سيرة العقيد ركن :سلمان بن يزيد سلمان الثويعي الفيفي
إعداد الشيخ :عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال

سيرة العقيد ركن :سلمان بن يزيد سلمان الثويعي الفيفي
شخصية طموحه تحب التحدي، وتسعى إلى النجاح والتفوق، فهل هي طبيعة نفسه، أو اسلوب تربيته وبيئته الاولى، أو هي الحياة العسكرية، أو هي كل هذه العوامل، فالإنسان مجموعة عوامل تشكل شخصيته، ولو استعرضنا كل هذا العوامل لوجدناها كلها ادت إلى هذه النتيجة، فهي عوامل تدفع بعضها بعضا، وترتقي بها في سلسلة متواصلة لتصل إلى النتيجة، فلو لم تكن طبيعة نفسه طموحة، لما استطاع تخليقها بعوامل اخرى، فلا بد إذا من وجود البذرة والنواة في الاصل، حتى تنمو وتتجذر، وتسقى ويعتنى بها لتكبر، ويصف نفسه بما يشرح شيء من ذلك، بقوله (أنا منافس شرس لكل الاقران، فان لم اكن الأول لابد أن اكون الثاني او الثالث، ولا اقبل اقل من ذلك)، ثم لأسلوب تربيته وبيئته الاولى دور مهم، فقد كانت اسرته (الوالدان) هما اقوى العوامل في تنميتها، فهما يتركان له حرية الاختيار في اتخاذ القرار، والتوجه وتحديد المسار كما يشاء، مما اكسبه الثقة الكبيرة في نفسه، والاعتماد الكلي عليها، ويصف تلك الخاصية الجميلة التي اتصف بها والده بقوله : (تربيته فريدة، يبني قوة الشخصية لاتخاذ القرارات، ويوجه بأسلوب مقنع دون الضغط المفرط؛ لأنه يرى ان من حقك اتخاذ القرار، ولكن عليك أن تتحمل نتائج قراراتك)، فلا يحتاج الامر إلى زيادة تدليل، وقد قيل (قطعت جهيزة قول كل خطيب)، لذلك قادته كل هذا العوامل، إلى سلوك الحياة العسكرية، والعسكرية هي الطموح بعينه، تمنحك القوة والحنكة وتحقق لك كل طموحاتك.
انسان قليل الكلام، كثير الفعال، تدرج في حياته بصمت، وحقق كل آماله ورغباته بكل قوة، والمواقف تصنع الرجال، والعوامل تكسب الخبرات، نمى قدراته ورفع من خبراته، حتى اصبح معلما يستفاد منه في اقوى الوحدات العسكرية في سلاح المهندسين، وضابطا ناجحا ذو امكانيات ومهارات قيادية، يصف دور القائد الذي يؤمن به، بقوله (قائد المجموعة من ضباط وافراد وادارتهم ككيان، يتطلب أن تشارك كل مرؤوس في تخصصه، وتعرف أدائه مباشرة، ثم العمل على تحسينه وتطويره، فإذا لم تطوره وتقومه، فانت الذي تحتاج إلى التطوير، ولم تعد مؤهلا للبقاء في مكانك كقائد، فالعمل أمانة ستحاسب عليها امام رب العالمين) بالفعل هذا كان سر نجاحه وطريق كل الناجحين، وفقه الله وبارك فيه وكثر فينا من امثاله.
انه العقيد ركن متقاعد
سلمان بن يزيد سلمان الثويعي الفيفي حفظه الله ووفقه.
