مقالات

الأستاذ عبدالله بن سالم المشنوي الفيفي

الشيخ : عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال

الأستاذ عبدالله بن سالم المشنوي الفيفي

الإعلام وهو كل ما يهتم بشيوع الخبر، ولا تعرف بداياته الحقيقية، فهو أحد لوازم الإنسان على هذه الحياة، ولا يستغني عنه في كل زمان ومكان، بل هي طبيعة أصيلة ملازمة للإنسان، فالإنسان بطبيعته يحب الاطلاع، ويحرص على الاستطلاع، ولديه فضول كبير في ذلك، وهي غريزة لا تفارقه ولا يستطيع لها فكاكا، بل هي من الأسباب الضرورية لتطور حياته، واكتشاف المجهول وارتياد كل جديد، فهي الرغبة المحفزة في زيادة المعرفة والتعلم، ولذلك أهتم الإنسان بكل ما يحقق له كل ذلك، فنجده ابتكر واستخدم كثيراً من وسائل الأعلام، فمن البدائيات التي لجئ إليها المناداة بالصوت، لإبلاغ البعيد بما عنده وبما يريد، قال تعالى (ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون)، واشتق من ذلك الأذان وهو الأعلام بدخول وقت الصلاة، وكان لوقت قريب يوجد في معظم الأسواق الأسبوعية (مهاجم) منابر، توضع في وسط السوق في مكان بارز، ليرتقي عليها ذو الشأن من علية القوم، أو الشيوخ والشعراء والوعاظ، يتحدثون إلى الناس بما يهمهم من التعليمات والأخبار والوعظ وغيرها، ولا نغفل في حياة المسلم من أهمية منابر المساجد والمصليات، فهي من أهم وسائل الأعلام والمعرفة والتذكير.

وأما في العصر الحاضر فقد تعددت وتطورت وسائل الأعلام، بشكل كبير فاق كل التصورات، فمع انتشار وسهولة المواصلات والاتصالات الحديثة، تطور الأعلام وابتكرت وسائله بما يناسب تطور التواصل والحياة، بل واختلفت وتعددت أغراضه وأنواعه، فمن ذلك الأعلام المكتوب (المطبوعات)، كالجرائد والمجلات وغيرها، من الصحف الورقية والالكترونية، والمواقع الالكترونية (السناب والواتساب والتويتر والاستقرام)، وكذلك الإعلام المسموع كالإذاعة والراديو والبثوث المتعددة، وكذلك الإعلام المرئي كالتلفزيون والحاسوب والسينما، وما زال التطور والتوسع في هذا المجال متزايداً بشكل يفوق الخيال، ويعتبر الإعلام إحدى القوى القوية المؤثرة في العصر الحاضر، تؤثر في كل نواحي الحياة، وفي حياة الإنسان الخاصة والعامة، في الثقافة العامة، وفي نشر الوعي وبث المعلومات، وأصبح ينطبق على العالم بسببها مقولة (أن العالم أصبح قرية صغيرة)، فلم يعد هناك ما يخفى على الناس، من المستجدات والأحداث مهما صغرت، بل أطلق على الإعلام  لتأثيره الكبير، مسمى (السلطة الرابعة)، فكما هو معروف في المجتمعات المنظمة (الدولة)، إن السلطات فيها تنقسم إلى ثلاث سلطات، كل سلطة منفصلة ومستقلة في الصلاحيات ومجالات المسؤولية، وهي السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية، فأضيف لها في العصر الحديث، السلطة الإعلامية، لأهميته وتنامي أدواره، فبالإضافة إلى دوره في تعميم المعرفة والتوعية والتنوير، فهو كذلك مؤثر بشدة في تشكيل وتوجيه الرأي العام، وفي خلق القضايا وإيجاد الحلول، وبث الوعي أو البلبلة في المجتمعات، فله أدواره المتعددة والخطيرة بين الناس سلبا أو ايجابا.

