هل منزل جيرانكم أكبر ؟
لـنتخيل أننا نعيش في منطقة مقفرة، لا وجود فيها لـلـتلـفزيون أو الإنترنت، أو المجلات والجرائد، و نمارس حياة بسيطة هادئة و راضون تماما عما لدينا، فنحن نتمتع بالدفء، ولدينا ما يكفينا من طعام، ومأوى يقينا تقلبات الجو ، و ذات يوم تتبدل احوال المنطقة وتبني أسرة ما منزلاً إلى جوارنا، وهو أكبر و أضخم ومليء بأشياء أكثر مما لـدينا، ثم تتوافد أسر أخرى و يبدأ الـتنافس بينها في تصميم مختلف أنواع المنازل، والسيارات، والأشياء.
نمارس حياة بسيطة هادئة و راضون تماما عما لدينا، فنحن نتمتع بالدفء، ولدينا ما يكفينا من طعام، ومأوى يقينا تقلبات الجو ، و ذات يوم تتبدل احوال المنطقة وتبني أسرة ما منزلاً إلى جوارنا، وهو أكبر و أضخم ومليء بأشياء أكثر مما لـدينا، ثم تتوافد أسر أخرى و يبدأ الـتنافس بينها في تصميم مختلف أنواع المنازل، والسيارات، والأشياء.
يبدأ شعور غريب يشبه الحسرة بالتسلل لدواخلنا ، لاكتشافنا لحجم الأشياء الـناقصة في حياتنا و الـتي لا نمتلـكها، و رغم أننا كنا راضين و قانعين بحياتنا و بأشياءنا الـتي كنا نمتلكها سابقا، لكننا لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من الشعور بالحرمان ، و سقطنا ضحية لمعضلة كلاسيكية هي محاولة مواكبة الجيران، و توقفنا عن القياس بمعايير ذاتية .
– لا نتساءل اذا كان المنزل يكفي احتياجات أسرتنا، و إنما بمعايير الآخر و هـل منزلـنا كبير مثل منزل جيراننا، و المقلـق هـنا بأن الامور ستتفاقم باستمرار لأن المعيار دائم الارتفاع، فبمجرد أن نصل إلى مستوى أحد جيراننا، سينتقل الـتركيز على الجار الـذي يلـيه ثم الـتالـي، فهناك دائما شخص آخر يمتلك ما لا نمتلكه؛ وسيكون من قبيل الـعبث تعريف ثروتنا مهما أصبحت قياسًا إلى ثروات الآخرين.
– الم ض ح ك في الأمر هـو أن الملـيارديرات أنفسهم ليسوا محصنين من هـذه الـظاهرة، والمعروف عنهم أنهم يحاولـون الـتفوق علـى بعضهم في أحجام الـيخوت، و الـطائرات و الممتلـكات، و يبدو أن شعور الـرضا أمرًا بعيدًا عن المنال حتى على أعلى المستويات، فما هو سبب استمرار ذلك التهافت؟
– حقيقة الأمر هي أننا بمجرد أن نفي باحتياجاتنا الأساسية، تتجاوز سعادتنا اعتمادها على كمية الأشياء التي نمتلكها. ففيما وراء هذه النقطة، تنخفض المنفعة الحدية (أو الـرضا) النابعة من استهلاك السلع الإضافية انخفاضا سريعا، وعندما نصل إلى ما يسميه الاقتصاديون «نقطة التشبع» ، تتحول التجربة في الـواقع إلـى تجربة سلبية . ولـهذا فإن المزيد من الأشياء يفشل في إرضائنا؛ وفي بعض الحالات من الممكن أن يجعلـنا أقل سعادة. فالسعي الـدائم وراء الاستهلاك لعبة مخادعة؛ والـرابح الـوحيد منها هو الشركات التي تبيع السلع.
– في الـواقع سنكون أسعد وأكثر استرخاء ورضاء إذا توقفنا عن السعي وراء المزيد بصورة كلية، فالسعادة هي أن ترغب فيما تمتلـك. فعندما تفي الأشياء التي تمتلكها بالفعل برغباتك، لن تكون هناك حاجة إلى اقتناء المزيد.
غير أن الـرغبات يثيرها الـنهم ومن أجل الـسيطرة عليها يجب أن نفهم ما يحركها. وإن غرس عقلية الامتنان يسهم كثيرًا في الـوصول إلـى أسلـوب حياة يتسم بالـبساطة. فإذا أدركنا الوفرة التي نتمتع بها في حياتنا وقدرنا ما نمتلكه حق التقدير، فلن نرغب في الحصول علـى المزيد من الأشياء.
فنحن بحاجة ماسة إلـى التركيز على ما نمتلكه وليس على ما لا نمتلكه. – إذا كنا سنعقد مقارنات، فعلينا تغيير وجهة النظر لمن هم أدنى مرتبة منا، مثلما ننظر إلـى أولـئك الأعلـى شأنا. وبينما قد نشعر بالحرمان مقارنة بالأشخاص الأكثر ثراء، سنجد أننا نعيش حياة باذخة أشبه بحياة الملـوك مقارنة بكثير من الأشخاص الآخرين حول العالم.
هل منزل جيرانكم أكبر ؟