والده الشيخ يزيد بن سلمان حسن الثويعي رحمه الله وغفر له، رجل متعلم نسبيا، يجيد القراءة والكتابة، ويمتاز بخط جميل، وكانت له رغبة في مواصلة تعليمه، ولكن ظروف الحال والزمان حالت دون تحقيق ذلك، فقد عاش في زمن صعب، قليل الموارد، فكان لا بد من العمل والكدح ليحصل على اسباب الحياة، حيث عمل في مزرعته الصغيرة، وعمل لدى الاخرين بالأجر اليومي، وجد واجتهد في سبيل توفير لقمة عيش كريمة، حتى اضطر إلى الغربة والابتعاد عن بلدته، رغم صعوبة السفر حينها والمشقة، فقد اتجه في نهاية السبعينات الهجرية من القرن الماضي، إلى مدينة الطائف، وكانت مقر لمعظم قيادات ووحدات الجيش، وتتوفر فيها فرص العمل الوظيفي، حيث التحق بوظيفة جندي في القوات المسلحة، وانتقل بعد فترة الى الدمام، ومنها انتقل إلى الكويت،(أظنه اثناء تهديد العراق الأول باجتياح الكويت)، واستمر في العسكرية لما يقارب ثلاث سنوات، ليعود بعدها إلى اهله في فيفاء، ليبقى مع اسرته زوجته واولاده، وقد تحسنت الامور نسبيا، فعمل في مزرعته وتفرغ لأسرته، واهتم بتربيتهم وتذليل كل ما يعترض طريقهم، كان انسان اجتماعي، وعضو ايجابي في مجتمعه، بحكم طبيعته وما جبل عليه من حب الخير، وكان لسكنه بجوار الجامع الوحيد لآل الثويع (المروة)، السبب في خدمته والقيام عليه، قام بالأذان فيه متطوعا، وكان يقوم على نظافته والعناية به محتسبا، وسعى جاهدا إلى توسعته، وبذل له من ماله واملاكه، وأوصل طريق السيارة الى بابه، كان هذا الجامع هو الوحيد في جبل آل الثويع، تقام فيه الجمع والاعياد، التي يحضرها كل افراد القبيلة، وفي مقدمتهم شيخهم الشيخ يحيى بن اسعد الثويعي (رحمه الله)، ويجتمعون في العادة بعد صلاة الجمعة في بيت الشيخ يزيد الملاصق للجامع، ويعتبره بيتا لكل أفراد القبيلة، وفي الاعياد يكون هو أول بيت يدخلون اليه، ويوفر للجامع وللمصلين وحتى للمارة كل ما يلزم، ففي رمضان يهيئ الافطار للصائمين فيه، ويوفر ماء الشرب لكل المارين من حوله، ولا ينقطع حتى في اوقات شح المياه، وكانت الطريق الرئيسية للمشاة الى عيبان ونيد أبار، تمر من جوار بيته.
انسان ايجابي يتفاعل مع كل جديد، فعندما عاد من غربته الاولى، كان أول من جلب جهاز الراديو (المذياع)، وجلب الاتريك للإضاءة، وكان يبذل الاتريك ويعيره لكل جماعته، في مناسباتهم وكل احتياجاتهم، ويرى أن للكل الحق في الاستفادة منه، فلم يكن يملك شيئا ويحرم منه غيره.
كان مثالا راقيا في تربية اولاده ، ومع أنه كان يتصف بالشدة كطبيعة ذلك الجيل، لكنها شدة ممزوجة بحنكة ورحمة وعطف وذكاء وبراعة، يصف هذا الاسلوب ابنه سلمان، بقوله: (تربيته فريدة، يبني قوة الشخصية لاتخاذ القرارات، ويوجه بأسلوب مقنع دون الضغط المفرط؛ لأنه يرى ان من حقك اتخاذ القرار، ولكن عليك أن تتحمل نتائج قراراتك)، وهي من انجح اساليب التربية، ولهذا نرى نتائجها واضحة في شخصيات ابنائه، رحمه الله وغفر له وتجاوز عنه.