 تخصص في الإعلام، ثم مارسه كمهنة ووظيفة، بكل أنواعه وأشكاله، المكتوب والمسموع والمرئي، وتدرج فيه على مدى أكثر من ثلاثين سنة، ومازال مواصلاً عطائه فيه بكل حضور ونجاح وتميز، خدم من خلاله دولته ومجتمعه، باذلاً الجهد ومزيداً من العطاء، يؤدي رسالته الإعلامية بشكل لائق ومتكامل، وله حضوره القوي والمتجدد، وأكتسب كثيراً من الخبرات في الطرح والحوار، وفقه الله وبارك فيه وزاده علماً ونجاحاً وتألقاً.       

إنه الأستاذ الإعلامي المبدع:-

عبدالله بن سالم يحي جابر المشنوي الفيفي حفظه الله ووفقه.

الأستاذ عبدالله بن سالم المشنوي الفيفي

والده هو الشيخ سالم بن يحيى جابر آل الحدلم المشنوي رحمه الله، كان واع بمفردات التربية ، حتى أنه كان يوكل إلى أبنه عبدالله وكان أكبر إخوانه، كثيراً من المسؤوليات والمهام، ويعتمد عليه في القيام بكثير من الوظائف الحياتية، ويكلفه بأعمال كثيرة ومهام كبيرة، سواء في الزراعة أو في رعي المواشي، وحتى في جلب الأغراض من الأسواق (النفيعة وعيبان)، وكان يصحبه معه منذ صغره المبكر، فيرافقه في أعماله وفي كثير من تحركاته اليومية، وأعتاد على ذلك في مخالطة الناس، وفي حسن التعامل معهم، وأكتسب كثيراً من الخبرات والمهارات، يأتي في مقدمتها الجرأة والشجاعة، وفي تحمل المسؤولية، والقدرة على إنجاز أي مهمة أو عمل يؤكل إليه، مع أن معظم هذه المهام مرهقة لمن كان في مثل سنه، ولكنه مع الوقت ومن خلالها أكتسب كثيراً من الخبرات والمعرفة، وصقلت كثيراً من قدراته ومواهبه، وعلمته الثقة والاعتماد على النفس.

كان والده نشيطاً كثير الأعمال، واسع العلاقات الاجتماعية، في داخل فيفاء وخارجها من محافظات المنطقة، ويصحبه معه مرافقا في كثير من هذه الجولات والزيارات، مما منحه فرصة التعرف على الرجال والأماكن، وزاد من رصيده المعرفي والثقافي، وأعانه في تنمية خبراته وقدراته، واطلاعه على مجالات رحبه في زمن مبكر من حياته، وكان يصحبه معه في مراجعاته للإدارات الحكومية، وفي مقابلة شخصيات اجتماعية واعتبارية،  وكثير من المسؤولين في هذه المحافظات، سواء في صبيا وضمد أو في جيزان، ويستقبل كذلك في منزله كثير من الاصدقاء والضيوف، فكان المنزل لا يخلو من الضيوف، وينوب عن والده أحيانا في استقبال هؤلاء الوافدين، في حالة ما كان مشغولاً أو غائباً.

وأما أمه فهي الفاضلة خيرة بنت زاهر حسن المشنوي حفظها الله، أبنة الفقيه زاهر بن حسن رحمه الله، من أهل بقعة المرمى بجبل المشنوي بفيفاء، كانت ربة بيت مدبرة، وأم فاضلة، ومربية فاهمه، زرعت في أبنائها الإيمان وكثير من الاخلاق الطيبة الحسنة، امرأة عطوفة رحيمة كريمة، اتصفت بكثير من الطيبة والرأفة، ربة بيت من الطراز الاول، كان لا يخلو بيتهم من الضيوف والغرباء، وهي الوحيدة التي تهيء لهم كل ما يلزم من الضيافة والأكل، حنونة رؤوفة بأبنائها جداً، ومراعية لاحتياجاتهم ومتطلباتهم، وفي حسن تربيتهم وتشجيعهم، حفظها الله وأطال في عمرها، ورزقها برهم وصلتهم.

