مقالات

الأستاذ يحيى بن صالح جبران الخسافي الفيفي

الشيخ : عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال

الأستاذ يحيى بن صالح جبران الخسافي الفيفي

إذا ما اقترنت الموهبة مع التخصص، وصقلت هذه الموهبة بالعلم المؤصّل، وتعرّف المرء على أسرارها وكيفية تطويرها، نمت وتكاملت على قواعد وأسس قوية، وتحولت إلى متعة نفسية لا يمل منها ولا يشبع فيها، تحرّكه وتتحكم فيه، ويبدع فيها أيما إبداع، فالموهبة فطرة يغرسها الله في العبد، فإذا ما نماها الشخص وطورها تكاملت، وإلا توارت واضمحلت، وبقيت في النفس غصة وحلم لم يتحقق، ولكن إذا سايرها واصّلها وبناها على معارف حقيقية، زادت توهجاً وجمالاً وإبداعاً، كان من صغره المبكر يميل إلى الإبداعات الفنية، من خلال محيطه البسيط، من التربة والحجارة والأخشاب، يصنع منها أشياء جميلة، يستمتع بها وتبهر كل من حوله، ثم في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، كان يجد نفسه أكثر في حصص الفنية والأنشطة ألا منهجية، فوفقه الله للتوجه إلى معهد التربية الفنية، التي تهتم في موادها بتأصيل الفنون بكل أنواعها، فتعرف على طرق وأساليب جديدة، تعينه وتصقل موهبته فيما لم يكن يعرفه من قبل، ثم يسر الله له العمل في مجال التعليم، في التخصص الذي أحبه وأتقنه، مما رسخه في وجدانه وزاده تعلقا به، وجعله يزيد من اطلاعه وتنمية معارفه فيه، وينمي ويبدع في تطوير قدراته وخبراته، ثم مع كثرة الممارسات والتجارب، من خلال ما ينفذه من أعمال، تزايدت ثقته واعتزازه بقدراته وإمكانياته، وفي كل ذلك يجد في نفسه كمال المتعة والسعادة، فيزداد حماساً وبذلاً وانغماساً في ما يقوم به، وهذا ما هو مشاهد عليه في واقع الحال، ويبرز كثيراً من خلال اعماله وكلامه وتفاعله، فهو يقول أنا لا اتعب أبدا في تنفيذ أي فكرة، وفي تنزيلها وتجسيدها على أرض الواقع، بل أجد في كل ذلك السعادة التامة، والمتعة التي لا حدود لها، وهذا هو واقعه من خلال متابعة نجاحاته المتعددة والمبهرة، فلنتعرف عن قرب على حكايته وتجربته التي خاضها، وما زال في غمارها، والتي استأثرت بكل حياته وسيرته وفكره وجهوده، شخصية ناجحة جديرة بالطرح، والتعرّف القريب والموسّع عنها.  

إنه الاستاذ الفنان المبدع يحيى بن صالح جبران الخسافي الفيفي حفظه الله ووفقه.

والده الشيخ صالح بن جبران أحمد الخسافي الفيفي رحمه الله، من أسرة كريمة يعرفون سابقا بأهل الحليحل، والحليحل هو البيت الواقع في اعلى جوة آل سلمان (في دحرة الحليحل)، كان بيت جدهم الأكبر الشيخ احمد بن سالم، الذي ينسبون إليه ويعرفون بعشيرة (آل أحمد سالم من آل هذل)، وكان لأحمد هذا ثلاثة من الولد (مسعود ويحيى وجبران)، فـ (مسعود) أستقر وعاش في نفس بيت (الحليحل)، ويحيى أستقر وسكن في بيت (مربا)، والثالث(جبران) سكن في بيت (لوح المتني)، وكانت هذه الأسرة على العموم متعلمة، وذات تقوى ودين، وجبران جد صاحب سيرتنا عرف بالتقوى وطلب العلم، فنشأ أولاده ومنهم ولده صالح على تربية صالحة، فهو أسم على مسمى، صالح على قدر كبير من التقوى والصلاح، أمتهن الزراعة، المهنة السائدة في وقته، وعمل لفترة محدودة في مدرسة آل سلمان للبنات، ليكون مرافقا لشقيقته بعدما ترملت بفقد زوجها الحارس في هذه المدرسة رحمهم الله، وأحسن تربية أبنائه وحثهم وفرغهم للتعليم، وترك لهم فسحة في أختيار ما يناسبهم من التخصصات، وقد توفرت مدارسه وتعددت، بفضل الله ثم بما اولته حكومتنا الرشيدة حفظها الله، وكان قدوة لهم بصلاحه وحسن تعامله وجمال أخلاقه، رحمه الله وغفر له.

وأما أمه فهي الفاضلة صفية بنت يحيى جابر العمامي الفيفي حفظها الله، والدها هو شيخ قبيلة العمامي السابق رحمه الله، عرف بعلمه وتقواه وشخصيته المعروفة على مستوى فيفاء، وكان إمام وخطيب جامع آل العمامي، وقد اخذت من أبيها الكثير من الصفات والأخلاق والتدين، فأحسنت تربية أبنائها على الصدق والأمانة وحسن الأخلاق، حفظها الله وأطال على الخير عمرها.

ولد لهذين الفاضلين في22‏/10‏/1390هـ، في بيت الذراع، الواقع في جوة آل سلمان، فوق بير النحاس، وكانوا حينها يعيشون في هذا البيت مؤقتا، لقربه من الماء بعد أن انقطعت الأمطار في تلك الفترة، وأجدبت الأرض وجفت الأبار، واستمر الوضع على هذا الحال، مما اضطرهم إلى النجعة أبعد، فانتقلت الأسرة الي وادي الجنية، في بني مالك المجاورة، لتوفر المياه في بعض الوديان والمراعي فيه، واستمروا هناك لعدة اشهر، إلى أن تحسنت الأوضاع في ديارهم بنزول الأمطار، ليعودوا إليها من جديد، كان ترتيبه بين إخوانه الأحياء الرابع، ولكنه منذ ولادته كان معتل الصحة، يعاني كثيراً من التعب والمرض، مما يضطر والدته إلي زيادة رعايته أكثر من غيره، إضافة إلى رعايتها لبقية إخوانه الصغار، واشتغالها بمتطلبات البيت الضرورية، من جلب المياه والحطب والعلف للمواشي التي يربونها، وتدبير البيت والاهتمام بكل صغيرة وكبيرة فيه، مع كثرة تنقلاتهم المتعددة في تلك الفترة العصيبة، فكان هو زيادة عبئ مما يشكو منه، فلا يكاد يفتر من البكاء والتوجع، فتبيت معظم الليالي وهي تسعى إلى إسكاته والتخفيف من آلامه، ومن كثرة تعبها ومعاناتها جف ضرعها، حتى لم يعد يجد فيه ما يكفيه من اللبن، ولا تتوفر حينها كثير من الوسائل البديلة، من الرضاعات والحليب المجفف وامثالها، ولأجل ذلك واثناء عودتهم إلى بيتهم الأصلي في فيفاء، تعاطفت معها زوجة عمه (علي)، الفاضلة جميلة بنت مفرح السلماني، فكانت تقوم بإرضاعه وسد جوعته، فأرضعته لأكثر من شهرين حفظها الله.

  كانت ظروف والده المادية حينها ضعيفة، مقارنة مع ظروف الآخرين من جيله، وكان رحمه الله ملزم مع بقية إخوانه برعاية والدهم المريض كبير السن، فكانوا يضطرون إلى التناوب على رعايته في منزله، الذي يعيش فيه وحيدا بعد موت زوجته، واستقلال كل واحد من أبنائه مع أسرته في بيت منفصل، وكان بيت صالح هو ما يعرف بـ (المراجل)، بيت يقع في جهة نيد الصدر، وحوله مزرعته، فتوفرت له ولأسرته بحمد الله جميع مستلزمات الحياة اليومية، وقد عادت الاسرة لهذا البيت بعد زوال الأسباب، بنزول الأمطار وعودة الحياة إلى وضعها الطبيعي، فعاش هو بين والده وأسرته وقد تحسنت صحته سعيدا، وتنامت وتوسعت الأسرة وزاد عدد افرادها، حتى بلغ عدد إخوته ثلاث عشرة ولداً، ستة ابناء وسبع بنات، وكانت اخته الكبرى (عائشة) قد ماتت وهي صغيرة رحمها الله، وأما الباقين فهم حسب الترتيب في الولادة (خيرة، ومريم، وعبدالله، (وهو) يحيى، وسعيدة، وفاطمة، ومحمد، وموسى، وامنة، وحسين، واحمد، وعيسى) حفظهم الله وبارك فيهم.

