
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: “وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ”
إن الحياة لا تدوم، ولا يبقى من زخرفها شيء، لا مالٌ ولا منصب، وإنما تبقى المآثر الطيبة، والآثار العطرة التي يسجلها الله في كتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة.
مررت قبل أشهر بطريق مكة – جدة السريع، فاستوقفني اسم رجلٍ قد رحل عن دنيانا إلى دار البقاء، وأثارت في خاطري ذكريات قد لا يعلمها كثير من الناس، لكنها عظيمة في ميزان الخير والمعروف.

هذا الرجل هو اللواء : يحيى بن سرور الزايدي – رحمه الله – كان من رجالات الدولة المخلصين، وقف شامخًا في ساحات مكة المكرمة، والمشاعر المقدسة، أيام الحج، وفي شدةِ الحر وصيام رمضان، يؤدي مهامه بكل صدق حتى أُحيل إلى التقاعد، بعد أن سطّر اسمه في سجل رجال الأمن الأوفياء رحمه الله.
من المواقف الإنسانية التي لا تُنسى للواء يحيى بن سرور الزايدي – رحمه الله – ما حصل عندما زرته في مكتبه بمرور مكة المكرمة، وكان برفقتي الوالد الشيخ : حسن مفرح الغزواني – شيخ شمل قبائل بلغازي – نحمل ملفًا لطلب رخصة قيادة خصوصي للشيخ. وعندما عرفت اللواء بالشيخ، استقبلنا بكل حفاوة وتقدير، ووجّه فورًا مهندس المرور بإجراء اختبار القيادة له، وبعد اجتيازه للاختبار، أمر بإصدار الرخصة وتكفّل بدفع رسومها من ماله الخاص، إجلالًا وتكريمًا للشيخ.
وفي موقف آخر، رأى رحمه الله أحد أفراد قوة الحج والمواسم يقود سيارة متهالكة، فسأله عن حاله، فأخبره الجندي بأنه يعاني من ظروف مادية صعبة ويعول أسرة، فما كان من اللواء إلا أن وفّر له سيارة بديلة تكريمًا له وتقديرًا لظروفه.
وأنا شخصيًا رفعت له طلب نقل من قوة الحج والمواسم إلى شرطة منطقة جازان، فقال لي: “أبشر”، ورفع الطلب بنفسه، وتم نقلي بفضل الله ثم بدعمه الكريم، وكذلك بدعم اللواء علي بن أحمد الذيب – رحمهما الله جميعًا.
هذه المواقف وغيرها تدفعني لأن أكتب عنه وفاءً لرجلٍ خلوق، عظيم في إنسانيته، ومثالًا يحتذى في البذل والعطاء. وهي أيضًا رسالة لمن يقرأ هذا المقال بأن الحياة مزرعة للآخرة.
قال الله تعالى:
“وما تُقَدِّموا لأنفسكم من خيرٍ تجدوه عند الله”
وقال رسول الله ﷺ:
“خير الناس أنفعهم للناس”
رحم الله اللواء يحيى بن سرور الزايدي، وجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وبارك في ذريته وأهله، وحفظ الله مليكنا وولي عهده، والأسرة المالكة الكريمة، ووطننا العزيز، وشعبنا الوفي، وجنودنا البواسل، وكل من يعمل بإخلاص لهذا الوطن المعطاء، من مدنيين وعسكريين.
بقلم: رئيس رقباء متقاعد
مدير مركز شرطة هروب بجازان سابقًا
جازان – بلغازي – محافظة العيدابي
حسن مفرح الغزواني
حرر في: 20 محرم 1447هـ – الموافق 15 يوليو 2025م
شكرًا لك يا شيخ – حسن مفرح على هذه الكلمات الطيبة والمعبرة، إن الوفاء لأصحاب المواقف النبيلة وأهل الإخلاص دليل على حسن الخلق وصفاء النفس ، اللواء يحيى الزايدي رحمه الله، كما وصفت رجل ترك أثراً طيباً فيمن حوله بأخلاقه وكرمه وإخلاصه فمثل هذه الذكرى العطرة تبقى خالدة في القلوب مهما مرت الأيام، وتبقى الأعمال الطيبة شاهدة لصاحبها عند الله قبل الناس..