ولد لهذين الفاضلين في بيتهما (المتاحم)، الواقع في بقعة المرمى من جبل آل المشنية بفيفاء، في حوالي عام 1390هـ، وكان أكبر إخوانه، ولذلك كان هو المثال في التنشئة والتربية والتعليم، والقدوة لكل إخوانه الذين أتوا من بعده، نشأ  كما أشرنا سابقاً منذ صغره على النشاط والقوة والجدية والصرامة، لأن الحياة كانت حينها تتطلب كثير من ذلك، وظروف الناس مازالت على وضعها السابق، فيها كثير من القسوة والصعوبات، وتلك أساليب الناس حينها في تربية أبنائهم، اكتسبوها جبلة ممن سبقهم من الاباء والأجداد، فيها كثير من الشدة والصرامة والجدية، فكان الأب شديد قوي في توجيهاته وتعليماته، لا يسمح أو يتجاوز عن أي قصور أو خطأ يقع من أحدهم، فالعقاب واقع لا مناص منه، مع الكثير من التوبيخ والتعنيف واللوم، ولعل هذا الاسلوب هو الذي زرع فيه الحرص والانتظام، ومنحه زيادة التركيز في أموره وتصرفاته، فلا يفرّط أو يغفل من التحوط في كل ما يقوم به، ولذلك تعود على السير في درب مستقيم متواصل، يعمل فكره قبل الإقدام على أي خطوة، ويجهد نفسه للوصول بها إلى غايتها، بل وكانت من الأساليب الناجحة والمقومة، فيحرص على أن يتركه يتعلم بنفسه من أخطائه، ويعدل سلوكه من خلال ممارساته وتجاربه الشخصية، ولا يزال يذكر ولا ينسى أول انطلاقاته الجادة، عندما صحبه ذات يوم معه إلى سوق عيبان، أكبر الأسواق الأسبوعية في سفوح جبال فيفاء، بل يعتبر في ذلك الوقت من أكبر أسواق المنطقة، وبالذات في القطاع الجبلي، والوصول إليه في ذلك الوقت سيراً على الأقدام، فكان يتبع والده وهو يسوق حماره أمامه، ولا يدري إلى أين يتجهون، فهو صغير لا يستوعب كثير من ذلك، والهدف هو التسوق وجلب متطلبات البيت من المواد الضرورية، ومع أنها كانت أول مرة، فقد تلاها بعد ذلك تردده معه في كل أسبوع، ثم أصبح مع الوقت يعتمد عليه وحده، ويوكل إليه القيام بهذه المهمة بمفرده، وأصبح هو المكلف الوحيد المعتمد، في جلب كل أغراض البيت من هذا السوق، رغم صغر سنه وضعف بنيته، وقلة حيلته وانعدام خبرته، حتى أنه يجهل بشكل كبير معرفة تفريعات الطريق، فكان كثيراً ما يستدل بتتبع حماره فقط، الذي قد ألف الطريق وحذقها، ولذلك أضطر إلى سرعة التعلم، من خلال الممارسة الجادة والمتكررة، وخوفا مما كان يجده من والده من المتابعة الدقيقة، وما يقرنها بكثير من اللوم والعتاب، بل واحياناً العقاب، مما جعله يتقن هذه المهمة ويتمرس فيها، وفي الإلمام بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بها، مع كونها مهمة كبيرة وخطيرة وشاقة على من هو في مثل سنه، فكان يلزمه جلب جميع متطلبات البيت من الباعة، وتحميلها على حماره وقيادته ذهاباً واياباً، وكم من مرة كان يستعين بالآخرين في الشراء من السوق، وفي مساعدته في تحميلها وتثبيتها على الدابة، وكم عان كثيراً عندما يختل عليه توازن الحمل وهو في الطريق وحيداً، وليس حوله من يساعده، مما يلزمه الانتظار لوقت طويل، حتى يمر به من يعينه على تعديله، وكم انسكبت عبراته لقلة حيلته وعجزه وضعفه في مثل هذه المواقف، ولكنها هكذا تمر الحياة بشدائدها، وتبقى دروساً لا تنسى، مضت به الحياة بحلوها ومرها في تلك السن، يكتسب المهارة والخبرات ويتعلم، إلى أن صلب عوده، وقويت عزيمته، وعلت همته، وحقق النجاحات تلو النجاحات، معتمداً اعتماداً تاماً على نفسه، إلى أن أصبح ذلك طبعاً ملازماً له، واسلوباً ثابتاً في حياته إلى اليوم.

