما تواتر النقل موجود جهتنا بالوشر في ريد جنوب المستوصف يسمى ( ريد امتاب ) ، واتفق النقل على كون القبر له والله أعلم ، وأما القصة فقد دخل فيها الخيال والحبكة والمبالغة في زمن كانوا يتسلون بها في الليل قبل وسائل الترفيه الحديثة ،، وهي من القصص المتوارثة ولكم المجال فيها واسع ولكم حرية الحكم عليها ، ولكنها تبقى موروث شعبي وهي من القصص المتوارثة عن الأجداد كغيرها من القصص والأساطير ..
حصلت أحداثها بالتحديد في جبل المشنوي والمدري وبالأخص في جهة الوشر وقبره موجود جنوب المستوصف في ريد يسمى ريد ( إمتاب ) وكانوا يستمطرون عند قبره إذا شحت الأرض على شركهم وعادتهم أنذاك .. والمحت لذلك أثناء حديثي السابق عن الاستمطار …
وأخوه موجود قبره في أرض لنا من الجهة الغربية ( القاعة ) بحرّة السيفية . والشخصية حقيقية وليست خيالية كالسليعية مثلاً ولكن أحداث القصة فيها خيال كثير وأشياء جذّابة تسمى بالحبكة في القصص العربي ، وكانوا يستخدمونها ويتناقلونها قديماً ” لعدم وجود وسائل ترفيه كالتلفاز والوسائل الأخرى ، فكانوا يتسامرون بها في لياليهم ، وتدور أحداثها بين أخوين كان بينهما محبة عظيمة تشبه قصة الزير سالم وأخوه كليب .
استيقظ ولم يجد أخوه
وتبدأ القصة أنه في ذات يوم استيقظ محمد ولم يجد أخوه فدار عنه كثيراً فجُن جنونه لإنه سنده بعد الله في تدبير أمور دنياه ، فدار وسأل عنه 7 سنوات في العالم الأرضي فعزم أنه سوف يبحث عنه طوال حياته حتى يجده ، فعزم على السفر إلى ماوراء العالم الأرضي إلى العالم الخارجي الكوني ، أمروها كما جاءت !! وعزم أن يروح مع الشمس ،
وهذه القصة غالباً ماتذكر إلا في شدة الصيف وتسمى شمس إمتحوت ويعرف هذا الربط كبار السن ، ومع كونه بيسافر مع الشمس ، سوف تحرقه طبعاً ففكر في شئ يقيه منها وأخذ جلد ثور وقيل كم جلد كما يسمى ( بَوَّه ) ٧ طبقات من جلود البقر لتقيه من لفح حرارتها وراح معها إلى العالم الآخر كما يذكرون ، فرأى عجائب وقصص يطول الحديث عن ذكرها هنا ونذكرها لاحقا بإذن الله . منها أنه رأى أناس يعذبون ورآه شخص فدعاه وعرفه فقال مابك في عينك شريم ( محش ) فقال :
أنا سرقته من فلان وأنا أتعذب به وأبغاك إذا عدت تطلبه أن يسامحني ورأى قصص أخرى منها كما قيل : أنه قابل ملك السحاب وطلب منه أن يروي ديار مدر ومحم عقيستان من اولة أهل مدر وقال فرصة نطلب ، فرد عليه الملك كما ينقل بقوله :
هذه سحابة مخصصة لها وسوف تكفي وتزيد . فكأنه تقالها لكبر مساحة ديار مدر وقال : لن تكفي أراضي مدر طبعاً من كثر أرضهم أنذاك فقال : لاتخاف سوف تكفي وتزيد فقيل : لما عاد عقيستان إلى دياره ورأى السحاب والمطر فنزل ينظر الأرض فلقي الأرض قد خربت وقد بدى إمطور من كثرة المطر وقصص كثيرة يطول الحديث عن ذكرها وقيل أنه دار هناك7 سنوات أيضا في ذلك العالم ولكن لم يجد شيئاً فعزم العودة ورجع مع الشمس إلى عالمنا الأرضي ووصل إلى بير ماء ووجد عنده بنت تسقي عند الغروب فسألها من هي وما اسم أمها وأبوها ؟ . وعرفها وتأكد أنها ابنته. ولم تعرفه لإنه ذهب وزوجته حاملة بها ..
فقالت : هيا ياعم تروح تتعشى معنا وتتدفى فقال : وما المناسبة ؟ فقالت فرحاً تزوجت أمي يعني زوجة الرجل . فأسرها في نفسه ولم يبدها ، وقال سوف ألحقكِ ووضع خاتمه في عنق الداوة وربطها فقال : اطلب منك طلب أن لاتفتحها إلا أمك ،
ففتحتها أمها فعرفت الأمر فأسرت الأمر في نفسها منتظرة ماذا يصنع زوجها السابق ؟ وكان يتوارث عنهم الشعوذة والكهانة وكان مفخرة بينهم ورفعة انذاك ، فأتاهم متأخراً وهم يتملهون قبل وجبة العشاء وأخذت زوجته تناظر فعرفته . وأخذت تراقب ماذا ينتهي عليه الأمر ؟ ولكنه لم يحرك ساكناً بل بقي ذلك القحم جالساً في زاوية ساكتاً ، وأخذ يناظر الملهة ولما تم تجهيز العشاء ،
شرط عقيستان الغريب
قاموا الشباب الأقوياء لإنزال القدور ولكن لم يستطيعوا ولم تتحرك أبداً من مكانها ، فحاولوا ولكن باءت محاولتهم بالفشل فقال : عقيستان أنا سوف أنزلها بشرط أن تعطوني القاته ( المتبقي أسفل الإناء ) قالوا أنت شكلك تستهزئ بنا تريد أن تنزله أنت أيها العجوز الهرم ونحن شباب كثر لم نستطع فقال : نعم أنزله وحدي بشرط أن تنفذوا شرطي ، فقالوا رغم أن شرطك غريب فلك ماتريد ولكن لن تستطيع فقام وأخذ تواقي خاصة به كان قد وضعها في جِفلة .
