مفهوم الأمن الفكري (2)
الأمن والأمان في اللغة:
مصدران بمعنى الطمأنينة وعدم الخوف، قال ابن منظور في لسان العرب: (الأَمانُ والأَمانةُ بمعنى وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان والأَمْنُ ضدُّ الخوف) (1).
والفكرُ في اللغة معناه: إِعمالُ النَّظَرِ في الشيءِ (2).
ومفهوم الأمن الفكري:
إن الأمن الفكري لدى هذه الأمة، يعني أن يعيش أهل الإسلام في مجتمعهم آمنين مطمئنين على مكونات شخصيتهم، وتميّز ثقافتهم ومنظومتهم الفكرية المنبثقة من كتاب ربهم ومن سنة نبيهم، وتأتي أهميته من كونه يستمد جذوره من عقيدة الأمة ومسلماتها، ويحدد هويتها ويحقق ذاتيتها، ويراعي مميزاتها وخصائصها، وذلك بتحقيق التلاحم والوحدة في الفكر والمنهج والسلوك والهدف والغاية، كما أنه سرّ البقاء وسبب النماء وطريق البناء، وعامل العطاء وقاعدة الهناء، وضمانة من التلاشي والفناء، فإذا اطمأن أهل الإسلام على مبادئهم وقيمهم وفكرهم النَّيِّر، وثقافتهم المميزة وأمنوا على ذلك من لوثات المبادئ الوافدة، وغوائل الانحرافات الفكرية المستوردة، ولم يقبلوا التنازل عن شيء من ثوابتهم، ولم يسمحوا بالمساومة والمزايدة عليها، وعملوا على حراستها وحصانتها، وصيانتها فقد تحقق لهم الأمن الفكري.
ولقد تعددت مفاهيم الأمن الفكري، ولكنها في النهاية تصب في معين واحد:
فهو عند المسلمين أن يعيشَ أهل الإسلام في مجتمَعِهم آمنين مطمئنِّين على مكوِّنات شخصيّتِهم وتميُّز ثقافتِهم ومنظومَتِهم الفكريّة المنبثقةِ من الكتاب والسنة.
صيانة الهوية الثقافية:
ويعني الحفاظ على المكونات الثقافية الأصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة، أو الأجنبية المشبوهة، فهو يصب في صالح الدعوة لتقوية هذا البعد من أبعاد الأمن الوطني.
وهو بهذا يعني حماية وصيانة الهوية الثقافية من الاختراق أو الاحتواء من الخارج ويعني أيضا الحفاظ على العقل من الاحتواء الخارجي وصيانة المؤسسات الثقافية في الداخل من الانحراف.
وأمَّا مصطلح (الأمن الفكري) فهو مكون من مجموع كلمتي (الأمن) و(الفكر).
وهذا المصطلح المركب (الأمن الفكري) وجدتُ أن المعنى الأنسب له: هو أن يقال: إحساس المجتمع أن منظومته الفكرية ونظامه الأخلاقي، الذي يرتب العلاقات بين أفراده داخل المجتمع ليس في موضع تهديد من فكر وافد، بإحلال لا قبل له برده، سواء من خلال غزو فكري منظم، أو سياسات مفروضة.
مفهوم الأمن الفكري (2)
المصادر:
(1) ـ لسان العرب، باب أمن، الجزء 13، ص 21.
(2) ـ القاموس المحيط، الجزء الأول، ص 484..