تعليمه:

التحق مع بلوغه السن المناسبة للدراسة في بداية العام الدراسي 1397/1398هـ، حيث التحق حينها بمدرسة نيد آبار الابتدائية، وليست الأقرب ولكنها الأسهل للوصول إليها، ولوجد معظم أولاد عمه فيها، وكان التعليم حينها كبقية نواحي الحياة، يعتمد كثيراً على الصرامة والعنف المبالغ فيه، فقابل في هذه المدرسة كثيراً من ذلك، حتى أنه لم يطق الصبر والتحمل، ولذا قرر الانتقال إلى مدرسة الخشعة الأقرب له، فأنتقل إليها في بداية العام الدراسي 1399/1400هـ، وهو حينها يدرس في الصف الثالث الابتدائي، وكان الأمر سيان ومتشابه في المدرستين، فلا يختلف الوضع وأسلوب التعامل فيهما كثيراً، فهو الأمر السائد في معظم المدارس في تلك الفترة، مما جعله يؤمن بالواقع كشيء حتمي لا بد منه، وصبر وتحمل وداري مواجعه، ومضت به السنين يترقى في فصول هذه المدرسة، جاداً مجتهداً يواصل نجاحاته وترقيه عاماً بعد آخر، إلى أن تخرج من الصف السادس فيها مع نهاية العام 1402/1403هـ .

  وما إن تخرج من هذه المرحلة ، حتى قرر التوجه لإكمال دراسته في المعهد العلمي، لما يسمعه عنه من الرقي في التعامل والتعليم، وتم قبوله ضمن طلبة هذا المعهد في بداية العام الدراسي 1403/1404هـ، رغم بعد مقر المعهد عن سكنه، فقد كان حينها في وسط بقعة العذر، في الجبل الأعلى، ولكن تميز المعهد بتوفير وسائل نقل للطلاب، مما سهل عليه الأمر وجعله لا يحمل هما في هذا الجانب، وسارت معه الأمور كما ينبغي، وأنسجم كثيراً مع المعهد والدراسة فيه، وفي حسن التعامل الراقي والاحترام، ووجد فيه كثيراً من الميزات والمحاسن، وفيه كثير من الاهتمام بالطالب والتقدير اللازم، مع ما فيه من المقررات والمواد النافعة، وحسن تعامل معلميه المتميزين، والأنشطة المتعددة والمتنوعة، فواصل  ترقيه في مرحلتيه المتوسطة والثانوية عاماً بعد عام، إلى أن تخرج منه في نهاية العام الدراسي 1408/1409هـ، يحمل الشهادة الثانوية بتفوق.

الدراسة الجامعية:

بعد حصوله على الشهادة الثانوية، أتجه تحدوه طموحه لإكمال دراسته الجامعية، فقرر التوجه إلى مدينة الرياض، ليحقق فيها أحلامه وآماله، ليقدم أوراقه ضمن المتقدمين للقبول في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ليتم قبوله في كلية الدعوة والإعلام، قسم الإعلام تخصص صحافة وعلاقات عامة، ليكون من ضمن طلابها من بداية العام الجامعي 1409/1410هـ، مقبلاً بكل شوق وعزيمة، ومضت به الأيام والأشهر والأعوام، يتنقل بين أقسامها ومستوياتها، إلى أن تخرج منها يحمل شهادة البكالوريوس في الإعلام، في نهاية العام الجامعي 1415/ 1416هـ .