  كانت الحياة المعيشية في تلك الفترة صعبة وشاقة، مما يحتم على جميع أفراد الأسرة التعاون فيها، فيلزم الكل صغيراً وكبيراً العمل كفريق واحد، كل بقدر طاقته واستطاعته وما يناسب عمره، فكانت أول مهامه التي يذكرها، تكليفه برعاية من هو اصغر منه سناً، فكان المسؤول عنهم إذا ما ذهبت أمه لجلب الماء أو الأعلاف للبقر، وأما الأخوة الكبار فمنهم من يساعد الوالد في اعمال مزرعته، والأخوات يساعدن أمهن في مهامها اليومية، فلا بد أن يعمل الجميع ويتعاونون في كل أمور حياتهم الكادحة، ويذكر وهو في تلك السن المبكرة، أنها ابتدأت تظهر لديه بعض مواهبه الفنية، من خلال لعبه في محيط بيتهم، فكان يمارس العابه من خلال ابتكاراته لبعض الأشياء الفنية والترفيهية، مثل بناء بيوت صغيرة، أو نحت وتشكيل التربة الصلبة التي يجدها حوله، او صناعة سيارات من خامات البيئة، أو أقواس ورماح أو نبال لصيد العصافير، أو حبك مخلفات الحبال واستغلالها لعمل مراجم أو مناطيق، واشياء كثيرة ومتعددة من هذا القبيل، وهذا الأبداع لم يكن أحد من أفراد أسرته يعلم بأنها مواهب وقدرات تستحق الاهتمام والرعاية، بل يرونها نوع من العبث والإلتهاء بها عن اداء ما يوكل إليه من أعمال،  وسبب لتهربه من المسؤوليات، فإذا ما أوكلت إليه مهمة، وبالذات رعي الأغنام القليلة لديهم، ومهمته معها مراقبتها حتى لا تتجاوز محيط مزرعتهم، فكان  يغفل عنها ملتهياً بممارسة هوايته، فكثير ما تتجاوز حدود المزرعة إلى مزارع الجيران (فتفيش فيها)، مما يعرضه لكثير من العقاب بسبب ذلك، فكانت هوايته متعة قد تتحول إلى نقمة، وكان إخوته منقسمين حولها إلى قسمين، فالكبار يرونها عبثا، وسببا لإهماله وعدم اهتمامه بتأدية واجباته مثلهم، وقد تجر عليهم احيانا شيء من العقاب الجماعي بسببه، أو يكلفون بتنفيذ بعض من ما يؤكل إليه من اعمال لم يؤديها بنفسه، واما الصغار من أخوته فأحيانا يظهرون له شيء من مشاعر الغيرة، لأنهم لا يستطيعون القيام بما يصنعه هو، وقد يسعون إلى الاستيلاء على بعض مما يصنعه، فإن اعترض أو منعهم اشتكوه إلى والديهما، مما قد يعرضه للتأنيب والعقاب أحيانا، ولكنها أمور وقتية طبيعية تحدث في كل بيت بين الأخوة، سرعان ما تمضي وتنسى مع مرور الوقت، فعلى العموم فقد كانت طفولته طفولة سعيدة، في معظم مراحلها وجوانبها، حقق فيها كثير من أحلامه ومواهبه، التي نماها تاليا بحمد الله وتوفيقه.

تعليمه :

في بداية العام الدراسي1394/1395هـ، تم افتتاح مدرسة العدوين الابتدائية، وتم الإعلان عن تسجيل الطلاب فيها، بل وطلب تسجيل كل الأطفال ممن أكملوا الخامسة فما فوقها، وعقد اجتماع في عصر أحد الأيام في منزل الثاهر بجوار مربا، فحضره والده مصطحبا له وأخيه الأكبر عبدالله، كان عبدالله حينها في السابعة من عمره، وأما هو فما زال في الخامسة فقط، فتم تسجيلهما مع بعضهما، وكل الأطفال ممن كانت أعمارهم تتراوح بين الخامسة والثانية عشرة، فكان القائمون على المدرسة يرغبون في تكثيف عدد الطلاب المقبولين، لكي تثبت الموافقة على افتتاح هذه المدرسة، وهذه من أسباب قبول من كانوا دون السن النظامية .

     وانتظمت المدرسة مع بداية ذلك العام الدراسي، وفيها فصلين دراسيين للصف الأول الابتدائي، احدهما فيه كل الطلاب الصغار المستجدين، والثاني فيه الطلاب الأكبر، ممن قد درس بعضهم في مدرسة النفيعة في العام السابق، لذلك كانوا يعرفون القراءة والكتابة، وكثير منهم يقرون جزء النبأ (عم) كاملا، فكان هو مع الصف الأول الذين لم يسبق لهم التعلم من قبل، لا في المدارس الابتدائية ولا في الكتاتيب، وهو في الحقيقة دون السن المقررة للتسجيل، وبسبب ذلك برزت الفوارق السنية بوضوح، وكان تخطيط القائمين على المدرسة أن يكون هؤلاء الصغار مستمعين فقط، بعد أن يثبّتوا بهم كثافة المقبولين كمدرسة مستجدة، ولكن معظم المعلمين لم يراعوا هذا الوضع، ولم يأخذوا الفوارق السنية في الاعتبار، بل عاملوا جميع الطلاب معاملة واحدة، سواء في الشدة والرخاء، وفي جميع الواجبات والأعباء، فأصطدم هو وامثاله من أول يوم بأمر لم يكن لهم في الحسبان، واقحموا في وضع لا قدرة لهم عليه، مما جعله يعيش في جو خانق لم يهضمه أو يستوعبه، واجتاح كيانه خوفا ورعبا لم يعرف أسبابه ودواعيه، وكان مقعده في مقدمة الفصل لضآلة جسمه، فكان قريبا جدا من المعلم، الذي كثير ما يتفاعل في شرحه للدرس، ويحتد أحيانا ويرفع صوته ويهدد بعض الطلاب، فكان لصغره لا يستوعب كثيرا مما يجري حوله، فإذا ما غضب المعلم على أحد الطلاب في الخلف، ظن أنه هو المقصود، وكل ما زاد ارتفاع صوت المعلم، أو اختلجت نظراته بسبب انفعاله وحماسه الطبيعي، اضطرب قلبه الصغير وخشي أن يوقع به سوء، ومع تكرر ذلك زادت مخاوفه وأصابه الاضطراب والرعب، وتناما في قلبه الخوف والهلع، حتى أنه كره المدرسة والمكان والتعليم، وتمنى الخلاص من كل هذه الأجواء المضطربة، مما جعله دوما يخطط ويفكر في الانسحاب والهروب، ويسعى إلى إيجاد مخارج ولو مؤقته ليبتعد عن هذه الأجواء، فكان كثيرا ما يستأذن للخروج بحجة قضاء الحاجة، بل وجدها طريقة سهلة للابتعاد عن هذا المكان الكئيب، فإذا ما خرج تلكأ في العودة، واحيانا لا يعود إلى الفصل نهائيا، فكان يعيش بين أمرين أحلاهما مر، أما مصارحة والده، ولكن لا يدري هل يوافقه أو يعاقبه، وأما أن يصبر ويتحمل ويواصل الذهاب الروتيني للمدرسة، ولكن خوفه ورعبه لا يدعه على حاله، فقد مضت فترة وهو ليس قادر على مجاراة زملائه، ومحبط ويشعر بالفزع، وأنه لن يستطيع المواصلة، فالأمر فوق طاقته وقدراته كما يرى، ولذلك هداه تفكيره الطفولي القاصر إلى اتخاذ حيلة، حيث قرر أن لا يصل للمدرسة، بل يتوقف في منتصف الطريق، في مكان وسط بين البيت والمدرسة، ظانا أنها حيلة ستنطلي، فأهله يظنونه في المدرسة، وفي المدرسة يظنونه في البيت، فيبقى مختبأ هنا في (ثاهر امفقه)، منطقة خالية من البيوت وفيها مقابر قديمة، فيبقى في هذا المكان إلى أن يعود أخوه من المدرسة، ليصاحبه موهما أهله بأنه كان في المدرسة، وكان أخوه يكتم سره شفقة عليه، وبعد أيام وكان النظام يقضي بمتابعة غياب الطلاب، فكان يرسل فراش المدرسة إلى بيت الطالب المتغيب، ليعرفوا اسباب غيابه، وهل هو لعذر موجب، فلم يشعر في أحد الايام وهو في مخبأه، إلا وهو يرى حارس المدرسة متجها إلى بيتهم، وسيمر لا محالة بالمكان الذي هو فيه، فتوارى سريعا في احد القبور الكبيرة المفتوحة، حتى أن الحارس مر من جواره ولم يتنبه له، ثم راقبه إلى أن وصل إلى بيتهم، وشاهده وهو يتحدث مع أبيه، لذلك فقد تيقن أنه كشف أمره وأفتضح سره، وقد بحث عنه الحارس عند عودته،  بإيعاز من ابيه، ولم يعد إلى المدرسة إلا وهو يسوقه أمامه، حيث نال كثيرا من العقاب بما يستحقه وأكثر، وأعيد بعدها إلى فصله في حالة يرثى لها، فكانت هذه نقطة ودرسا غيرت كثيرا من أفكاره، حتى لم يفكر بعدها نهائيا في الهروب، ولكنه حضورا بجسده ليس إلا، فمضى به ذلك العام الدراسي الثقيل، دون أن يحقق كبير فائدة، فكانت قدراته الاستيعابية كطالب ليست مكتملة، وأعاد دراسة الصف الأول في السنة الثانية، ولكن قد اكتمل نضجه في الاستيعاب أفضل من سابقه، ولكن ما زالت عقّده النفسية وخوفه باقية لم تبارحه، حتى أنها استمرت طاغية على فكره ومشاعره، وبقيت معه لسنين إلى أن استطاع تجاوزها، ولم يشفى منها تماما إلا لاحقاً وهو في الصف الرابع الابتدائي، وإنما عالجها اختلاف نمط المعلمين، مع وجود المعلم الوطني الحريص، الذي أحس من خلال تعامله معه بالأمان والحنان، وكان في مقدمة هؤلاء الاستاذ الفاضل يحيى بن علي الخسافي، والاستاذ الشيخ حسن بن حسين الخسافي حفظهما الله ووفقهما.