واما الوالدة فهي الفاضلة جميله بنت احمد سعيد الثويعي الفيفي رحمها الله، لا تقل تأثيرا ومبادرة إلى الخير عن زوجها، تقاسما الحياة بشدتها وحلاوتها، وآزرته بكل قوتها، امرأة صابرة محتسبه فقدت بعض اولادها فاحتسبت، صائمه قائمه قارئه للقرآن، تعلمت قراءة القرآن على كبر، عن طريق المقرأة الالكترونية، وكانت في اخر عمره تلازم قراءته ليلا ونهارا، لا يشغلها عنه شاغل، وهي حريصة على عبادتها، واداء فروضها، وصلة ارحامها، وكانت مربية فاضله معروفة بحب الخير، بقيت مع زوجها وتنقلت معه ترعاه في مرضه إلى أن توفي رحمه الله، ثم قسمت حياتها بين ابنائها، في فيفاء والرياض وينبع والشرقية، إلى أن توفيت في هذا العام 1443هـ ، في مدينة الرياض، رحمها الله وغفر لها وتجاوز عنها.
ولد لهذين الفاضلين في بيتهما المظلوم، المجاور لجامع المروة ، في بقعة المروة من جبل آل الثويعي بفيفاء، في 1/7/1391هـ كما هو مسجل في بطاقته الشخصية، وتربى في هذا البيت المحفز للعمل والجد والمثابرة، الكل يعمل ويساعد بقدر استطاعته وجهده، وقد سبقه اخوة، كانوا له قدوة، يتعلم منهم كيف يكون عضوا ايجابيا في داخل الاسرة وفي المجتمع، فعاش من صغره في تآلف وتراحم وتعاون، بعيد عن كل العقد والقلاقل، الكل يشارك في راحة الجميع، دون منّ ولا تحاسد أو تباغض.
تعليمه :
التحق بالمدرسة صغيرا في حوالي عام 1396هـ، رغم بعد المدرسة وصعوبة الوصول إليها، الذي يتطلب الصعود في عقبة كأود للوصول إليها في منطقة نيد آبار، يشجعه مرافقة اخوانه الكبار، ولكن جرى له موقف مع احد المعلمين لا ينساه، جعله يؤجل دراسته إلى سنتين، بل كاد أن يكون سببا لتركه الدراسة نهائيا، يقول عن ذلك (في يوم من الايام اوقفني المعلم (فلسطيني)، لقراءة كلمة كتبها على السبورة، ولم استطع قراءتها، لعدم معرفتي بها، ثم خوفي الشديد منه، فتناولني بكف لن انساه ما حييت، لدرجة أني اخذت لفة كاملة حتى وقفت امامه مرة ثانية، وبعد رجوعي للبيت امتنعت عن الذهاب الى المدرسة، ولم اخبر اهلي عن السبب وما حدث لي، وحاولوا اقناعي بشتى السبل، حتى أن والدي وعدني بمكافأة قدرها (10) ريال لأعود للمدرسة، لكن رفضت العودة نهائيا، وبقيت متوقفا عن الدراسة لما يقارب السنتين)، بالطبع كانت الشدة المفرطة سائدة في غالب المدارس، وكم حرمت كثيرين من مواصلة دراستهم، وبالنسبة له فلعلها كانت خيرا، فقد كان حينها صغيرا جدا، وكانت سببا لتأجيل دراسته إلى أن اشتد عوده، وتكاملت مداركه، ولذلك عاد من جديد بكل رغبة واقبال، في بداية العام الدراسي 1398/1399هـ، ليجابه مشاق الطريق الصعب، وإن كانت ترى حينها امرا عاديا لا يشكل أي عائق، لأن طبيعة الحياة كلها هكذا تعب وكدح ونصب، اقبل على دراسته بكل جد واجتهاد ورغبة، ينجح بتفوق في كل عام، ولما نجح من الصف الرابع الابتدائي في نهاية العام الدراسي 1401/1402هـ، عرض عليه اخوه الاكبر جابر أن يصحبه معه للرياض حيث يقيم، شفقة به من تعب السير اليومي المجهد إلى المدرسة، ووافقا له والداه على ذلك ما دامت هي رغبته، وفي الرياض انتظم في مدارس الانصار الابتدائية، ودرس فيها سنة كاملة، نجح فيها من الصف الخامس، ولكن لبعده عن والديه الذي لم يعوضهما شيء، اثر في نفسه اشد التأثير، حتى لم يعد يطيق صبرا، فلما انتهى ذلك العام بادر بالعودة إلى احضان والديه، وعاد إلى مدرسته الاولى، ولم يعد يفكر في صعوبة الطريق ومشقتها، لأنه سعيد في قرارة نفسه مطمئن بين والديه، واستكمل دراسة للمرحلة الابتدائية، وتخرج منها في نفس العام 1403/1404هـ، ليستكمل دراسة في المرحلة المتوسطة، وكانت في نفس مبنى الابتدائية، فهما مشتركتان في المبنى والادارة، واكمل تحصيله فيها بكل رغبة وجد واجتهاد، وكان الطالب الوحيد من كل قبيلة آل الثويع طوال هذه المرحلة، ولما كانت أسالة الاختبارات ترد من الوزارة، وكان موعد الاختبارات للشهادة يتأخر عن بقية فصول المدرسة، فكل طلاب جهته الذين كانوا يحضرون مع بعض، اصبحوا في اجازة، وهو الطالب الوحيد الذي يحضر من هذه الجهة، فكان يشعر حينها بالوحشة والحدة، ولا يجد حوله من يذاكر معه، او يحضر في رفقته من جهته، وقد نجح بحمد لله وتوفيقه، يحمل شهادة الكفاءة المتوسطة، وكان يحمل كثيرا من التقدير والثناء لمدير المدرسة حينها، الاستاذ اكرم بن عبدالكريم مصلح (فلسطيني)، وكل المعلمين ولا ينسى وقفات الاستاذ موسى بن يحيى اسعد الثويعي رحمه الله، في تشجيعه ومؤازرته ودعمه.
بعد نجاحه من هذه المرحلة، غادر فيفاء للمرة الثانية، ولكن هذه المرة وقد اشتد عوده، ونضج عقله، وبلغ رشده، ليعود إلى مدينة الرياض، لإكمال دراسة في المرحلة الثانوية، واستقر من جديد عند شقيقه جابر حفظه الله، وسجل حينها في ثانوية مدارس الابناء، التي تقع على طريق الخرج، حيث واصل فيها دراسته بكل جد واجتهاد، وما اسرع ما سارت به الايام والسنوات، يترقى في فصولها، إلى أن تخرج من الصف الثالث الثانوي منها، يحمل شهادة الثانوية العامة بتفوق.
الدراسة الجامعية:
بعد حصوله على الثانوية العامة، كانت رغبته في الالتحاق بالسلك العسكري، والتسجيل في احدى الكليات العسكرية، ولكن كان التسجيل فيها يواجه بشيء من الصعوبة، للإقبال المتزايد عليها من معظم الشباب، حتى أن الحصول على ملف التسجيل الخاص بها شبه متعذر، وهذا الملف يحتوي على استمارات التسجيل، واوراق التعريفات المطلوبة للطالب، وقد سعى اخوه جابر جاهدا ليحقق له هذه الرغبة، واستكمل كل المتطلبات، ولكنه تأخر اعلان نتائج القبول فيها، وداخله اليأس واصبح نوال هذه الامنية شبه مستحيل، ولهذا بادر للاحتياط إلى التسجيل في جامعة الملك سعود، خوفا من ضياع عام دراسي كامل عليه، ، وقد تم قبوله في كلية العمارة والتخطيط، لارتفاع معدلاته ودرجاته، وابتدأ العام الدراسي وانتظم في الجامعة، ووزعت الجداول الدراسية في الكلية، وفي هذه الفترة اعلنت نتائج القبول في الكليات العسكرية، وكان اسمه ضمن المقبولين في كلية الملك عبد العزيز الحربية، ولهذا ودون تردد ترك مقاعد الجامعة الوثيرة، واتجه مباشرة إلى كلية الملك عبد العزيز الحربية، قابلا بكل العناء والمشقة فيها، (سم الخياط على الاحباب ميدان).