ولم يقف عند هذا الحد من التعليم، بل حصل على كثير من الدورات التخصصية في المجال الإعلامي، وبالذات بعد انتسابه للعمل في الإعلام، في الإذاعة والتلفزيون، وشارك بشكل مستمر ودائم في كثير من الملتقيات والمنتديات العلمية والثقافية، داخل وخارج المنطقة، بحكم عمله ورغبته في توسيع مداركه وخبراته، في كل مجالات العمل الإعلامي، وفي متابعة كل جديد، والإعلام معروف بتجدده وتطوره بشكل يفوق كل المجالات الأخرى، وهو عمل مؤثر وثري، يحتاج إلى همة عالية وثقافة وخبرات واسعة، ومن هذه الدورات والبرامج التي التحق بها، دورات في المعهد الدبلوماسي في الرياض، ودورة في مركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني في دمشق.

العمل الوظيفي :

كانت الوظائف في تلك الفترة شحيحة، وبالذات في مجال الإعلام الذي يعشقه ولا يرضى له بديلاً، فقد أحبه حباً جماً وهو متخصص فيه، ولذلك سعى جاهداً إلى ممارسته واقعاً، وبالذات وقد تملك أدواته ومفاتيحه بين يده، فتوجه دون تردد إلى المركز الرئيسي الوحيد للإعلام في مدينة الرياض، حيث طرق أبواب مباني الإعلام في شارع التلفزيون، إدارة الإذاعة والتلفزيون، حتى تيسرت له الوظيفة على نظام الساعات في الإذاعة، وكم كانت فرحته كبيرة بذلك، وهو يضع قدميه على أول عتبات حلمه، رغم إنها وظيفة مؤقتة لا يدري هل يستمر فيها، أو أنهم سيستغنون عنه في أي لحظة، وكذلك راتبها كان محدوداً جداً، ولكنه مع كل ذلك شعر بأنه قد تقدم خطوة عظيمة في تحقيق حلمه، فأستغلها بكل ما تعنيه الكلمة، وجد واجتهد وما رسها واقعاً، ليثبت وجوده بكل جدارة واقتدار.

عمل في هذه الإدارة بكل ما أوتي من عزيمة وإصرار، كان لا يدع فرصة أمامه إلا وبادر إليها، يتعلم ويجتهد ويتطور، ولفت النظر إليه بما يحققه وينجزه، وأثبت جدارته في هذا المجال يوماً بعد يوم، وأستمر على هذا المنوال راضياً بما يحققه، قانعاً بما هو عليه لا يشكوا ولا يتذمر، وأستمر في ذلك على مدى عامين كاملين، مما أقنع المحيط من حوله بجدارته وتميزه، حتى صدر قرار تعيينه رسمياً لديهم على وظيفة ثابته، ليعمل في وكالة الأنباء السعودية، وذلك بدعم ومتابعة له من المسؤولين في إذاعة الرياض، لما عرفوه عنه من خلال عمله في الفترة السابقة، وبما حققه فيها من تميز منقطع النظير، مما جعلهم يحرصون على استمراره معهم، وهنا ارتفعت معنوياته وزادت ثقته بنفسه، وقد أصبح الآن من أهل الدار، وثبّت جذوره في هذه التربة الخصبة الغنية، التي هي حلمه ومراده الحقيقي،  لتبدأ معها انطلاقته الحقيقية، ومسيرته الوظيفية الرسمية، ولتكن هذه البدايات القوية الناجحة مع أقوى البرامج في تلك الفترة، من خلال الإذاعة السعودية الأولى، حيث أبتدأ فيها بكل قوة وهمة ونشاط، ودون تردد أو كلل أو ملل، ليعمل في البرنامج العام فيها، وكذلك في إذاعة القرآن الكريم، وفي إذاعة نداء الإسلام، ويبذل قصارى جهده، وأقصى مجهوداته، بل وكان يعيش معظم وقته داخل أروقة الإذاعة واستديوهاتها، حيث كان يجد متعته خلال الممارسة الفعلية في برامجها، حتى تمكن بفضل الله من الإلمام بجميع أشكال العمل الإذاعي، من خلال عمله الجاد في جميع الأقسام، وحرصه على ممارسة كل أنواع الأعمال الإذاعية، من الإخراج والتحرير والتنسيق والإعداد، وحتى الهندسة الإذاعية، وفي تنفيذها على الهواء مباشرة، وتوّجها أخيراً بتوليه مهام إخراج وإعداد مختلف أنواع البرامج، سواء منها الثقافية أو المنوعة والدينية والفنية، المباشر منها والمسجل، فأصبح شعلة من النشاط والإداء والترقي والخبرات، ويقطف في المقابل النجاح والتفوق والإبداع والتميز.

