🌟 قصة نجاح الإعلامي محمد باجعفر .. من وجع الطفولة إلى قمة الإعلام – رحلة رجل لم يعرف الاستسلام
ا/خالد شريفي

بداية موجعة.. وحرمان ليس كمثله حرمان
وُلد الإعلامي محمد بن حمد باجعفر في قرية أم الدوود – التي تعرف اليوم باسم أم الورود – في بيئة بسيطة تحمل بين طياتها الكثير من التحديات.
فمنذ سنواته الأولى، عرف الفقد بكل وجعه، إذ فقد شقيقيه إبراهيم وأحمد وهما في عمر الزهور، ثم لحقت بهما والدته وهو لم يتجاوز الخامسة والنصف من عمره.
ولم تكتمل فصول الحزن إلا برحيل شقيقته الصغرى حليمة التي لم تكمل عامها الأول.
كانت تلك الخسارات المتتالية كفيلة بأن تهز أي قلب، لكنها كانت الشرارة التي أيقظت في محمد عزيمة لا تلين.
رحلات الأب… وصراع البقاء
بعد أن ضاقت الحياة بوالده، انتقل من قرية إلى أخرى باحثًا عن لقمة العيش، متنقلاً بين بطحان بالعارضة وأم الخرق، يعمل في الرعي والزراعة مع إخوته.
إلى أن عاد في النهاية إلى محافظة أبوعريش، حيث بدأ صفحة جديدة من الكفاح، فالتحق بعمل في الحرس الوطني هناك، ليؤمن حياةً كريمةً لابنه الصغير، ويدخله المدرسة الابتدائية الأولى (أبو بكر الصديق حاليًا).
طفولة العمل والطموح
ورغم ضيق ذات اليد، لم يعرف محمد الخمول طريقًا إليه؛ فكان طفلًا عاملاً وهو على مقاعد الدراسة.
باع البطاطس المقلية والمسلوقة والآيسكريم في شوارع الحي ليعين أسرته، ويواصل دراسته بعزة نفس وإصرار، حتى أتم المرحلة الثانوية متحديًا كل الظروف.
تحديات الطريق الأكاديمي
كانت المرحلة الجامعية مفترق طرق في حياة باجعفر، إذ انقسمت رغباته بين المسار العسكري والمدني.
تقدم إلى كلية قوى الأمن الداخلي، لكن القدر حال دون قبوله، فاختار مواصلة التعليم الجامعي في جامعة الرياض – كلية العلوم تخصص رياضيات.
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود؛ فقد رُفض في كلية الملك خالد للحرس الوطني بسبب كسر في كاحله الأيسر، ثم فُقدت فرصة الابتعاث في بعثة الطيران العمودي للدفاع المدني بسبب رفض والده سفره، وتكرر الرفض ذاته حين تقدم إلى الخطوط السعودية.
لكن هذه العقبات لم تنل من عزيمته، بل صنعت منه رجلًا لا يعرف الاستسلام.
إصرار لا ينكسر
قرر محمد إكمال دراسته الجامعية حتى نال البكالوريوس، ثم واصل تطوير نفسه خلال الإجازات بدراسة دبلوم الحاسب الآلي في جدة، بدراسة مكثفة امتدت لـ16 ساعة يوميًا على نفقته الخاصة.
المعلم والقدوة
عمل معلمًا لمادة الرياضيات في مدارس العارضة، وزبارة رشيد، ثم العروس الابتدائية والمتوسطة، حيث درّس الرياضيات واللغة الإنجليزية.
لم يكتفِ بالتدريس، بل لمع اسمه كرائد نشاط متميز، فحقق المركز الأول على مستوى المنطقة، والثاني على مستوى قطاع أبوعريش بين أكثر من 120 مدرسة.
ومن أبرز أنشطته المميزة:
دورة الأمير نايف – رحمه الله: بمشاركة 16 مدرسة في كرة القدم.
دورة “حزم وعزم وأمل – نحن جنود سلمان البطل”: بمشاركة 32 مدرسة.
التقاعد… وبداية فصل جديد
في 1 / 7 / 1439هـ، ترجل باجعفر عن صهوة التعليم، ليبدأ رحلة جديدة مع الكلمة والإعلام.
تحول من مربي الأجيال إلى صوت المجتمع، ليواصل رسالته في ميدان أوسع.
عمل في عدد من الصحف البارزة مثل: 📍 جازان نيوز
📍 فيفا وهروب
📍 أبوعريش والعارضة
📍 رؤى الخبر
📍 و”خبر عاجل”
📍 وحاليًا يشغل منصب المشرف العام على صحيفة صدى نيوز إس
كما أجرى حوارات ولقاءات إذاعية وتلفزيونية عديدة، تركت أثرًا عميقًا في الوسط الإعلامي.
من الألم إلى الأمل
قصة محمد باجعفر ليست مجرد سيرة ذاتية…
بل هي حكاية إنسان صاغ من معاناته مجدًا، ومن حرمانه طموحًا، ومن الفقد إرادةً لا تموت.
هي رسالة لكل من عانوا في بداياتهم أن النهايات العظيمة لا تأتي إلا لمن يصبر على الوجع ويؤمن بأن الله لا يضيع أجر المجتهدين.



