-A +A
حمود أبوطالب
ما حدث يوم قبل أمس في المملكة من هجوم حوثي جديد على مواقع حيوية أهمها منشأة أرامكو بمدينة جدة لا يمثل مفاجأة مع استمرار التغاضي الدولي الشائن عن المليشيا الحوثية والتودد الأمريكي الغربي لإيران، الداعم الرئيسي والراعي الرسمي لها والتغافل المتعمد عن تزويدها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المتطورة والخبراء الذين يشرفون مباشرةً على العمليات الإرهابية ضد المملكة. في حال كهذا، إضافة إلى التزام قوات التحالف بأعلى معايير ضبط النفس والصبر والتحمل، من الطبيعي أن يخامر المليشيا الحوثية وهم القدرة على استمرار عملياتها الإرهابية ضد المملكة دون ردع لفرض شروطها الخاصة في ملف أزمة اليمن.

ولكن اتضح أنه بعد الهجمات الأخيرة سيكون التعاطي مختلفاً من قبل المملكة والتحالف مع هذه المليشيا المنفلتة الهمجية، فالمملكة قد أوضحت للمجتمع الدولي قبل أيام أنها غير مسؤولة فيما لو حدثت أزمة طاقة عالمية بسبب استهداف الحوثيين للمنشآت النفطية، وكررت هذا التصريح بعد الهجمة الأخيرة، لكنها أكدت هذه المرة بشكل حاسم أنها مسؤولة عن حماية شعبها وأمنها ومقدراتها بالدرجة الأولى وقبل أي اعتبار آخر، وبغض النظر عن موضوع أزمة الطاقة المحتملة، ما يعني أنها لن تقف متفرجة على تخاذل المجتمع الدولي بعد أن التزمت بتنفيذ كل ما هو مطلوب من ناحيتها بينما الحوثيون لا يلتزمون بأي قرار. وفعلاً فقد بدأت قوات التحالف بتنفيذ عملية استجابة استهدفت لأول مرة مدينة الحديدة التي يستخدمها الحوثيون لإطلاق الصواريخ والمسيرات، بالإضافة إلى هجمات استراتيجية أخرى على مواقع في صنعاء، ويبدو أن مسار مواجهة الحوثيين سينحو منحى مختلفاً يكفل ردعهم بقوة وتحجيم قدراتهم مهما كان دعم إيران لهم.


كل عبارات الاستنكار والشجب والإدانة التي أطلقتها الدول بما فيها أمريكا وحلفاؤها من دول الغرب لا معنى ولا تأثير لها، طالما لم تُقدم هذه الدول حتى على تصنيف المليشيا الحوثية جماعةً ارهابية، وطالما لم تملك الشجاعة الأخلاقية لتطلب من إيران كف يدها عن الدعم العلني لها. كما أن اختزال المشكلة في مسألة حماية أمن الطاقة العالمي فقط خطأ كبير، لأن المملكة لديها وطن وشعب مسؤولة عن حمايته قبل أي شيء آخر.