   إلى أن تم نقله في العام 1424هـ، هو وزميله الاستاذ جماح دغريري، ليكونا نواة الإذاعة الفاعلة في منطقة جازان، حيث تم حينها إطلاق العمل الإذاعي في المنطقة، وكانت البدايات معهما من الصفر، وبجهود متواضعة، ولكن خبراتهما السابقة ورغبتهما القوية، حققا بها كثيراً من المعجزات من لا شيء، حتى استطاعا تحقيق المركز الأول لمنطقة جازان بين بقية مناطق المملكة، رغم قصر الوقت لهما فيها، ورغم قلة الإمكانيات الفنية المتاحة، ولكنهما بذلا جهداً مضاعفاً، في العمل على إنتاج العديد من البرامج، وإعداد الرسائل الإذاعية اليومية، لمختلف الأحداث والمناسبات في المنطقة، والسير بخطوات ثابته ومركّزة، وانطلقت بداياتهما من العمل على تأسيس استديو إذاعي متواضع، مكنهما بما أحدثه من نقلة في العمل الإذاعي بالمنطقة، إلى أن وصل إلى ما تشهده المنطقة اليوم، من وجود العديد من الاستديوهات الإذاعية المتطورة، وذلك من خلال العمل الدائب، والجهد المتواصل، في طلب التقدم ونوال النجاح لهذه الإذاعة وتميزها، وقد عمل لاحقا في قسم المطبوعات في جازان، وبعدها كلف بالعمل مديراً للمكتبة العامة بالمنطقة، ثم مديراً للمركز الثقافي بجازان وهو عمله إلى اليوم.

والعمل الإعلامي كما هو معروف، يقوم أساساً على العمل الميداني، والتنقل المباشر بين الناس لمتابعة الأحداث والمستجدات، ولا يستطيع العمل والنجاح فيها، إلا من كان محباً وعاشقاً لهذا المجال، وبالطبع فهذه هي حالته، وهو لا شك العاشق المتيم، فهو كتلة من النشاط لا يهدئ ولا يتوقف، بل هو خلية نحل دائب الحركة، لا يشبع من جني العسل وإخراجه للناس، فذلك عشقه وهوايته التي أنطلق من خلالها، وما زال خلفها، يمارسها كما هو مشاهد بكل وضوح، فعشقه الوحيد هو الإعلام بكل أنواعه، المقروء منه والمسموع والمشاهد، حيث شارك كتابة في عدد من الصحف الورقية والالكترونية، فهو ينشر إنتاجه في عدة صحف، وبالذات صحيفة عكاظ اليومية، وشارك كذلك في تأسيس صحيفة فيفاء الالكترونية، متعاضداً مع نخبة من أبناء فيفاء، وأما في عمله الرسمي، فقد كلف من معالي وزير الإعلام، بالعمل مديراً للمركز الإعلامي بالحد الجنوبي، كما أنه يشغل مدير مجلس الحد الجنوبي بفرع هيئة الصحفيين السعودية بجازان، وعمل على مدى العشر سنوات الماضية وما زال مراسلاً تلفزيونياً مدنياً وحربياً، للقناة الأخبارية والقناة السعودية، ومديراً لمكتب القناة ومشرفاً على المراسلين في المنطقة، وفقه الله وزاده تألقاً ونجاحاً.

وقد لاق بفضل الله النجاح والتقدير من مرؤوسيه، ومن المسؤولين في المنطقة، ومن كامل المجتمع، وحصل على العديد من شهادات الشكر والتقدير والتكريم، الذي هو جدير به ويستحقها.