 حيث أنه في هذه المرحلة المحورية، بدأت تظهر عليه ملامح التغير، وزال عنه كثير من الرهاب وترسبات الماضي الكئيب، وتغير توجه وثقته بنفسه إلى النجاح والتفوق، فكان لهذا المعلم (يحيى بن علي) الدور الأكبر في تغيراته الايجابية، من خلال أسلوبه الراقي مع كل الطلاب، وما يبديه لهم من التحفيز والتشجيع، والثناء المتكرر على كل ما يجده لديهم من الإيجابيات ولو صغرت، وكان له الفضل الأكبر في اكتشاف قدراته الذهنية والفنية، والتعزيز له والثناء عليه في كل خطوة، حتى أعاد إليه الثقة المفقودة بنفسه، ولا ينسى كذلك روح المحبة والأخوة والإنسانية لدى استاذه حسن بن حسين الخسافي، حيث يقول عنه كان أول معلم نرى في عينيه العطف، ومشاعر الإنسانية والحنان والتسامح، فقد تحسن وضعه كثيراً وشعر بإمكانياته المكبوتة، ومضت به السنين من نجاح إلى آخر، حتى أنه عندما نجح من الصف الخامس حصل على أول تكريم له، بحصوله على جائزة التفوق لنجاحه بالمركز الثاني بتقدير ممتاز، ثم حصل أيضا على التكريم أمام جميع طلاب المدرسة، من إدارة تعليم صبيا لتفوقه العلمي، بعد أن شارك في ذلك العام مع الفرقة الطلابية، التي تم اختيارها لتنفيذ أحد الفقرات الإنشادية، في حفل استقبال أمير منطقة جازان، معالي الاستاذ محمد بن تركي السديري رحمه الله، في ضيافة الشيخ حسن بن علي آل سنحان ، شيخ شمل فيفاء رحمه الله، عند منزله مروح، ونالت هذه الفقرة اعجاب اللجنة المنظمة.

 ولكنه مع نهاية ذلك العام، وبعد نجاحه من الصف الخامس، قرر هو وبعض زملائه إكمال دراستهم في المعهد العلمي بفيفاء، فاستأذن قبل ذلك من والده فسمح له، وكان دافعهم الأكبر هو المكافآت التي تصرف للطلاب في المعهد، ولكون أخيه الأكبر قد سبقه إليه، وبالفعل تم قبوله في الصف الثاني تمهيدي، الذي يعادل الصف السادس الابتدائي، ولكن في المعهد تغيرت عليه كثير من الأمور، بسبب اختلاف الأنظمة الإدارية والمدرسية، عن ما قد ألفه من قبل في مدرسته، ففي المعهد يمنعون خروج الطلاب من أبواب المعهد وساحاته طوال اليوم الدراسي، وهناك حراس يطبقون هذا الأمر بشدة، مع الاختلاف في أساليب التعليم والمواد المقررة، مما أصابه بكثير من الإحباط، وأعاد إليه الانتكاسة النفسية السابقة، عند أول دخوله للمدرسة، وعاد من جديد إلى نفس اساليبه الأولى، ومنها اللجوء إلى التمرد والهروب، فكان كثير الإهمال لدراسته، وغيابه المتكرر عن الحضور، وقد كان كثيرا ما يصل إلى باب المعهد، ثم ينصرف عنه ولا يدخل مع الطلاب، بل يرجع ليمضي بقية يومه متسكعا هنا وهناك، وكانت تطبق عليه وأمثاله بعض العقوبات المستحقة، ولكنها لم تجدي معه بل زادته نفورا، فمضى به العام دون فائدة، وكانت تجربة فاشلة، عاد بعدها من جديد إلى مدرسته الأولى العدوين، ولكنه وكما قيل عاد (بخفي حنين)، بسبب اهماله وعدم انسجامه، مما جعله يعيد دراسة الصف السادس الابتدائي مرة اخرى، ليعود من جديد إلى سابق عهده في التفوق والمنافسة، حيث أكمل دراسة السادس الابتدائي بنجاح، ثم ليواصل بعدها في نفس المدرسة دراسة المرحلة المتوسطة، سائراً على نفس نهجه في التميز والتفوق، حتى أنه تم تكريمه في الصف الثاني المتوسط على مستوى إدارة تعليم صبيا، من خلال مشاركته الفنية في حفل ختام الأنشطة، المقام على مستوى إدارة التعليم ومدارسها، وكان من حسن حظه في هذه المرحلة، وجود معلم متحصص في التربية الفنية، الاستاذ (شريف) من جمهورية مصر، الذي لا ينسى فضله عليه، وكان السبب الأول في اكتشاف كثير من مواهبه، وفي توجيهه وتشجيعه، وفي الصف الثالث المتوسط تم اختياره ضمن الفريق العلمي للمدرسة، للمشاركة في المسابقة الثقافية على مستوى إدارة تعليم صبيا، وكانوا سبعة طلاب من المتميزين في موادهم، واختير هو للإجابة على اسئلة الرياضيات والعلوم، ولكن للأسف الغيت تلك المسابقة قبل التصفيات النهائية، وكانت مدرستهم من المدارس المرشحة المتميزة، حتى أن طلابها في العام السابق 1406هـ، حصلوا على المركز الأول على مستوى الإدارة.

  ومع اقتراب موعد مغادرة المدرسة، بانتهاء جميع المراحل المتوفرة فيها، فلم يكن في المدرسة حينها مرحلة ثانوية، وكانت اختبارات الكفاءة المتوسطة، تشكل لها لجان معتمدة من الوزارة للإشراف عليها، وترد اسئلة الاختبارات من الوزارة، ويتم تصحيحها في لجان مشكلة في الرياض، وكان هو بحمد الله من ضمن الناجحين، بل ومن المتفوقين، ومن الأربعة الاوائل على دفعته، وأبتدأ التفكير في المرحلة القادمة وفي تحديد المسار، وكانت الخيارات المتاحة أمامه والتي يعرفها، أما في الثانوية العامة، أو المعهد العلمي، أو معهد المعلمين، وغيرها من المعاهد (الصحية والصناعية والزراعية)، وكانت طموحاته التي يميل إليها هي اكمال الثانوية العامة، ليلتحق بعدها بالجامعة، ولكن وكما قال صلى الله عليه وسلم (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)، فيذكر عندما حضر مع زملائه إلى المدرسة في مساء أحد الإيام، لاستلام شهادات الكفاءة المتوسطة، وشهادات حسن السيرة والسلوك، كان من أهم احاديثهم المتبادلة وهم يودعون بعضهم، تدور حول التوجهات والخطط المستقبلية لكل واحد منهم، وكان كل يدلي بدلوه وآماله في هذا المجال، فمنهم من يريد الثانوية العامة، وهذا يريد المعهد الفلاني، ومنهم من اكتفى بهذه الشهادة ويبحث عن وظيفة مناسبة، ولكن الذي لفت نظره إجابة أحد الزملاء، ممن كان يشاركه في مواهبه الفنية، فعندما سأله سؤالا عابراً كنوع من المجاملة عن وجهته، فاجأه بأنه سيلتحق بمعهد التربية الفنية في الرياض، وكانت هذه أول مرة يسمع بهذا المعهد، فاستوقفته هذه المعلومة وقلبت له كامل كيانه، بل وغيرت مجرى حياته وتفكيره بالكلية، مما جعله يسارع للعودة إلى البيت بشخصية مختلفة، فقد ادخلته هذه المعلومة في حيرة شديدة، وفتحت أمامه أبوابا وأحلاما لا حدود لها، فهذا هو ما يناسبه، وما كان يبحث عنه، ولكن كيف له في عرض هذا الفكرة على والديه واسرته، وكيف يقنعهم بها، وهل سيتقبلونها ويعينونه أو يعارضونه، وكانت توقعاته السلبية أكثر من الإيجابية، فقد يرونه ما زال صغيراً على تحمل الغربة والانتقال إلى مدينة أخرى، ولكنه أقدم مباشرة ودون تردد، كما هي عادته في المصارحة، وطرح الفكرة كاملة على والده، بعد أن أعد نفسه تماما لتقديمها بطريقة شيقة، وغلفها بكثير من الايجابيات فيما يعرف أنه يناسب تفكير والده، فبين له من محاسنها الكثير، وأن الوظيفة بشهادتها مضمونة، وأنها اختصار كبير للوقت، فالتخرج يكون بعد ثلاث سنوات فقط، ويكون حينها مؤهل مباشرة للعمل في التدريس، وسيجد عملا في إحدى المدارس القائمة في محيطهم، وغير ذلك من الميزات الكثيرة، فتفاجأ ولم يصدق اذنيه عندما سمع الموافقة الفورية من أبيه، واعقبها بالدعاء له بالنجاح والتوفيق.

 لم تسعه حينها الفرحة، حتى أنه لم يذق ليلتها طعم النوم من كمال فرحته، وبادر من صباح اليوم التالي بالتواصل مع زميله صاحب الفكرة، حتى يستفيد من معلوماته أكثر، ولتتكامل معلوماتهما ليسهل التنفيذ عليهما، فقررا معاً الانطلاق إلى موقع كبينة الهاتف الوحيدة في فيفاء، وكان موقعها حينها في نيد الدارة  ببقعة العذر، وهناك ساعداهما بعض موظفي الكبينة، في الاتصال لهما بهذا المعهد، ومن خلال هذا الاتصال عرفا شروط القبول ومواعيد التسجيل، ولكن للأسف تسبب ذلك في تخلي زميله عن إكمال المشوار معه، عندما وجد أن بعض شروط القبول لا تتوفر لديه، مما جعله يبقى وحيدا في خوض هذه التجربة، ولكن كل ذلك لم يفت في عضده وإصراره، كيف لا وقد وجد الطريق الذي طالما تمناه وحلم به، ولذلك رتب أموره وجهز متطلباته للسفر، وسعى إلى توديع أسرته وأصحابه وزملائه، لينطلق بعدها على بركة الله إلى مقصده، مع ما يحس به داخله من مشاعر الفخر والاعتزاز، وما يراوده من توقعات وأحلام وردية، في الدراسة وفي العلوم التي سيطلع عليها، بل كانت أحلامه مرتفعة بشكل مبالغ فيه، بل كان يتوقع أن هذا المعهد والسكن التابع له، عبارة عن مباني على مستوى الفنادق الراقية.

   انطلق على بركة الله في خوض تجربة جديدة عليه، وابتدأت كمغامرة من ساعة انطلاقته من البيت وحيداً، وكان يتطلب الوصول إلى مدينة جيزان حيث يقع المطار، عدة ساعات في طرق كان معظمها حينذاك غير معبدة، وفي المطار اجتاحته كثير من المخاوف، وأصبح في وضع لا يحسد عليه، فهذه أول مرة يركب فيها الطائرة، ولكنها مرت هذه التجربة بسلام، واضفت إلى نفسه كثيراً من الثقة والخبرة، وكان من حسن حظه أن أخوه الأكبر مقيما في مدينة الرياض، فاستقر لديه في بيته عند وصوله، ثم بعدها ذهب للمعهد عند بداية موعد التسجيل، وأكمل جميع الإجراءات المطلوبة، ليتم قبوله طالبا في هذا المعهد، وبعدها أنتظر يرقب بداية العام الدراسي، ومع أول يوم دراسي اصطدم بواقع خلاف ما بناه من أفكار، فكان عليه أن يتقبل الوضع على حقيقته، فكان المطلوب من أول يوم أن يهيأ كل طالب مستجد لنفسه كل أموره داخل المعهد، سواء في برنامج الدراسة أو المعيشية في السكن الداخلي، فالنظام من بدايته قائم على أصول التربية العملية، فعلى كل طالب أن يتوجه بنفسه إلى أحد غرف السكن (مستودع)، عبارة عن ما يشبه المنجرة، يقوم الطالب بتركيب سريره الخاص به، ثم يبحث في ذلك المستودع عن الفراش والمخدة والبطانيات، والسكن مزدحم بالطلاب، فكل غرفة فيها ما لا يقل عن سبعة طلاب، وكانت جدران الغرف ملطخة بالكتابة والألوان وبقايا الملصقات، والأرضيات قد تراكمت فوقها الأتربة والأوساخ، بعد هجرانه طوال الإجازة الصيفية، وكان في البداية متذمرا من هذا الوضع، بل وفسره أنه إهمال من القائمين على المعهد، ولكنه فيما بعد عرف أن ذلك كان مقصودا من إدارة المعهد والسكن، حتى يعرفون من خلاله الطالب الجاد، الذي لديه الرغبة الصادقة في الدراسة، فتتم من خلاله غربلة الطلاب، حتى لا يبقى منهم إلا الجادين فعلا، وقد توفق بحمد الله في اجتياز هذه البدايات، فقد كانت رغبته تتجاوز به كل التحديات.

  بل وكانت من ذكرياته في أول يوم له في هذا المعهد، أنه حضر إلى القاعة الدراسية بالزي السعودي (الشماغ والعقال)، ليتفاجأ بمدير المعهد يناديه بلهجته الحجازية (يا فيفي لا اشوف العقال هذا فوق راسك مرة ثانية)، وكان أشد استغرابه كيف عرف أسمه من بين حوالي ستين طالبا، رغم أنه لم يقابله قبل ذلك، كانت هيئة التدريس في المعهد، مجموعة من المعلمين السعوديين، ومجموعة كبيرة من المتعاقدين (مصريين وسودانيين وعراقيين)، وغالبهم من مدارس فنية متعددة، خريجون من بعثات امريكية وكندية، ومن كليات الفنون الجميلة في مصر والعراق والسودان، وكانوا يشكلون مزيجاً جميلاً ينفع الطالب كثيراً، فقد استفاد استفادة كبيرة من كل هذه القدرات، حفظ الله الأحياء منهم ورحم برحمته الأموات.

