- بقلم
- يحيى باجنيد
- جريدة الرياض…الجمعه 30 ذي القعدة 1429هـ – 28 نوفمبر 2008م – العدد 14767
- ما كان بحاجة لأن يكون (دكتوراً)، فما أكثر السادة (الدكاترة)..وما كان بحاجة إلى (شهادة جامعية)، لأنه كان جامعة عريقة، تقف على قدمين.!
- ذلك هو (بدر كرّيم)، مذيع (الصفيحة) الواعد الذي جاب الأرض من أقصاها إلى أقصاها في معية واحد من أغلى الرجال (هو فيصل بن عبدالعزيز)..وماذا يمكن أن يقول مثلي عن الشاهد والشهيد!! مهما قلنا فلن نضيف إليه.. وإذا سكتنا فلا ينقص سكوتنا من سمو تلك المنارة الشامخة..أتحدث هنا عن (بدر) بلا دكتوراه.. وبلا جامعة،، وبلا لقب أستاذ.. أقول بدر (حاف) لصاحب الصوت الذي لامس وعي الآذان وسلَّم على القلوب.!
- يا من يسلّم لي على الغالي
ويجيب لي منه مراسيله..
أغنية (هيام يونس) الشهيرة، وما كان لها أن تكون شهيرة إلا ببدر كريم بعد أن أصبحت مقدمة لبرنامجه الشهير (تحية وسلام)، الذي كان – هو وبرنامج (في الطريق) – أشهر ما قدمته الإذاعة خلال تاريخها الطويل.!
ربما استمرت فكرة (تحية وسلام) و(في الطريق) بالاسم نفسه – أو بدونه – لكن غابت خلطة سرية اسمها (بدر كريم).!
كان موهبة إذاعية من (العيار الثقيل)، وكانت (قرفته خفيفة) ومن النادر أن تصحَّ هذه المعادلة.!
- يومها كنت صغيراً، أجول حول (دار الإذاعة) في شارع المطار القديم، وأذرع (بلكونتها) الطويلة التي تربط المبنيين، أتفرج على (بدر كريِّم) و(عباس غزاوي) و(سمير الوادي) – الفنان – أو (مطلق الذيابي) الإذاعي، وغيرهم بشغف وإعجاب..وافتعلت تلك الأيام قضية (غُربة) لأسمع صوتي في (تحيَّة وسلام):
-
- أنا الطالب يحى باجنيد، أهدي سلامي وتحياتي لقريبي فلان بن فلان وهو – في الواقع إنسان لا أعرفه لأنه بكل بساطة غير موجود لا في السفر ولا في الحضر، وكنت قد تجاوزت مرحلة (بابا عباس) وسؤاله الشهير: (اسمك إيه يا شاطر)؟!
ربما عرفت الآن (يا بدر) سبب هوسي بالإذاعة، لكن – ضعوا تحت (لكن) ألف خط وخط – هل بقي ذلك الحجم من الألق والنجومية الإذاعية؟! وبسؤال أكثر عدالة وإنصافاً هل خبت نجومية المذيع؟!
أقول هذا حتى وأنا – بدافع الحب القديم المتجدد – أمارس العمل الإذاعي بشكل أو بآخر فهل حوافزها المعنوية والمادية التي تجاوز عمر تعرفتها الثلاثين عاماً تغري المحترفين أو حتى الهواة؟!
اليوم، مقال أسبوعي في صحيفة يعطي كاتبه أكثر من مكافأة شهر عن برنامج يومي في الإذاعة..
ومهما كان (حُبّ الإذاعة) فإن ارتباط الإنسان ب (الخبز) أوثق.. أمَّا فطيرة (الحُب) فلا يمكن أن تقيم أوَد أحد.!
قابلت (بدر” قبل يومين في جدة، وقلت له أشياء كثيرة إلا كلمة واحدة قرأها في عينيّ: (كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا).!
- وفي ختام مقال يحيى باجنيد
- هناك اضافة جميلة من الكاتب
- عبده الاسمري
شغل كريم العديد من الوظائف القيادية والتكتيكية حيث عمل مراقبًا للمطبوعات بالمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر عام 1957م ومذيعًا بالإذاعة السعودية، وعين عام 1980م مديراً عاماً للإذاعة السعودية. ثم مدير عام لوكالة الأنباء السعودية. وعمل محاضراً في قسم الإعلام بجامعة الإمام بالرياض.
واختير عام 2001م عضواً بمجلس الشورى السعودي ليكمل فيه منظومة البهاء الوطني ثم رئيسًا لمركز غزوة للدراسات والاستشارات وألف العديد من الكتب المتخصصة في الإعلام والسيرة والعمل الإذاعي والأكاديمي وكتب مئات المقالات والمشاركات في الصحف والمجلات.وافته المنية يوم السبت 25 شعبان 1436 هـ بعد صراع مع المرض.عاش ركنًا من أركان الإِنسانية في نوائب زملائه وعمودًا من أعمدة الإغاثة في مواقف معارفه..
وصوتًا شجيًا زامراً بالعطاء يملأ مكانه أينما حل وحيثما ارتحل كعادة النبلاء.. واعتياد الفضلاء.. ترك بدر كريم صدى يتردد في القلوب ومدى يتصاعد في العقول بالذكر الحسن والاستذكار الأحسن.. مخلفًا في مساحة «التكريم» قراراً للعقلاء بوضعه في متن «التشريف» كما كان شريفًا عفيفًا يرسم خريطة العطاءات في الأدمغة والأفئدة.