الحالة الاجتماعية:

تزوج مع بداية تخرجه من الجامعة، من إبنة عمه الفاضلة الأستاذة عافية بنت علي يحي المشنوي، المشرفة في وحدة الإرشاد التعليمي المهني بإدارة تعليم صبيا، وكانت وما زالت نعم الزوجة المدبرة المعينة، ساندته وأعانته ودفعته للنجاح، وسدت كثيراً من غياباته خلف عمله المتعب، في العناية بالبيت وبالأبناء، ورزقا بستة أولاد، أربعة أبناء وابنتان، حفظهم الله وبارك فيهم وجعلهم قرة عين لوالديهم، وبارك فيها ووفقها وزادها فضلاً وعلماً ونجاحاً، وكثر في مجتمعاتنا من امثالها.

والابناء هم على النحو التالي :

  1. طارق.
  2. اسامة.
  3. زياد.
  4. يزن.
  5. لينا.
  6. ليان.

حفظهم الله وبارك فيهم ، وحفظها من اسرة مباركة، وبارك في صاحب السيرة ووفقه وأعانه، وزاده علماً وفضلاً وتوفيقاً، وكثر في مجتمعاتنا من أمثاله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

محبكم/ عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال

الرياض في 1446/10/9هـ

 

الأستاذ عبدالله بن سالم المشنوي الفيفي

 

‫8 تعليقات

  1. بارك الله في السيرة العطرة وصاحبها وأنعم وأكرم بالإستاذ – عبدالله بن سالم أبا – طارق الإعلامي المتميز إعلامياً بكل ما تعنيه كلمة التميز وأنا ممن يعرفه معرفة تامة بحكم رابطة قرابة وصداقة فهو شخصية فريدة حفظه الله وزاده تألقاً وتفوقاً ورقياً به وبأمثاله تفتخر فيفاء والمنطقة فقد خدمها في مجاله خدمة تذكر وتشكر بارك الله فيه وفي جهوده الكريمة المقدرة..

    أما أنت ياشيخ – عبدالله أبا – جمال الجميل بفعاله وأخلاقه وذوقه وجهوده في إظهار أعلام فيفاء المتميزين فلك منا وافر الشكر والتقدير على هذا العمل المبارك الذي لم يسبقك به أحد فأنت بهذا العمل خلدت للأجيال هؤلاء الأعلام للمعرفة والإقتداء..

    فجزاك الله خيرا وأطال في عمرك على الصحة والعافية وخير الدنيا والآخرة..

    ولا يفوتني أن أشكر بصمة على نشر ومتابعة كل ما يخص أبناء فيفاء بكل إتقان..

    1. الأخ العزيز *أبو نبيل* ،

      أتقدم إليك بأسمى آيات الشكر والتقدير على كلماتك الطيبة التي غمرتنا بها، وعلى تقديرك الجميل الذي يعكس أصالة الأخلاق ونبل المشاعر. إن دعمك المستمر وإشادتك بما نقدمه هو دافع كبير للمضي قدمًا في خدمة الإعلام وإبراز الشخصيات والمجتمع بأسلوب راقٍ يعكس الصورة الحقيقية لفيفاء والمنطقة.

      إن ما تقدمه من اهتمام ومتابعة يُظهر حرصك على دعم المتميزين في مختلف المجالات، وهذا ليس بغريب عليك، فأنت دائمًا مثال للعطاء والتقدير والوفاء. أسأل الله أن يبارك في جهودك، وأن يحفظك ويمتعك بالصحة والعافية، وأن يوفقنا جميعًا لما فيه الخير والصلاح.

  2. انعم واكرم بالاستاذ عبدالله ، رجل عملي طموح محب لوطنه ومجتمعه ، بارك الله فيه ..ونشكر ابو جمال على جهوده.

    1. أشكرك جزيل الشكر على كلماتك الراقية والمليئة بالتقدير. إن دعمك وإشادتك تُعد مصدر إلهام وتحفيز كبير لي للاستمرار في خدمة المجتمع والوطن بكل حب وإخلاص.

      إن الطموح والعمل الجاد هما بوصلتي دائمًا، وأسأل الله أن يوفقني في تقديم المزيد وأن يجعلني عند حسن ظنك وظن الجميع.