استكمل بقية الاجراءات والاختبارات والفحوصات المطلوبة، وبدأت رحلته في المسلك العسكري الذي طالما حلم به، وانخرط في دروس الكلية وتدريباتها الصعبة، يستعذب كل ما يلاقيه فيها من مشقة وصعاب، فقد هيء نفسه لكل الاحتمالات، مما قد سمع به قبل أن يراه، لذلك لم يهمه بل كان يستعذبه، فكما هو معروف ان هذه الكليات هي مصنع الرجال وعرين الاسود، تحول الطالب فيها إلى شخص مختلف عما كان، وتنقله من الحياة العادية إلى الحياة العسكرية، ليكون جنديا قويا صابرا، يتحمل كل ما قد يواجه من الصعاب والمهام، لذلك واصل دراسته بكل جد واجتهاد وصبر وتحمل، ومضت به سنواتها الثلاث الشاقة الممتعة، إلى أن تخرج منها في عام 1415هـ، وهو يحمل شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية، ويتخرج منها رافعا راسه فوق النجوم، يحمل رتبة ملازم .
لم يقف به طموحه وحبه للاستزادة عند هذا الحد، فنفسه تواقة للترقي ولا تشبع من تحصيل العلوم والمعارف، فالحياة العسكرية الناجحة تتطلب التطور، لأنها في حقيقتها حياة متجددة، متطورة لا تخلوا من التجديد والتنشيط، والارتقاء بمستويات بمنسوبيها دوما، وتعمل على الرفع من قدراتهم وخبراتهم وامكانياتهم، وتبادر إلى تحسين وزيادة معلوماتهم، وهو بطبيعة نفسه حريص يبحث دوما على الفرص المتاحة امامه، ولا يفرط في الالتحاق بكل ما يزيده علما ومعرفة، وقد التحق بعدد كبير من الدورات والبرامج، بقدر ما اتاحته له مهامه المتعددة، واعماله الرسمية، فنجده قد التحق طوال عمله الوظيفي بعدد كبير منها، وكان من اهمها :
- دورة تأسيسية مهندسين.
- دورة تأسيسية مدرعات، وحاصل على شهادة الرامي الماهر، على الدبابة الامريكية ابرامز م1أ2.
- دورة معدات قتالية مشتركة.
- دورة إزالة قنابل ومتفجرات.
- دورة متفجرات خاصة.
- دورة متقدمة مهندسين.
- دورة قادة كتائب.
- دورة لغة انجليزية.
- دورة القيادة والاركان السعودية.
- دورة قادة واركان الحرب الغير نظامية.
- دورة لغة انجليزية مشتركة.
- دورة اساليب وطرق التدريس.
- دورة مظلات.
- دورة القتال في المناطق المبنية.
- دورة ICDL.
- دورة ادارة التدريب.
- دورة استخبارات استراتيجية.
ويحمل درجة الماجستير في العلوم العسكرية، بعد أن اكمل دورة القيادة والاركان السعودية، في كلية القيادة والاركان بالرياض، وكان موضوع رسالته فيها(الصراع الاقليمي والدولي في القرن الافريقي والقرصنة في البحر الاحمر)، وكانت له طبيعة جميلة، حيث كان متميزا في دراسته وحتى في الدورات التي يلتحق بها اثناء عمله، فهو كما يصف نفسه بأنه منافس شرس لكل الاقران، فان لم يكن الأول لابد أن يكون الثاني او الثالث، ولا يقبل اقل من ذلك، وفقه الله وبارك فيه وفي همته وجده واجتهاده.
العمل الوظيفي:
أول ما تخرج من الكلية الحربية في عام 1415هـ، تم تعيينه ملازما في مجموعة لواء الملك فهد السادس بالجبيل، بمسمى قائد فصيل مهندسين، ولم يلبث طويلا حيث انتقل في نفس العام إلى حفر الباطن، لعودة كامل هذا اللواء الى الحفر ، واستمر عمله في حفر الباطن لما يقارب الأربع سنوات.
