دين ودنيا

رمضان فضائل وذكريات

الدكتور: حسين بن شريف العبدلي

رمضان فضائل وذكريات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

إن شهر رمضان، شهر عظيم فرض الله صيامه على العباد، فيه من الفضائل والخيرات ما لا يوجد في غيره من الشهور اختص الله به هذه الأمة بعظيم الأجور فهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى ﷺ وأمر الناس بصيامه، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم .

في الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة، منها تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة كالتفاخر والبطر والبخل، وتعويدها على الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب إليه .

فحري بكل مسلم أن يغتنم أوقاته فيما ينفع ولا يضر؛ لأن الملهيات كثيرة والفتن في هذا الزمان متنوعة، تصرف المسلمين عن فضائل هذا الشهر العظيم .

حال السلف

وفي هذا المقام عندما نتذكر حال السلف وكيف كانوا في رمضان، لنشكوا أمرنا الى الله أن يردنا إلى دينه ردا جميلا ويغفر ذنوبنا وتقصيرنا، لقد كان السلف يمسكون عن تعاطي جميع المفطرات الحسية والمعنوية، ويحتسبون نومتهم كما يحتسبون قومتهم، يتنافسون في الطاعات والقربات، ويفرون من مقاربة المعاصي والسيئات، يحفظون صيامهم من جميع المفطرات، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: “إذا صمت فليصم سمعك وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء”.

وعن الحسن البصري؛ أنه مرَّ بقوم وهم يضحكون فقال: (إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كلُّ العجبِ للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء؛ لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته).

عندما كنت صغيراً

بل كلنا يتذكر قبل ظهور هذه الملهيات كيف كان لرمضان مكانة عظيمة عند الناس وفرح كبير بقدومه وكيف كانوا يستعدون له وأتذكر عندما كنت صغيرا فرح البيوت بقدوم هذا الشهر الكريم، وكيف كان الناس يجتمعون لقراءة القرآن والصلاة في المساجد والبيوت ويتنافسون في ختم القرآن ويتدارسونه فيما بينهم وكيف كان يعطف الغني على الفقير وكيف يحرصون على أبنائهم وتعويدهم على الصيام .

وهذا هو حال السلف مع أبنائهم فقد قالت الربيع بنت معوذ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام عاشوراء فكنا نصومه ونصوّمه صبياننا ونعمل لهم اللعب بالعهن ونذهب بهم الى المسجد فاذا بكوا أعطيناهم.

وهذا ابن عباس رضي الله عنه عندما بات في بيت خالته أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنهم، قال : ” بت عند خالتي ميمونة ليلة فقام النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان في بعض الليل قام الرسول صلى الله عليه وسلم فتوضأ من شنّ معلقة وضوءاً خفيفاً، ثم قام يصلى فقمت فتوضأت نحواً مما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره فحوّلني فجعلني عن يمينه ثم صلى ما شاء الله.

رمضان وتربية الأبناء

إن رمضان فرصة عظيمة ينبغي أن نستغلها في تربية أبنائنا فنمنحهم جزءًا من أوقاتنا، ونقيم لهم من البرامج الهادفة ما يتناسب مع أعمارهم، ونوجههم إلى القراءة النافعة، أو ممارسة الهوايات المفضلة لديهم، والتي تسهم في بنائهم التربوي والسلوكي.

إن مدرسة رمضان ينبغي أن نستفيد منها في تهذيب سلوك أبنائنا وتعويدهم على الصبر وتحمل المسؤولية وربطهم بالقرآن وتعليمهم السنة وتنمية معارفهم بمدارسة السيرة النبوية وتأريخ سلف هذه الأمة وعظمائها وغرس الأخلاق الإسلامية الفاضلة في نفوسهم وكيف كان السابقون الأولون يتنافسون في رفع راية الإسلام ونصرته والسمع والطاعة لولاة الأمور وحب هذا الدين والاعتزاز والفخر بهذا الوطن العظيم مهبط الوحي وقبلة المسلمين وتنمية روح الولاء والتضحية لهذا البلد والسمع والطاعة لولاة الأمر فيه والمحافظة على قيمه وأمنه وبيان الجهود الكبيرة والتضحيات العظيمة التي قام بها الملك المؤسس عبدالعزيزبن عبدالرحمن رحمه الله ورجاله لقيام هذا الكيان العظيم على هدي الكتاب والسنة .

يمر بنا رمضان هذا العام ونحن بحمد لله في أمن وأمان ورغد من العيش بفضل الله أولا ثم بجهود ولاة أمرنا الذين سخروا كل شيء في سبيل الرقي ببلدنا ونهضته حتى أصبح مضرب المثل في الحضارة والتنمية وفي مصاف الدول المتقدمة.

رمضان بين زمنين

إن كثيرا منا يتذكر قبل فترة زمنية كيف كنا في رمضان فلا تكاد تجد العائلة في رمضان من الطعام الا الشيء اليسير ربما نوعا واحدا من الطعام تجتمع عليه الأسرة على الإفطار ومع ذلك كان الناس كبارا وصغارا ترى الفرحة والسعادة في وجوههم، وفعلا ترى مصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عندما قال للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه فيا لها من سعادة .

بينما نحن في هذا الزمن تمتلئ الموائد في البيوت والمساجد بأنواع الأطعمة ويتسابق الناس على الأسواق والمتاجر ويجمعون من الطعام ما يزيد عن حاجتهم فيصبح همهم التفنن في هذه الموائد وبذلك تثقل اجسامهم عن العبادة من صلاة وتراويح وقراءة للقرآن .

بالشكر تدوم النعم

إن هذه النعم تستوجب منا جميعا شكر المنعم جل وعلا والمحافظة عليها من الزوال وتعليم هذا الجيل كيف كنا وكيف أصبحنا ..

اللهم أدم على بلدنا أمنه واستقراره واحفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان .

كما نسألك أن تحفظ جنودنا المرابطين على حدودنا وأن ترد كيد الأعداء في نحورهم وأن تعيذنا من شر الأشرار وحسد الحاسدين وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

رمضان فضائل وذكريات

دين ودنيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى