
تعد الدبية الجازانية من الأدوات التراثية الأصيلة التي اشتهرت بها منطقة جازان، وكانت جزءًا من حياة الأهالي اليومية في الماضي، ولا سيما في البيوت الريفية.
تصنع الدبية من شجرة القرع المعروفة باسم الدباء، حيث تترك حتى تجف، ثم ينظَف داخلها وتزال البذور منها بعناية. بعد ذلك تطلى بطبقة من القطران الأسود لحمايتها ومنحها لونًا مميزًا، وتزيَن بالحبال الملوَنة لتضفي عليها طابعًا جماليًا يعبر عن الذوق الشعبي الجازاني.

كانت الجدات – رحمهن الله – يستخدمن الدبية في خض الحليب لاستخراج اللبن الرائب والزبدة، وهي أداة تجمع بين البساطة والفاعلية، وتعكس براعة الإنسان الجازاني في توظيف الموارد الطبيعية لخدمة حياته اليومية.
ورغم التطور التقني وتعدد وسائل حفظ الألبان الحديثة، ما زالت الدبية الجازانية تحتفظ بمكانتها في الذاكرة الشعبية، شاهدةً على تراثٍ عريقٍ يعكس حياة البساطة والعمل والاعتماد على الذات.
واليوم، ومع ازدياد الاهتمام بالتراث الوطني، تبرز أهمية المحافظة على مثل هذه الأدوات القديمة، بوصفها جزءًا من الهوية الثقافية للمجتمع الجازاني، وجسرًا يصل بين ماضي الأجداد وحاضر الأبناء، ليبقى التراث شاهدًا على الأصالة والعراقة.
بقلم: إبراهيم النعمي