وحدثت له خلال مسيرته التعليمية كثير من الأمور ، وبالذات في السنة الأولى لجهله بكثير من الأنظمة، ومن هذه الأمور التي لا ينساها، أنه في احد الأيام غلبه النوم، فلم يصحو عندما نادى عليهم مشرف السكن صباحا، ولم يحضر ذلك اليوم إلى المعهد، وكان المعهد والسكن في مبنيين متجاورين، وبعد انصرف الطلاب أخبروه بأنه قد تم تسجيله غائبا، وأن هناك عقاب ومسألة على هذا الغياب، إذا لم يكن الغياب بعذر مبرر ومقبول، بموجب تقارير طبية أو مستندات ثبوتية مقبولة، وفي صباح اليوم التالي تم استدعائه ضمن الطلاب المتغيبين، وقد أحضر كل طالب منهم عذره النظامي المطلوب، إلا هو فلم يكن لديه شيء من ذلك، ولما أخبر المدير بواقع حاله وبعذره الصحيح، لم يصدقه ولم يقبل منه تلك التبريرات، بل جعله يقف جانبا، وسمح لبقية الطلبة بالعودة إلى فصولهم، ثم طلب من وكيل المعهد إحضار ملفه المدرسي، ولما أحضره رماه أمامه على أرضية المكتب، وطلب منه بصورة حازمة المغادرة، وقال له : (خذ ملفك ولا أراك هنا إلا بولي أمرك)، فصدمه الأمر صدمة كبيرة، حتى أنه عجز عن التفكير، أو في القدرة عن الدفاع عن نفسه، فاستسلم للأمر الواقع، وكانت بالنسبة له صدمة لم يمر بمثلها في حياته، حيث شعر بالإحباط التام، وتبددت حينها أمامه كل أحلامه وآماله، وشعر بالظلم الذي حاق به من دون ذنب، فخرج منكسا رأسه وقد أظلمت الدنيا في عينيه، ولكنه ما إن خرج من بوابة المعهد، إلا وهو يشاهد في الأعلى أحد نوافذ قاعات الدرس تفتح، ليطل منها معلم الرسم الهندسي، الاستاذ الفاضل (صبار السوداني)، وكان ينادي عليه قائلاً أن أنتظر ولا تبتعد كثيراً، فعلم أن هناك محاولات ومفاوضات في شأنه مع إدارة المعهد، حيث علم لاحقا أنهم طلبوا من المدير السماح له في هذه المرة، وقد طالت المفاوضات واستمرت لأكثر من أربع ساعات، وهو ينتظر على أحد الأرصفة أمام المعهد، وبعد هذا الوقت الطويل إذ بالمعلم السوداني الفاضل، ينادي عليه وهو يبحث عنه عند البوابة، وأخذه بيده إلى إدارة المعهد، وطلب منه أن يكتب تعهداً بعدم تكرار ذلك مرة أخرى، وكان موقفا وتعهدا لا ينساه طوال حياته (كما يقول)، وكان لكل ذلك الفضل الكبير بعد الله في صناعته وتغيير اهتماماته، فلم يتكرر منه ذلك الإهمال والتسيب نهائيا، ولم يصدر عنه أي أمر ممنوع عليهم داخل المعهد والسكن، إلى أن أنهى دراسته كاملة في المعهد.

  حيث مضت به الشهور والسنوات، واعتاد على الغربة وعلى الحياة، وأنسجم مع الدراسة وأبدع وتفوق فيها، حيث تعلم الكثير من المهارات والفنون الجديدة والخبرات، بل وشارك في العديد من المعارض داخل المعهد وخارجه، ومما يعتز به منها كثيراً، مشاركته في معرض الانتفاضة الفلسطينية في عام 1989م، الذي أقيم حينها تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد رئيس رعاية الشباب والرياضة حينها (رحمه الله)، وتم عرضه في أكثر من دولة، بداية بالرياض ثم الكويت ثم المغرب، وكان في المعهد يتعلم في كل يوم أشياء جديدة، وإضافات نافعة، وخبرات متعددة، وما أسرع ما تصرمت به الأيام ليصل إلى نهاية المطاف، ويتقدم إلى امتحانات الصف الثالث، ليحصل بعدها على شهادة الدبلوم، وحين أعلنت النتائج النهائية، كان من الناجحين  وبتقدير جيد جدا مرتفع، ليعود إلى أهله معتزاً مفتخراً بما حقق، سعيداً رافعاً رأسه بشهادته‏ (دبلوم معهد التربية الفنية).

كانت جميع المراحل التعليمية بالنسبة له رحلة ماتعة، ترسخت كلها في ذاكرته افتخاراً وسعادة، رغم ما شابها في بعض مراحلها من معكرات ومعوقات، ولكنها أبدا تبقى في ذاكرته شيء جميل لا ينسى، لقد بلغ الغاية التي كان ينشدها، ومرت به العديد من الأحداث والأشخاص المؤثرين، من معلمين وزملاء ورفقاء درب، وكان من معلميه الذين يعتز بهم، وممن تركوا لهم بصمة في خلده، غير من أشرنا إليهم سابقا، ولا ينسى فضلهم، ومنهم المعلم الاستاذ علي بن علي مصري الجنسية، كان مدرسهم في المرحلة المتوسطة بالعدوين، فكانت له أدواره الكبيرة في التأثير عليه، وفي توجهه التربوي والتعليمي، ويقول عنه (لم أقابل في حياتي التعليمية معلما بنفس قدراته وثقافته والمامه بمادته)، يسأل الله أن يرضى عنه ويغفر له إن كان حيا او ميتا.

وكان له العديد من الزملاء الناجحين الذين يعتز بهم، ويذكر منهم في المرحلة المتوسطة، كل من (المهندس احمد بن جابر جبران الخسافي) المدير التنفيذي لشركة ساب الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المملكة العربية السعودية، و(المهندس يحي بن موسى حسن السلماني) صاحب شركة هندسية في الطائف، و(الاستاذ مفرح بن شريف علي الخسافي) مدير قسم الموظفين ببلدية فيفاء ورئيس بلدية محافظة الريث سابقا، و(الاستاذ حسن بن جابر حسين السلماني) معلم ومشرف تربوي سابق، ومن رواد الأعمال، وغيرهم ممن يفخر ويعتز بهم كثيراً.

عمله الوظيفي :

  بعد تخرجه من معهد التربية الفنية، وبعد انتظار لم يطل كثيراً، صدر قرار تعيينه في شهر محرم عام1411هـ، للعمل في إدارة تعليم صبيا، ومنها تم توجيهه معلماً في مدرسة نيد مجبا الابتدائية والمتوسطة بفيفاء، وما أسرع ما أنسجم مع عمله الجديد، الذي وجد فيه ضالته، وحقق فيه حلمه، وأرتاح فيه كثيراً، رغم مشقة بعد المدرسة عن بيتهم، ولكن ما وجده من القبول والتحفيز والراحة النفسية، سهل عليه كل الصعاب وقرب له كل بعيد، ويصف هذه المدرسة بقوله (تتميز مدرسة نيد مجبا بوقوعها في مجتمع ذو أخلاق عالية، وبيئة بشرية خصبة قابلة للتعليم، ومحبة للتفوق والإبداع، فطلاب المدرسة وأولياء أمورهم كانوا سبباً كبيراً بعد توفيق الله سبحانه وتعالى في نجاحاتي التربوية والفنية والمهنية، فشكراً لهم من الأعماق)، بقي في هذه المدرسة لأكثر من أحد عشر سنة، كانت كلها نجاحاً وانتاجاً وسعادة، ولا ينغصها إلا ما كان شائعاً في تلك الفترة، من وجود نظرة دونية لتخصص الفنية من بعض الناس، واستمرت كذلك لسنوات عديدة، كان معلم الفنية يشعر بأنه شبه منبوذ، حتى أنه كان يتحرج كثيراً إذا ما سأله أحدهم عن تخصصه، ويتهرب من الإجابة المباشرة، ولكن مع الوقت أرتفع الوعي في المجتمعات، وتحسن الوضع إلى درجة عالية، مع العلم أن كل هذه الأمور لم تثبط أبداً في معنوياته، وفي محبته لهذا التخصص ولهذه المهنة.