      كل الاحترام والتقدير لك على مشاعرك التي تعكس جمال أخلاقك وصدق عبارتك. بارك الله فيك وجزاك خيرًا على هذه الروح الداعمة والمحفزة. 🌟

  3. ما شاء الله تبارك الرحمن سيرة الاعلامي المتألق/ عبدالله سالم الفيفي عطرة وما نلمسه من حرص وتفاني وشغف اعلامي يسجد طموحه وتميزه في مجال عمله الاعلامي وفي المجال الاجتماعي وفي العديد من المجالات .
    شكراَ لرجل الفكر والتاريخ المؤلف الكبير الشيخ / عبدالله علي قاسم الفيفي على ما يقوم به من جهود لجميع هذه السير المنيرة .
    شكرا لموقع بصمة على هذه المساحة الاعلامية المميزة وعلى هذا المنبر المتألق .

    1. أشكرك يا أبو أبراهيم من القلب على كلماتكم التي تجسّد أسمى معاني الوفاء والتقدير. إنها شهادة أعتز بها وأعتبرها وسام شرف يدفعني لبذل المزيد من الجهد والعطاء في مجال الإعلام والمجالات الأخرى، فخدمة المجتمع والوطن هو دَينٌ في أعناقنا جميعًا.

      إن ما ذكرتموه عني هو في الحقيقة امتداد لما تعلمناه من الرجال العظماء الذين شكّلوا مصدر إلهام لنا، ومن بينهم الشيخ الجليل والمفكر القدير *عبدالله علي قاسم الفيفي* . إن جهوده الجبّارة في توثيق السير المنيرة لأبناء فيفاء تستحق كل الثناء والإشادة، فهو نموذج يُحتذى به في العطاء الفكري والثقافي.

      ولا يفوتني أن أُعرب عن امتناني الكبير لموقع *بصمة* ، الذي فتح لنا نافذة مشرقة نُطلّ بها على مجتمعنا لنبرز من خلالها الإنجازات والجهود المميزة. هذا المنبر الإعلامي هو انعكاس للرؤية الواعدة التي تسعى دائمًا لنشر النور وتسليط الضوء على كل ما هو جميل ومثمر.

      أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما فيه الخير والصلاح، وأن يديم علينا روح المحبة والعمل المشترك لخدمة وطننا العزيز. بارك الله في الجميع وزادكم تألقًا وإبداعًا. 🌟

  4. شكرا جزيلا استاذنا القدير/ ابا جمال على إبرازالكفاآت المميزة بمنطقتنا ك عط السيرة والسريرة الاستاذ/عبدالله سالم ابا طارق قامة سامقة اسهم بجد واجتهاد في نهضة منطقتنا و إبراز ما تحتويه من مكامن الجمال والتميز التي انفردت بها إضافة إلى إيصال مطالب سكانها الملحة فهو بحق وحقيقة المتحدث الرسمي باسم شيوخ واعيان ومواطني منطقتنا والنافذة التي من خلالها نطلع ونتطلع على كل المستجدات.

    1. جزاك الله خيرًا أخي عبدالرحمن على كلماتك الجميلة التي تعكس أصالة أخلاقك ورُقي مشاعرك. إن ما ذكرته عني يُعد شهادة أعتز بها، وهي دافع كبير لي للاستمرار في خدمة منطقتنا العزيزة بكل إخلاص وتفانٍ.

      أشعر بالفخر بأن أكون جزءًا من الجهود التي تسعى لإبراز مكامن جمال منطقتنا، وتوصيل صوت أهلها، والعمل على تقديم كل ما يخدم أبناءها ويُظهر تميزها.

      كما لا يسعني إلا أن أُثني على جهود أستاذنا القدير *أبا جمال* ، الذي يُعد مثالًا يحتذى به في تفانيه وإبراز الكفاءات المميزة، فله كل الشكر والتقدير على دعمه وتشجيعه المستمر.

      أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لخدمة أهلنا ومجتمعنا، وأن يديم بيننا أواصر المحبة والتعاون. بارك الله فيكم وفي كلماتكم الطيبة التي كان لها أثر كبير على نفسي. 🌟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى