
من أجل صناعة منتخبٍ قويٍّ بحق،
منتخبٍ يُبنى على العمل لا على العاطفة،
ولا على المعايير لا على الميول،
لا بد أن نبدأ من نقطةٍ كثيرًا ما نغفل عنها: نقطة الصوت الواحد.
فالمنتخبات العظيمة لا تصنعها الأقدام وحدها،
بل تصنعها العقول،
وتحرسها الجماهير حين تفهم دورها قبل أن ترفع أصواتها.
التشجيع ليس صراخًا عابرًا،
ولا تصفية حسابات،
ولا انقسامًا بين لاعبٍ وآخر،
أو مدربٍ وماضٍ،
أو اسمٍ محبوب وآخر مختلف عليه.
حين نختلف في المدرجات،
ينقسم الأداء في الملعب.
وحين يتشظى الصوت،
يتشتت التركيز،
ويضعف الإيمان بالفكرة.
اللاعب لا يحتاج جمهورًا يحاكمه عند كل خطأ،
ولا منتخبًا يُدار بالعاطفة وقت الانتصار،
ويُجلد عند أول تعثر.
نحتاج تشجيعًا واعيًا،
يعرف متى يرفع صوته،
ومتى يصمت احترامًا للحظة،
ومتى يقف خلف المنتخب لا خلف الأسماء.
تشجيعًا يؤمن أن القميص هو الثابت،
وأن الأسماء تتغير،
وأن الوطن هو الباقي.
صوتٌ واحد لا يعني إلغاء الرأي،
بل يعني تقديم الوطن على الرأي.
وصفقةٌ واحدة لا تعني فقدان الحماسة،
بل تعني توجيهها في الاتجاه الصحيح.
نغمة واحدة لا تخنق الفرح،
بل تحميه من التحول إلى فوضى.
الأخضر والأبيض لا يحتاجان جمهورًا موسميًا،
ولا دعمًا مشروطًا بالنتيجة،
بل يحتاجان جمهورًا ثابتًا،
واعياً،
يدرك أن بناء منتخب قوي مشروع طويل،
فيه انتصارات وتعثرات،
وفيه وجوه ترحل وأخرى تأتي،
لكن الهدف واحد لا يتغير.
المنتخب السعودي أكبر من لحظة،
وأكبر من اسم،
وأكبر من مباراة.
هو صورة وطن،
وعنوان هوية،
ومسؤولية مشتركة بين لاعبٍ في الملعب
ومشجعٍ في المدرج
وكلمةٍ تُقال أو تُكتب.
لهذا،
لا نرفع أصواتنا إلا له،
ولا نختلف إلا داخليًا ثم نتوحد خارجيًا،
ولا نصفق إلا عندما يستحق الوطن التصفيق.
ففي لحظات الحسم،
وفي ساعات الشدّة،
وفي طريق البناء الطويل،
يجب أن يبقى المبدأ واضحًا لا يقبل التأويل:
لا صوت يعلو فوق صوت الوطن.