 وبعد هذه السنوات التي عمل فيها في هذه المدرسة (مدرسة نيد مجبا)، سعى لطلب نقله إلى مدرسة العدوين الابتدائية، مدرسته الأولى التي تعلم فيها وتخرج منها، ليكون قريبا من بيته في نيد الصدر، وليعود معلماً متلهفاً لمدرسته الأم، وليعيد لها بعض الجميل، ويستعيد كثيراً من الذكريات المحببة الى قلبه والتي لا ينساها، فأقبل إليها بكل عزيمة وهمة عالية، وقد تسلح بالخبرات والتجارب التي يرجو أن تكون نافعة، وشمر عن ساعد العزم، وفي رأسه أفكار وخطط يسعى إلى تنزيلها على أرض الواقع، ولكنه لم يدرك أنه لم يعد يملك نفسه، فقد أصبح مطلوبا بكثرة على مستوى إدارة التعليم، وعلى مستوى المجتمع من حوله، والمنطقة بكاملها، حتى أنه يصف ذلك بقوله، كانت تلك سنوات مليئة بالإنجازات الفنية والمهنية، وفي المشاركات الخارجية، لدرجة أن المدرسة والطاقم التعليمي لم أستطع أن أقدم لهم ما هو واجب علي أدائه طوال أيام العام الدراسي، وذلك بسبب كثرة تكاليفه الخارجية، واستدعائه المتكرر من بعض المؤسسات الحكومية، للمشاركة في إعداد وتنظيم بعض المناسبات الوطنية والتعليمية، في جميع محافظات منطقة جازان وخارجها، ومن ذلك مناسبات ختام الأنشطة السنوية في إدارة التعليم، وفي المناسبات الوطنية، والمهرجانات الموسمية، كالمهرجانات الشتوية في جازان، ومهرجانات الجنادرية، ومهرجان البن،  وبعض تكاليفه والإنتدابات الأخرى، فكلها تدور حول تفعيل الأنشطة الثقافية، والمعارض الفنية، وفي مكتب التربية والتعليم بالداير، ثم في مكتب التربية والتعليم بفيفاء، ومما يفخر به أنه من أول المؤسسين لمكتب التعليم بفيفاء، عندما استدعائه مدير هذا المكتب عند الافتتاح، الاستاذ حسن بن احمد الظلمي رحمه الله، مع أول يوم يباشرون فيه بمقرهم الجديد، الذي استأجر خاصاً لهذا المكتب، وكان تصميمه من الأساس على شكل شقق سكنية، فطلب منه أن يقوم على تغيير نمط المبنى وتحسين مظهره، ليتناسب شكله مع وظيفته الجديدة كمؤسسة حكومية، تخدم أهداف التعليم على أفضل وجه، وتعطي عنواناً مميزاً لهذا المكتب، بدأ من مداخله الخارجية وصالاته الداخلية، والعمل على تزيين جدران مكاتبه، وكل الساحات من حوله، حيث قام بكل همة على تنفيذ كل ذلك على أفضل وجه وأتمه، حتى أن القائمين على المكتب، أثنوا عليه كثيراً لما قام به، في حفل تكريمه لاحقا.

وهنا يجدها (كما يقول) مناسبة للتحدث عن بعض محاسن هذا الرجل، الاستاذ حسن بن احمد رحمه الله، فقد كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في لملمة أوراق الأسرة التعليمية في محافظة فيفاء، وفي توزيع الأعمال بينهم، ووضع استراتيجية تعليمية وتربوية وفنية لهم، للارتقاء بمستوى كادر التعليم في هذه المحافظة، حتى أن من نتائج ذلك الجهد، أن رأينا المكتب يحقق المركز الأول، على مستوى مكاتب التربية والتعليم في إدارة تعليم صبيا، على مدى ثلاث سنوات متتالية، وأوصل بعض الطلاب فيه إلى المحلية والعالمية في كثير من المسابقات العلمية، وفي الابتكارات الفنية، وذلك بفضل الله ثم بفضل أسلوبه الإداري والفني، والذي تكتنفه بشكل كامل تعاملاته الإنسانية، رحمه الله وغفر له وتجاوز عنه، ويخص في ذلك ما يتعلق به شخصيا، حيث يقول : (أتاح لي الفرصة لكي أعبر عن قدراتي الفنية، وإظهارها في ميادين وساحات مرافق التربية والتعليم، والميادين العامة داخل المحافظة وخارجها)، وقد خلفه بعد ترجله رحمه الله من لا يقل عنه همة وحنكة وأسلوباً، الاستاذ يحيى بن علي العمري حفظه الله، ليكمل المسيرة بكل جدارة واقتدار، وها هو اليوم مدير مكتب العيدابي، يتبعه مدارس فيفاء والعيدابي وهروب وفقه الله وأعانه.

أستمر عمله في مدرسة العدوين لما يقارب من سبعة عشر سنة، كانت كلها بذل وعطاء، وكانت جهوداً بحمد الله تفوق كل التصور، بما يجعله دوماً يفخر بها ويسعد ويعتز، وبما حققه بفضل الله من نجاحات متوالية، ونتائج إيجابية، وتقديرات كبيرة, لتكتمل معه منظومة عمله في سلك التعليم، حتى وصلت في مجملها سبع وعشرين سنة كاملة، أنهكه خلالها العمل الرسمي وتبعاته المرهقة، مما جعله يقرر التفرغ التام لتنفيذ أفكاره الخاصة، بما يحقق ذاته ويخدم كامل مجتمعه، فطلب إحالته للتقاعد المبكر من مجال التعليم الرسمي، الذي تم اعتماده في عام 1439هـ، وهو في السابعة والاربعين من عمره المديد، حفظه الله وبارك فيه.

  في هذه السنوات التي قضاها بكل سعادة في التعليم، والتي أوجدت تأثيراً وتركت بفضل الله أثراً، شاهد كثيراً منه في بعض طلابه، ممن ساروا على نهجه واتخذوه قدوة لهم، وهم كثر ممن درّسهم في مدرستي نيد مجبا والعدوين، ويذكر في مقدمتهم أربعة طلاب، ممن أصبحوا مهندسين معماريين، ومهندسي ديكور، فغالبهم يصرحون بأنهم تأثروا به في سلوكهم المهني والدراسي، إضافة إلى عدة طلاب توجهوا الي بعض المعاهد الفنية والمهنية، يستشهد منهم بذكر اثنين ناجحين منهم، أحدهما سجل بعد الكفاءة المتوسطة في معهد المساعدين الفنيين بعسير، وتجاوز السنة التمهيدية بتقدير امتياز، فعندما سأله أحد المعلمين وقد لاحظ اتقانه لكل درس فني قبل بقية زملائه، فقال له هل كنت تدرس في معهد آخر قبل هذا المعهد، فأجابه الطالب بالنفي، فقال له إذا أين تعلمت هذه الدروس الفنية، التي لا تدرس إلا في المعاهد الفنية والهندسية فقط، فقال الطالب تعلمتها من معلم التربية الفنية في المرحلة المتوسطة، فقال وماذا كان يسميها لكم، فقال الطالب بنفس أسماء الدروس التي تعنون بها دروسك، وعندها قال المعلم بانبهار أرجو أن توصل سلامي لذلك المعلم وتقبل رأسه، فقد كان يعطيكم دروسا لا تدرس عادة إلا في المعاهد والكليات، وبالفعل فقد أوصل له ذلك الطالب السلام والتقدير، ويقول عن ذلك (كان أفضل وساماً نلته في حياتي التعليمية إلي الآن)، وأما الطالب الثاني فقد التحق بالمعهد المهني بعسير، في قسم النجارة، وأخذ تقدير ممتاز لثلاث سنوات، حتى أنهم عرضوا عليه الإعادة بالمعهد، ولكنه فضل العمل في مكان آخر، وهذا الطالب أرسل لمعلمه يحيى أحد مشاريعه الفنية، التي قدمها للاختبارات النهائية، وكان العمل عبارة عن مجسم طائرة أف 15، نفذها بالنحت علي الخشب، فمثل هؤلاء وغيرهم هم رجع صدى، يُذهب عن المعلم كل تعب مر به، مما يجعله يزهو بما بذل وما قدم، ويشعره بكل فخر أنه أدى مهمته التعليمة والتربوية بكل نجاح واقتدار، بارك الله فيه وزاده نجاحاً وتوفيقاً وجزاه خيراً.  