في عام 1419هـ تم انتقال مجموعة لواء الملك فهد السادس الذي يعمل فيه، للعمل في المنطقة الجنوبية، في قطاع الخضرا بنجران، واستمرت مهمتهم في هذا الموقع لما يقارب العامين ونصف العام، وبعدها عاد كامل اللواء إلى الحفر.
وفي عام1423هـ، تم انتقال عمله إلى مركز ومدرسة سلاح المهندسين، حيث تم طلبه شخصيا من هذا المركز بناءً على تميزه، ليعمل ضابط افراد فيه، وقد عارض في نقله قائد اللواء حينها، اللواء الركن زعل بن سالم العطوي رحمه الله، رافضا الموافقة على نقله إلى خارج اللواء، وكان هذا القائد يعزه معزة كبيرة، وهو يذكره بكل خير ويثني عليه، ويقول عنه : (فضله كبير علي، وله اثر كبير في حياتي العسكرية، وفي توجيهي، حيث كان يحرص علي، ويكلفني بكثير من المهام الصعبة، رغبة في أن أتعلم وأتدرب بشكل جيد). ولكن قائده وافق في النهاية بعد الالحاح والاقناع، وتم انتقاله إلى مركز ومدرسة سلاح المهندسين، وهذا المركز يعتبر وحدة تعليمية تدريبية، يتبع سلاح المهندسين الملكي السعودي، ومهمته تدريب وتأهيل منسوبي السلاح، من الضباط والافراد في تخصصهم، وهي دورات حتمية تشترط للترقية، وكذلك هي دورات تنشيطية وتأهيلية، لزيادة الاحترافية في اداء المهمات، وسلاح المهندسين من الأسلحة الفاعلة في الحروب الحديثة، تتضح مهمته في تسهيل حركة القوات البرية، وفي تعطيل حركة القوات المعادية، بما يملكه من أجهزة و معدات، فيستطيع بواسطتها بناء الجسور، و شق الطرق في المناطق الجبلية الوعرة، و اكتشاف و تطهير المناطق الملوثة، وزراعة حقول الألغام، وفتح الطرق في داخل هذه الحقول، لتتمكن القوات البرية من عبورها إلى الهدف، ولهذا فالعمل في المتفجرات والالغام، عمل دقيق يحتاج إلى اطلاع وتدريب دائم، فهو علم متطور وصعب وخطر، ولا يقبل الخطأ نهائيا، وفيه ابتكارات جديدة وتطوير في كل يوم، مما يحتم مجاراة ذلك، والسعي الحثيث إلى التطوير الدائم، فالوقوف عن التعلم والتطور هو اولى خطوات الفشل.
بعد انتقاله إلى مركز ومدرسة سلاح المهندسين، سعى إلى اثبات نفسه ليكون على قدر ما يؤمل منه، ويشرح فلسفته في النجاح فيما يعمل فيه، بقوله (يجب أن تحب عملك، وأن تؤمن به قبل ان تعمله، حتى يكون نتاجك فيه مثمراً) وقد حرص على بذل اقصى جهده في سبيل تحقيق ذلك، وقد تدرج في هذا المركز على عدة وظائف ومهام، بدأها بالعمل كضابط افراد لفترة بسيطة، تم انتقل على وظيفة ضابط معلم نسف وتدمير، وانتقل بعدها على وظيفة ضابط معلم ازالة قنابل ومتفجرات، واستمر معلما لمدة خمس سنوات ، من 1/5/1423هـ إلى 30/9/1428هـ ، وبعد ذلك كلف بالعمل ضابط أمن المركز ومدرسة سلاح المهندسين، لمدة سنتين من 1/10/1428هـ إلى 30/10/1430هـ.
ثم تم نقله في1/11/1430هـ، على وظيفة ضابط استخبارات، بمجموعة الاسناد الهندسي السابعة بالشرقية، وبقي فيها لما يقارب ست سنوات، إلى تاريخ 14/9/1436هـ، حيث تم نقله على وظيفة مدير قسم الأمن باستخبارات المنطقة الشرقية، بناء على ترشيحه من قبل قيادة المنطقة، وبعد اربع سنوات وفي 15/1/1440هـ تم نقله ضابط تخطيط، بقيادة قوة عرعر، وفي نفس الوقت تم الحاقه على قيادة المنطقة الشرقية.
واستمر هذا دأبه يؤدي مهامه، وما يسند إليه فيها، بكل اخلاص وتفان، إلى أن تمت احالته على التقاعد، بناء على طلبه، اعتبارا من تاريخ 16/5/1440هـ، بموجب الامر الملكي الكريم رقم (أ/130) وتاريخ (16/4/1440هـ)، بعد سنوات حافلة بالعطاء والاجتهاد، وخدمة يفخر بها ويعتز بها كثيرا، استمرت لمدة تقارب خمس وعشرين سنة، يقول عن كل ذلك: (اسأل الله ان يجعل هذه الحياة العملية خالصة لوجهه الكريم، وان يتجاوز ما تخللها من قصور وأخطاء، فالمبدأ ليس الحرص على المنصب، ولكنه في أداء الأمانة بما يرضي الله) وفقه الله وبارك فيه، وزاده علما وفضلا وادبا.
ومما يعتز به ويخصه بالذكر، أنه كان أحد أعضاء وفد المملكة العربية السعودية المشارك في معاهدة اتوا.
وحصل خلال مسيرته المشرفة، على عدة انواط وميداليات، يحتفظ بها ويرفعها تاجا فوق رأسه، ومنها :
- نوط القيادة.
- نوط الادارة العسكرية.
- نوط الاتقان.
- نوط الأمن.
- نوط الخدمة العسكرية مكرر.
- نوط المعلم.
- نوط الذكرى المئوية.
- نوط سيف عبدالله.
- نوط درع الجنوب.
وتلقي العديد من شهادة الشكر والتقدير ومن ذلك:
- شهادة من قيادة قوات الدفاع الجوي.
- شهادة من قيادة المنطقة الشمالية.
- شهادة من قيادة سلاح المهندسين.
- شهادة من قيادة معهد سلاح المدرعات.
- شهادة من قيادة الفرقة البرية الامريكية.
- كما حصل على عدة خطابات شكر، من قيادات الوحدات التي عمل بها.
وشارك في العديد من التمارين الداخلية والمشتركة، حيث عمل فيها مشاركا ومقيّما، ويعني بالمشاركة أنه هو من ينفذ التمرين العسكري كاملا، تخطيطا وتنفيذا ميدانيا، والمقيّم هو من يتابع التخطيط والتنفيذ بموجب المعايير المتبعة، لأن الوحدات العسكرية لابد أن تقيم لمنسوبيها بين فترة واخرى تمارين مشتركة، لتجديد النشاط واكتساب المهارات، اما بمبادرة من قوادها، أو أن يردهم بذلك مشاريع تمرينات من المختصين في القيادة العليا، فتقوم الوحدة بتنفيذها، تحت اشراف ضباطها وقادتها، ثم يتم تقييمها بعد اكتمالها، لتحديد مدى نجاحها واستكمال كامل بنودها، وفق المعايير المسبقة، وقد قام بكل هذه الادوار، سواء مخطط لمشروع التمرين كاملا، ومنفذا له على الواقع ، ثم مقيّما له بعد الانتهاء، كان يجتهد ويطور قدراته، ولا يقف عند حد معين مكتفيا به، فلا بد أن يبلغ اقصى ما يمكن، وفقه الله وبارك فيه، وكتب له اجر ما عمل واخلص وبذل.
سيرة العقيد ركن :سلمان بن يزيد سلمان الثويعي الفيفي
وحياته بعد تقاعده مستمرة في العطاء والجد والاجتهاد، فهو كما يقول لا يحب الجلوس والكسل، ومع أنه قد عرض عليه اعمال مرموقة، من اكثر من جهة تتوافق مع تخصصه، ومنها منصب نائب مدير احدى الشركات المتخصصة في مجال الحراسات الامنية، وكذلك مدير الخطط والعمليات في شركة اخرى، لكنه لم يعد يميل إلى العمل المقيد، ولم تعد له رغبة فيه نهائيا، ولذلك اختار مجال العمل الحر، واتجه إلى القطاع الخاص، فعمل في البداية في شركة مع بعض اصدقائه، وهو اليوم يملك مؤسسة ناشئة في مجال التشييد والبناء، مؤسسة مرخصة عضو الهيئة السعودية للمقاولين المعتمدين، وهذا المجال يتوافق مع مواهبه، لأنه يهوى الاعمال الفنية والمهنية، ويتعلمها بسرعة ويتقنها ويمارسها بنفسه، فلديه خلفية في كثير من الامور المهنية في(النجارة والكهرباء والسباكة)، ويقول (اي عمل منها اتعلمه من زيارة اول عامل)، وله في ذلك فلسفة جميلة، حيث يقول (ليس شحا بالمال، ولكن ليس من المنطق ان اجلب شخصا لأمر استطيع عمله بنفسي)، فالعمل لدية متعة وبالأخص إذا كان عملا اختياريا، وهذه الصفات هي السبيل الامثل إلى النجاح، ونهضة الامم تقوم على الاعتماد على المهارات الذاتية، فلا تنهض الامم والاوطان إن لم يكن فيها امثال هذا الرجل، يتعلم ويطبق ويطور، وفقه الله واسعده وبارك فيه، ونفع به وكثر فينا من امثاله.
الحالة الاجتماعية:
زوجته هي الفاضلة الاستاذة شوقيه بنت حسن يحيى الثويعي الفيفي، خريجة معهد المعلمات بفيفاء، ومعلمه سابقة بمدرسة البنات ببقعة العلاج، مربية فاضلة وربة بيت ناجحة، كانت نعم العون والعضيد لزوجها، وتكفلت بالاهتمام بتربية ابنائهم، فكانت تسد غيابه المتكرر بسبب عمله العسكري، فتتابع الاولاد وتهتم بحسن رعايتهم وتربيتهم، وتسعى دائبة على توفير الاستقرار والدعم ألا متناهي لكامل الأسرة، وفقها الله وحفظها وبارك في ذريتها، وقد رزقا بثمانية من الولد، خمسة ابناء وثلاث بنات، على النحو التالي:
- حسام بكالوريوس هندسة علوم الحاسب الآلي، ويعمل في شركة أرامكو السعودية، متزوج.
- وائل دبلوم شبكات، ويعمل بأمانة المنطقة الشرقية، بلدية بقيق.
- رائد بكالوريوس ادارة أعمال، ويعمل في الشركة الوطنية لخدمة البيانات والحلول المتكاملة.
- نواف مهندس معماري، بكالوريوس هندسة عمارة وتخطيط، ويعمل بمجموعة الحصان للاستشارات الهندسية.
- مهند طالب في كلية الجبيل الصناعية.
- حنان بكالوريوس تربية، متزوجة، ولديها ابناء.
- ندى متزوجة.
- رنا طالبة بالثانوية العامة.
بارك الله فيهم ونفع بهم وجعلهم صلة وصل لأبويهم، ووفقه الله وبارك في مجهوداته، وحقق مساعيه، واعلى مراتبه، واعانه على شق طريق النجاح والتفوق، داعما لنهضة بلده، وفي خدمة مجتمعه، ومشاركا فاعلا في الارتقاء بالوطن، في ظل رؤية المملكة 20/30.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سيرة العقيد ركن :سلمان بن يزيد سلمان الثويعي الفيفي
محبكم 
سيرة العقيد ركن :سلمان بن يزيد سلمان الثويعي الفيفي
الرياض في 1443/9/11هـ
وفقك الله شيخ عبدالله بسرد مثل هذي النماذج لابناء فيفاء.
وندعوا للعقيد ركن سلمان يزيد الفيفي بالتوفيق فهو مثال ملهم للعطاء والبذل.