( كالكووة التي يوضع فيها الفانوس ) قديماً وهي خاصة به ومعنى التواقي هي مايتقى به من حرارة الإناء . فتناول القدور الكبار وأنزلها وحده فأخذوا يصرخون وهربوا وقالوا ساعده جنه فخافوا وتفرق الناس وعاد هو إلى إمراته..
وقد تروى بأقوال كثيرة غير هذه ويزاد وينقص وقد حاولت الإختصار لإن بعض الأحداث كثيرة ، ورجوعه بسبب أنه قد آيس بعد هذا البحث الطويل الشاق أنه لن يجد أخاه ، ولكن ذات يوم كان ذاهباً في أرض القاعة بلاد تابعة لنا أيضاً رأى ذلك العَرَق المسمى عندنا الأشجار العطرية ..
ماكانوا يعتصبون به على رؤوسهم لريحته النفاثة الزكية رأى أنه يزرع من تلك الحرة ( حرْة السيفية ) ، فاستغرب زينه وليس حوله ماء ولاشئ فاقترب منه فعرفه أنه العصابة التي كان يلبسها أخاه وهي تزرع بااستمرار ، فنبش الحرة فوجد أخاه . لإن المقتول أخاه كان حينها شغالاً في بناء تلك الخُرْمة .
فقام القاتل بإكمال الحرة وجعل دفنه وراءها لإخفاءه وعدم انكشاف سره وكأنه قام بالمساعدة في البناء . والقاتل على مايقال : من أوائل تلك الجهات القريبة ، وكان القاتل يقطع العَرَق كلما ظهر خوفاً من إنكشاف أمره موقع قريب من بير امبدعة الآنف الذكر والذي اندثر مؤخراً .
قاتل أخيه صديق قديم
وقيل أنه وكّل غرابيين بقيا بين امبراية التي عند بير امبدعة هناك قالو بسبب الوكالة وثقلها بقو هناك ٧ سنوات بين امبراية منتظرين . وارتبط بها أيضاً مقولة وكالة امغرابيين هذا هو المعنى ، فأخذ يسأل ويدور عقيستان حول هذا الدليل فعرف القاتل ولكن الطامة الكبرى أنه صاحب له قديم وبينهما عُشرة وصُحبة فتردد في قتله ولكنه كظم غيظه وصبر وبعد مضي سنوات ، سوّق محم عقيستان بفريرين ، إلى السوق لبيعها وذهب معه قاتل أخيه صاحبه القديم ، ويحسب أنه قد نسيى الموضوع أو توقع عدم علم محم عقيستان بالأمر .
فباع عقيستان أحد الخرفان وبقي واحد ماإبتاع ورجع عقيستان بالفرير ولم يسكت ذلك الفرير وأخذ يهذّي دائماً من يوم فارق الخروف أخاه وأخذ يراقب قاتل أخو عقيستان الوضع وهوساكت ولازال في صحبة عقيستان عند العودة فلما ضاق القاتل من كثرة صوت ذلك الخروف قال مادريته : سا يهذي لإنوا غموا أخوه فتذكر عقيستان الماضي وحركت هذه الكلمة مشاعره فالتفت إليه وقال : حتى أنا بها غمني أخي فأخذ الجنبية وعَقّوا.
يعني شحروا ( شقه نصفين ) من خلفن إلى خلفن يعني قطع بطنه من اليسار لليمين من جهة إلى الجهة الأخرى ، وبهذا أخذ بثأر أخيه الذي بحث عنه طويلاً هذا ماأعرفه من قصة محم عقيستان وفيها أحداث غريبة وخارجة عن قدرة البشر ولكن تبقى قصة تحكى كموروث فأمروها كما جاءت ، ولاتدققوا كثيرا في أحداثها فمثلها كمثل القصص الأخرى .
وقد يختلف نقلها من قبيلة لإخرى بحسب كثرة التناقل ولم يعد هناك مرجعية من الشيبان لزوالهم وموت الكثيرين منهم..
الحفاظ على الموروث الشعبي
فنصيحتي لكم جميعاً أن تجمعو القصص والتاريخ وحساب نجوم الزراعة حفاظاً على تراثنا الذي قارب على الزوال بسبب إهمالنا نحن المتعلمين وموت الكبار الحافظين رحمهم الله ، فطلبي من كل وآحد منا أن يطرق مجال ويبحث مع من بقي حوله من الشيبان القدماء الموثوقين العارفين ، لإن هذي القصص مهما كانت تعتبر موروث ولكل شعب أرثه الثقافي والإجتماعي ، وينبغي أن لانتساهل لإن الشيبان العارفين في جميع المجالات ،
بدأ أفول نجمهم وموت الكثير منهم رحمهم الله تعالى وعوضنا الله بفقدهم خيراً ، وقد يقول : البعض أنهم أميون وغير متعلمين نقول بل أنا وأنت الأمي لإنهم يحملون تراثاً جميلاً نقلوه لنا وأنت لم تحفظ لنا شئ ، فينبغي الحفاظ عليه ، لإن من لاماضي له لاحاظر له والحاضر يبنى على الماضي ..
ولكم تحياتي
من العادات و الأدوات التراثية (18)
أبدعت وتميزت في النقل وشيء جميل أن نجد من يهتم بتراثنا وفصصناالتي كنا نستمتع بسماعها ونعبش مع أحداثها المشوقة ….🌹🌹🌹