 وله العديد من المشاركات والجهود التي يفخر بها، خارج نطاق عمله الرسمي اثناء التدريس ومنها :

  • شارك في معرض الانتفاضة الفلسطينية، اثناء دراسته في المعهد عام 1989م، وهو المعرض الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد رئيس رعاية الشباب والرياضية حينها، رحمه الله وغفر له.
  • شارك في معرض إدارة تعليم صبيا في العامين 1992 و1993م على مستوى قطاع صبيا، بأعمال خاصة به، وأعمال نفذها بعض التلاميذ تحت اشرافه.

3- شارك في معرض ختام الأنشطة، على مستوى فيفاء، وشارك في تنظيم هذا المعرض عام1994م

4- اختير لتقديم عروض حية للطلاب الموهوبين، أمام وزير المعارف حينها الدكتور محمد بن احمد الرشيد رحمه الله، أثناء زيارته للمنطقة، ممثلا لتعليم صبيا(في مدرسة العريش)عام1995م.

5- شارك في مسابقة الابتكار الفني، بدرس لمعلمي التربية الفنية في تعليم صبيا، حاز على رضى واستحسان المعلمين، ونفذه في أكثر من مدرسة عام1997م.

6- كلف باستضافة جميع معلمي الفنية بصبيا في فيفاء، في برنامج (تبادل معي الخبرة)عام1999م.

7ـ كلف بتنفيذ دورة لمجموعة من معلمي التربية الفنية، تحت عنوان(دراسة بالقلم الرصاص).

8- قام بتصميم شعار لجنة التنمية السابق، قبل توحيد شعار لجان التنمية، وصمم شعار بلدية فيفاء، وصمم شعارات لبعض المدارس، وبعض المؤسسات التجارية.

9- تصميم وتنفيذ معرض الدفاع المدني والمدرسة.

10- تصميم البيت الجبلي في قرية جازان التراثية، والإشراف الميداني على تنفيذه.

11- تصميم متحف القطاع الجبلي في مهرجان الجنادرية25، وكان مشرفاً عليه، ومنفذاً لبعض تفاصيله الدقيقة.

12- تصميم بوابة فيفاء، التي نفذت في دوار مدخل خط ثمانية، من جهة عيبان.

 13- تصميم وتنفيذ مطل البلدية الثاني (بالدفرة)، بعد انتهائهم من عمل المدرجات.

14- تصميم وتنفيذ بوابة مكتب التربية والتعليم بفيفاء.

15- تصميم وتنفيذ جدارية 3م في 8م لمكتب التربية والتعليم.

16- تصميم مطل البلدية الثالث (بالحسينة) في جهة ال سلمان بفيفاء.

17- تصميم وتنفيذ معرض التوعية بأضرار المخدرات، في ثانوية فيفاء.

18- كلف باستضافة الورشة التشكيلية الثانية في فيفاء، بعنوان (شبابنا قيم وتنمية) في عام2011م، التي نفذها قسم النشاط الفني بتعليم صبيا.

 19- تكليفه بالإعداد والتجهيز الفني والإعلامي لحفل محافظة فيفاء، بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله رحمه الله، من رحلته العلاجية سالماً عام1432هـ.

20- تكليفه بتصميم  جائزة التميز، لمكتب التربية والتعليم في فيفاء، وتنفيذها صناعياً، والإعداد الفني والميداني للحفل، في عام 1432هـ.

21- تكليفه من قبل محافظة فيفاء، بالمشاركة في كرنفال مهرجان جازان الشتوي، والإعداد لذلك فنيا  وإعلامياً، في عام 1434هـ.

22- ترشيحه وتكليفه من إدارة تعليم صبيا، لرعاية الموهوبين فنياً ومهنياً علي مستوى الإدارة، وإعداد لجنة وخطة للتنفيذ، في عام 1434هـ.

23- تكليفه من مكتب التربية، لتنفيذ مشاركة التعليم في معرض (انتماء)، الذي استضافته جامعه الإمام، ممثلة في المعهد العلمي في فيفاء، في عام 1434هـ.

24- تكليفه بتمثيل تعليم فيفاء، في المشاركة في معرض اليوم العالمي للدفاع المدني، الذي رعته شركة ارامكو، واقيم في محافظة صبيا عام 1435هـ.

25- اختياره ضمن اللجنة الفنية، المشاركة في مشروع المجلس البلدي، لإيجاد حلول لمعوقات مشاريعنا التنموية في فيفاء، في عام 1434هـ.

26- مشاركته مع نادي الحي في محافظة بيش، لإقامة دورة تدريبية للتصميم بالاسكتش اب، تحت عنوان (صمم بيت العمر)، في عام 1435هـ.

27- مشاركته مع جامعة جازان، قسم التربية الفنية، لرعاية الموهوبين، وتنفيذ برنامج تنمية القدرات الفنية للموهوبين، بمشاركتهم لطلاب الكلية في القاعات الدراسية عمليا، وقد أشادوا كثيرا بقدرات المشاركين، وحصلوا علي عدة جوائز من الكلية.

28- نفذ ثلاث ورش فنية ميدانية، لرعاية الموهوبين، وتنمية قدارتهم، اثنتان كانتا في محافظة فيفاء، وواحدة في مدرسة خضيرة بضمد.

29- شارك في مسابقة التميز الفني للطلاب، على مستوى صبيا، وحققوا المركز الأول، مما جعلهم يرشحونهم لتمثيل تعليم صبيا علي مستوى الوزارة.

30- تصميم وتنفيذ هديه شيخ شمل فيفاء الشيخ علي بن حسن الفيفي، التي قدمها لنائب أمير منطقة جازان الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد ال سعود، اثناء زيارته لمحافظة فيفاء.

31- أقام عدة دورات فنية ومهنية، لذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لتفعيلهم ودمجهم بالمجتمع ليكونوا منتجين، كانت الدورة الأولي في قسم التربية الخاصة بمدرسة العدوين، وحضر حفل افتتاح معرض منتجاتهم مدير تعليم صبيا حينها الاستاذ عسيري بن احمد الاحوس، والدورة الثانية تبنتها لجنة التنمية الاجتماعية، لجميع طلاب التربية الخاصة في كل مدارس فيفاء، أستمرت لثلاثة أسابيع، وأهتمت بنقلها القناة الاخبارية، ضمن الفعاليات المحلية والعالمية في اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، ونال البرنامج إعجاب واستحسان الكثير من الجهات المسؤولة عن هذه الفئة.

32- استدعي من قبل بلدية فيفاء، هو ومجموعة من الفنانين التشكيليين، بناءً على طلب الوزارة في استقطاب الفنانين التشكيليين، والاستعانة بخبراتهم في إيجاد حلول لبعض التحديات التنموية والتشوه البصري، وشارك في ذلك وأعتمد التقرير الذي أعده من أمانه منطقة جازان، وعمد المسؤولون بتنفيذه، وحصل علي شهادة شكر وتقدير في اثناء الحفل الذي أقيم لذلك.

33- كلف من قسم المشاريع في أمانة جازان عام 2021م، بعمل مقترحات ودراسات فنيه لتطوير وادي لجب، وإيجاد أنشطة خدمية لزواره، بما يتناسب مع ظروفه البيئة والجغرافية والمناخية، واحيلت الدراسة إلى وزارة غير وزارة البلدية، قبل اعتماد المقترحات، ولا يدري ماذا انتهى إليه.

34- ‏شارك متعاونا مع عدة مدارس، ومنها (تصميم وتنفيذ المتحف التراثي في مدرسة الداثري والمخشمي)، و (تصميم وتنفيذ صالة النشاط المدرسي في مدرسة العمامي الابتدائية).

35- شارك في ‏تصميم وتنفيذ بعض المعارض والكافيهات في مهرجان البن العاشر بمحافظة الداير.

36- كلف من مدير مكتب التربية والتعليم بالداير عند اعتماده لأول مرة، بتصميم وتجهيز مدخل المبني وصالاته ومعارضه، ضمن فريق فني من معلمي التربية الفنية، ورشح لقيادتهم حينها.

بارك الله في جهوده، وزاده توفيقاً وعطاء، فما زال في الميدان يبدع في كل ما يخدم فيفاء والمنطقة والوطن، وقد نال الكثير من شهادات الشكر والتقدير، مما يستحقه على مشاركاته المتعددة، في جميع مراحل حياته طالباً ومعلماً وفيما بعد ذلك، ويكتفي بذكر بعض منها على النحو التالي :

  • الميدالية الفضية في مشاركة معرض الانتفاضة الفلسطينية عام 1989م.
  • الميدالية الفضية من تعليم صبيا عام 1992م، وفي عام 1993م.
  • شهادة شكر وتقدير من تعليم صبيا عام 1994م.
  • درع التميز في العرض الذي قدمه أمام معالي الوزير في عام 1995م.
  • درع التميز في مشروع الابتكار الفني عام 1997م.
  • جائزة لجنة التنمية الاجتماعية بفيفاء تحت رعاية وكيل أمارة منطقة جازان.
  • درع شكر وتقدير من مدير عام الدفاع المدني بجازان.
  • درع التميز من التعليم عام 2001م، وعام 2004م، وعام 2005م، وعام 2008م.
  • شهادة شكر وتقدير من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر آل سعود أمير منطقة جازان عام 2009م، على مشاركته في قرية جازان التراثية.
  • شهادة شكر وتقدير من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر آل سعود أمير منطقة جازان عام 2011م، على مشاركته في مهرجان الجنادرية 25.
  • جائزة الفنان المستضيف على مستوى فناني المنطقة عام 2011م.
  • جائزة التميز على مستوى تعليم فيفاء عام 2011م.
  • جائزة المركز الرابع بكرنفال جازان عام 1435هـ.
  • جائزة المركز الأول لأفضل مجسم مشارك بكرنفال جازان عام 1437هـ.
  • جائزة تصميم وتنفيذ هدية أهالي فيفاء لصاحب السمو نائب أمير منطقة جازان صاحب السمو الأمير محمد بن عبدالعزيز آل سعود.

والعديد من الجوائز فلم يحصرها كلها، زاده الله رفعة ونجاحا.

بعد التقاعد:

  الفنان دوما طموحاته وأحلامه تتزايد، والجاد منهم يسعى إلى تحقيق الكثير منها، والوظيفة قد تقيد الفنان وتحجّم أدواره، ولذلك سعى إلى التحرر من أعباء هذه الوظيفة، وبالذات وقد حقق فيها نهمته، والكثير من جهوده المباركة، مع أنه (كما يقول) ما زال باذلاً نفسه ومستعداً لكل ما يخدم قطاع التعليم، أو أي قطاع حكومي آخر، متى ما احتيج إليه في ذلك، ولكنه لأجل تنفيذ أفكاره وطموحاته الشخصية، تقاعد من العمل الرسمي، وسعى مباشرة إلى إنشاء مؤسسة فنية خاصة، مختصة في تنفيذ أعمال الديكورات الخارجية والداخلية، وأستقدم لها عمالة آسيوية متخصصة، من ذوي المهارات العالية، والخبرات الفنية المتميزة، وبدأ في تنفيذ بعض المشاريع الشخصية الصغيرة لبعض المواطنين، ثم سعى إلى تنفيذ حلمه الأكبر، وليشارك من خلاله في تحقيق الرؤيا (2030)، بعمل جاد متميز يخدم به أحد المشاريع السياحية في المحافظة، رغم ضعف الإمكانيات وقلة رأس المال المعين، ولكنه بطموحه وعزيمته المتوثبة، بذل الكثير من الفكر والجهد والمال لتفعيل هذا المشروع، والذي قد أستكمل كثيراً من مراحله المتقدمة، ويظهر ذلك مما هو مشاهد على أرض الواقع، في نموذج متكامل مبهر، سيضفي ولا شك على المحافظة الكثير من الجمال والتميز، ويقدم خدمات قمة في الروعة والتألق، وما زالت أحلامه وطموحاته تتسع، وتتبني الكثير من الفن والإبداع والعطاء والتنمية، بارك الله فيه وفي جهوده وفكره ونفع به، وزاده علما وفضلا وسدادا.

الحالة الاجتماعية :

تزوج بعد تخرجه من المعهد مباشرة، من الفاضلة خيرة بنت سليمان يحيى أحمد الخسافي حفظها الله، وهي بنت عمته شقيقة والده، متدينة وعلى جانب لا بأس به من التعليم، ربة بيت مدبرة، ومربية فاضلة، أعانته كثيراً في حياته، وفي اهتمامها بالبيت والأبناء، وبالذات مع كثرة غيابه الذي يجبره عليه العمل، فكانت له نعم العون والمعين، والمشجع والدافع للنجاح وزيادة البذل، وقد رزقا بسبعة أولاد، أربعة أبناء وثلاث بنات، وهم على النحو التالي حسب العمر :

  1. نايف ثانوية عامة.
  2. صفاء ثانوية (متزوجة).
  3. امال ثانوية ( متزوجة).
  4. احمد بكالوريوس لغة عربية ( متزوج ).
  5. محمد دبلوم جامعي.
  6. أماني ثانوية (متزوجة).
  7. عبداللطيف طالب جامعي.

 وكل الأبناء يعملون معه في سوق العمل، ويعتبرون من رواد الأعمال المبتدئين، وهم عون له بعد الله في إنجاح مشروعاته، وإدارة أعماله ميدانيا، وإظهارها في سوق العمل بالشكل المطلوب، وأما البنات فكلهن متزوجات، وكل منهن تعيش مع زوجها سعيدة هانئة، بارك الله فيهم وحفظهم وجعلهم قرة عين لوالديهم، وبارك فيها من اسرة مباركة كريمة، واسعد الله صاحب سيرتنا وبارك في جهوده، وزاده نجاحا وتوفيقا.

                    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                          محبكم/ عبدالله بن علي قاسم آل طارش الخسافي ـ ابو جمال

                                                          الرياض في 1446/9/14هـ

 

الأستاذ يحيى بن صالح جبران الخسافي الفيفي

 

 

‫4 تعليقات

  1. حفظك الله وأسعدك ياشيخ – عبدالله..
    دوما تتحفنا بكتاباتك الجميلة وحبكك القصصي لأخراج سير الأحبة من أبناء فيفاء حيث تضيف لتلك السير في التميز ذوق خاص بحسن الإعداد والإخراج..

    نقول جزاك الله خيراً على هذا النهج المشرِّف لمن تكتب عنه أولاً ولنا جميعاً ثانياً، سلم الفكر والأنامل المسطرة لما تخرجه لنا بين الفينة والفينة من سير أبناء فيفاء الكرام..

    سيرة طيبة مباركة لهذا الإستاذ القدير الذي بذل وأجتهد ونال مبتغاه وهوايته فأبدع وتألق وكان متميزاً يشار له بالبنان في تخصصة وهذا هو الصحيح الذي يجب على أي طالب أن يأخذ به فالرغبة وحب التخصص يجهل من صاحبه نموذج يحتذى به..

    نفخر بأبناء فيفاء المتميزين المتربعين على عرش التفوق والسمو في كل المجالات والتخصصات..

    شكرا وتقدير لأبا – جمال على ما يوليه من وقت وجهد في إظهار أحبتنا الغالين بهذه السير المشرفة..

    والشكر موصول لبصمة والعاملين بها الذين وضعوها أسم على مسمى كما يقال دمتم متألقين أحبتنا الكرام..

  2. ماشاءالله تبارك الله سيره عطره يتمتع بها الزميل العزيز الغالي ابونايف كان زميل لي بالمعهد بالرياض وساذكر بعضا من أخلاقيات هذا الرجل فكان يتمتع بكل معاني الصفات النبيله والسجايا الكريمه كان رجلا راقيا انيقا في كل تعاملاته مع زملائه لم يذكر عنه انه ساء الادب مع أي شخص سواء معلميه او زملائه حريص كل الحرص على المحبه والألفه بين الجميع.. اسعدك الله ابونايف ضارعا إلى الله سبحانه وتعالي ان يجعل ايامك حافله بالمسرات

  3. ما شاء الله تبارك الاه ابو نايف من الاشخاص الذين نقشوا اسمائهم على الحجر فقد اخذ من شغفه وفنه الكثير وعرف اين يسجل اسمه وجهده ليبقى ارث لكل من اراد ان يتعلم ويخدم وطنه ومجتمعه

  4. ما شاء الله تبارك الرحمن
    سيرة عطرة وجميلة بما تعنيه الكلمة .
    أبو نايف لديه شخصية كاريزمية مميزة .
    مبدع في تخصصه ولديه أخلاق عالية وكريم جداً و بصماته دليلاً على ذلك .
    وفقه الله تعالى ويسر اموره ومتعه بالصحة والعافية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى